اشتهر المخرج المصري أحمد فوزي صالح بتركيزه على قصص الفقراء وتسليطه الضوء على حياتهم في الأحياء الشعبية. فبعد تخرجه من المعهد العالي للسينما في 2009، شارك باحثا وكاتبا في العديد من الأفلام الوثائقية، وقبل تخرجه أخرج فيلمه القصير "موكا"، ثم حمل فيلمه الوثائقي الأول في عام 2010 اسم "جلد حي"، والذي تناول فيه حياة الفقراء، وفاز عنه بعدة جوائز.

وفي عام 2018، عرض فيلمه الروائي الأول "ورد مسموم" في مهرجان "روتردام" السينمائي الدولي، وحصد 17 جائزة من المهرجانات الدولية والمحلية، أهمها 3 جوائز من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وقبل أسابيع، قدم صالح مسلسل "بطن الحوت" من بطولة محمد فراج وباسم سمرة وسماح أنور وأسماء أبو اليزيد، ليتصدر نسب المشاهدة.

الجزيرة نت حاورت المخرج الشاب الذي انتقل إلى إخراج التلفزيوني بعد نجاحه في السينما التسجيلية بأفلام "جلد حي" و"ورد مسموم" و"حكاية شادية وأختها".

تنتمي قصة مسلسل "بطن الحوت" إلى الواقع والتاريخ في الوقت نفسه.. كيف بلورت هذه الفكرة؟

تدور قصة مسلسل "بطن الحوت" حول الشقيقين هلال (باسم سمرة) وضياء (محمد فراج)، والتي سمعتها في منطقة مصر القديمة. ويؤكد سكان المنطقة أن قصة مشابهة قد حدثت بالفعل. كنت أفكر أيضا بقصة قابيل وهابيل أثناء عملي على المسلسل.

هي قصة من التراث الإنساني، وكان المنشدون يروون قصصا وحكايات شعبية عن صراع الشقيقين، وحتى في رواية "الحرافيش" للكاتب نجيب محفوظ، نجد قصة خضر الناجي وشقيقه، وبالتالي فالقصة موجودة في مساحة عميقة من النفس البشرية منذ قديم الأزل.

لماذا استعنت بعدد كبير من ضيوف الشرف وهل استخدمت أسماءهم للجذب فقط؟

الاعتماد على ممثلين محترفين يختلف في الدراما عن أشخاص ينتمون لواقع الفيلم التسجيلي، لكن لكل حالة صعوباتها الخاصة. في الأعمال التسجيلية أقوم بتوجيه الأبطال حتى وإن لم يكونوا ممثلين، أما في الدراما، فالممثل المحترف يحمل عبئا كبيرا، حيث ينبغي أن يمثل بشكل ينقل من خلاله المشاعر الخاصة بالبطل الحقيقي الذي ينتمي للقصة بكل تفاصيلها الإنسانية.

الحقيقة أن الصعوبة الأساسية هي أنني لا أسعى لتقديم منتج مسلٍ، بل أطرح أفكارا وأسئلة، وأحاول أن أخرج عالم الهامش إلى صدارة المشهد، دون أن أقع في فخ تنميط الشخصيات، أو حتى إصدار أحكام عليهم، لأن الشرط الأهم هو أن أقدمهم كبشر لهم اختياراتهم الإنسانية.

أبطال المسلسل المصري "بطن الحوت" (مواقع التواصل الاجتماعي)

استخدامي للنجوم في الجذب للعمل، فهو غير حقيقي، لأنه لم يتم الاستعانة بهم في المقطع الترويجي، بل يظهرون فجأة في الحلقات، فالغرض فني بحت سواء وفقت أو لم أوفق في اختيارهم، لكني كنت منذ البداية أدرك أنني أقوم بصنع عالم غير مألوف وغير اعتيادي بالنسبة للجمهور.

هناك قواعد خاصة بالأحداث في المسلسل، فمثلا حين دخل هلال السجن، وطلق ورد (أسماء أبو اليزيد) ليتزوجها ضياء، لابد للشخص الذي يقدم هذا الدور أن يكون موجودا في ذاكرة الجمهور، وبالتالي لا بد من اللجوء إلى ممثل يعرفه الجمهور جيدا، كي لا يستغرب المشاهد، فالمشاهد كان بحاجة لأيقونة تظل عالقة وحاضرة في ذهنه.

لعل وظهور الممثل الشاب أحمد داش في بداية الأحداث، ثم قتله هو تأكيد للمتفرج أنه سيدخل عالما غير معتاد، لذلك لن يتعجب إذا اختفى هلال من الأحداث بدخوله السجن، أو حتى قتل ضياء في إحدى الحلقات.

يقولون إنك وظفت بعض ضيوف الشرف في أدوار غير مناسبة. ما رأيك؟

أما عن الاستعانة ببعض الفنانين في شخصيات لا تلائمهم ومنهم تامر حبيب، فأستطيع أن أؤكد بأن المخرج ليس مطالبا بأن يقدم مبرراته، وبأنه من الأسهل أن يقدم شخصية المعلم من دمياط شخص وبمواصفات محددة حيث يكون ضخما ويرتدي الجلابية، لكني أرغب في أن يجسد الشخصية وجه ملون لأن أغلب الوجوه في المسلسل هي وجوه مصرية أصيلة، والشخصية في المسلسل لرجل جبان لا يقتل ويشعر بالخوف من أقل التفاصيل، فليس شرطا أن من يقوم بأعمال إجرامية أن يظهر وكأنه يخرج النيران من فمه.

الملصق الدعائي للمسلسل المصري "بطن الحوت" (الجزيرة)

في النهاية، النقد سلبا أو إيجابا هو دليل على نجاح العمل، لأن النجاح هو إثارة الجدل، فلست واعظا أخلاقيا ولا أقدم مسلسلات تربوية وأخلاقية، فأنا أسعى لخلق جدل مع المجتمع ومع الناس وهو ضرورة الفن واستمرار المشاهدة هو نجاح".

كيف اخترت موقع التصوير والديكور؟

أرفض تقديم الأماكن الشعبية والأشخاص المهمشة بصورة نمطية، أو أن أجعلهم يتحدثون بلكنة معينة، وفي مسلسل "بطن الحوت" لا أطلق الأحكام على الشخصيات، إجمالا، بل أضعهم أمام مرآة، والمثال على ذلك شخصية ضياء، الذي كان في بداية الأحداث شديد الطيبة، ثم هلال وهو نموذج للشر المطلق، لكن الظروف والدوافع هي التي صنعته، والتي لو وضع بها أي شخص آخر سيرتكب الجرائم نفسها.

أنا أؤمن أن البيئة الاجتماعية والاقتصادية تتشابك لخلق مجرم، وبالتالي لو اخترت مكان التصوير قصرا، وتحول ساكنه إلى مجرم، فالإدانة هنا ستكون نفسية، لأن الشخص الذي تتوفر له كل سبل الحياة ويختار عالم الجريمة، يستحق الإدانة.

وعلى العكس في مشاهد الأكشن والعنف، أنا أعتبرها ضرورة درامية فقط، ولكني لست مشغولا بأن أصبح منافسا في إخراج الأكشن، لأن ما يهمني هو الفكرة التي أقدمها، ولذلك أصورها بنفس طريقة المشاهد الأخرى لتكون منسجمة مع العالم الذي صنعته في الحكاية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بطن الحوت

إقرأ أيضاً:

بالدليل العلمي.. أحمد كريمة يحسم الجدل حول ضريح السيدة زينب في القاهرة

سلط الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، الضوء على الجوانب العلمية والفقهية في شخصية السيدة زينب، رضي الله عنها، ودورها كقدوة في بناء الوعي الديني والأسري.

وأكد "كريمة"، خلال لقائه مع الإعلامي أشرف محمود، ببرنامج "الكنز"، المذاع على قناة "الحدث اليوم"، على أن تميز السيدة زينب لم يقتصر على الصبر والثبات الإنساني، بل امتد إلى الفتوى والعلم، قائلاً: "فطرتها وعلمها، لأنها كانت عالمة بالتفسير القرآني وكانت عالمة بالحديث".

وذكر الدكتور أحمد كريمة واقعة تؤكد سعة علم السيدة زينب، حيث اجتمعت مرة مع أخويها، الإمامين الحسن والحسين، وتذاكروا حديثًا جليلًا رواه النعمان بن بشير (أخرجه البخاري لاحقاً)، وهو: "الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور متشابهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، وعلقت السيدة زينب على الحديث بتفصيل بالغ، حيث قالت: "يا حسن يا حسين، إن الدين يقوم على ثلاثة أشياء: الحلال والحرام ومشتبه بين الحلال والحرام، يجب على المسلم أن يجتنب الشبهات وإلا وقع في الحرام".

ولفت إلى أنها كانت تروي الأحاديث بسند، حيث روت عن أمها السيدة فاطمة الزهراء وعن أبيها الإمام علي، رضي الله عنهم.

وفي محاولة لإدخال البهجة بعد ذكر الأحداث الأليمة، روى الدكتور أحمد كريمة واقعة لطيفة حدثت بين النبي صلى الله عليه وسلم وحفيدته الصغيرة، والتي كانت تحمل لقب "اللبيبة العاقلة القوية الشديدة" (الذي هو معنى اسم زينب)، حيث ذهبت السيدة فاطمة بالنبيبة زينب (التي لم يتجاوز عمرها خمس سنوات) إلى جدها النبي صلى الله عليه وسلم، وأجلس النبي عليه الصلاة والسلام السيدة فاطمة عن يمينه، وكانت زينب تلعب، ونظرت زينب إلى جدها وقالت شيئاً (مكرراً ثلاث مرات) في كل مرة يجيبها النبي بـ"نعم"، وفي المرة الرابعة قال لها: "لا"، وسألت السيدة فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم عن سرّ قوله: "ثلاث مرات نعم والرابعة لا"؛ فأجاب النبي: "في المرة الأولى قالت: أنا الرئيسة، قلت لها نعم. قالت: أنا المشيرة، قلت لها نعم. قالت: أنا رئيسة الديوان فيما بعد، قال لها نعم؛ قالت: أنا لي الشفاعة، قال لها: لا، الشفاعة إنما لي".

وأشار إلى أن هذه الواقعة النبوية كانت بمثابة نبوءة ودعم لعملها المستقبلي، موضحًا أن السيدة زينب تزوجت ابن عمها عبد الله بن جعفر، وأنجبت أربعة منهم عون ومحمد اللذان استشهدا مع الإمام الحسين في كربلاء، وبعد قدومها إلى مصر، تحققت نبوءة جدها فيها، حيث كان مسلمة بن مخلد (الوالي) يعقد مجلس الديوان في دارها التي أقامتها له، وكان وجهاء وأعيان مصر يترددون عليها للمشورة، فتحقق فيها أنها "المشيرة ورئيسة الديوان"، ولُقِّبت بـ"أم هاشم" وهذا اللقب يعود إلى جدها هاشم بن عبد مناف، الذي كان مشهورًا بالكرم والسخاء، فاشبهت جَدَّها في الكرم والجود، ولذلك اشتهرت بـ"أم العواجز"، إذ كان دارها مأوى لكل مريض وضعيف وفقير.

وأكد بناءً على دراسات علمية، أن الجسد الطاهر للسيدة زينب الكبرى، ابنة الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء، هو الذي يرقد في الضريح العامر بمدينة القاهرة في ميدان السيدة زينب الحالي، نافيًا وجود خلط مع زينب الصغرى المدفونة في سوريا، مشددًا على أن زينب الكبرى هي نزيلة الديار المصرية.

ولفت إلى المظالم التي تعرض لها آل البيت، مؤكدًا على ضرورة حبهم، وأنهم قد نالوا الأذى من قبل السياسات الأموية والعباسية، مشددًا على أن حب آل البيت فرض، مستدلاً بالآية الكريمة: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}.

مقالات مشابهة

  • نوران ماجد: تعرضت للظلم بمسلسل عباس الريس.. ودوري مفاجأة في أولاد الراعي
  • نوران ماجد: تعرضت للظلم في مسلسل عباس الريس ودوري مفاجأة في أولاد الراعي
  • ياسر جلال يشارك تجربته الأولى في تصوير مشهد من مسلسل كلهم بيحبوا مودي
  • نقابة المهن التمثيلية تنعي الراحل نبيل الغول
  • فيديو محمد صلاح يشعل الجدل.. أول تعليق من أحمد السقا
  • بعد الجدل.. أحمد السقا: مش مختل عشان أخاطب إدارة ليفربول
  • بعد غياب طويل.. يوسف الشريف يعود لجمهوره بـ فن الحرب
  • حرب تصريحات بين بين شوبير وأحمد حسن: الاتهامات بالتلقيح والشخصنة تثير الجدل
  • من خارج هوليود.. أفضل المسلسلات غير الأميركية لعام 2025
  • بالدليل العلمي.. أحمد كريمة يحسم الجدل حول ضريح السيدة زينب في القاهرة