شعر د. أحمد جمعة صديق
نعم الاله على العباد كثيرة وعظيمة وجليله
حباني الاله بفضله فهيء لي أجمل خميله
مترعة البهاء وريفة ورقاء خضراء ظليله
الماء يسري في جداولها ، ويتهامس في مسيله
والدوح يرقص والنسائم تسري عليلةً وعليله
والطير من كل جنس على الغصون تميل ميلا
هنا وهناك تلثم بعضها، خليل تفاني في خليله
والورد الوان تفتحت اكمامه وقد ارخى سدوله
والندي على ثغر الورود كأنه درر صقيله
عليها ضوء الشمس يلمع كاللآلىء تضىء ليله
وهنا البلابل تشدو وترجّع اللحن الجميلا
وفراشاتي الانيقة تجوب كل ارجاء الخميله
تحملها النسائم في الحديقة فتجول جولات وجوله
(اسراء) تسري عنّا كلّ احزان الاحبة والقبيله
فرعاء ورعاء صفراء، واذا تكلمت فهي الخجوله
و(هبة) حباها الله ثغراً قلّ في الناس مثيله
اذا ضحكت فالدر منها قد تناثر ، وجناء اسيله
و(هبة) الاخري الجميله، فاقت الاقران قولا وقبولا
صوتها الهامس يسري كهمسات النسيمات العليلة
و (وفاق) فاقت كل تصور في روعة الخد الاسيله
غزالة تطأ الثري في خفة لا تماثلها مثيله
لثغاء اذا نطقت ترنحت الحروف و (الثاء) الثقيله
تسكر العشاق لحناً من كثير القول أو من قليله
و(ملاذ) ملاذنا، في (الخمار) حللت أو في حلل بديله
عيناك قمران السحر يسري منهما ليلاً أو مقيلا
بحة الصوت العجيبة تأتي كالحان البلابل في خميله
وانظر في الخميلة فأري نخلتي الفارعة الطــويله
(مودة) تضحك فيضىء ثغرها الوضاء ليلاً ألف ليله
سمراء هفا قلبي اليها وللشعر قد كانت دليله
هي بالأشعار تشدو فهي الأديبة والأريبة والأصيله
و(شيماء) انت العطر يسيل بين الورد سيلاً سلسبيلا
و(اسراء) أخري (تعمّر وتعلو في المعالي) ولا ترض القليلا
جمعت محاسن السودان سوداً وبيضاً، صحراءاً ودغلاً ونيــــلا
قلب من الياقوت قد صيغت بواطنه وفي الخلق هي النبيله
وشعر في سواد ا لليل لوناً وطولاً والملمس قد فاق الحريرا
اذا تخطو ترى الاعناق تهفو الى ذاك الملاك ولكن لا تطـــــيله
سألت الله ان يرعاك دوماً فانت الحبيبة والصديقة والدليله
وانا الى الستين انحو واهفو اليهن وما باليد حيله
يتوق القلب اليهن حباً ويعلم انّ أشواقي مستحيله
فراشات تلوّن أيامي وأحلامي القصيرة والطويله
حفظ الله فراشاتي الجميلة وحيّا الله أيّام الخميلة
aahmedgumaa@yahoo.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
في العمق
#في_العمق
د. #هاشم_غرايبه
في تقييم الأحداث الفاصلة في تاريخ أمتنا المعاصر، يبقى حدث السابع من اكتوبر عام 2023 هو الأهم، وقد يعتبره المؤرخون من المعارك الفاصلة في تاريخنا الحديث.
بطبيعة الحال، ولما كانت العلامة الفارقة لأمتنا من دون الأمم الأخرى، هو وجود فصيل المنافقين، والذي لم ينقطع تواصله مع أعداء الأمة منذ أنعم الله علينا بهديه، فقد ظهر على الدوام وفي كل العصوراصطفافان ثابتان لا يتغيران في كل الحالات من ضعف الأمة أو قوتها، هما فسطاط أهل الحق وفسطاط أهل الباطل.
المتغير الوحيد هو عندما يحني أهل الباطل رؤوسهم وينزووا في جحورهم مؤقتا، عندما تهب ريح الأمة وتنتصر في معركة من معارك الصراع الأزلي مع الباطل، لكنهم سرعان ما يعودوا لنشاطهم القديم كلما ذهبت ريح الأمة واستقوى عليها أعداؤها.
رأينا تطبيق ذلك عمليا في معركة الطوفان، فقد كان هجوم المقاومة الإسلامية المظفرصادما للغرب المستعمر، اذ كان اعتقد أنه نجح بفضل تعاون أنظمة (سايكس – بيكو) الكسيحة معه، بترسيخ تصور أن الكيان اللقيط لا قبل لهم به، فلا مفر من الرضوخ له والقبول بهيمنته تحت مسمى التطبيع، لكن معسكر أهل الباطل (المؤلف من منافقي الأمة أساسا)، كانت صدمته أعظم، إذ كشف سوء نيتهم في اصطناع العجز عن مقارعة هذا الكيان وعدم القدرة على الوقوف في وجهه، لتبرير الاستسلام له.
وذلك ربما قدره الله ليكشف نوايا هذا الفسطاط، الذي كاد أن يقنع البسطاء بانه يفعل ما بوسعه لإنقاذ الأمة، فجاء نصره للمقاومين رغم التفوق التقني للعدو، ليسقط الوهم المصنوع عن قوة العدو وعقلانية القبول به أمرا واقعا، وليثبت تخاذلهم، وأنهم لو صدعوا بواجبهم، فأعدوا للصراع عدته، وصدقت نيتهم في التصدي لهذا الكيان منذ البداية، ربما لكان زال قبل أن يوطد أركانه، لكنهم لأنهم مكن لهم المستعمر من الاستئثار بالقرار السياسي طوال الوقت منذ تأسسيسه، فقد ألغوا فكرة مناجزته ناهيك عن نية اقتلاعه من ارض الأمة.
من هذا التحليل نفهم مجريات الواقع، فنجد مختلف أركان هذا الفسطاط قد تكاتفت لأجل استعادة زمام المبادرة في إعادة الأمة لمرحلة ما قبل هذا الطوفان، لذلك انصبت جهودها بداية بشكل سري لتحريض العدو على عدم التوقف عن عدوانه ألا بعد اجتثاث فكرة المقاومة والتنظيم الذي نجح في جعلها معادلة صعبة أمامهم، ولما لم تنجح جهود العدو رغم أنه لم يدخر جهدا في ارتكاب أبشع المذابح، ولم يرعى ذمة لمواثيق دولية في استهدافه المباشر للمدنيين وللصحافيين ولفرق الإسعاف ولكافة المرافق المدنية بما فيها المستشفيات.. رغم كل ذلك صمدت المقاومة وحاضنتها الشعبية في القطاع، ولم يتمكن من كسر ارادتهم.
عندها لجأ أهل الباطل (منافقو الأمة) الى محاولات يائسة لاختراق الجبهة الداخلية في القطاع، بإيهام المواطنين أن الإجرام بالتدمير والقتل وقطع الامدادات الذي يتم بحقهم لن يتوقف إلا إن تخلوا عن المقاومين، وخرجوا من بينهم، فان تم ذلك ستفتح عليهم خزائن أموال السحت الخليجية لتعيد الإعمار.
هكذا لم يعد سرا هذا التنسيق بين قوى الاحتلال المجرمة، وداعموهم من الغرب المستعمر، ومؤيدوهم من من أنظمة عربية باعت قرارها السياسي بثمن بخس هو البقاء على الكرسي العفن.
والمعركة الآن هي معركة إرادة، فمن جهة هنالك فسطاط أهل الحق الذين يتمسكون بالحق الشرعي في العيش في وطنهم، الذي ورثوه عن آباء وأجداد أباة أحرار صانوه لهم ليعيشوا فيه حياة كريمة، مقابل فسطاط أهل الباطل الخانعين، يقبلون بالدنية ويرضون بحياة الذل: “وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ” [البقرة:96]، أية حياة .. ولو كانت حياة خانعة كحياة الأنعام.
قد يتعرض أهل الحق للأذى وينال منهم العدو نيلا كبيرا، وينجو من ذلك أهل الباطل، لكن الله وعدهم إن صمدوا على مبدئهم الحق، وصبروا على ما أوذوا في سبيله، وصابروا مناجزين للعدو بما في أيديهم ولو كان قليلا، أن تكون العاقبة لهم، وعزاؤهم أن الله صادق وعده، وقد رأوا من كان قبلهم من أمتهم، كم نصرهم الله في مواطن كثيرة، وأتاهم الفرج بعد إذ كانت الأرض تضيق عليهم بما رحبت، وبلغت قلوبهم الحناجر.. عندها كان يأتيهم نصر الله، والذي ما كان يوما بكثرة عدد ولا عدة.