معركة البحر الأحمر تنتظر تدخلا روسيا- صينيا
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
لم تعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر حدثاً محصوراً باستهداف السفن المتوجهة إلى إسرائيل كما يبررها مرتكبوها، فقد تحولت إلى حرب تهدد بإقفال تام لشريان تجاري عالمي تمر عبره ما نسبته 10 إلى 15 في المئة من حركة البضائع المتداولة على الكرة الأرضية بما فيها الموارد النفطية التي تفوق نسبتها الـ10 في المئة.
صحيح أن استهداف السفن أثر على حركة ميناء إيلات الإسرائيلي بنسبة كبيرة، لكنه حاصر مصر وقناة السويس التي تفقد نحو نصف إيراداتها من العملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد، ودفع بكبريات شركات النقل البحري إلى الاستغناء موقتاً عن باب المندب مفضلة الطريق القديم، الأطول والأكثر كلفة حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح.
وأدى ذلك إلى زيادات في رسوم التأمين وكلفة الشحن واستهلاك مزيد من الوقت، بالتالي إلى زيادات في أسعار البضائع، مما يفرض أعباء جديدة على الاقتصاد العالمي.
أصبح إغلاق البحر الأحمر على يد الحوثيين قضية عربية تعني الدول المحيطة مباشرة، وقضية عالمية تعني دولاً ومصالح دولية متشابكة، ولم تعد مسألة بسيطة تقتصر على طريقة لإبداء الدعم لغزة، كما يقول قادة الحوثيين في صنعاء، فإقفال باب المندب وتحويل بحر العرب إلى مسرح لمطاردة السفن ليس أمراً طبيعياً أو مقبولاً بعد عقود من التقاء عديد من الدول على محاربة القرصنة والتمسك بإبقاء الممرات آمنة.
منذ تسعينيات القرن الماضي حسم الصراع في القرن الأفريقي لمصلحة الغرب، فشلت محاولات تشكيل جبهة موحدة تضم دول إثيوبيا والصومال واليمن الجنوبي بدعم من الاتحاد السوفياتي، انهارت الأنظمة القائمة في تلك الدول ودبت فوضى القراصنة التي استدعت تدخلات دولية لحماية الملاحة، حضرت أساطيل الدول الكبرى إلى المنطقة وتسابق الجميع على إقامة القواعد العسكرية في جيبوتي حيث تتجاور معسكرات الفرنسيين والأميركيين والصينيين والإسبان والإيطاليين، كل هؤلاء حضروا تحت عنوان حماية حرية الملاحة.
بين التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من القرن الحالي حل تهديد جديد لأمن البحر الأحمر، دخلت إيران المشتبكة مع جيرانها العرب والمتنافسة مع النفوذ الغربي في بازار التنافس، وبدأت إرسال سفنها إلى المياه الدولية، لكن نفوذها الأكبر حققته عبر دعمها الحوثيين الذين انقلبوا على السلطة الشرعية اليمنية وسيطروا على العاصمة صنعاء وبدأوا حرباً أهلية- إقليمية لا تزال قائمة.
عبر الحوثيين حاولت إيران ولا تزال قول كلمتها في شأن أمن البحر الأحمر، ووفرت لها حرب غزة الفرصة لإثبات حضورها طرفاً معنياً في ترتيبات مستقبلية قد تتخذ لإقرار السلام في الممر المائي الدولي.
ما يجري في الجنوب العربي تمارسه إيران في شماله، ففتح جبهة لبنان ضد إسرائيل يشبه فتح جبهة اليمن ضد الملاحة وفي الحالتين تنتظر إيران الاعتراف لها بدور مستقبلي في إقرار التسويات المحتملة، لكن هل ستسير الرياح في اتجاه ما تشتهيه السفن الإيرانية؟
تجري الآن محاولات واتصالات حثيثة من أجل وقف للنار في غزة على شكل هدنات متلاحقة يتخللها إطلاق لسراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية وإسرائيليين محتجزين في غزة منذ عملية "طوفان الأقصى". لم ينته البحث بعد في الصفقة المحتملة، فإسرائيل لن تتخلى عن أهدافها الكبرى في القضاء على "حماس"، و"حماس" تطمح في التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار "مطلق وثابت" وهو ما تعارضه إسرائيل وأميركا.
لا يصاحب البحث عن صيغة لوقف النار في غزة، بحث عن التهدئة في جنوب البحر الأحمر، فيما تنشط الجهود على الجبهة الشمالية من أجل تسوية في لبنان تضمن قيام سلطة تلتزم ضبط الحدود اللبنانية وتتيح لـ"حزب الله" "النزول عن شجرة غزة".
في الهدنة السابقة بين إسرائيل و"حماس" التزم الحزب المذكور وقف عملياته على الحدود اللبنانية، والآن أيضاً، يتوقع منه أن يقوم بالأمر عينه، لكن ماذا لو تأخرت الصفقة أو فشلت من الأساس؟
لم يستنفر تدخل "حزب الله" في الشمال تحركاً عسكرياً دولياً مثلما أثارته هجمات الحوثي في الجنوب العربي، وفيما تجمع التقديرات على أن الحزب يضبط خطواته المساندة لفصائل غزة على إيقاع حربها ومفاوضاتها، بما لا يهدد باشتعال حرب واسعة، إلا إذا بادرت إليها إسرائيل، فإن "المساندة" الحوثية لا يمكنها أن تستمر لأنها تصطدم مباشرة بشبكة المصالح الدولية، فباب المندب ليس مضائق تيران، ومع ذلك أشعل إغلاق تلك المضائق على إسرائيل حرب 1967 الكارثية.
لن ينتظر العالم تسوية في غزة كي يتخلص من أزمة إقفال الممر الملاحي الدولي، ويمكن لنا أن نتوقع دخولاً سريعاً على خط المعالجة من أطراف خارج التحالف الدولي الذي تقوده أميركا لضبط الحوثيين.
الصين وروسيا لن يمكنهما البقاء طويلاً في مقاعد المتفرجين. البلدان يحتاجان في تجارتهما الدولية إلى قناة السويس وباب المندب. وفي أرقام حديثة أن قيمة البضائع الصينية التي تعبر البحر الأحمر تناهز يومياً المليار دولار، فيما تعتمد روسيا على هذا الممر في إيصال صادراتها النفطية إلى الهند والصين.
الروس سبقوا الأميركيين في التعويل على تحرك صيني لإنهاء ما يجري في البحر العربي، كتبت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية أن "الحوثيين يقوضون مبادرة الحزام والطريق الصينية"، لقد أصبح مستقبل المبادرة ومصر واليمن وإيران أعضاء فيها، على المحك. "الحديث لا يدور فقط عن المال، بل وعن السمعة".
المشكلة تطال روسيا في السمعة والمال. "سيصبح النفط الروسي أكثر كلفة بالنسبة إلى الهند والصين وسيتأخر وصوله".
بالنسبة إلى الصين وروسيا مفتاح الحل هو في إيران، هذا اعتراف بقدر ما هو اتهام لطهران بالوقوف وراء الأزمة ودفع الحوثيين إلى إثارتها.
يقول إيغور يوشكوف الخبير في الجامعة المالية للحكومة الروسية وصندوق أمن الطاقة، إن "روسيا ستحاول بوضوح الاتفاق مع إيران كي تنسق طهران مرور الناقلات الروسية عبر قناة السويس والبحر الأحمر"!
إيران "ستنسق مرور السفن الروسية"! ماذا يعني ذلك غير أن إيران هي من يقفل البحر الأحمر؟ الأميركيون طلبوا من الصينيين ضبط إيران كي تضبط الحوثيين. المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أكد أن أميركا دعت الصين إلى موقف إيجابي. فهي لها "تأثير في طهران، ولديها القدرة على إجراء مباحثات مع القادة الإيرانيين لا نستطيع نحن القيام بها".
روسيا تحتاج دفعاً للقيام بدورها في الضغط على حليفها الإيراني، فهي عالقة في المستنقع الأوكراني وتستغل أي إمكانية لإزعاج خصومها في الولايات المتحدة وأوروبا، ولو كان ذلك على حساب أمن البحر الأحمر.
والدفع الذي تحتاج إليه روسيا سيأتي من أصدقائها العرب في مصر والخليج، الذين سيرغبون أن تقوم بدورها مع شريكها الإيراني لا أن تكتفي بالطلب إليه تسهيل مرورها في المضيق الملتهب.
أما الصين التي تحاول بناء رؤيتها الخاصة فوق أزمات العالم، فالوضع بالنسبة إليها يختلف، إنها راغبة في التوسط في تلك الأزمات، لكن قبل ذلك عليها النظر في وضع تجارتها العالمية ومشروعها الطموح: الحزام والطريق. ففي إطار هذا المشروع استثمرت كثيراً في مصر ومرافئها، وبنت أبراج العاصمة الإدارية ووسطها، والآن أصبحت الموانئ المصرية شبه فارغة.
في الخلاصة، لم يعد ربط هجمات البحر الأحمر بمعركة غزة كافياً ومقنعاً، لقد تحرك الغرب عسكرياً وهو ينتظر الآن ما سيفعله الروس والصينيون مع مدير المعركة الإيراني.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر غزة روسيا الصين البحر الأحمر فی غزة
إقرأ أيضاً:
من المدن المتألقة إلى الشواطئ الواسعة
يظهر جيل جديد من المساكن المميّزة التي تتغيّر أجواؤها بحسب الإطلالة، وتمتدّ من مدينة دبي الحيوية إلى ساحل البحر الأحمر الغنيّ بالشعاب المرجانية في المملكة العربية السعودية.
لا تزال جميع هذه المساكن قيد التطوير، ويشعر الضيوف فيها بأنهم جزء من البيئة المحيطة، إذ تتميّز بإطلالات بانورامية، مساحات معيشية يغمرها الضوء الطبيعي، وتصاميم مُنسجمة مع المساحات الخارجية.
يضم كل مسكنٍ تراسات واسعة، منصّات مظلّلة، وباحات ينساب فيها النسيم العليل، ليشجّع السكان على قضاء أوقات لا تُنسى في الهواء الطلق. لكن المناظر وحدها لا تختصر روح المساكن التي تنفرد بتصاميم مدروسة توقظ المشاعر وتشجّع على التفاعل مع الطبيعة. في ما يلي، سنستعرض ستّة مشاريع مميّزة، حيث تصبح الإطلالة جزءاً لا يتجزّأ من تجربة المعيشة.
مساكن لاحق، البحر الأحمر
تحتضن جزيرة لاحق المتكاملة الفريدة شعاباً مرجانية رائعة، شواطئ رملية بيضاء، ومياهاً صافية متلألئة، فتقدّم تجربة استثنائية لجميع الأعمار على مساحة 400 هكتار.
وتُعتبر الجزيرة السكنية الأولى من نوعها في وجهة البحر الأحمر، حيث تتيح تملّك وحدات سكنية في قلب الطبيعة الخلابة. تتميّز المنازل بإطلالات مفتوحة على المياه المتلألئة والنباتات الساحلية الأصلية، ويقع معظمها حول البحيرة الشاطئية في وسط الجزيرة، في تصميم يحمل اسم “الحلقة”، وهي دائرة يبلغ قطرها 800 متر تضمّ شققاً، فنادق، ومتاجر فاخرة. أما باقي المنازل، فتتوزّع في أنحاء الجزيرة وتوفّر إطلالات مذهلة على البحر. كما تضمّ الجزيرة ميناءً يحتوي على 115 مرسى يستقبل القوارب بمختلف أحجامها.
تولّت شركة فوستر آند بارتنرز تصميم هذا المشروع المميّز الذي يتمحور حول “الحديقة الأزلية”، وهي مساحة خضراء نابضة بالحياة تشمل مناطق مظلّلة بخيم بيرغولا، باحات هادئة، ومنصّات واسعة. يقدّم مشروع لاحق تجربة إقامة غامرة تكتمل مع الإطلالات الآسرة على أشعة الشمس المنعكسة على سطح الماء في الصباح، الميناء وحركة القوارب فيه، والنباتات المحلية الغنّاء التي توفّر أجواءً من الهدوء.
مشروع ذا شيدي برايفت ريزيدنسز، دبي
يقع مشروع ذا شيدي برايفت ريزيدنسز على طريق الشيخ زايد، ويتكوّن من عدّة طوابق تضمّ منازل واسعة بتراسات مميّزة تطلّ على أفق دبي والخليج العربي. وتتيح هذه التراسات، إلى جانب النوافذ الممتدة من الأرض حتى السقف، فرصة مثالية للاستمتاع بمناظر المدينة والساحل. يحمل تصميم البرج بصمة استوديو برونو غيلاف، ويجمع بين الواجهات الزجاجية الأنيقة والتفاصيل الداخلية البسيطة. وفي الطوابق العليا، تظهر شقق الدوبليكس والبنتهاوس، حيث تتوفّر مسابح خاصة ومساحات خارجية للترفيه تشرف على إطلالات رائعة. هنا، تعكس المشاهد المحيطة هوية دبي المزدوجة، بين المدينة العصرية النابضة بالحياة والمناطق الساحلية الهادئة، بين حيوية الحياة اليومية وسكون الطبيعة.
شورى آيلاند ريزيدنسز، البحر الأحمر
قريباً، سيتم افتتاح 305 مساكن في جزيرة شورى، لترسي معياراً جديداً للحياة الساحلية في المملكة. وتجتمع في هذا المشروع أسماء مرموقة مثل فور سيزونز، جميرا، إس إل إس، وميرافال، إلى جانب شورى مارينا ريزيدنسز التابعة للبحر الأحمر الدولية، لتصميم منازل فريدة تضم مساحات خارجية واسعة تشجّع السكان على البقاء في الهواء الطلق طوال اليوم، ليتأمّلوا الإطلالات الخلابة على الشعاب المرجانية، ملاعب الجولف، واليخوت الأنيقة التي تتهادى في المرسى.
تضيف التراسات الرحبة، الباحات الخضراء، والمسابح الواسعة لمسة مميزة على تجربة العيش في الهواء الطلق، بينما يوفّر التصميم الذكي من شركة فوستر آند بارتنرز أقصى درجات الخصوصية، حيث يسمح بانسياب النسيم العليل إلى داخل المنازل بكل سلاسة.
ريزيدنسز دو بورت، دبي مارينا
تقع مساكن ريزيدنسز دو بورت مباشرة على الواجهة البحرية، وتوفّر إطلالات رائعة على المياه النقية، أفق دبي المميز والممشى القريب. تم تصميم كل مسكن ليستفيد بالكامل من موقعه، حيث ينفتح على شرفة مشمسة وتزيّنه نوافذ كبيرة تمتد من الأرض إلى السقف وتتيح للسكان مشاهدة دبي مارينا من كل الزوايا. تتمتّع المساكن بتصميم معماري مفتوح وفاخر يغمره الضوء الطبيعي، إذ استوحِي من شكل اليخوت الكلاسيكي. وأُضيفت إليها اللمسات النهائية الراقية والتراسات الواسعة المطلة على الميناء، ليشعر المقيمون وكأنهم يسترخون على شواطئ الريفييرا.
منتجع نجومه التابع لريتز-كارلتون ريزيرف، البحر الأحمر
يتمركز منتجع نجومه على أطراف جزيرة أمهات وسط أجواء من الهدوء والخصوصية، ويطلّ على المياه الصافية المتلألئة والشواطئ الرملية الخلابة. يضم المشروع 21 فيلا فاخرة تقع في أماكن مختارة بعناية لضمان أكبر قدر من الخصوصية، وتحيط بها الطبيعة من كل جانب. الهدف الأساسي منها هو أن يستمتع السكان بتجربة استرخاء تام في مكان يعمّه السلام والهدوء.
يمكن الوصول إلى المساكن فقط بالقوارب أو الطائرات البحرية، وتوفّر إطلالات بانورامية على الجمال الطبيعي، خاصة عند شروق الشمس فوق الشعاب المرجانية وغروبها خلف المياه الصافية. ينتمي هذا المنتجع إلى مجموعة ريتز-كارلتون ريزيرف، ويوفّر للضيوف تجربة فاخرة ونادرة، حيث تأسرهم المشاهد الخلابة وتولّد بداخلهم أجمل المشاعر.