خبير آثار يرصد تاريخ حديقة الأزبكية ونافورتها الشهيرة
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
ونحن على أبواب معرض القاهرة الدولى للكتاب، نتذكر سور الأزبكية وهو معرض كتاب دائم، تربى الكثيرون عليه وأنشئوا منه مكتبات كبرى، ومن هذا المنطلق كانت دراسة المهندس فاروق شرف استشارى وخبير الترميم والمنشآت التاريخية
ويشير المهندس فاروق شرف إلى أن حكاية منطقة الأزبكية تبدأ من أواخر القرن الرابع عشرالميلادى إبان حكم دولة المماليك، عندما أهدى السلطان قايتباي مكافأة لقائد جيوشه الأتابك سيف الدين بن أزبك قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة وأقام عليها منزلًا له ومتنزهًا حول البركة يحمل اسمه «الأزبكية»
وبحلول عام 1495م كانت الأزبكية قد تحولت إلى حي كبير يتوسط القاهرة، وبعد دخول العثمانيين مصر شيد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرًا كبيرًا على حافة البركة الشرقية وسماه «العتبة الزرقاء»، ومن ميدان الأزبكية خرجت جماهير القاهرة عام 1805م تنادي بمبايعة محمد علي أميرًا على مصر.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن الخديوى إسماعيل يعتبر المؤسس الحديث للأزبكية حيث عاد عام 1867م من زيارته لباريس مبهورًا بعمرانها الحديث وشوارعها وحدائقها فقرر تحويل الأزبكية إلى حى حديث على شاكلة الأحياء الباريسية يضم حديقة رائعة فأصدر أوامره عام 1864م بردم البركة التي كانت تتوسط الميدان، وأنشأ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي «باريل ديشان بك»، على مساحة 18 فدانًا أحيطت بسور من البناء والحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع
وأقام في طرف الأزبكية مسرح (الكوميدي الفرنسي)، وبعد الانتهاء من تشجير الحديقة بالأشجار والنباتات النادرة وتزيينها وإنارتها قام الخديوى إسماعيل بتعيين مسيو «باريليه» الفرنسي ناظرًا لها ، وكانت تقام بالحديقة العديد من الاحتفالات الرسمية والشعبية الكبري للأجانب والمصريين، وكان لكوكب الشرق نصيب كبير فى هذه الإحتفالات ... فكانت هذه الحديقة لائقة بمصر التى كانت درة الشرق وساحرة العالم القديم، وكانت منطقة الأزبكية تضم عددًا كبيرًا من الفنادق الفاخرة فى ذلك الوقت منها «شبرد» و»الكونتيننتال» «وندسور وإيدن بالاس» بالإضافة الى الأوبرا الخديوية .
نافورة الأزبكية
وينوه الدكتور ريحان إلى أن دراسة المهندس فاروق شرف أشارت إلى وجود نافورة أثرية من الرخام بحديقة الأزبكية غاية فى الإبداع والدقة فى النحت المجسم لزخارفها .. زارها أكثر من مرة ووضع خطة عمل لترميمها إذا أتيحت له الفرصة كمتخصص لإحيائها وعلى أن توضع على الخريطة السياحية بإعتبارها إحدى الحدائق التاريخية الشاهدة على عظمة مصر ورقيها الحضاري
وهى نافورة وراء الحديقة لا يلحظها الكثيرون، أنشأها الخديوي إسماعيل عام 1872، وقد تم تسجيلها كأثر عام 1986، ثم تم ترميمها عام 1993، كما تخبرنا لافتة رخامية معلقة عليها.
والنافورة الآن حالتها سيئة محاطة بسقالات من المعدن وحولها سور، وقديمًا كانت توجد مقايسة لإنشاء حديقة الأزبكية عام 1869م.. تدل على التطور العمرانى والتنسيق الحضارى والجمالى لمصر المحروسة فى منتصف القرن التاسع عشر، ويبدو أنها كانت جزءًا من ملف مرفوع الى الخديوى إسماعيل، وهذه المقايسة مقدمة من كوردييه بك أحد المقاولين الذين عملوا فى مصر فى تلك الفترة .. وكوردييه هذا هو المثال الفرنسى الذى عمل تمثال إبراهيم باشا البرونزى فوق قاعدته بميدان الاوبرا.
وهو كما تقول الوثيقة أنه تقدم بكشف تكاليف إنشاء حديقة الأزبكية وتضم تفاصيل إنشاء الحديقة واللوازم التى تحتاج اليها والأشغال المراد تركيبها وبجانب كل عمل تكلفته بالفرنك الفرنسى ( وهى إحدى العملات المستخدمة فى مصر فى ذلك الوقت حيث عرفت مصر عملات دول كثيرة لوجود عددًا كبيرًا من الأجانب بها ) .
وتم إحالة هذه المقايسة داخل وثيقة الى ديوان المالية تذكر أن :« أشغال جنينة الأزبكية تضم بخلاف غرس الأشجار والدرابزينات إقامة فسقية كبيرة بقطر ثلاثين مترًا فى وسط الجنينة بإستخدام 95 مترًا كنارات من الجرانيت بتكلفة 198 ألفا و690 فرنكًا بالإضافة الى تكملة الأشغال خارج درابزين الجنينة وعمل فسقيتين من الخرسانة بنافورات ماء وإنشاء فسقية أمام لوكاندة ( كولومبو) بتكلفة 15 ألف فرنك بالإضافة الى ترميم المماشى ( الممرات ) وعمل حنفيات وتركيب ثلاث ماكينات بخارية لزوم رش الأزبكية
ويوضح كوردييه بك فى المقايسة أنه تم استخدام 1500 متر درابزين حديد وعمل 20 ألفًا من أقواس الحديد الصغيرة وإنشاء ثمانية بيوت (قراقولات) باعتبار البيت الواحد 2500 فرنك وأربعة قناطر حديد وأربعة قناطر حجر نحت وخشب وقهوة وكشك لزوم (الموزيقة) أى الموسيقى بالإضافة لاستخدام ثلاثين نفر من الجناينية لزوم غرس الأشجار، كما توضح الوثيقة أن إنشاء مغارة داخل الجنينة تكلف 6 آلاف فرنك بالإضافة لدفع 50 فرنكًا لتصليح سكك الأزبكية لمدة ستة أشهر
ويشير كوردييه بك أن الذى صار استلامه حتى التاريخ الموضح بالوثيقة بخصوص أشغال حديقة الأزبكية هو مبلغ واحد مليون وأربعمائة وخمسون الف فرنك بالتمام والكمال ..
ويؤكد المهندس فاروق شرف بأنه تواصل مع الوزير اللواء محمد سلطان نائب محافظ القاهرة و رئيس مجلس إدارة الحدائق المتخصصة بالقاهرة بشأن هذه النافورة والذى رحب بذلك مع إعادة حديقة الأزبكية بمفرداتها الأثرية والتاريخية إلى سابق عهدها ولأنها لن تقل أهمية عن حديقة الأندلس أو الحرية أو حتى الحديقة الدولية الجميلة بتنسيقها وندرة أزهارها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خبير آثار معرض القاهرة الدولي للكتاب سور الأزبكية حدیقة الأزبکیة
إقرأ أيضاً:
مركز حقوقي يرصد انتهاكات خطيرة بحق صحفيين ونشطاء في اليمن
يمن مونيتور/قسم الأخبار
كشف مركز الخليج لحقوق الإنسان عن موجة جديدة من الانتهاكات الجسيمة ضد الصحفيين والنشطاء في اليمن خلال الفترة الأخيرة، حيث شملت التقارير اعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة ضد عدد من الإعلاميين والكتاب.
وأفاد المركز بتصاعد وتيرة القمع ضد حرية التعبير، مع استمرار فرض القيود على العمل الصحفي، وزيادة حالات الاحتجاز التعسفي دون محاكمة عادلة، خاصة في محافظة الحديدة التي تشهد اعتقالات واسعة بحق العشرات من الصحفيين.
وفي واقعة مروعة، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء يوم 24 مايو 2025 حكماً بالسجن لمدة عام ونصف بحق الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي، بتهمة “المساس بأمن الدولة” و”بث أخبار من شأنها تكدير الأمن العام”.
وألزمت المحكمة المياحي بتقديم تعهد مكتوب بعدم الكتابة مجدداً، مع دفع كفالة مالية قدرها خمسة ملايين ريال يمني، كما قررت مصادرة أجهزته الإلكترونية وفرض رقابة عليه لمدة ثلاث سنوات بعد إتمام عقوبته.
ويعود سبب محاكمة المياحي إلى انتقاداته اللاذعة لجماعة الحوثيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم اعتقاله في 20 سبتمبر 2024 من منزله في صنعاء، واحتجز لعدة أشهر في سجون جهاز الأمن والمخابرات قبل نقله إلى سجن هبرة السيء السمعة في 28 أبريل 2025.
وأكد المركز أن محاكمة المياحي جرت أمام محكمة غير مختصة بقضايا النشر رغم كونه صحفياً، كما تم النطق بالحكم عبر شاشة هاتف محمول أمامه وهو مقيد اليدين تحت حراسة مشددة.
ومن جهة أخرى، أوضح المركز أنه تم اعتقال 13 صحفياً وإعلامياً في الحديدة بين 21 و22 مايو 2025، من بينهم وليد علي غالب نائب رئيس فرع نقابة الصحفيين، والمصور عبد الجبار علي زياد الذي عمل سابقاً مع وكالة رويترز، والصحفي عاصم محمد، ومراسل موقع العربي الجديد حسن زياد.
وأشار إلى أن المعتقلين محتجزون لدى جهاز الأمن والمخابرات في الحديدة دون توجيه أي تهم محددة لهم، فيما أدانت نقابة الصحفيين اليمنيين هذه الاعتقالات ووصفتها بـ”الحملة التعسفية” في بيان صدر يوم 25 مايو.
كما نبه المركز إلى استمرار احتجاز الممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي رغم قضائها أكثر من أربع سنوات من عقوبة السجن لمدة خمس سنوات، حيث قدم النائب العام في صنعاء طلباً للإفراج عنها في 12 أغسطس 2024 وفق المادة 506 من قانون الإجراءات الجزائية، لكنه لم يصدر أي قرار بهذا الشأن حتى الآن.
وفي تطور منفصل، كشف المركز عن اعتقال الصحفي مزاحم باجابر رئيس تحرير منصة الأحقاف الإعلامية يوم 18 يونيو 2025، حيث يتم احتجازه في إدارة البحث الجنائي بالمكلا رغم توجيهات وزير الداخلية بإطلاق سراحه بكفالة.
وأوضح أن محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي يعارض الإفراج عن باجابر، الذي كان قد نشر مع زميليه صبري بن مخاشن وعبدالجبار باجبير تحقيقات حول قضايا فساد، ما أدى إلى إصدار أوامر قسرية بحقهم من النيابة الجزائية المتخصصة في أبريل الماضي.
وأكد مركز الخليج لحقوق الإنسان أن هذه الانتهاكات تشكل انتهاكاً صارخاً للحريات الأساسية، وحث جميع أطراف النزاع في اليمن على الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً، واحترام حرية التعبير والصحافة، وتمكين المدافعين عن حقوق الإنسان من ممارسة عملهم دون خوف من الانتقام.