نابلس- مرة، اثنتان، ثلاثة، لا حصر لعدد اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة جنين ومخيمها، وكذلك الحال لنظيرتها نابلس وطولكرم ومخيماتها (طولكرم ونور شمس) بشمال الضفة الغربية.

وتتوالى اقتحامات الاحتلال أكثر من مرة في اليوم الواحد، وتتزامن عدة عمليات عسكرية لجيش الاحتلال بمختلف مدن وقرى الضفة الغربية في آنِ واحد، ولكل عملية نتاجها من الانتهاكات والاعتقالات والشهداء والتدمير أيضا، الذي أصبح هدف الاحتلال الأول.

وأكثر من قبلها، تصاعد عدوان الاحتلال على الضفة الغربية وبشكل أكبر بعد الحرب على قطاع غزة، وكل يوم يشتد عن سابقة لا سيما مع ازدياد أزمته وفشله بتحقيق أي من أهدافه المعلنة في غزة، فهل تحاول إسرائيل أن تعوض فشلها ذاك بغزة عبر عنفها غير المسبوق بالضفة الغربية لتحقق صورة نصر لم يتحقق بعد كما تقول؟

سؤال طرحته الجزيرة نت على سياسيين وخبراء فلسطينيين، وأجمعوا على أن إسرائيل لا تبحث عن نصر بقدر ما تسير بخطط ممنهجة من قبل الحرب لتهويد الضفة الغربية وضمها بشكل كامل، وأن الحرب على غزة أعاقت هذا المخطط.

مخطط إبادة

يقول الدكتور مصطفى البرغوثي السياسي الفلسطيني وأمين عام حركة المبادرة الوطنية، إن "إسرائيل لا تبحث عن نصر، وإن لديها نفس المخطط تجاه غزة والضفة لتصفية الشعب الفلسطيني وقضيته، فضلا عن أن الحرب على غزة لا تقل عن نظيرتها بالضفة، وأنها بدأت بسبب الضفة وما تقوم به إسرائيل من ضم وتهويد وتطهير عرقي وإبادة جماعية للفلسطينيين".

وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -يوضح البرغوثي- ذلك علنا في الأمم المتحدة، عندما حمل "خارطة إسرائيل" التي تضم الضفة الغربية وغزة وكل الجولان المحتل.

ويرى البرغوثي أن إسرائيل تريد أن تكسر أي مقاومة مهما كان شكلها لمخططاتها، وأن الفلسطينيين يشهدون عملية خطيرة تشنها إسرائيل لقمع مقاومتهم وإرضاخهم.

وقال البرغوثي "سياسة الحكومة الإسرائيلية لخصها الوزير فيها بتسلئيل سموتريتش، حين قال بأنه سيملأ الضفة الغربية بالمستوطنين، ليفقد الفلسطينيون أي حلم لهم بدولة، وعليهم أن يرحلوا أو يرضخوا أو يموتوا".

ويضيف البرغوثي أن إسرائيل وأمام فشلها بالحرب على غزة تمارس أبشع الجرائم من حيث النوعية والحجم، وأنها "تنتقم لفشلها بإراقة دماء الفلسطينيين، وهي منذ 75 عاما تمارس تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية ضد شعب بأكمله".

وتشير إحصائيات مرصد شيرين للتوثيق إلى أن إسرائيل ومنذ الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قتلت 347 فلسطينيا بالضفة الغربية و23,843 في غزة، كما نفذت أكثر من 5835 عملية اعتقال بالضفة واعتقلت 4 آلاف مواطن بغزة.

كما هدمت إسرائيل 421 منشأة سكنية وزراعية وتجارية بالضفة، مهجرة بذلك 2599 مواطنا، هدمت أكثر من 69,200 وحدة سكنية بغزة، وتسببت بنزوح حوالي 2 مليون نسمة في القطاع.

اقتحام مخيم بلاطة شرقي نابلس ضمن  اعتداءات شبه يومية يمارسها الاحتلال ضد المخيم (الجزيرة) تصعيد بهدف الانتقام

ويتفق هاني المصري مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) مع البرغوثي في أن إسرائيل صعدت عدوانها على الضفة الغربية قبل وبعد الحرب تنفيذا لبرنامج حكومتها في حسم الصراع الذي بجوهره يستهدف الضفة الغربية والقائم على الضم والتهويد الكامل والتهجير.

كما تستغل إسرائيل الحرب لمنع انتفاضة تتخوف منها بالضفة، وبالتالي منع انفجار وفتح جبهة ثالثة تستنزفهم أكثر، وبالتالي يقول المصري للجزيرة نت "هي تصعد بالضفة ليس بهدف الانتقام بحد ذاته بقدر ما هو جزء أساسي مستمد من المشروع الصهيوني التوسعي العنصري الإجلائي، الذي ينص على أكبر مساحة من الأرض وأقل عدد من السكان".

ونبَّه المصري إلى ضرورة الالتفات، إلى أن إسرائيل مستفيدة بكلتا الحالتين، في استمرار حربها بغزة وبعملياتها بالضفة، فهي لم تقدر أن تمنع المقاومة بالضفة، أو توقف التهديد القادم من غزة، وارتكبت مجازر، إضافة لتدمير البنية التحتية، وهذا سيستنزف المقاومة والشعب على حد سواء لسنوات طويلة.

وأنهى المصري حديثه بالتأكيد بأن "النصر" الذي تسعى له إسرائيل "ذريعة لتنفيذ مخططاتها، وأن الحرب أصبحت هدفا بحد ذاته لإسرائيل".

حرب وجود

وتنظر إسرائيل وفق عصمت منصور الخبير بالشأن الإسرائيلي، إلى أن ما يجري هو "حرب وجود واستقلال ثانية"، وهي تعتبر أن تغيير الواقع الأمني نابع من تغيير نظرتهم للصراع والمواجهة، وهذا توجه "خطير يجعلهم بحالة هجوم دائمة، ويهدد بتفجير الأوضاع بالضفة، وأيضا تورطهم عميقا في غزة أوصلها لحرب استنزاف لا خروج منها".

وذهب منصور إلى أن "النظرة المتطرفة والعدوانية الهجومية" التي تعيشها إسرائيل، والتي لا تبدي أي إجراءات للتراجع عنها تعني عودة المواجهة لمربعها الأول بالضفة وغزة وبكل مكان، وأن هذه الحكومة لا تملك سوى خيار الحرب والقوة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة الحرب على غزة أن إسرائیل أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

التسوية الإسرائيلية خنجر آخر في خاصرة الضفة الغربية

رام الله- مجددا يستحدث الاحتلال الإسرائيلي خطوات سياسية باتجاه الضم الفعلي لأراضي الضفة الغربية والهيمنة على أغلب مساحتها، وهذه المرة من بوابة استئناف "تسوية الأراضي" التي بدأت في العهد الأردني، وتوقف مع احتلالها عام 1967.

وحذرت أوساط رسمية ومختصون فلسطينيون من تبعات مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر الإسرائيلي، المعروف اختصارا باسم "الكابينت" -الأحد الماضي- على استئناف تسجيل ملكية الأراضي بالمنطقة "ج" من الضفة المحتلة، والتي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة وتشكل نحو 61% من مساحتها.

وقسمت اتفاقية أوسلو-2 عام 1995 أراضي الضفة إلى "أ" وتشكل 18% وتخضع للسيطرة الفلسطينية بالكامل، و"ب" وتشكل 21% وهي تخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، والنسبة الباقية منطقة "ج" وتقع تحت سيطرة إسرائيلية.

وباستئناف تسجيل الأراضي، ستتولى "وحدة تسجيل الأراضي" -وهي إحدى دوائر الإدارة المدنية وذراع حكومة الاحتلال بالضفة للشؤون المدنية- عملية تسجيل ملكية الأراضي في مناطق "ج" وسط مخاوف من مسارعة المستوطنين لتسجيلها بأسمائهم.

الاحتلال يتعامل مع مناطق "أ" و"ب" فقط على أنها فلسطينية (الجزيرة) ماذا تعني التسوية؟

يقصد بـ"التسوية" اختصارا عملية تسجيل الأرض، وبشكل أوسع "تسوية جميع المسائل والاختلافات المتعلقة بأي حق تصرف أو حق تملك في الأرض والمياه أو حق منفعة فيها أو أية حقوق متعلقة بها وقابلة للتسجيل، وتتناول تسوية الأراضي والمياه جميع الأشخاص والهيئات والجمعيات الذين لهم حق التصرف أو حق التملك أو حق منفعة في الأرض والمياه سواء أكان هذا الحق معترفا به أو متنازعا فيه وذلك استنادا لقانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952" وفق هيئة التسوية الفلسطينية.

إعلان

ووفق اتفاقية أوسلو تتولى السلطة الفلسطينية، عمليات التسوية في المناطق "أ" و "ب" دون المنطقة "ج" ويتم ذلك من خلال هيئة التسوية وسلطة الأراضي اللتين تشكلتا لاحقا وفق قوانين أصدرها رئيس السلطة الفلسطينية.

ووفق تقرير لسلطة الأراضي الفلسطينية فقد تم حتى عام 2023 تسجيل 58% من مجمل مساحة الضفة الغربية البالغة 5.7 ملايين دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).

ويكمن الخطر في القرار الإسرائيلي -وفق مختصين- في إيقاف السلطة عن عمليات التسوية التي تجريها منذ سنوات بالمنطقة "ج" حيث أعلنت سلطات الاحتلال مرارا عدم اعترافها بها.

كما جاء القرار الأخير ليجبر الفلسطينيين على التواجه لدائرة خاصة تتبع الجيش الإسرائيلي في الضفة  للقيام بأعمال التسوية وحتى ترخيص المنازل، مما يترتب عليه هيمنة الاحتلال على المساحات الأوسع والتي لا يتمكن الفلسطينيون من توثيق ملكيتها مع أنها آلت إليهم بالميراث.

ونظر لغياب التسوية لسنوات طويلة، فإن مساحات واسعة من أراضي الضفة إما مسجلة بأسماء أشخاص توفوا ولهم مئات الورثة أو غير مسجلة أصلا.

الخارجية" تحذر من تبعات مصادقة الاحتلال على "تسوية الأراضي" على فرصة تطبيق حل الدولتين

The Ministry of Foreign Affairs warns of the consequences of the occupation's approval of the "land settlement" on the prospects of implementing the two-state solution. pic.twitter.com/c9XiNRuHYs

— State of Palestine – MFA ???????????????? (@pmofa) May 13, 2025

تحذير فلسطيني

وحذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية -في بيان وصل الجزيرة نت نسخة منه- من تبعات مصادقة الكابينت على فرصة تطبيق حل الدولتين، معتبرة المصادقة على استئناف تنفيذ التسوية "امتداداً لحرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا، واستخفافاً متكرراً بالشرعية الدولية وقراراتها وبالإجماع الدولي الحاصل على حل الدولتين".

إعلان

وأضافت أن "عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية وتلك الداعية إلى وقف حرب الإبادة، يشجع الاحتلال على التمادي في جرائمه وانتهاكاته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية".

ومن جانب آخر، اعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح -في بيان- استئناف عملية التسوية "خطوة خطيرة تهدف إلى ترسيخ الاستيطان غير القانوني وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية".

وأضاف أن الخطوة تأتي ضمن خطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لـ"تهويد الأرض وطرد الفلسطينيين من قراهم وبلادهم لصالح إقامة مستوطنات رعوية".

ووفق تصريح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان لإذاعة صوت فلسطين الرسمية فإن "أعمال التسوية الأردنية قبل 1967 شملت 34% من مجموع الأرضي في الضفة، وبقي أكثر من 60% غير منتهية".

وأشار إلى "سيادة فعلية للاحتلال على 70% من الـ60% التي لم تتم تسويتها، وذلك قبل صدور قرار الكابينت.

أعمال التسوية الإسرائيلية تستهدف المنطقة "ج" بالضفة (الجزيرة) إخضاع الأرض

من جهته، يقول مسؤول العمل الشعبي بهيئة الجدار عبد الله أبو رحمة -للجزيرة نت- إن قرار الكابينت "خطوة من سلسلة خطوات تصب في خانة فرض السيادة والسيطرة الكاملة على الأراضي، حيث إن 60% (المنطقة ج) من مساحة الضفة خاضعة فعلا لسيطرته ومهددة بأعمال التسوية والتسجيل لصالح الاستيطان".

وأضاف أبو رحمة أن سنوات الاحتلال شهدت سلسلة إجراءات وأوامر بمسميات مختلفة هدفها وضع اليد على الأراضي "في انتهاك صريح لكل القوانين الدولية والقانون الإنساني الدولي".

وقال إن عمليات التسوية تهدد بنزع ملكية فلسطينيين لأرضهم، مشيرا إلى أن كل سجلات الأراضي منذ عهد الانتداب البريطاني بيد الاحتلال الذي أوقف عمليات تسجيلها والتي بدأت في عهد الأردن (1948-1967).

إعلان

وقال إن المطلوب حاليا "تحرك فلسطيني دولي على الصعيدين القانوني والسياسي لمواجهة القرار وإحباطه" إضافة إلى الفعاليات الشعبية.

مناطق شاسعة وفارغة شرقي الضفة مصنفة "ج" مهددة بالتسجيل لجهات استيطانية (الجزيرة) محاولات قديمة جديدة

يقول خبير الأراضي والاستيطان حسن بريجية للجزيرة نت إن "موضوع التسوية ومحاولة تثبيت ملكيات الأراضي للإسرائيليين قديم جديد" حيث تم التصويت عليه بجميع القراءات في الكنيست وأوقفه المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية.

وأضاف أن ما جرى الأحد "التفاف على المستشار القضائي بنقله إلى المجلس الوزاري لأخذ الموافقة عليه، لكن ذلك يتطلب أيضا مجموعة إجراءات قانونية قبل أن يدخل حيز التنفيذ".

وأشار إلى أن مصادقة الكابينت تأتي ضمن صفقة لإرضاء وزير المالية المتطرف سموتريتش "لكن في النهاية أراضي 67 فلسطينية  تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وهناك  فتوى من محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الاستيطان ووجوب إنهاء  الاحتلال، إضافة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يؤكد أن الاستيطان غير شرعي".

وفي 19 يوليو/تموز 2024 اعتبرت محكمة العدل الدولية أن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة "غير قانوني" مضيفة أن للفلسطينيين "الحق في تقرير المصير" وأنه "يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 2334، والذي ينص عدم شرعية  المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية.

وأشار خبير الأراضي والاستيطان إلى أهمية التحرك الفلسطيني لدى المحكمة الجنائية الدولية وتقديم شكوى ضد إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • من دروس النكبة.. هكذا يواجه فلسطينيون محاولات تهجيرهم بالضفة
  • استنفار أمني واسع في إسرائيل عقب عملية إطلاق نار في الضفة الغربية
  • إحداهما خطيرة.. إصابتان بإسرائيل جراء إطلاق نار في بروخين بالضفة الغربية
  • التسوية الإسرائيلية خنجر آخر في خاصرة الضفة الغربية
  • “حماس”: قرار الاحتلال الإسرائيلي بشأن تسجيل الاراضي بالضفة خطوة خطيرة وإلغاء لاتفاق أوسلو
  • البرغوثي للمقابلة: فلسطين في أخطر مراحلها والوضع أصعب من نكبة 48
  • الخارجية الفلسطينية تحذّر من خطورة مصادقة الاحتلال الإسرائيلي على قرار “تسوية الأراضي” بالضفة
  • كابينيت الاحتلال يصادق على قرار لنهب الأراضي في مناطق سي بالضفة الغربية
  • سجن جندي إسرائيلي أعلن رفضه "خدمة الاحتلال" بالضفة وغزة
  • إسرائيل تصادق على استئناف تسجيل الأراضي في الضفة الغربية