العملات الرقمية وإعادة تشكيل الاقتصاد العالمى
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
فى عالم يتجه بشكل متسارع نحو التحول الرقمى، يمثل ظهور العملات الرقمية وتطورها تحولًا ثوريًا فى النموذج الاقتصادى العالمى. ويخلف هذا التحول، الذى يغذيه التقدم التكنولوجى السريع ورقمنة الأنظمة المالية، آثارًا بعيدة المدى على الاقتصادات والحكومات والمؤسسات المالية فى جميع أنحاء العالم.
وقد أدى ظهور العملات الرقمية إلى تغيير جذرى فى مشهد المعاملات النقدية، وووفر نظامًا ماليًا أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة والشمولية.
وتستعد العملات الرقمية، ولا سيما العملات الرقمية الصادرة من البنوك المركزية (CBDCs)، لإعادة تعريف المعاملات المالية من خلال تقديم طرق دفع آمنة وسريعة وشفافة. على عكس العملات الرقمية التقليدية، التى تعمل فى مساحة رقمية غير منظمة إلى حد كبير وتشكل مخاطر كبيرة بسبب تقلبها وافتقارها إلى الرقابة المركزية، يتم إصدار وتنظيم العملات الرقمية للبنوك المركزية من قبل البنوك المركزية، مما يجعلها بديلًا أكثر استقرارًا وأمانًا. يعد هذا التمييز أمرًا بالغ الأهمية لفهم إمكانات العملات الرقمية فى العمليات المالية السائدة.
ومع ذلك، فإن الرحلة نحو اقتصاد رقمى بالكامل لا تخلو من التحديات. فمع شروع البنوك المركزية فى هذا المسار التحويلى، فإنها تواجه عقبات كبيرة، بما فى ذلك خطر عدم وساطة الأنظمة المصرفية التقليدية والحاجة إلى استثمارات كبيرة فى البنية التحتية الرقمية. علاوة على ذلك، فإن التأثير البيئى لعمليات العملة الرقمية، وخاصة فيما يتعلق باستهلاك الطاقة، يتطلب دراسة متأنية واعتماد ممارسات مستدامة.
تختلف وتيرة اعتماد البلدان المختلفة للعملات الرقمية بشكل كبير، وتتأثر بسياقاتها الاقتصادية الفريدة واستعدادها التكنولوجى. على سبيل المثال، يهدف المشروع التعاونى بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، «عابر»، إلى تقديم عملة رقمية موحدة للمعاملات عبر الحدود، مما يمثل سابقة للدول الأخرى. وبالمثل، فإن اليوان الرقمى الصينى (e-CNY)، الذى تم إطلاقه فى عدة مقاطعات منذ عام 2020، يجسد طموح البلاد لوضع نفسها كدولة رائدة فى مجال العملات الرقمية.
إن التحول العالمى نحو العملات الرقمية، رغم أنه لا يزال فى مراحله الأولى، لديه القدرة على إعادة تشكيل النظام المالى الدولى. فهى تَعِد بتعزيز كفاءة الدفع عبر الحدود، وتعزيز الإدماج المالى، وربما تحدى هيمنة العملات الورقية التقليدية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب نهجًا دوليًا تعاونيًا، يضمن التماسك التنظيمى، وقابلية التشغيل البينى، ومواءمة أطر مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
ختامًا، يمثل صعود العملات الرقمية علامة بارزة فى تطور النظام المالى العالمى. وفى حين أن الفرص هائلة، فإن تحقيق الإمكانات الكامنة والكاملة لهذه الأصول الرقمية سيتطلب جهودًا متضافرة من الحكومات والبنوك المركزية والمؤسسات المالية فى جميع أنحاء العالم للتغلب على التعقيدات وتسخير الفوائد من أجل اقتصاد عالمى أكثر شمولًا وكفاءة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العملات الرقمية الاقتصاد العالمي التحول الرقمى العملات الرقمیة
إقرأ أيضاً:
إعفاء المدارس المتميزة من الاختبارات المركزية .. وتمكين الإدارات من التوسع في التطبيق
منحت وزارة التعليم مدير عام التعليم صلاحيات تنظيمية تهدف إلى تعزيز جودة العملية التعليمية ورفع كفاءة نواتج التعلم، حيث شملت هذه الصلاحيات إعفاء المدارس التي تحقق مستويات متقدمة من التميز في نواتج التعلم من خوض الاختبارات المركزية.
ويأتي ذلك في إطار تمكين المدرسة وإبراز مدى نضج تجربتها التعليمية، إلى جانب إتاحة التوسع في تطبيق الاختبارات المركزية لأكثر من فترة دراسية خلال العام الدراسي، واستهداف صفوف ومواد دراسية معينة ، وذلك ضمن «إطار الاختبارات المركزية للعام الدراسي 1447هـ» ووفق ما تراه إدارات التعليم مناسبًا لتحقيق الأهداف التعليمية.
تجويد التعليم
وينطلق هذا التوجه من أهمية تجويد عمليات التعليم، وبما يعزز تكامل المنظومة التعليمية بمختلف أدوارها، حيث تُعد الاختبارات المركزية إحدى الأدوات الرئيسة التي يتم توظيفها للإسهام في تطوير أساليب التعليم وقياس مستوى التحصيل العلمي، والوقوف على جوانب القوة والضعف، وتحديد الفجوات التعليمية.
وحرصت وزارة التعليم في هذا الإطار على استئناف تطبيق الاختبارات المركزية التي انطلقت منذ عام 1437هـ وفق رؤية تطويرية تستهدف توحيد معايير التقويم، واستخلاص بيانات ومعلومات وإحصاءات دقيقة عن مستويات أداء الطلبة، ومدى تمكنهم من المهارات والمعارف والمفاهيم الأساسية في تحصيلهم الدراسي.
ويسهم تطبيق هذا الإطار في دعم رسم الخطط التطويرية التي ترتقي بجودة التعليم، وتحديد المسؤولية المشتركة بين إدارات التعليم والمدارس، بما ينعكس على تحسين نتائج مؤشرات الأداء التعليمي والأداء في المواد المستهدفة، إلى جانب مواءمة مخرجات التعليم مع المستهدفات الاستراتيجية لوزارة التعليم. كما يأتي إطار الاختبارات المركزية منظمًا لكافة الأعمال والمهام على مختلف المستويات، جنبًا إلى جنب مع لائحة تقويم الطلبة وإجراءاتها التنفيذية في التعليم العام لعام 2025، ودليل الاختبارات لعام 2025 المتضمن الأسس الفنية والعمليات الإجرائية.
وبحسب الإطار المعتمد، تُعد الاختبارات المركزية اختبارات ختامية تُطبق من الصف الثالث الابتدائي وحتى الصف الثالث المتوسط، وتستهدف مواد دراسية أساسية من خلال أسئلة ذات مواصفات وضوابط محددة في ضوء المناهج، ويتم إعدادها بشكل مركزي عبر لجان متخصصة وبالتنسيق مع المركز الوطني للمناهج، بما يضمن تحقيق العدالة وتوحيد معايير القياس والتقويم.
وتهدف هذه الاختبارات إلى تجويد العملية التعليمية من خلال تحسين ممارسات المعلمين التدريسية والتقويمية استنادًا إلى نتائج الاختبارات، بما يضمن تغطية جميع الوحدات والمهارات والمعارف الدراسية المطلوبة في كامل المقرر للفترة الدراسية، وتحسين بناء وصياغة الأسئلة المقدمة للطلاب، ورفع مستوى التحصيل الدراسي في نتائج الدراسات الوطنية والدولية، وتشخيص جوانب القوة والضعف في المناهج الدراسية، ومقارنة مستوى الأداء الحالي للطلاب بالمستوى المستهدف بما يخدم تحسين نواتج التعلم.
وتُطبق الاختبارات المركزية على جميع طلاب التعليم العام الحكومي والأهلي في نهاية الفترة الدراسية الثانية، وتشمل الصف الثالث الابتدائي في مادتي اللغة العربية والرياضيات، والصفين السادس الابتدائي والثالث المتوسط في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية، مع استثناء مدارس التعليم المستمر وتعليم الكبار وذوي الإعاقة من الطلبة، وذلك بما يراعي خصوصية هذه الفئات التعليمية.