عربي21:
2025-06-24@19:53:19 GMT

النيران الصديقة بوصفها سلاحا استراتيجيا

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT

النيران الصديقة تعبير شعري سياسي وحربي مستحدث، يذكر -والدهر يُنسي- بمدفأة سورية الصنع، كان صنّاعها قد أطلقوا عليها اسم "عروسة الشتاء"؛ تدفئ الجليس، وتقرب الأنيس، إما بمعدنها الذي صنعت منه، أو بحسن صناعة جهاز التنفس فيها.

وقد وجد صناع السياسة ولغات الأخبار، وهم أطباء تجميل بسيليكون الألفاظ، أسماء ناعمة للقتل، لطيفة، تشبه الحلوى والفاكهة مثل التحييد، فقال قائلهم: حيّدت قواتنا فلانا، بدلا من قتل قواتنا فلانا من التنظيم الفلاني.

القتل بنيران صديقة معناه القتل الخطأ، ويسمى القتل العام أحيانا باسم أرقّ هو العنف. ومن المعلوم من السياسة بالضرورة أن أمريكا تطالب إسرائيل بتخفيض العنف منذ فترة، وبلجم المستوطنين في الضفة، والانتقال إلى المرحلة الثالثة في غزة، وقد فعلت من غير إعلان، لكن الإدارة الأمريكية لم تجد فرقا بين المرحلة الأولى والمرحلة الثالثة، ولم يجد الفلسطينيون كذلك، مثلهم مثل بني إسرائيل الذين قالوا لموسى: قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا".

كانوا يتحدثون عن مرحلتين..

أما فيما يخص النيران الصديقة ووفقا لبيانات جيش الاحتلال الحديثة، فإن واحدا من كل خمسة قتلى إسرائيليين يسقط بنيران إسرائيلية "صديقة"، إحصائية إسرائيلية أدق تقول إن 17 في المئة من قتلاهم قتلوا إما في الضفة والقدس، أو في أثناء القتال في غزة، بأيدي إسرائيلية، وهي نسبة كبيرة. أما تفسير ارتفاع نسبة المقتولين بالنيران الصديقة فهو؛ إما خوف القاتل من القتل الذي يحسب كل صيحة عليه، وإما قلقه واضطرابه، وهما من بنات الرعب. فالمجتمع الإسرائيلي مجتمع مسلح خفافا وثقالا، يصدق فيه عنوان فيلم الكاوبوي الشهير: إذا اردت أن تعيش فاقتل.

وقد يظنُّ المرء أنَّ جيش الاحتلال بلا قصص مؤثرة، مع أن الصحف العربية ووكالات الأنباء لا تبخل بقصصه، بينما تجد يوميا عشرات القصص الفلسطينية المحزنة، عن أيتام وأطفال ورضّع ماتوا تجويعا، وأسر انقرضت، حتى يطلع على قصص قتلى الإسرائيليين بالنيران الصديقة، والتي يخفيها إعلام الاحتلال من النشر خوفا من توهين مجتمع الاستيطان وأهل القتلى، والإساءة إلى سمعة "جيش الدفاع"، الذي لا يفرق بين الصديق والعدو، مثل قصة الأسرى الثلاثة الهاربين، الذي خرجوا يرفعون الرايات البيضاء ويستغيثون بالعبرية، لكن أقوى عاشر جيش في العالم قتلهم بنيرانه الصديقة الحبيبة. ومثل قصة الإسرائيلي الذي قتل سائق السيارة الفلسطيني، وانتهت ذخيرته فقتله ابن دينه اليهودي بنيرانه صديقة ظنا منه أنه فلسطيني، مع أنه ركع متوسلا إليه أن يرحمه، ويخبره أنه يهودي مثله، وقد قُتل في الضفة الغربية، وليس في غزة؛ قصص مثل "قصة موت معلن"، لغابرييل ماركيز، وفيه أسلمت الأم ابنها لقاتليه خطأ.

كما تشير تحقيقات قامت بها صحف غربية مثل ليبراسيون والواشنطن بوست، أن أكثر قتلى الحفل الموسيقي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر قتلوا بنيران صديقة. يقال في الأمثال المولدة: السلاح بيد الجبان يجرح.

يصرح نتنياهو كل يوم بأن إعادة "المخطوفين" أولوية، وهو يكذب، فأولويته هي البقاء في السلطة، ويعلم قادة الاحتلال أن إعادتهم أحياء شبه مستحيلة، وهذا يعني أنه سيقتلهم بنيرانه الصديقة. ونعلم أيضا أن نتنياهو أمسى دكتاتورا، مثل جيرانه الزعماء العرب. يقال إن الدكتاتورية مثل الدراجة، لو توقف الدرّاج عن تحريك قدميه لسقطت به، لذا فهو يهرب إلى الأمام وسيقاتل حتى النهاية من دون النظر إلى اليوم الآتي.

تظهر الأخبار أن ثمة نيرانا صديقة بين بايدن ونتنياهو، نيران تصريحات، فبايدن صاحب خبرة سياسية دولية، وقد خرج من حربين في العراق وأفغانستان مثخنا بالجراح، ويعلم أن ما لا يؤخذ بالحرب يؤخذ بالسياسة، فانظر إلى حال العراق وحال أفغانستان، العراق مقاد بإيران، وأفغانستان محاصرة. ويستطيع نتنياهو أن يفرج عن الأسرى الفلسطينيين ويعيد اعتقالهم بعد شهر أو أقل، وقد ارتد عن اتفاقات دولية كثيرة، لن تكون هذه آخرها، لكن قبوله به يجعله في موقع الخاسر سياسيا.

يرجح أن إسرائيل تتنظر أن تنتهي نيران حماس غير الصديقة، أي ذخيرتها من الأسلحة، وأن حماس تنتظر نيرانا صديقة في معسكرات العدو، أي خصومة بين أحزاب إسرائيل الحاكمة، فحماس غير قادرة على هزيمة إسرائيل بأسلحتها المصنعة في الأنفاق. وقد نُقل أمس أن غالانت همّ بضرب نتنياهو، وتوعده بأن يحضر له لواء غولاني.

كنا قد أدركنا أمرا متأخرا بفضل طوفان الأقصى، وهو أن ديّة الإسرائيلي ليس كما كنا نظن، وكان ذلك في زمن التفوق الكامل قبل طوفان الأقصى، ومن باب أولى أن نقرَّ بأن العرب، سوريين ومصريين وأمثالهم، يموتون بنيران صديقة وحبيبة، بنيران حكوماتهم "الصديقة"، بل إن العرب قضوا بهذه النيران حتى في الحروب مع العدو إما بخيانتهم أو بسوء الإدارة وتركهم في العراء تحت رحمة سلاح العدو.

الحرب الأهلية حرب صديقة، من غير إيجاف بخيل أو ركاب. النيران الصديقة هي أن تجعل بأس العدو بينهم.

أغلب الظن أن أمريكا قد أدركت أنَّ أفضل الطرق للقضاء على حماس هو النيران الصديقة عبد تذكيتها وجعلها منظمة، مع أنها تعريفا نيران بالخطأ، أي بالحرب الأهلية، ربما بتسليمها لإيران، كما سُلّمت سوريا والعراق ولبنان واليمن لها، أو تسليم غزة لفتح بعد إعدادها وتزويدها بنيران "صديقة"، أو أموال صديقة.

نذكر بأن النار عُبدت قديما وما تزال معبودة، عبدها المجوس، أما الأوربيون في بلادهم الباردة فعبدوا الشمس وهي أم النار، ومن هنا جاء تعبير النيران الصديقة الغربي.

يحاول بايدن إقناع نتنياهو بأنه لا بد من دولة فلسطينية، ولها أنماط كما زعم، وسيكون نمطا صديقا، كأن تكون من غير نار، أو بنيران صديقة مثل معظم الدول العربية، لكن نتنياهو والذي يسمونه في إسرائيل بالرئيس الكارثة، صاحب كتاب "مكان تحت الشمس"، والذي يرفض فيه مقايضة الأرض مقابل السلام، يريد أن ينتصر في الحرب بالنار، النار وحدها، النار غير الصديقة التي يشبه شكل دخانها نبات الفطر.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة نتنياهو إسرائيل غزة نتنياهو خسائر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النیران الصدیقة بنیران صدیقة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يعلن تحقيق إسرائيل لأهدافها ضد إيران ووقف إطلاق النار رسميا

اعتبر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن "إسرائيل" حققت هدفها المتمثل في في "إزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني"، وذلك بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بعد مواجهة استمرت لـ 12 يوما.

وقال نتنياهو في تصريحات نقلتها "القناة 14" إن "إسرائيل تشكر الرئيس ترامب على دعمه في الدفاع ومشاركته في القضاء على التهديد النووي الإيراني.. وإسرائيل سترد بقوة على أي انتهاكات لوقف إطلاق النار".

وبعد ساعات من بدء وقف إطلاق النار، أعلن نتنياهو رسميا الموافقة على اقتراح ترامب بوقف الحرب.

وأضاف "سيطر الجيش الإسرائيلي على طهران جوًا، واغتال مسؤولين كبارًا، ودمر أهدافًا حكومية، وحققنا جميع أهدافها في العملية وأكثر من ذلك بكثير.. حققنا إنجازات تاريخية هائلة، ووضعت إسرائيل نفسها على قدم المساواة مع القوى العالمية".

وزعم أن "إسرائيل أزالت تهديدا وجوديا مباشرا مزدوجا، وذلك في المجال النووي وفي مجال الصواريخ الباليستية.. وإسرائيل سترد بقوة على أي انتهاك لوقف إطلاق النار".


وأوضح "يجب الاستمرار في الالتزام بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية حتى يتضح أن وقف إطلاق النار يتم تنفيذه بشكل كامل".

وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن اعتقاده بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران الذي أعلنه بنفسه سيكون "غير محدود وسيستمر إلى الأبد".

وأضاف في مقابلة مع "إن بي سي إنيوز" الأمريكية، أن "النزاع الإسرائيلي الإيراني أسفر عن سقوط الكثير من الضحايا".

وحذّر من أن "تفاقم الوضع قد يؤدي إلى تدمير كامل لمنطقة الشرق الأوسط"، مشددا على أهمية وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه.

وتابع: "إنه يوم عظيم للولايات المتحدة ويوم عظيم للشرق الأوسط، أنا سعيد جدا لأنني تمكنت من إنهاء الأمر (الحرب)"، وفق قوله.


وردا على سؤال حول مدة وقف إطلاق النار، قال ترامب: "أعتقد أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران غير محدود، سيستمر إلى الأبد".

وأفاد بأن الصراع بين الجانبين "انتهى تماما"، معبّرا عن اعتقاده بأن "إسرائيل وإيران لن تطلقا النار على بعضهما البعض مرة أخرى أبدا".

وصباح الثلاثاء، أعلن ترامب بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران، وذلك بعد ساعات من إعلانه توصل طهران وتل أبيب التوصل إلى الاتفاق على أن يدخل حيز التنفيذ في غضون 6 ساعات تقريبا من لحظة إعلانه.

ومنذ 13 حزيران/ يونيو تستهدف "إسرائيل" بدعم أمريكي، منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين بإيران، فيما ترد الأخيرة بضرب مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة، مما خلف قتلى وجرحى لدى الجانبين.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: حققنا نصرا تاريخيا وإيران لن تمتلك سلاحا نوويا
  • مي عبد الحميد : المشروعات السكنية الجديدة تمثل استثمارا استراتيجيا في رأس المال
  • الجبهة الشعبية: مصائد الموت الجماعي بحق المُجوّعين مستمرة بصناعة صهيونية ومشاركة أمريكية
  • إيران: ضرباتنا في العديد لا علاقة لها بـ"الصديقة قطر"
  • نتنياهو يعلن تحقيق إسرائيل لأهدافها ضد إيران ووقف إطلاق النار رسميا
  • نتنياهو يحدد "سبب" موافقة إسرائيل على اقتراح ترامب
  • «إيدج» تفوز بجائزة «أفضل شركة للعمل»
  • إيران تكسب ميدانياً و”إسرائيل” تخسر استراتيجياً
  • إيران: الهجوم على قاعدة العديد لا يشكل أي تهديد لجارتنا الصديقة والشقيقة قطر
  • خسر برباعية.. النيران الصديقة تكوي الوداد أمام يوفنتوس