سرايا - بعد يوم واحد من فوزه الساحق بالانتخابات التمهيدية الجمهورية الأولى في ولاية أيوا، بدا أن الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب، يستمتع بالمثول أمام المحاكم. فقد تمكن من تحويل جلساتها إلى منصات انتخابية، وسط تأييد واسع وتعاطف من ناخبيه، في مواجهة «القضايا المسيسة» ضده، على ما يدعيه.



وعلى الرغم من انشغاله بحملته الانتخابية في ولاية نيوهامشير، الولاية الثانية التي ستشهد تصويتاً مبكراً، اختار ترامب الإدلاء بشهادته دفاعاً عن نفسه الثلاثاء أمام محكمة مدنية في نيويورك، حيث تتم مقاضاته للمرة الثانية بتهمة التشهير بالكاتبة السابقة في مجلة «إيل»، إي جين كارول (80 عاماً)، بعدما كان قد أُدين في عام 2023 بتهمة الاعتداء الجنسي عليها.

من المحكمة إلى نيوهامشير
وأفادت وسائل إعلام أميركية، بأنّ ترامب سيحضر افتتاح المناظرات الثلاثاء، ثم يواصل حملته الانتخابية في اليوم ذاته في نيوهامشير، على الرغم من أن قاضي المحكمة أوضح أن ترامب ليس ملزما بالحضور شخصيا، في هذه المرحلة من المداولات.

ومع أن إحدى القضايا المرفوعة ضده، بينها محاكمته المدنية بالاحتيال التجاري، كانت في محكمة بالولاية نفسها، غير أن قضية الكاتبة، وهي دعوى تشهير، معروضة أمام المحكمة الفيدرالية، لكنّ المحكمتين تقعان بجوار بعضهما بعضاً في مانهاتن السفلى. وسوف يسلط تنقل ترامب السريع من إحداهما إلى الأخرى، الضوء على الجدول الزمني المكثف للالتزامات القانونية التي يتعين عليه مواجهتها على مدى الأشهر المقبلة في سعيه للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس.

وكلتا القضيتين عبارة عن دعاوى قضائية مدنية أثارت غضب الرئيس السابق. خلال المرافعات الختامية في قضية الاحتيال الأسبوع الماضي، جلس في قاعة المحكمة ووبخ القاضي، الذي حكم بالفعل بأن ترامب ارتكب احتيالا تجاريا، ويدرس الآن ما إذا كان سيتم تغريمه هو ومنظمة ترامب بمئات الملايين من الدولارات.

محاكمته بالتشهير مرة أخرى
وفي عام 2019، اتهمت كارول ترامب علناً باغتصابها في غرفة تبديل الملابس في أحد المتاجر الفاخرة في التسعينات، وهي رواية نفاها ترامب بعبارات صارخة ومهينة. وفي العام الماضي، فازت كارول بقضية الاعتداء الجنسي والتشهير ضده، وحكم المحلّفون على ترامب، الذي استأنف ولم تتم محاكمته جنائياً في هذه القضية، بتعويض قدره خمسة ملايين دولار. وها هي اليوم تأخذه إلى المحكمة مرة أخرى.

وستبدأ المحاكمة باختيار هيئة المحلفين، ومن المتوقع أن تستمر نحو 3 أيام، وتتعلق بالتعليقات التي أدلى بها ترامب بشأن كارول أثناء وجوده في منصبه. وقال إنها كانت تروج لاتهام كاذب بالاغتصاب، وأشار إلى أن الدافع وراء ذلك هو المال.

وقال في ذلك الوقت: «لم أقابل هذه المرأة في حياتي»، وإنها «ليست نوعه المفضّل» من النساء، وهي «تحاول بيع كتاب جديد، وهذا ينبغي أن يشير إلى دوافعها. ينبغي بيعها في قسم الخيال».

وقد حكم قاضي المقاطعة الأميركية لويس كابلان، الذي يشرف على القضية، بالفعل، استنادا إلى نتائج محاكمة العام الماضي، بأن تعليقات ترامب بوصفه رئيساً كانت في الواقع تشهيرية، وأنه مسؤول عنها.

ويوم الخميس الماضي، جدد ترامب قوله عن الكاتبة: «لم أرَ هذه المرأة في حياتي... ليس لدي أي فكرة عن هويتها»، مكرّراً وصفها بالكاذبة أو «المجنونة»، على الرغم من إدانته في مايو (أيار) الماضي بالاعتداء الجنسي عليها.

الشرق الأوسط


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

ما هو مشروع إيستر الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟

في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعد مرور عام كامل على الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة بدعم من الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة أكثر من 53.000 فلسطيني، أصدرت مؤسسة "هيريتيج فاونديشن" (Heritage Foundation) ومقرها واشنطن، ورقة سياسية بعنوان "مشروع إستير: إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية".

هذه المؤسّسة الفكرية المحافظة هي الجهة ذاتها التي تقف خلف "مشروع 2025″، وهو خُطة لإحكام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ولبناء ما قد يكون أكثر نماذج الديستوبيا اليمينية تطرفًا على الإطلاق.

أما "الإستراتيجية الوطنية" التي يقترحها "مشروع إستير" المسمى نسبةً إلى الملكة التوراتية التي يُنسب إليها إنقاذ اليهود من الإبادة في فارس القديمة، فهي في جوهرها تتلخص في تجريم المعارضة للإبادة الجماعية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والقضاء على حرية التعبير والتفكير، إلى جانب العديد من الحقوق الأخرى.

أوّل "خلاصة رئيسية" وردت في التقرير تنصّ على أن "الحركة المؤيدة لفلسطين في أميركا، والتي تتسم بالعداء الشديد لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة، هي جزء من شبكة دعم عالمية لحماس (HSN)".

ولا يهم أن هذه "الشبكة العالمية لدعم حماس" لا وجود لها فعليًا – تمامًا كما لا وجود لما يُسمى بـ"المنظمات الداعمة لحماس" (HSOs) التي زعمت المؤسسة وجودها. ومن بين تلك "المنظّمات" المزعومة منظمات يهودية أميركية بارزة مثل "صوت اليهود من أجل السلام" (Jewish Voice for Peace).

إعلان

أما "الخلاصة الرئيسية" الثانية في التقرير فتدّعي أن هذه الشبكة "تتلقى الدعم من نشطاء وممولين ملتزمين بتدمير الرأسمالية والديمقراطية"- وهي مفارقة لغوية لافتة، بالنظر إلى أن هذه المؤسسة نفسها تسعى في الواقع إلى تقويض ما تبقى من ديمقراطية في الولايات المتحدة.

عبارة "الرأسمالية والديمقراطية"، تتكرر ما لا يقل عن خمس مرات في التقرير، رغم أنه ليس واضحًا تمامًا ما علاقة حركة حماس بالرأسمالية، باستثناء أنها تحكم منطقة فلسطينية خضعت لما يزيد عن 19 شهرًا  للتدمير العسكري الممول أميركيًا. ومن منظور صناعة الأسلحة، فإن الإبادة الجماعية تمثل أبهى تجليات الرأسماليّة.

وبحسب منطق "مشروع إستير" القائم على الإبادة، فإنّ الاحتجاج على المذبحة الجماعية للفلسطينيين، يُعد معاداة للسامية، ومن هنا جاءت الدعوة إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المقترحة التي تهدف إلى "اقتلاع تأثير شبكة دعم حماس من مجتمعنا".

نُشر تقرير مؤسسة "هيريتيج" في أكتوبر/ تشرين الأول، في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، والتي وصفتها المؤسسة بأنها "معادية لإسرائيل بشكل واضح"، رغم تورّطها الكامل والفاضح في الإبادة الجارية في غزة. وقد تضمّن التقرير عددًا كبيرًا من المقترحات لـ"مكافحة آفة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عندما تكون الإدارة المتعاونة في البيت الأبيض".

وبعد سبعة أشهر، تُظهر تحليلات نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس دونالد ترامب -منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني- تبنّت سياسات تعكس أكثر من نصف مقترحات "مشروع إستير". من بينها التهديد بحرمان الجامعات الأميركية من تمويل فدرالي ضخم في حال رفضت قمع المقاومة لعمليات الإبادة، بالإضافة إلى مساعٍ لترحيل المقيمين الشرعيين في الولايات المتحدة فقط لأنهم عبّروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.

إعلان

علاوة على اتهام الجامعات الأميركية بأنها مخترقة من قبل "شبكة دعم حماس"، وبترويج "خطابات مناهضة للصهيونية في الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، غالبًا تحت مظلة أو من خلال مفاهيم مثل التنوع والعدالة والشمول (DEI) وأيديولوجيات ماركسية مشابهة"، يدّعي مؤلفو "مشروع إستير" أن هذه الشبكة والمنظمات التابعة لها "أتقنت استخدام البيئة الإعلامية الليبرالية في أميركا، وهي بارعة في لفت الانتباه إلى أي تظاهرة، مهما كانت صغيرة، على مستوى جميع الشبكات الإعلامية في البلاد".

ليس هذا كل شيء: "فشبكة دعم حماس والمنظمات التابعة لها قامت باستخدام واسع وغير خاضع للرقابة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ضمن البيئة الرقمية الكاملة، لبث دعاية معادية للسامية".

وفي هذا السياق، تقدم الورقة السياسية مجموعة كبيرة من التوصيات لكيفية القضاء على الحركة المؤيدة لفلسطين داخل الولايات المتحدة، وكذلك على المواقف الإنسانية والأخلاقية عمومًا: من تطهير المؤسسات التعليمية من الموظفين الداعمين لما يسمى بمنظمات دعم حماس، إلى تخويف المحتجين المحتملين من الانتماء إليها، وصولًا إلى حظر "المحتوى المعادي للسامية" على وسائل التواصل، والذي يعني في قاموس مؤسسة "هيريتيج" ببساطة المحتوى المناهض للإبادة الجماعية.

ومع كل هذه الضجة التي أثارها "مشروع إستير" حول التهديد الوجودي المزعوم الذي تمثله شبكة دعم حماس، تبين – وفقًا لمقال نُشر في ديسمبر/ كانون الأول في صحيفة The Forward- أنَّ "أيَّ منظمات يهودية كبرى لم تُشارك في صياغة المشروع، أو أن أيًّا منها أيدته علنًا منذ صدوره".

وقد ذكرت الصحيفة، التي تستهدف اليهود الأميركيين، أن مؤسسة "هيريتيج" "كافحت للحصول على دعم اليهود لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي يبدو أنها صيغت من قبل عدة مجموعات إنجيلية مسيحية"، وأن "مشروع إستير" يركز حصريًا على منتقدي إسرائيل من اليسار، متجاهلًا تمامًا مشكلة معاداة السامية الحقيقية القادمة من جماعات تفوّق البيض والتيارات اليمينية المتطرفة.

إعلان

وفي الوقت نفسه، حذر قادة يهود أميركيون بارزون -في رسالة مفتوحة نُشرت هذا الشهر- من أن "عددًا من الجهات" في الولايات المتحدة "يستخدمون الادعاء بحماية اليهود ذريعةً لتقويض التعليم العالي، والإجراءات القضائية، والفصل بين السلطات، وحرية التعبير والصحافة".

وإذا كانت إدارة ترامب تبدو اليوم وكأنها تتبنى "مشروع إستير" وتدفعه قدمًا، فإن ذلك ليس بدافع القلق الحقيقي من معاداة السامية، بل في إطار خطة قومية مسيحية بيضاء تستخدم الصهيونية واتهامات معاداة السامية لتحقيق أهداف متطرفة خاصة بها. ولسوء الحظ، فإن هذا المشروع ليس إلا بداية لمخطط أكثر تعقيدًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • رئيس جنوب إفريقيا يعلق لـCNN على لقائه مع ترامب الذي شهد مواجهة محتدمة
  • في ذكرى رحيله.. مدحت السباعي المخرج الذي كتب اسمه بين الكبار بصمت وعمق (تقرير)
  • كارول سماحة: مستمرة في حفلات أمستردام تنفيذًا لوصية زوجي
  • ما هو "مشروع إيستر" الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • المحكمة العليا الأمريكية تجيز لترامب سحب الحماية المؤقتة عن مهاجري فنزويلا
  • سموتريتش يهاجم بن غفير: مجرم يمارس الشعبوية من أجل مكاسب انتخابية
  • ما هو مشروع إيستر الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • المحكمة العليا تجيز لترامب سحب الحماية المؤقتة من الترحيل لنحو 350 ألف فنزويلي
  • بنك ظفار يستعرض الإنجازات في "تقرير الاستدامة" للعام الماضي