عربي21:
2025-05-17@17:18:25 GMT

المقاومة: هذا أنا.. ولن أكون إلا أنا

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

سيتوقف التاريخ طويلا عند اختيار وصف "الطوفان" ليوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ليس فقط لارتباطه في الوعي الإيماني والإنساني بطوفان النبي نوح عليه السلام.. ولكن من كونه حالة يختلف ما قبلها عما بعدها اختلافا كليا، ومن تحويل المياه الراكدة حول قضية القضايا (الأقصى) إلى موج متلاطم وصل إلى آخر الأرض.. وليكتشف العالم بعده أن هناك قضية "عنف تاريخي "ضد الإنسانية يحدث في "مكان ما" على تلك الأرض.

. اسمه "فلسطين".

* * *

وهذا ما جعل دولة من أقصى المكان (جنوب أفريقيا) تأخذ خطوتها الأكثر جرأة وشجاعة وكرامة في هذا القرن، بالذهاب إلى لاهاي/ محكمة العدل الدولية، والحديث عن تلك "الإبادة الوحشية" التي طالما ذاقت مثلها في غابر التاريخ ويلات وويلات..

وما أكرم النفس التي تهب لتنصر مظلوما، وترفع عنه ظلما، ذاقت مرارته وغصته طويلا طويلا من قبل..

ستتميز هذه المعركة الفاصلة في تاريخنا، بتصريحات تخرج من قيادات العدو تعبر تعبيرا كاملا عن واقع الحال، وبما يضفي على المشهد كله جميع أبعاده ومكوناته التاريخية والحضارية والاستراتيجية
وسنرى ألوان الظلم والطغيان والشراسة تحل على وزير الدفاع الإسرائيلي جالانت، يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر وهو يقول مخاطبا حماس: "هل جننتم؟!.."، ويضيف: "إن رد إسرائيل في قطاع غزة، سيظل في الأذهان طوال السنوات الخمسين المقبلة، وسيغير الواقع لأجيال..".

ستتميز هذه المعركة الفاصلة في تاريخنا، بتصريحات تخرج من قيادات العدو تعبر تعبيرا كاملا عن واقع الحال، وبما يضفي على المشهد كله جميع أبعاده ومكوناته التاريخية والحضارية والاستراتيجية، سمعنا نتنياهو وهو يقول عن طوفان الأقصى هذه "حرب النور مع الظلام".. وكان صادقا تماما، والأتم هو شعوره الداخلي الخفي بمن يمثل النور ومن يمثل الظلام..

وها هو جالانت يتحدث عن تغيير الواقع لأجيال، وهذا صحيح، وليس فقط لأجيال.. بل لكل الأجيال.

* * *

هذه المفارقة الكاشفة التي تتجلى في تصريحاتهم، لا يشابهها إلا تكرار قتل جنود الجيش الإسرائيلي (الذي لا يٌقهر) لبعضهم بعضا!

لكننا سنتذكر دائما أن هناك ما لا نعلمه عن بواعث الأقوال والأعمال، "وسع ربنا كل شيء علما" كما جاء في سورة الأعراف، والقاتل الأول الذي احتار في مصير جثة أخيه، القتيل الأول، لم يكن يعلم أن الغراب الذي كشف له عجزه كان "مبعوثا".. ولم يكن يبحث في الأرض عبثا.

غرور العقل فقط وقصوره، هو ما يجعل كل ما لا يدركه ويعقله "عبثا"؛ عبثا يشبه تكرار نتنياهو لكلامه في لجاجة فكاهية لا نظير لها والمتكرر عدو نفسه كما يقولون.. فالتقارير الميدانية الموثقة صوت وصورة تقول حقائق تزاحم حقائق، وهو يخرج كل يوم ليقول أكاذيب تزاحم أكاذيب!!

لماذا يكذب بهذا الشكل الفاضح؟ هل لإنقاذ نفسه من المحاكمة كما يقولون؟ كلا.. فمهما تأجلت سيأتي يومها، ولكنه حرفيا لا زال هو وزملاؤه في سكرات الذهول مما حدث، ومما سيحدث، ومما سينتج من كل ما حدث وسيحدث.

غرور العقل فقط وقصوره، هو ما يجعل كل ما لا يدركه ويعقله "عبثا"؛ عبثا يشبه تكرار نتنياهو لكلامه في لجاجة فكاهية لا نظير لها والمتكرر عدو نفسه كما يقولون.. فالتقارير الميدانية الموثقة صوت وصورة تقول حقائق تزاحم حقائق، وهو يخرج كل يوم ليقول أكاذيب تزاحم أكاذيب!! لماذا يكذب بهذا الشكل الفاضح؟ هل لإنقاذ نفسه من المحاكمة كما يقولون؟ كلا.. فمهما تأجلت سيأتي يومها، ولكنه حرفيا لا زال هو وزملاؤه في سكرات الذهول مما حدث
* * *

وجالانت حين قال بكل صلافة وبلادة: "لن يمكننا العيش في الشرق الأوسط إن لم ننتصر على حماس".. كان فعليا يستبق النتائج التي لاحت في الأفق القريب بوادرها.. وهو باعتبارات تاريخه ومركزه ومؤهلات وجوده في هذا المنصب يدرك الحقيقة التي هي الطبيعة التامة لما هو حقيقي وحتمي.

إذ إن "لعنة الثمانين" التي تحدث عنها نتنياهو وإيهود باراك من تلقاء نفسيهما، ودون أية ضغوط، وقبل "الطوفان"..!! ترفرف على رؤوسهم جميعا، فما بالك بعد أكثر من 100 يوم من الخيبات المتتالية للجيش الـ18 عالميا، وعلى يد عدة آلاف من المقاتلين وفي أرض محاصرة من 17 سنة، جيش تسنده أعتى قوة عالمية، وتمده بكل ما يريد ماليا وعسكريا ومخابراتيا وإعلاميا، ثم لا يملك القدرة على تحقيق أي هدف من أهداف حربه المعلنة..

قد يطاق الفشل مرة أو مرتين.. أما كل هذا الفشل.. فكيف يطاق؟

* * *

ليس هذا فقط، بل وستقول صحيفة "يديعوت أحرونوت": إن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة لم تخسر قادتها، وأن أغلبية مقاتليها لا يزالون على قيد الحياة بعد 100 يوم من الحرب.

الجيش الذي "لا يٌقهر" يزعم كذبا أنه قتل 9 آلاف مقاتل في قطاع غزة، من بينهم نحو 50 من قادة كتائب القسام. وفي 14 كانون الثاني/ يناير أكد أبو عبيدة، المتحدث باسم المقاومة، أن ما يعلنه العدو من إنجازات عسكرية مزعومة خلال عدوانه على غزة هي أمور مثيرة للسخرية بالنسبة لنا.. وقال: جيش الاحتلال تكبد خسائر باهظة تفوق تكلفتها ما تكبده في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو ما أكده موقع "ميدل إيست آي" من أن الإحصاءات الإسرائيلية بهذا الصدد "محض هراء".

* * *

لكن تبقى هنا نقطتان على قدر كبير من الأهمية الاستراتيجية وتتصل بألف صلة وصلة بهذا الصراع الكبير:

الأولى: أن موقف النظام العربي الرسمي الآن هو ما كان من قبل، بل كان أكثر ألما، إذ ستكشف لنا وثائق الخارجية البريطانية، أن عام 1993م شهد اعترافا بريطانيا بتأثير حماس في الساحة الفلسطينية، وتُرجم ذلك إلى حوار معها، وهو ما أثار غضبا وتحريضا من كل من إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة الراحل ياسر عرفات!!

وفي ذاك العام نشب خلاف بين إدارة "التنسيق الأمني" الفلسطينية، وقسم الشرق الأوسط في إدارة البحوث والتحليل في وزارة الخارجية البريطانية بشأن توصيف حماس. وليس هناك "أوثق" من وثائق تخرج من الخارجية البريطانية بعد مرور 30 عاما على حظر نشرها.

والثانية: أن المقاومة في غزة صدقت مع نفسها، ومع تاريخ أمتها، حين قالت إنها "إسلامية".. إنه التاريخ الذي لا معنى أخر له سوى نفسه.. فماذا كانت تعني "حطين" صلاح الدين إلا القدس والأقصى؟.. وماذا كانت تعني "عين جالوت" قطز إلا وإسلاماه؟

وهكذا أنا.. ولن أكون إلا أنا.. بل، ولسنا إلا كل شيء يجب أن يكون هنا.

twitter.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة نتنياهو المقاومة إسرائيل غزة نتنياهو المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى

حين يُذكر اسم محمود عبد العزيز، يتبادر إلى الذهن فورًا فنان من طراز خاص، لا تُختزل مسيرته في عدد الأفلام أو الجوائز، بل في ما تركه من أثر حقيقي.

 

 

لم يكن من هواة الصخب، ولا من نجوم العناوين العريضة، لكنه كان حاضرًا بقوة في قلوب الجمهور، بأدواره الصادقة، وموهبته.

 

لذلك، يبدو مؤلمًا ومربكًا أن يُستدعى اسمه اليوم في خضم أزمة عائلية، لا تليق بتاريخه، ولا تعبر عن صورته الحقيقية. فالرجل الذي عاش بعيدًا عن الخلافات، واختار دائمًا أن يتحدث فنه نيابةً عنه، لا ينبغي أن يصبح اسمه جزءًا من جدل حول الميراث أو أوراق الطلاق.
 

أن يتحول "الساحر" الذي ألهم الأجيال، إلى اسم عالق في أزمة عائلية، تتنازعه بيانات وتصريحات عن الميراث، وأوراق الطلاق.
الحقيقة أن هذا المشهد لا يُسيء لمحمود عبد العزيز، بقدر ما يجرح صورة نحب أن نحتفظ بها نقية، كما عرفناها. فهو لم يكن يومًا "ثروة" تُقسم، بل "قيمة" تُحترم. رجل عاش ومات بعيدًا عن المزايدات.

 

 

في عام 2016، رحل "الساحر" عن عالمنا، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وسيرة عطرة لا يزال يُشهد له بها بين زملائه ومحبيه. واصل نجلاه، محمد وكريم محمود عبد العزيز، المسيرة الفنية بأعمال نالت ترحيب الجمهور، الذي استقبل حضورهما بمحبة تشبه ما كان يكنّه لوالدهما.

 

 

والحق يُقال، لم يزجّ الثنائي نفسيهما في أي خلافات أو مشادات عبر السنوات، بل ظلا حريصين على الدعاء لوالدهما وذكره بالخير في كل مناسبة.

 

 

كما ترك زوجة أحبّته حتى النهاية، هي الإعلامية بوسي شلبي، التي غادرت منزلهما يوم رحيله، مدركةً أنه أوصى بكل ما يملك لنجليه، حسب ما يؤكده عدد من المقربين منهما في الوسط الفني.

 

 

وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغير بعد تسع سنوات من الوفاة، حتى يُزج باسمه في قضايا من هذا النوع؟

 

 

نجله الأكبر، المنتج والممثل محمد محمود عبد العزيز، نفى تمامًا كل ما تردد حول نزاع على قطعة أرض بمليارات الجنيهات، مؤكدًا أن إعلام الوراثة الرسمي الصادر بعد الوفاة لم يتضمن سوى اسمه واسم شقيقه فقط.

 

 

لقد أحبّ محمود عبد العزيز أبناءه حبًا جارفًا، وفضّلهم في حياته على الجميع، وربما اعتقد أن هذا وحده كافٍ ليُدركوا أن قيمة الشرف والاحترام أعلى من أي خلاف على مال. لكن من المؤسف أن يتم الزج باسمه في بيان يطعن في زواجه.

وإن كانت محاولة نفي الزواج مرتبطة بخلاف على الميراث، فهل كان من الأجدر أن تُحل الخلافات في صمت، بدلًا من تشويه صورة فنان عظيم لم يعد بيننا، ولا يملك حق الدفاع عن نفسه؟

 

 

على الجانب الآخر، تقف الإعلامية التي ما دام أكدت في لقاءاتها أنها لا تزال على العهد، وفية لزوجها الراحل، ومخلصة لكل لحظة بينهما، حاملة ذكراه في قلبها كما اعتدنا أن نراها. لكن السؤال المشروع هنا: لماذا قررت إثارة هذه القضايا والخلافات، التي بدأت منذ عام 2021، لإثبات أن الطلاق الذي تم في أواخر التسعينيات — بعد شهور قليلة من الزواج — لم يُوثق بشكل نهائي؟

 

 

 

إذا كانت تمتلك بالفعل أوراقًا رسمية تثبت الزواج، كما تقول، وإن كانت لا تطالب بالمال أو الميراث — كما يدّعي بعض أصدقائها من الوسط الفني — فما الذي يدفعها لفتح هذا الملف الآن؟ وهل يمكن أن يُفهم هذا الإصرار على إثبات الزواج كإشارة إلى أن الراحل قد "ردّها" إلى عصمته شفهيًا دون توثيق؟
 

 

شرعًا، تُعد زوجته. لكن قانونًا، إذا كانت تملك منذ سنوات ما يثبت الزواج، فلماذا لم تُعلن ذلك إلا بعد مرور تسع سنوات على وفاته؟
 

 

وإذا كان الاتفاق — كما يؤكد المقربون منهما — هو ألا تطالب بأي شيء من الإرث احترامًا للعِشرة ولأبنائه، فلماذا تراجعت فجأة؟
هل هذا هو الوفاء الذي اعتادت أن ترفعه ؟ أم أن بعض الأسئلة لا تجد إجابات، لأن الحقيقة ليست دائمًا كما تُروى؟

 

الجميع يقف الآن طرفًا في حرب من تبادل التصريحات، كلٌّ يحاول إثبات صحة موقفه بكل ما أوتي من قوة. لكن هذه المعارك، بكل ضجيجها، لا تليق بمحمود عبد العزيز. فلا يجب أن تُبنى النزاعات على حساب فنان رحل، لا يملك اليوم أن يدافع عن نفسه، ولا أن يروي ما غاب من تفاصيل لا يعلمها سوى الله.

 

 

هو الذي لم يتحدث كثيرًا عن نفسه، ولم يسعَ إلى رسم صورة أسطورية له. اكتفى بأن يكون صادقًا، وترك أعمالًا تُغني عن أي سيرة. من "رأفت الهجان" الذي أصبح رمزًا وطنيًا، إلى أدوار الإنسان البسيط في "الكيت كات"، و"البرئ"، و"الساحر"… لم يكن بطلًا خارقًا، بل إنسانًا يعرف كيف يصل إلى قلوب الناس دون ادعاء.

 

 

وهكذا نحب أن نتذكره: فنانًا صدق نفسه فصدقه الناس، أبًا ترك في عيون أبنائه دفئًا حتى وإن اختلفوا بعده، ورجلًا لم يكن بحاجة لمن يُدافع عنه بعد رحيله.

 

 

الجدل حول المال لا يُغيّب الحقيقة: أن الإرث الحقيقي لمحمود عبد العزيز لا يُقاس بالممتلكات، بل بالمحبة. محبة جمهور لا يزال يستعيد مشاهده، ويرويها للأبناء، وينحني احترامًا لفنٍّ لا يموت.

 

 

ولأن الثروة الحقيقية لا تُورَّث… بل تُستلهم، سيبقى اسمه في المكان الذي يليق به: في القلوب، لا في سجلات المحاكم.

مقالات مشابهة

  • المريخ الذي لا يشبه نفسه.. أمطار وثلوج تكشف ماضيا مختلفا
  • رجل يحقن نفسه بسم الثعابين 650 مرّة .. هذا ما حصل معه
  • حماس: جيش الاحتلال ارتكب مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 250 شهيدا
  • ترامب لـ بن زايد: أنت رجل عظيم ويشرفني أن أكون معك
  • المقاومة تحذر: التأخر في إدخال المساعدات يهدد مستقبل “مفاوضات التبادل”
  • حركة حماس تنعي شهداء طمون وتدعو للنفير وتصعيد المقاومة ضد العدو الصهيوني
  • المقاومة ونظرية اختلال موازين القوة..
  • حماس: عملية سلفيت رد مشروع على جرائم العدو الصهيوني
  • رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى
  • من حقّي أن أتكلّم.. عندما يصبح صوت الطّفل قوة لا يُستهان بها