هل تعودنا على مشهد المجزرة في قطاع غزة؟!
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
هل تعودنا على مشهد المجزرة في قطاع غزة؟!
هل تعودنا على رؤية الجرحى والأطراف المبتورة والأجساد الممزقة بفعل القصف؟
في حالة غزة بظروفها الحالية فإن الصمت تواطؤ ومشاركة، بشكل أو بأخر، في معاناة غزة. لذلك على كل واحد منا أن يطهر روحه من دنس الصمت.
عدم تحركنا وصمتنا على جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة يعني أننا تعودنا على كل ذلك، وكأن على قلوبنا أكنة، وفي آذاننا وقرا، وعلى أبصارنا غشاوة.
* * *
هل تعودنا على رؤية الشهداء والشهيدات يقتلون بالمئات كل يوم؟
هل تعودنا على رؤية الجرحى والأطراف المبتورة والأجساد الممزقة بفعل القصف؟
هل تعودنا على رؤية المقابر الجماعية التي تحفر يوميا في باحات المستشفيات وساحات المدارس وحتى في الطرقات؟
هل تعودنا رؤية المرضى والجرحى على أرضيات المستشفيات لعدم توفر أسرة؟
هل تعودنا على سماع صرخات الأمهات والأطفال وهم يناشدون أبناء العروبة الوقوف إلى جانبهم والإحساس بما يواجهونه؟
هل بات مشهد إجراء عمليات بتر أعضاء وخياطة جروح عميقة دون مخدر اعتياديا؟
هل تعودنا على رؤية الأطفال الذين ينامون على الأتربة المبتلة وبملابس لا تقيهم برد الشتاء القارس؟
هل تعودنا على رؤية الدمار في كل زاوية في غزة؟
هل تعودنا على رؤية الأطفال الذين يصطفون بالمئات من أجل الحصول على مغرفة من الطعام لعائلة بأكملها؟
هل تعودنا على رؤية أطفال بملابس خفيفة بأقدامها الحافية وسط الطين وبرك الماء والبرد القارس؟
هل تعودنا على رؤية الجنود الحثالة وهم يعرون الرجال من ملابسهم ويقومون بإذلالهم في الشوارع والطرقات؟
هل تعودنا على رؤية الخيام الغارقة بمياه الأمطار؟
هل تعودنا على رؤية دبابات وطائرات العدو وهي تقصف المربعات السكينة وتبيد عائلات بأكملها؟
هل تعودنا على خذلان إخوتنا في غزة؟
هل تعودنا على رؤية النظام الرسمي العربي يشارك بصمته في معاناة أهالي غزة؟
هل تعودنا على بيانات القمم العربية والإسلامية وبيانات المنظمات العربية والإسلامية التي أكل الدهر عليها وشرب وشخر ونام؟
هل تعودنا على العار الذي يتمرغ به الغرب وأمريكا بتأييدهم الإبادة في غزة؟
هل تعودنا على تحول بعض وسائل الإعلام العربية إلى أبواق صهيونية؟
هل تعودنا على الذباب الإلكتروني وعلى تفاهات وسقوط الصهاينة العرب؟
عدم تحركنا وصمتنا على جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة يعني أننا تعودنا على كل ذلك، وكأن على قلوبنا أكنة، وفي آذاننا وقرا، وعلى أصابنا غشاوة.
في حالة غزة بظروفها الحالية فإن الصمت تواطؤ ومشاركة، بشكل أو بأخر، في معاناة غزة.
لذلك على كل واحد منا أن يطهر روحه من دنس الصمت.
*علي سعادة كاتب صحفي من الأردن
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الغرب فلسطين المجزرة غزة الصمت الدمار الشهداء خذلان غزة جرائم الحرب الإبادة الجماعية على کل فی غزة
إقرأ أيضاً:
«إنهم جثثٌ تتحرك»!
غضب وشجب واستنكار.. البعض يحذّر من تفاقم الكارثة الإنسانية، والبعض يُعرب عن اشمئزازه من التصرفات الإسرائيلية في ظل تزايد أعداد الفلسطينيين الذين يموتون جوعاً.. موجة استنكار عالمية تفضح العدو الصهيوني وتعرّي سلوكه غير الأخلاقي، لكنها لا تبدو مؤثرة.
وربما كان حريّ ببيانات الإدانة والاستنكار هذه ألا تتجاهل أيضاً الكيان الأمريكي الذي يمثل المظلة الحامية للاحتلال، والداعم له في كل هذه الجرائم، عدا ذلك فإنه رغم اتساع رقعة الرفض العالمي لما ترتكبه «إسرائيل» بحق الأطفال والنساء في فلسطين، ووسيلة التجويع لقتل الجميع في القطاع، إلا أن كيان الاحتلال لا يعير كل ذلك أي اهتمام ويستمر في حالة الحصار والتجويع.
يتساقط الأطفال شهداء من الجوع، وثلث السكان لم يتناولوا وجبة طعام واحدة منذ عدة أيام حسب برنامج الأغذية العالمي، بينما لا تزال لغة البيانات تناشد وترجو وتدعو لإنهاء هذا الحال، ولو تم قياس ما يجري مع ما يتضمنه القانون الدولي الإنساني، لتَبين أن جريمة التجويع هي جريمة حرب بذاتها، إلا أن الاستضعاف -كما يبدو- للعرب والمسلمين لا يدفع لأي تحرك دولي من أجل إجبار كيان الاحتلال على إيقاف هذا العدوان البربري ورفع الحصار عن غزة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبّر صراحة بأن التصريحات والبيانات «لا تطعم الأطفال الجياع»، وقال إن ما يشهده قطاع غزة ليس مجرد أزمة إنسانية بل «أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي»، غوتيريش دعا المجتمع الدولي إلى التحرّك الفوري لوقف الكارثة.
ولا شيء يبرر هذا التقاعس عن الانتصار للقيم الإنسانية في غزة، فالحاصل يندى له الجبين، والشهادات الدولية تؤكد فداحة ما يجري، فالناس في غزة حسب مفوض الأونروا «ليسوا أمواتًا ولا أحياءً، إنهم جثثٌ تتحرك»، و1200 مسنّ توفوا في قطاع غزة نتيجة التجويع حسب «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، و100 ألف طفل مهددين بالموت خلال أيام إذا لم يتم إدخال حليب الأطفال بشكل فوري إلى القطاع المحاصر حسب الصحة الفلسطينية في غزة. في هذا الوقت تتوالى التصريحات والبيانات المؤكدة بان استخدام الحصار والتجويع كأدوات لإخضاع سكان غزة ومنع وصول المساعدات، هو مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، وتُحمِّل هذه البيانات «المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة»، كما تتفق بيانات التنديد والاستنكار على ان ما يجري في غزة هو «انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والشرائع الدولية».
وقبل أيام اتهمت منظمة العفو الدولية «إسرائيل» باستخدام التجويع كسلاح حرب وأداة لارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مؤكدة أن ما يتعرض له السكان هناك يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي. وهذا أحد قادة الكيان العسكريين وهو رئيس الأركان أسبق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يدعى «موشيه يعلون»، يؤكد أن عمليات إخلاء الفلسطينيين من قطاع غزة وهدم منازلهم وتجويعهم بهدف تهجيرهم تمثل «جرائم حرب» بموجب القانون الدولي. رغم كل ذلك لا يزال التقاعس عن أي تحرك عملي هو سيد رد الفعل.
لا شيء يبرر «انفجار الموت والدمار» في غزة، حسب غوتيريش، كما لا شيء يبرر هذه السلبية عن التحرك لإنقاذ البشرية من هذا التآكل لقيمها إلا التنكر لكل الشعارات التي كانت تردَدْ خلال العقود الماضية عن حقوق الإنسان والحريات، وهو التنكر الذي يأتي تماشياً مع «مزاج» واشنطن، لذلك يندر حتى أن يشملها بيان استنكاري لجريمة التجويع في غزة.