لماذا اختارت الإمارات التوقيت الحالي لتعيين أول سفير لها في دمشق بعد الثورة؟
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
أثار تعيين الإمارات لأول سفير لها في دمشق للمرة الأولى منذ القطيعة العربية مع النظام السوري عقب اندلاع الثورة في العام 2011، تساؤلات لجهة توقيت الخطوة التي جاءت متزامنة مع الأنباء عن اتخاذ الرياض الخطوة ذاتها قريبا.
وأكدت مصادر إخبارية رسمية أن السفير الإماراتي الجديد حسن الشحي قدم أوراق اعتماده لوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في مقر وزارة الخارجية الثلاثاء، سفيراً مفوضاً وفوق العادة لبلاده.
ورغم أن الإمارات كانت قد افتتحت سفارتها في دمشق أواخر العام 2018، بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام، إلا أن أبو ظبي لم تعين سفيراً لها، حيث كان يتولى القائم بأعمال السفارة عبد الحكيم النعيمي مهام بعثة بلاده الدبلوماسية في دمشق.
ومع الخطوة الإماراتية، رشحت أنباء عن زيارة قريبة يجريها رئيس عربي لدمشق، وسط ترجيحات أن يكون رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
قراءة في توقيت الخطوة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي في حديث لـ"عربي21"، أن الخطوة تؤشر إلى رغبة الإمارات بالقيام بدور في المنطقة، يوازي الدور السعودي والقطري.
وقال إن الإمارات اختارت الملف السوري لتعيد ثقلها السياسي في المنطقة، مستغلة عدم وقوفها بشكل جاد ضد النظام السوري، ودورها في إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية.
وبحسب علاوي فإن الإمارات التي تتواصل بشكل مباشر ومستمر مع النظام السوري، ترى أن المنطقة مقبلة على تسويات، منها الملف السوري، ولا بد أن يكون لأبوظبي مشاركة فيها.
أما الكاتب باسل المعراوي، يصف الخطوة بـ"الطبيعية" بعد إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، ومشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد في القمم العربية الأخيرة.
ويقول لـ"عربي21": "بعد ما جرى، لا أهمية للخطوات الدبلوماسية اللاحقة، الأهم أن قرار إعادة النظام السوري العربي إلى المحيط العربي قد اتُخذ".
أما عن التوقيت، فيربط المعراوي بين التطورات التي تشهدها المنطقة على خلفية العدوان على غزة، وبين الخطوة الإماراتية والسعودية، وقال موضحا: "النظام يريد الحياد إزاء ما يجري في غزة، ويبدو أن الإمارات تريد مساعدة النظام للاستمرار في هذا الحياد".
ماذا بعد تعيين السفير؟
وكان لافتا تسمية الشحي سفيرا فوق العادة للإمارات، وعن ذلك يقول الباحث والخبير الاقتصادي يونس الكريم، إن صفة السفير الجديد تساعد على تسريع اتخاذ القرارات في العلاقات بين النظام والإمارات، ويمكن حصرها فوائدها للنظام بتسيير شؤون الجالية السورية "الكبيرة" في الإمارات، ومجال الاستثمار، لكنها قد تضيق على النظام على اعتبار أن السفير الجديد سيكون المراقب لتنفيذ خطوات التطبيع المطلوبة من الأسد عربيا.
ولا يستطيع السفير الجديد اتخاذ القرارات الهامة، أي زيادة الاستثمارات الإماراتية في سوريا، على حد تأكيد الكريم لـ"عربي21"، مضيفا: أن "الإمارات والسعودية مهتمة اليوم بالحرب على المخدرات، وقد يشرف السفير على خطوات النظام الخاصة بمكافحة وملاحقة تجار المخدرات في سوريا".
إلى جانب ذلك، سيتولى السفير مهمة الإشراف على الدعم المقدم من بلاده للنظام في إطار مشاريع التعافي المبكر، كما يقول الباحث الاقتصادي، معتبراً أن "النظام لن يكون سعيداً بهذه المهمة".
خطوة سعودية مماثلة
من جهته، كشف المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابع للنظام عمر رحمون، عن اتخاذ الرياض خطوة مماثلة الأسبوع القادم، أي وصول القائم بالأعمال السعودي إلى دمشق، وقال لـ"عربي21": إن "الخطوة الإماراتية تمهد لعودة كل السفراء العرب إلى دمشق".
وأضاف رحمون أن كل ما يجري يؤشر إلى عودة العلاقات العربية مع دمشق إلى شكلها السابق، قبل "العشرية السوداء"، معتبراً أن "ذلك جاء نتيجة تسوية الوضع الميداني وإعادة سيطرة الدولة على أراضيها، إلى جانب التطورات السياسية، بالتالي نحن أمام صفحة جديدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإمارات دمشق النظام السوري السعودية الإمارات دمشق النظام السوري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی دمشق
إقرأ أيضاً:
بعد 43 سنة بسجون الأسد.. الطيار السوري الططري يتنفس هواء الحرية بدمشق
دمشق - بعد أكثر من أربعة عقود قضاها خلف القضبان في سجون نظام حافظ الأسد ثم ابنه بشار، خرج الطيار السوري السابق رغيد أحمد الططري (70 عامًا) إلى النور أخيرًا، ليعيش لحظة لم يكن يتخيلها يومًا، ألا وهي أن سوريا باتت وطنًا حرًا ينتمي إليه بحق، لا سجناً كبيرًا تحكمه قبضة أمنية.
جرى اعتقال الطيار الططري، في 1981 بتهمة "التحريض على عدم تنفيذ الأوامر العسكرية"، وهي تهمة كانت تكفي آنذاك لدفن أي إنسان في غياهب المعتقلات لعقود من الزمن.
وجرى الإفراج عنه في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، يوم سقوط النظام السوري وفرار بشار الأسد إلى خارج البلاد.
وفي ذلك اليوم بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي حديث للأناضول، روى الططري، بصوت مشوب بالعاطفة وذاكرة مثقلة بالقهر، ما عاشه طيلة تلك السنوات، وما شعر به حين دقت لحظة الحرية بعد 43 سنة في السجن.
وأضاف: "في ذلك الزمن، لم نكن نملك الوعي السياسي الكامل، لكن كنا نعرف الظلم ونتحدث عنه، حتى لو لم يكن لدينا أدوات التعبير. كان ما نراه من ظلمٍ صريح يدفعنا إلى رفضه علنًا، وهذا ما لم يكن مقبولًا لدى النظام".
وأضاف الططري بأسى: "قضيت أجمل سنوات عمري في الزنازين. السجون مثل تدمر وصيدنايا كانت مقابر للأحياء، ومع ذلك لم أتخلَّ عن ذاتي، ولا عن قناعاتي".
وتحدث عن مدينة حماة (وسط) بوصفها "رمزًا للقمع في ذاكرة السوريين"، مشيرًا إلى أن المأساة لم تكن حكرًا على مدينة بعينها.
وقال: "ما جرى في حماة عام 1982 لم يكن إلا جزءًا من مأساة وطن. نفس الألم سكن حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب) و(العاصمة) دمشق وحمص (وسط)".
وتابع: "فقط ما ميز حماة أن المعركة هناك حُسمت بدموية كبيرة وأبيدت قوى المعارضة المسلحة آنذاك، ولهذا علِق اسمها في الذاكرة بوصفها كانت ساحة لمجزرة حماة".
وعن لحظة الإفراج عنه، استعاد الططري تفاصيل اليوم الذي غادر فيه سجن صيدنايا (محافظة ريف دمشق) وتوجه إلى مدينة طرطوس (شمال غرب)، ومنها إلى دمشق.
وقال: "خرجت من السجن ووجدت الناس ترفع أعلام الثورة وتغني للحرية. كانت الشوارع تعج بالفرح. وعندما وصلت إلى دمشق، شعرت بشيء لم أختبره من قبل. شعرت أنني في وطني. لأول مرة أحس أن هذه الأرض لي، وليست سجناً يُدار بعقلية الاحتلال".
الططري، الذي قبع لسنوات طويلة أيضًا في سجن تدمر (محافظة حمص) ذي السمعة السيئة، قبل أن يجري نقله لاحقًا إلى سجن صيدنايا المعروف باسم "المسلخ البشري"، أكد أن فرحته الشخصية لم تكن تضاهي فرحة الناس بانهيار النظام.
وقال: "كان الناس يحتفلون وكأنهم خرجوا من سجن جماعي. كانت نظراتهم تحمل من السعادة ما لم أره من قبل. ربما كان خروجي بعد 43 سنة أمرًا مؤثرًا، لكن حرية الوطن كانت أبلغ بكثير".
وفي حديثه عن مجريات عام 2024، قال الططري: "كان عامًا تحولت فيه الأحلام إلى واقع. نعم، مررنا بكثير من الإحباطات خلال الثورة، لكن الشعب نهض مجددًا".
وأردف: "عندما تم تحرير حلب لم نصدق في البداية. ظننا أن الأمر خدعة. ثم سقطت حماة، وفُتحت السجون، وهنا أدركنا أن المشهد يتغير فعلاً".
وعن الدرس الأهم الذي تعلمه خلال سنوات اعتقاله الطويلة، قال الطيار السوري: "ما خرجت به من تلك المحنة أن الإنسان لا يملك في الحياة شيئًا أثمن من نفسه. أنا لست نادمًا لأني لم أتنازل عن ذاتي رغم كل ما تعرضت له من تعذيب. حافظت على قراراتي وعلى جوهري. وهذا هو جوهر الحرية الحقيقية أن تكون سيد قرارك، وأن لا تنكسر".