موقع النيلين:
2025-06-23@01:04:54 GMT

حرب غزة.. شتاء وحصار

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT


في فصل الشتاء يفضل الكثيرون الجلوس في البيت، وعدم الخروج إلا للضرورة، سواء هروباً من البرد القارس، أو من الأمطار والعواصف. نجلس مرتدين ما تيسر لنا من الملابس الصوفية، والجلدية، والثقيلة التي تصد البرد عن أن يخترق العظام، مهدداً الكبار والصغار، ونسلّم أنفسنا للشاشات، لتطاردنا صور ومشاهد الموت المتنقل بين مدن وأحياء وقرى قطاع غزة، تؤلم هذه المشاهد الكثيرين ممن يشاهدون، ويتألمون، وهم عاجزون عن فعل شيء يوقف أحدث آلات القتل التي استفردت بالناس وحاصرتهم، وأقصى ما يمكنهم فعله هو التبرع بالممكن، أملاً في المساهمة في وقاية بعضهم من قسوة البرد، وطوفان الأمطار.

يتبرعون وهم لا يعلمون إذا ما كانت تبرعاتهم ستصل إلى الأرض المحاصرة، أم ستعرقل وصولها إسرائيل إلى مليونين وثلاثمئة ألف نسمة هناك. في المقابل فإن الداعمين للعدوان الغاشم على غزة، يجلسون في مكاتبهم وغرفهم المكيفة، ولا تحرك فيهم ساكناً مشاهد القتل العشوائي للأبرياء، من الأطفال والنساء والشيوخ، ولا تزحزحهم عن مواقفهم المتحجرة مشاهد الخراب والدمار المنقولة يومياً، عبر مواقع التواصل من القطاع، ولا توقظ ضمائرهم مشاهد الموت جوعاً بفعل الحصار الممتد لسنوات، ولا تحيي إنسانيتهم مشاهد الظلام والتشرد وقسوة الشتاء الذي يلتحف فيه أهل غزة السماء، من دون أن تتوفر لهم أدنى حقوق الوقاية من البرد، والأمطار التي تختلط بما تبقى من أنقاض وجثث، لتفرز أوبئة بدأت تنتشر في القطاع المغضوب عليه من المتشدقين بالدفاع عن حقوق الإنسان، وهم يجيزون سلب الإنسان أهم وأبسط حقوقه في الحياة التي منحه إياها رب العالمين.

الموت يحاصر أهل غزة، فمن ينجو من القصف الجوي تستهدفه المدفعية، ومن ينجو من أسلحة الحرب لن ينجو من البرد والأمطار التي تعوم فيها خيام النازحين، ومن ينجو من هذا وذاك، تتلقفه الأوبئة التي أفرزتها الجثث المتحللة تحت الأنقاض، وأحوال الطقس، ومن يفلت من كل ذلك مهدد بالموت، جوعاً أو عطشاً، أو نتيجة نقص الأدوية.

المنظمات الأممية، السياسية والإنسانية والصحية، صرخت بأعلى الصوت محذرة من نتائج انهيار مقومات الحياة في غزة، وتحدثت بلغة الأرقام عن المهدَّدين في حياتهم، سواء لأسباب صحية، أو غذائية، أو عسكرية، ووصلت أصداء صرخاتهم إلى أركان الأرض الأربع، لكنها لم تغير من مواقف أصحاب القرار في استمرار هذه الحرب الظالمة، ولا يزال نتنياهو يتحدث عن حرب طويلة تمتد إلى 2025. الدول الساعية إلى سلام العالم واستقرار المنطقة، تحركت دبلوماسياً عبر مجلس الأمن، ولكن الفيتو الأمريكي كان لها بالمرصاد، وعبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكنهم لم يلتفتوا لقراراتها.

إن أهل القطاع يحتاجون قبل ذلك إلى وقف الحرب، والأمان، والسكن في منازل، فالحياة حق لهم مثل غيرهم من شعوب الأرض، ولكن يبدو حتى الآن أن الهدف هو إما الإبادة وإما التهجير، والدليل أن إسرائيل لم تكتف بما ارتكبته من مجازر، فهي ستستمر في خطتها غير عابئة لا بالمطالبات الإنسانية، ولا بقسوة الظروف الجوية.

محمود حسونة – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ینجو من

إقرأ أيضاً:

الموت والوجود .. جمالية رسم ملامح الوعي !

بقلم : حسين الذكر ..

ثمة لازمة لا يمكن الفصل من خلالها بين البقاء والفناء تلك المعجزة بحد ذاتها التي اعجزت الاولين والاخرين بحلحلة او فهم فحواها بمعزل عن ادعيات (الاعلمين ) في ظل سيادة وحيازة تامة للمعنى من قبل ( العليم ) .. وفقا لذلك الاعجاز يبقى الانسان حبيس انفاسه التي هي ليست ملكه مذ فتح عينيه بنور الارضين حتى عودته لظلمات سحق البطين ..
يحق للوعي ان يبقى متسائلا .. في ظل وجود يفتقد لكثير من كرامتنا المسلوبة فضلا عن حتمية ( حسن ) الخلق الذي وهبنا من خلاله قدر قراءتنا للواقع والحكم عليه وامكانية تغييره كمشروع سماوي او تجربة ارضية يحق للكائن العاقل ان يفتخر بدوره فيها ومن ثم يحق ( للموجد ) الحكم من خلاله على مسيرتنا المجلجلة .
الاختبار ليس وليد اليوم ولا يمكن حصره في طقوسية ما فالكون محراب ما بلغنها وتوضئنا واقمنا اتصالنا الروحي من عبيق شذاه او ذلك الذي لم ندرك كنهه بعد .. فالاختبار الحقيقي يكمن بقدرتنا على كسر الالم وتحمله ومن ثم صناعة الامل .
مع وعكة او صدمة او مسحة حزن او رهصة جرأة … ينبغي ان تاخذنا الى النهايات او ما بعد المقصلة او كاس السم .. الذي شربه سقراط طوعا بل رغبة واعية – لا كما يتوهم البعض – اذ لو كان يريد شراء ما تبقى من بعض سني عمره الارذل لحصل عليه بابخس الاثمان ..
ذلك ينقلنا مباشرة الى مشهدية كربلاء وما رسم الحسين عليها من اختطاط يستحق الفهم لقراءة الواقع والحكم على العالم قبل الخوض والاستغراق بقشور طقسي لا يتناسب مع عظيم تلك المدرسة الانسانية التي كرم من اجلها المخلوق كافضل صناعة سماوية على وجه الخليقة .
الوعي يحتاج الى تمحيص يومياته بل جزيئياته والتخلص من ( قشريات) ما ارغم على مضغ تفاهته على شكل تراث مغمس وبلاء مدقع .. الانسان امتداد للحرية بل هو تجربة سماوية لكسر قيود التفكير السطحي ومحاولة عبور المشهد القاتم نحو صفاء واضح يتجلى فيه بعده الذي سار اليه الاحرار طوعا بكل بهاء الفكرة مبتعدين قدر الامكان عن قيود المكان وتفاهة الزمان .
في ظل حقل التجارب ينبغي ان تكون محارب .. ليس بالسيف فحسب فذلك من وسائل القهر الاجبارية او الشهوانية لتحقيق مآرب قاصرة او السير في ركاب مرغمة . ان الانسانية بعد كل ابداعات العقل وتضحيات الوعي وانموذجية الحضارة التي جادت لنا بكوكبة من روائع التحضر ينبغي حصر ثقافتنا بمهمة وعي بينة الامر قبل اي واعية اخرى قد تكون هامشية ازاء جمالية الواجب وقدسية الخالق وطائشية بعض المخلوقين .. لن يوقفوا قطار الحقيقة السائر بسرعة البرق نحو مرابض الفكر وحضن الوعي وانبلاج سبل الرحمة التي لا مناص من انتظارها وان طال الانتظار الايجابي .. الاهم ان يكون الترقب عقلي طوعي كما ارادت لنا السماء برغم انف قراصنة الارض والمتصيدين .

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • قبل محاكمته بساعات.. هل ينجو المتهم بالاعتداء على الطفل ياسين من المؤبد؟
  • هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟ .. أمين الفتوى يوضح
  • شاب ينهي حياته بـقرص الموت في سوهاج
  • “الإعلامي الحكومي” في غزة: 450 شهيدا جراء مصائد الموت الإسرائيلية – الأمريكية
  • الموت يفجع الفنانة عزة بهاء
  • تصعيد مروع في غزة.. مئات القتلى والجرحى وسط أزمة إنسانية وحصار إسرائيلي خانق
  • الموت والوجود .. جمالية رسم ملامح الوعي !
  • طقس السبت.. أمطار رعدية وزخات من البرد على مرتفعات جازان وعسير
  • مشاهد قاسية لهجوم إسرائيلي استهدف مدنيين فلسطينيين غرب مدينة غزة / فيديو
  • انقلاب سيارة في منعرج “الموت” في سلا