د. السر أحمد سليمان
أستاذ علم النفس التربوي بجامعة حائل - السعودية

يحب الناس المال والمتقنيات المادية لأنّها تتعلق بالحاجات الإنسانية التي يسعى الأفراد لإشباعها، ويعد البحث عن المال من دوافع السلوك الإنساني، ويترتب على صعوبة إشباع الحاجة للمال كثير من القلق الذي قد يتطور إلى إحباط نفسي واضطرابات لاحقة، خاصة إذا كانت هناك طموحات يتطلب تحقيقها وجود المال.

قال الشاعر:

أَرى نَفسي تَتوقُ إِلى أُمورٍ
وَيَقصُرُ دونَ مُبلَغِهِنَّ مالي

فَنَفسي لا تُطاوِعُني بِبُخلٍ
وَمالي لا يُبَلِّغُني فَعالي

فَلا وَاللَهِ ما أَحبَبتُ مالاً
لِشَيءٍ قَطُّ إِلّا لِلنَوالِ

أَفيدُ وَيَستَفيدُ الناسُ مِنّي
وَما يَبقى يَصيرُ إِلى الزَوالِ

ويترتب على فقدان المال والمقتنيات المملوكة بعض الصدمات والضغوط النفسية القاسية لدى الأفراد، ويكون الألم أشد إذا كان ذلك الفقدان مفاجئا، كما يحدث في الكوارث الطبيعية من سيول وحرائق وزلازل تفقد الناس ممتلكاتهم فجأة، أو نتيجة للعدوان البشري بالسلب والنهب المباشر، أو نتيجة لما يحدث أثناء الحروب.

ويتفاوت الأفراد في تحملهم للفقدان المفاجئ لأموالهم ومقتنياتهم المادية، وذلك بناء على مدى تعلقهم بها من جانب؛ ومن جانب آخر بناء على ما يستخدمونه من أساليب المواجهة للضغوط والصدمات.

وقد وردت بعض القصص القرآنية التي تضمنت الفقدان المفاجئ للممتلكات وكيفية التعامل معها، ومن تلك القصص ما حدث لأصحاب الجنة الذين ورثوا من والدهم بستانا مثمرا، وعزموا على أن لا ينفقوا من ثمره على المساكين كما كان يفعل أبوهم، واتفقوا أن يذهبوا إليه مبكرين ليحصدوا ثماره ويأخذوها وحدهم، ولكنهم تفاجأوا بأنّ بستانهم قد احترق بكامله، ولم يبق منه شيء، فاضطربت أحوالهم وأصيبوا بصدمة الفقدان، وقد وردت قصتهم في قول الله سبحانه وتعالى:

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِين (17) وَلاَ يَسْتَثْنُون (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُون (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيم (20) فَتَنَادَوا مُصْبِحِين (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِين (22) فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُون (23) أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِين (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِين (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّون (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُون (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاَوَمُون (30) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِين (31) عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُون (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون (33) }[القلم:17 - 33].

ونجد أيضا من القصص القرآني الذي تضمن مواقف ضاغطة نتيجة للفقدان المفاجئ للممتلكات المادية، قصة صاحب الجنتين الذي كان يحاور صاحبه بأنّه هو الأفضل، وأنّه سيظل متنعما بجنتيه وممتلكاته طوال حياته وفي الآخرة كذلك، ولكنه تفاجأ ذات صباح بأنّ جنتيه قد زالتا ولم يبق منهما شيء، كما ورد في قول الله عزّ وجلّ:

{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43)}[الكهف: 32- 43].

وبالاستفادة من القصتين السابقتين وفي ضوء التوجيهات القرآنية في آيات أخرى يمكن أن نستخلص بعض الأساليب الإيجابية لمواجهة صدمات وضغوط فقدان المال والمقتنيات المادية:

1. الصبر والتسكين الروحاني بذكر الله والاسترجاع: من الأساليب الإيجابية لمواجهة الفقدان والنقص وجميع أنواع الابتلاءات القيام بالاسترجاع بصدق (الاسترجاع هو قول واعتقاد إنّا لله وإنّا إليه راجعون)، والاسترجاع يعزز القوة لدى الإنسان ويكسبه ثباتا وكفاءة وفاعلية: قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون (157)}[البقرة: 155 -157]. فالاسترجاع يكسب الفرد الفاقد صلوات من ربه وما أعظمها من منحة. ويكسبه رحمة من ربه وما أوسع مداها. ويجعله من المهتدين في اختياراتهم السليمة وفي قراراتهم الصائبة.

2. الواقعية وتجنب الانكار: يعد الانكار من أساليب المواجهة السلبية للصدمات والضغوط الحياتية، وقد استخدمه أصحاب الجنة: {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ}. أَيْ: قَدْ سَلَكْنَا إِلَيْهَا غَيْرَ الطَّرِيقِ فتُهنا عَنْهَا (ابن كثير).

ومما يساعدنا على تجنب الانكار توفر المعرفة بطبيعة الحياة، واليقين من استحالة الاستمرارية على نسق مطرد ثابت، ولذلك فإنّ القرآن ينمي المعرفة بالحياة والتحديات المتوقعة، قال الله عزّ وجلّ: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور}[آل عمران:186].

وبالرجوع لقصة صاحب الجنتين نجد أنّه لم يكن واعيا بطبيعة الحياة، وقد سيطرت عليه الأفكار الخاطئة؛ فاختلت نظرته للحياة: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (35)} [سورة الكهف]. ولذلك كانت صدمته كبيرة عندما فقد جنتيه.

3. التنفيس الانفعالي المنضبط: التنفيس الانفعالي هو عبارة عن السماح للتعبير اللفظي وغير اللفظي للانفعالات المتعلقة بالموقف الضاغط، وذلك من أجل إخراجها وعدم كبتها، وفي حالة الفقدان فإنّ الحزن هو الانفعال الرئيس الذي يظهر لدى الفرد، وللحزن مراحل ومستويات عدة، ولذا فمن المهم جدا القيام بتفريغ الحزن وإضعاف فاعليته بالتنفيس الانفعالي عن طريق البكاء والشكوى وخاصة للأشخاص المهمين والتضرع لله تعالى. ولكن من المهم جدا ضبط التنفيس الانفعالي وحسن إدارة الانفعالات، وعدم الاستغراق في الانفعالات السلبية، وتجنب اللوم، وتجنب جلد الذات بصورة غير موضوعية، وألا نكون مثل أولئك الذين وردت سيرتهم في القصتين أعلاه، فقد كان أصحاب الجنتين يتلاومون: (فَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَلَـٰوَمُونَ). وقد أصبح صاحب الجنتين مستغرقا في الندم والاضطراب الانفعالي السلبي: (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا).

4. التقييم الصحيح للموقف ومراجعة الأخطاء: نلاحظ في قصة أصحاب الجنة أنّ أوسطهم قد أرشدهم إلى مكمن الخطأ والخلل في تصرفهم الذي أدى بهم إلى فقدان جنتهم: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُون (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين (29)} [سورة القلم]. و(لَوْلا تُسَبِّحُونَ)؛ أي: لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم، كأنّ أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك: اذكروا الله وانتقامه من المجرمين، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة من فوركم، وسارعوا إلى حسم شرها قبل حلول النقمة، فعصوه فعَيّرهم (الزمخشري).

5. التفاؤل والنظرة الإيجابية وحسن الظن كما قال أصحاب الجنة عندما تأكدوا من تدميرها: {عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُون}[القلم:32].

6. تجنب اللجوء لحيل الدفاع النفسي السلبية، والتفكير الخرافي والضلالات العقلية: كما قال أصحاب الجنة: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} أَيْ: بَلْ هَذِهِ هِيَ، وَلَكِنْ نَحْنُ لَا حَظّ لَنَا وَلَا نَصِيبَ (ابن كثير).

7. الإرشاد والدعم المجتمعي والمؤسسي: من الأساليب الإيجابية في حالات الفقدان اللجوء للمرشدين وطلب الدعم النفسي والاجتماعي، وهذا ما افتقده صاحب الجنتين، ولذلك لم يكن من المنتصرين: {وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا}[الكهف:43].

والله أعلم

sirkatm@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تخفيض رسوم جوازات السفر السورية بين الخطوة الإيجابية والعبء المستمر

دمشق- لدعم المواطنين السوريين وتسهيل إجراءات السفر، صادق وزير الداخلية أنس خطاب، في 26 يونيو/حزيران الماضي، على قرار تخفيض رسوم إصدار وتجديد جوازات السفر وفق المرسوم رقم 119 لعام 2025.

ويشمل القرار:

تخفيض رسوم الجواز الفوري داخل سوريا من مليونيْ ليرة إلى 1.6 مليون ليرة (حوالي 160 دولارا). تخفيض الرسوم خارج سوريا من 800 إلى 400 دولار للجواز الفوري، ومن 300 إلى 200 دولار للجواز العادي. تخفيض خاص للحجاج داخل سوريا إلى مليون ليرة لعام 2025.

وبدأ سريان القرار فورا عبر منصة "أنجز" الإلكترونية، محققا توفيرا ماليا يصل إلى 400 ألف ليرة (40 دولارا) داخليا و400 دولار خارجيا، بهدف دعم الحجاج وتسهيل السفر للعمل والدراسة.

تم تخفيض سعر الجواز المستعجل داخل سوريا من مليونين إلى مليون و600 ألف ليرة (الجزيرة) تحديات

وأكد محمد علي، مسؤول في مركز الهجرة والجوازات بدمشق، للجزيرة نت، أن إدارة الهجرة والجوازات واجهت تحديات كبيرة خلال الأزمة، حيث تعرضت للحرق والسرقة، مما أثر على سير العمل.

وأضاف "بعد جهود مكثفة، تمكنا من إعادة تنظيم العمل وتطوير المنصة لتكون الوسيلة الأساسية لتقديم الطلبات. الآن، نقدم الجواز الفوري فقط داخل سوريا، ونعمل على تبسيط الإجراءات لتكون أكثر شفافية وسرعة". وأوضح أن استخراج الجواز يتطلب التسجيل عبر المنصة، وتقديم صور شخصية وهوية مدنية، بينما يشترط حضور الوالد أو وصاية شرعية لجوازات الأطفال.

أما السوريون بالخارج، فيحتاجون إلى تقديم صورة الإقامة وإثباتات إضافية مثل فيديو أمام معلَم معروف. وأكد علي "هدفنا تخفيف الأعباء عن المواطنين، نخطط لتوسيع الخدمات لتشمل فئات أوسع، مثل قطاع العمرة".

وقوبل القرار بترحيب حذر، وسط آمال بأن يمثّل خطوة ضمن مسار أوسع للإصلاح.

السوريون عانوا من عدم قدرتهم على تجديد جوازات سفرهم بسبب ملاحقتهم من النظام السابق (الجزيرة)

في تصريح للجزيرة نت، تحدث رامز الكردي، وهو مسؤول عن استخراج جوازات السفر للسوريين والحجاج، عن التحديات التي واجهت السوريين قبل سقوط النظام السابق وبعده، وقال إن الاستخراج خاصة في مناطق خارج سيطرته مثل إدلب، شبه مستحيل.

إعلان

وأضاف الكردي أن المواطنين كانوا يضطرون للتعامل مع "سماسرة" يطالبون بمبالغ خيالية تصل إلى 2500 دولار لمن يملك جوازا قديما، و3 آلاف دولار لمن لا يملك. وكثيرون خسروا أموالهم دون الحصول عليه.

وحتى بعد إطلاق منصة "أنجز" قبل سقوط النظام، وفقا له، ظلت التكاليف مرتفعة. والجواز المستعجل كان يكلف 1200 دولار، والعادي بين 650 و700 دولار، مع رسوم شحن عبر "دي إتش إل" وخدمات إلكترونية إضافية.

تسيير معاملات المواطنين في فروع  إدارة الهجرة والجوازات (الجزيرة) خطوة جيدة

وعدّ الكردي القرار الجديد خطوة جيدة، وأشار إلى نقطة إيجابية فيه حيث أصبحت صلاحية الجواز تمتد 6 سنوات للجميع بينما كانت محددة سابقا بحوالي سنتين ونصف للمغتربين. لكنه أوضح أن رسوم الشحن والخدمات الإلكترونية لا تزال تشكل عبئا. كما أن الكثير من المواطنين، خاصة في المناطق الريفية، يفتقرون إلى المهارات التقنية لاستخدام المنصة، مما يجبرهم على دفع رسوم إضافية لوسطاء.

ويرى خبراء أن التخفيضات تُعتبر خطوة إيجابية كاستعمال المواطنين للمنصة وإلغاء الموافقات الأمنية اللذين عززا الإقبال، لكنها غير كافية في ظل التحديات الاقتصادية واللوجستية مثل رسوم الشحن والخدمات الإضافية التي يقولون إنها تظل عبئا، خاصة على المغتربين.

من جانبه، رحب الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله بالقرار وأوضح أنه يساعد الطلاب على توفير مبالغ مالية لاستخراج أوراق أخرى، مثل تأشيرات الدراسة، ويمكّن العاملين من إكمال إجراءات السفر بسرعة. كما أن التخفيضات تعزز قدرة الأُسر السورية على تحسين ظروفها المعيشية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية.

وأضاف -للجزيرة نت- أن إدارة الهجرة والجوازات اتخذت خطوات جيدة، مثل إلغاء الموافقات الأمنية المعقدة وتنظيم العمل عبر منصة "أنجز"، مما قلل الازدحام وأزال العوائق البيروقراطية التي كانت تؤخر الإجراءات وتفتح المجال للفساد.

وأشار إلى أن الإقبال الكبير -بعد إلغاء الدراسات الأمنية- يتطلب بنية تحتية أقوى وتدريبا للعاملين لضمان سرعة التنفيذ. كما أن هناك حاجة لتوعية المواطنين بكيفية استخدام المنصة الإلكترونية. واقترح خفض رسوم الجواز العادي إلى مليون ليرة و500 ألف للحجاج، مع إضافة تسهيلات للعمرة لدعم السياحة الدينية، التي يمكن أن تنعش الاقتصاد السوري عبر استقطاب العملات الأجنبية.

سوريون طالبوا بتعزيز قرار تخفيض رسوم جوازات السفر بقرارات أخرى (الجزيرة) بارقة أمل

في تصريح للجزيرة نت،  قال المواطن عبد الحكيم جمعة، من حلب، "أعيش في ظل ظروف اقتصادية خانقة وأرى أن خفض رسوم الجواز الفوري يمثل بارقة أمل، لكنه يبقى بعيد المنال بالنسبة للكثيرين منا. أنا مثلا أعمل في مهنة حرة وبالكاد أستطيع تغطية نفقات عائلتي. هذا التخفيض، رغم أهميته، لا يزال عبئا ثقيلا عندما نفكر في تكاليف الحياة اليومية".

وأضاف "ألغت المنصة الحاجة للتعامل مع السماسرة الذين استغلوا معاناتنا لسنوات. لكن الجميع لا يعرفون كيفية استخدامها مثل كبار السن. كنت أتمنى لو تم تخصيص مكاتب ميدانية في الأحياء الشعبية لمساعدة الناس على تقديم طلباتهم بدلا من الاعتماد الكلي على الإنترنت".

إعلان

ويفكر جمعة في السفر للعمل خارج سوريا، لكن رسوم الشحن للجواز المستعجل، التي تضاف للتكلفة الأساسية، تجعله -كما يقول- مترددا. ودعا الحكومة إلى إنشاء مراكز محلية لتسليم الجوازات في الخارج بدلا من الاعتماد على شركات الشحن الدولية.

وشدد على حاجة الشباب السوري إلى "دعم حقيقي" وإلى برامج تدريب مهني أو قروض ميسرة تساعدهم على السفر والبحث عن فرص عمل، و"ليس فقط تخفيض رسوم الجواز".

مقالات مشابهة

  • تأكيد جاهزية حمدالله لمواجهة فلومينينسي
  • أبوظبي تحتضن أول ملتقى تعاوني مستدام
  • الهوية اليمنية .. من محاولات الطمس إلى مسيرة الاستعادة القرآنية
  • تايسون فيوري من إسطنبول: سأعود للثأر من أوسيك وأروني المال لأواجه جوشوا
  • خالد طلعت: مكاسب الهلال المادية 34 مليون دولار حتى الآن من المونديال
  • تخفيض رسوم جوازات السفر السورية بين الخطوة الإيجابية والعبء المستمر
  • رئيس اللجنة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم لـ “الثورة “: المؤتمر حدث كبير يُقدّم رؤية استراتيجية كبرى لمواجهة التحديات في الظروف الراهنة
  • أوقاف الفيوم الحفاظ على المال العام مطلب شرعى ووطني ولا مكان لمقصر أو مهمل
  • من الإهداء إلى القارئ.. تمثلات المعاناة النسائية في «صديقة الأمل»
  • حسام حبيب يدافع عن شيرين: رفضت الاعتذار وغنت لجمهورها وليس للمال