لم يجد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تبريراً لفيض التفاؤل الذي لمسه لدى المسؤولين في الدولة اللبنانية أو المتحدثين باسمها في الحكومة.

في الحديث مع بوريل كانت هناك لغتان ولهجتان، واحدة رسمية تقول إنّ لبنان جاهز لتطبيق القرار 1701 وترسيم الحدود البرية بشرط ضمان تطبيق إسرائيل هذا القرار وانسحابها من المناطق التي تحتلها، وبذلك يمكن سحب الذريعة من «حزب الله» ودعوته إلى وقف عملياته.

يتوسل لبنان الرسمي الموفدين الدوليين للمساعدة في سحب الذرائع التي يخوض «حزب الله» لأجلها حربه، لذلك هو يستعجل مهمة هوكشتاين ويعول عليها، وقد أبلغه في أعقاب زيارته الأخيرة أنّ ما يطلبه من «حزب الله» يجب أن تلتزم تنفيذه اسرائيل أولاً وتتعهد بذلك كي يلتزم لبنان الرسمي به، ومن ثم «حزب الله».
أما اللغة الثانية فهو موقف «حزب الله» الثابت والحازم بأنّ لا مفاوضات ترسيم ولا التزام تنفيذ القرار 1701 قبل وقف حرب غزة. وهنا الفرق بين موقف لبنان الرسمي وموقف «حزب الله». وإذا كان «الحزب» يلتزم قرار الدولة، في التفاوض حيال الحدود، كما سبق وحصل خلال الترسيم البحري، فإنّه اليوم لا يجد نفسه حاضراً للإنخراط في أي عملية تفاوض ما لم تتوقف جبهة غزة وتنضج التسوية الأميركية - الإيرانية- الروسية التي يتردّد صداها في المنطقة. وهنا يكمن الاختلاف بين من يعتقد أنّه يمكنه النأي بنفسه والشروع منفرداً في ايجاد حلّ لجبهة الجنوب وبين من أدخل هذه الجبهة في سياق وحدة الساحات سياسياً، كما عسكرياً.
وهذه اللغة كانت مثار تساؤل الموفد الأوروبي الذي استغرب كيف أنّ لبنان لا يزال يتعامل مع تهديدات اسرائيل بالحرب على أنّها مجرد تهويل ومحاولة للضغط، خلافاً للمعلومات التي في حوزته، والتي أبلغها الى الحكومة كما الى «حزب الله»، ومفادها أنّ رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتياهو لن يتردد في توسيع حربه على لبنان، وأنّ في الداخل الإسرائيلي من يقنعه بالردّ على «حزب الله» واغتنام الفرصة لتصفية الحساب معه، وهو أقرب إلى الأصوات التي تدعوه الى التصعيد أكثر من ميله الى التراجع. وعلى حد قول المسؤول الأوروبي فإنّ حرب غزة طويلة ومعقدة، كما أنّ إسرائيل ترفض تطبيق القرار 1701 من جهتها، وربط ساحة الجنوب بها سيجعل لبنان عرضة لحرب تفوق قدرته على التحمل. مذهولاً كان بوريل بخلاصة ما سمعه وبالاستنتاجات التي انتهى إليها والإرتياح الرسمي غير المبرر للأوضاع الميدانية، كما السياسية.
«حزب الله» الذي يدفع فاتورة الحرب غالياً لن يتراجع من أجل أي صفقة سياسية أحادية، وهو كما أبلغ الى الموفدين الغربيين، أنّ أي حرب إسرائيلية ستجرّ معها الويلات على إسرائيل. هنا لا حضور للموقف الرسمي بأكثر من تمنّيات وسعي على قاعدة اسحبوا ذرائع «حزب الله» للحرب كي نضغط عليه، وبمعنى آخر: ساعدونا، لأنّ القرار ليس في يدنا ونحن لا نقدم ولا نؤخّر ما دامت الكلمة للميدان. فصل الكلام أنّ جولات الموفدين هي بروتوكولية في الشكل، أما مضمونها فيصبح بعيداً عن السراي والخارجية، مجرد حفظ ماء الوجه.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني من الكويت: لا صدامات عسكرية والسلاح للدولة وحدها

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، أن “الدولة موجودة في كل لبنان”، مشددًا على أن قرار حصر السلاح قد اتُخذ، لكن “يبقى موضوع التنفيذ قائماً”، مع التأكيد على أن “الحل يجب أن يتم بالتشاور وليس عبر أي صراع عسكري”.

وفي مقابلة مع “تلفزيون الكويت”، عشية زيارته الرسمية للدولة الخليجية، أشار عون إلى أن الحكومة اللبنانية اتخذت خطوات إصلاحية مهمة، شملت تعيين حاكم لمصرف لبنان والعمل على قانون إصلاح المصارف، مضيفًا: “نستعد حاليًا للاستحقاق الدستوري الأهم، وهو الانتخابات البلدية والاختيارية”.

وأوضح أن قانون الفجوة المالية سيُطرح للنقاش الحكومي قريبًا، لافتًا إلى أن “الأمور وُضعت على السكة الصحيحة لإعادة بناء الثقة داخليًا وخارجيًا”، مع استمرار العمل على ملف التعيينات القضائية.

وفي ما يتعلق بالوضع الأمني، أكد الرئيس عون أن الجيش اللبناني يضطلع بدور كبير في الجنوب من خلال تدمير أنفاق ومصادرة أسلحة، موضحًا أن “العبء ثقيل، لكنه يقوم بمهمة وطنية”.

وحول زيارته للكويت، قال عون إنها تهدف إلى شكر الدولة على دعمها المتواصل للبنان، مؤكدًا أن بيروت لا تطلب هبات، بل “تسعى إلى استثمارات وشراكات حقيقية”، وداعيًا الكويتيين إلى زيارة لبنان قائلاً: “عدنا إلى العرب ونريدهم أن يعودوا إلينا”.

وفي الشأن الإقليمي، جدد الرئيس اللبناني دعم بلاده لمبادرة السلام العربية وحل الدولتين، مشيرًا إلى أن “الوضع في غزة غير مقبول”، وشدد على ضرورة التوصل إلى حل عاجل.

ومن المقرر أن يجري عون، اليوم الأحد، مباحثات رسمية مع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

هذا وتأتي زيارة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى الكويت في ظل تحولات سياسية واقتصادية دقيقة تمر بها البلاد، وسط محاولات حثيثة لإعادة بناء الثقة المحلية والدولية.

ومنذ انتخابه، يسعى عون لترسيخ صورة الدولة كمرجعية وحيدة للسلطة والسلاح، في وقت تستمر فيه الضغوط لإجراء إصلاحات اقتصادية وهيكلية تنقذ لبنان من أزماته المتراكمة.

أما على مستوى العلاقات اللبنانية–الخليجية، فتُعتبر الكويت من أبرز الداعمين التاريخيين للبنان، سواء على صعيد المساعدات أو احتضان الجالية اللبنانية.

وشهدت العلاقات بعض التوترات في السنوات الأخيرة، إلا أن زيارة عون تعكس رغبة متبادلة في فتح صفحة جديدة من التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، خاصة في ظل دعواته الواضحة إلى جذب الاستثمارات الخليجية بدل الاعتماد على الهبات.

إقليميًا، يندرج الموقف اللبناني من القضية الفلسطينية ضمن الإجماع العربي الداعم لحل الدولتين، وهو ما حرص عون على تأكيده بالتوازي مع رفضه للتصعيد العسكري في غزة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني يتوجه إلى الكويت في ثانية زياراته الخليجية
  • الرئيس اللبناني من الكويت: لا صدامات عسكرية والسلاح للدولة وحدها
  • رسائل إسرائيلالمسمومةتستهدف الصيف اللبناني الـواعد
  • بوريل: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة بقنابل أوروبية
  • بوريل: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل أوروبية
  • رئيس مجلس النواب اللبناني: التطبيع مع “إسرائيل” خيانة.. وصبرنا هو سلاحنا
  • بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
  • “بوريل”: “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة وتنفذ أكبر عملية تطهير عرقي
  • بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة
  • إسرائيل تعتزم توسيع هجماتها باليمن وضرب أهداف بإيران