«بوليتيكو» تسلط الضوء على الأزمة بين تكساس وإدارة بايدن
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
يهدد خلاف على أميال من الأسلاك الشائكة على حدود ولاية تكساس الأمريكية مع المكسيك بتغيير العلاقة بشكل كبير بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات بشأن مسائل إنفاذ قوانين الهجرة، بحسب ما ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وبعد أن أصدرت المحكمة العليا الأمريكية أمرا، يوم الاثنين الماضي، بالموافقة على طلب وزارة العدل بإزالة السلك المثبت من قبل ولاية تكساس، المصمم لمنع المهاجرين من العبور إلى تكساس، انفجر الخلاف بين سلطات الولاية والسلطات الفيدرالية وأصبح رأيا عاما.
كما أدلي حاكم تكساس الجمهورى جريج أبوت، بتصريحات يتحدى فيها السلطات الفيدرالية ودعمه العديد من زملائه فى الحزب الجمهورى فى جميع أنحاء البلاد.
وكانت النتيجة تصعيد النزاع إلى أزمة سياسية ودستورية محتملة دون نهاية تلوح فى الأفق، وفقا للصحيفة.
ويجادل أبوت بأن تكساس لديها الحق الدستورى فى الدفاع عن نفسها من ما وصفه بـ"غزو" المهاجرين ويدعى أن تكساس هى السلطة الأعلى فيما يتعلق بأمور الولاية وتحل محل أى قوانين فيدرالية على عكس ذلك.
كما قال إن تكساس ستستمر فى وضع الأسلاك الشائكة على طول الحدود، على الرغم من حكم المحكمة العليا.
وأصدر الحكام الجمهوريون فى جميع أنحاء البلاد بيانا لدعم أبوت. وقدم الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الذى يركز حملته الانتخابية فى عام ٢٠٢٤ على فكرة أن الولايات المتحدة فقدت السيطرة على حدودها، دعمه الصريح أيضا.
وبدأت جذور الأزمة فى أواخر العام الماضي، بعد أن قامت تكساس بتركيب أسلاك شائكة على طول ما يقرب من ٣٠ ميلا من الأرض على الجانب الأمريكى من نهر ريو جراندى كجزء من جهود الولاية لمكافحة ما يقول المسئولون إنه تدفق مستمر للهجرة غير الشرعية فى ظل إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن.
وقام العملاء الفيدراليون المكلفون بدوريات على الحدود بتعطيل هذا السلك كجزء من عملهم، والذى يتضمن تقديم المساعدة للأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود والذين قد تكون حياتهم فى خطر، بحسب الصحيفة.
ثم رفعت تكساس دعوى قضائية فى محكمة فيدرالية، مدعية أن عملاء فيدراليين انتهكوا قانون الولاية بتعطيل هذا السلك.
وفى منتصف ديسمبر، انحازت محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة إلى تكساس وأصدرت أمرا قضائيا يمنع العملاء الفيدراليين من قطع أو تحريك السلك ما لم يكن ذلك ضروريا لمعالجة "حالة طبية طارئة".
ثم ذهبت وزارة العدل مباشرة إلى المحكمة العليا فى وقت مبكر من هذا العام وطلبت منها إصدار حكم ضد هذا الأمر القضائي. وأصدرت المحكمة العليا، يوم الاثنين الماضي، أمرا بالموافقة على طلب وزارة العدل.
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار المحكمة العليا كان من المفترض أن ينهى الأمر بينما تستمر قضية تكساس فى شق طريقها عبر المحاكم وفقا لجدول زمنى محدد. ولكن هذا ليس ما حدث.
وفى الأيام الأخيرة، ادعى بعض المراقبين أن تكساس تعصى أو تتحدى أمر المحكمة العليا، لكن هذا ليس صحيحا تماما، على الأقل من وجهة نظر فنية.
أمر المحكمة يسمح فقط للحكومة الفيدرالية بقطع أو تحريك السلك الشائك الذى وضعته تكساس، ولا يوجه تكساس للتوقف عن تركيب السلك أو القيام بأى شيء آخر، وفقا للصحيفة.
وفيما يتعلق بالجانب القانونى من هذه القضية، فإن موقف أبوت، وهو أن له الحق من جانب واحد فى تجاهل القانون والسياسة الفيدرالية لأنه قرر أن هناك ما اعتبره بـ"غزو" على الحدود، مشكوك فيه للغاية، إن لم يكن خاطئا بشكل واضح، فى ظل الوضع الحالى من القانون، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن ذلك لأن المحكمة العليا رأت مرارا وتكرارا أن سياسة الهجرة وإنفاذها هى مسائل يجب أن يعهد بها إلى حد كبير، إن لم يكن بالكامل، إلى الحكومة الفيدرالية.
كما لا توجد سلطة قانونية ذات مغزى لدعم ادعاء أبوت بأن لديه سلطة استبدال القانون الفيدرالى لأنه يعتقد أن هناك غزوًا على الحدود.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تعانى حاليا من عدم الاستقرار والتغيير الدستوري، ويرجع الفضل فى ذلك إلى حد كبير إلى التغييرات فى عهد ترامب للقضاء الفيدرالى والأغلبية العظمى المحافظة من القضاة الذين نصبهم ترامب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: تكساس المكسيك المهاجرين المحکمة العلیا
إقرأ أيضاً:
اقتصاديات المحافظات.. وإدارة المخاطر المستقبلية
د. عبدالله باحجاج
يكثُر الحديث هذه الأيام عن الاتفاقية الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند، والتي من المتوقع التوقيع عليها خلال الأيام القليلة المقبلة، وفي الوقت الذي ترى فيه جهات حكومية هذه الاتفاقية مكسبًا لبلادنا، وأن نيودلهي شريكًا اقتصاديًا موثوقًا، يرى كذلك بعض أعضاء مجلس الشورى الذين اتصلتُ بهم بعد مناقشاتهم الاتفاقية داخل مجلس الشورى أن هذه الاتفاقية حتمية لبلادنا؛ كون الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، وعدد سكانها يفوق 1.4 مليار نسمة، وتمتلك قوة عسكرية ومالية وتقنية ضخمة، وأن بلادنا لا بُد لها من شريك استراتيجي، كما إنهم يسلمون بمنطق الإيجابيات والسلبيات في أي اتفاقيات؛ لأنها ناتجة عن تنافس المصالح وتلاقيها، وكل طرف للآخر، وقوة المفاوض وحُججه.
إلّا أن الموقف الشعبي ونخب وطنية ترى في بعض عناصر القوة الهندية- كالاقتصادية والسياسية الديموغرافية- تحديات متعددة؛ فخلال العِقد الأخير، برزت الهند بنزعة قومية هندوسية تؤثِّر على سياساتها الداخلية والخارجية، وهو قلق شعبي شرعي ليس في جانبه الأيديولوجي فحسب، وإنما كذلك من نواحٍ عديدة. ولا نقف هنا ضد الاتفاقية بعد أن أصبحت نافذة على ما يبدو، وإنما ينبغي إدارة هواجسها ومخاوفها بحيث نُعظِّم الإيجابيات ونُحيِّد السلبيات قدر الإمكان. ومن بين هذه الإدارات عقد ورش مع القطاع الخاص في مختلف المحافظات؛ لتعريفه بحجم الاستفادة وكيفيتها، وإعداد الأُطر والكوادر الرقابية لنسبة التعمين المُتفق عليها في الاتفاقية؛ وهي 51% مع عدم سريانها بالأثر الرجعي، كما هو مُتفق في الاتفاقية كذلك؛ بحيث إذا كانت هناك شركات هندية في بلادنا قد تجاوزت نسبة التعمين 51%، فلا يحق لها الاستفادة من نسبة 51% الجديدة.
وكذلك مراعاة النسبة المئوية لعدد الوافدين من حجم سكاننا، على أن لا تتجاوز 45% حتى لا ندخل في خللٍ سكاني مُقلق، مع مراعاة النمو السكاني لكل جنسية في بلادنا، ويمكن إدارتها كذلك من منظور سياسة توازن الشراكات؛ فبلادنا يتعين عليها الدخول في شراكات مماثلة مع دول شقيقة خليجية وصديقة إقليمية وعالمية، مثل تركيا وباكستان ودول شرق آسيا، مثل الشراكات مع الهند وأمريكا وسنغافورة؛ لأن موقع سلطنة عُمان الجيوسياسي يجعلها بوابة لأسواق الشرق والغرب، ويتعين على أي دولة أن تسعى لموضع قدم في عُمان، إذا ما كان لها طموحات في مراكز اقتصادية عالمية أو مؤثرة، ومن خلال هذه الشراكات يُمكن تقليل المخاطر من الاتفاقية الهندية أو أي اتفاقية تجنح نحو الاعتماد المفرط عليها.
لكن، ومهما تعددت جنسيات الشراكات الاقتصادية مع بلادنا، وتعاظمت منافعها، فإنَّ الحل الضامن لتحقيق الأهداف الاقتصادية ذات الأبعاد الاجتماعية لبلادنا يكمُن في إقامة اقتصاديات المحافظات، فكل محافظة لديها من الممكنات الاقتصادية والموقع الجغرافي ما يجعلها تحقق التنمية الاقتصادية بأبعادها الاجتماعية الآمنة؛ فاقتصاديات المحافظات تصنع منظومة إنتاجية وخدمية تعزز مصادر الدخل، وتُوفِّر فرص عمل لكل محافظة، ونحن هنا لا نأتي بفكرة استراتيجية جديدة، وإنما من سياقات توجهات النهضة المتجددة التي تعتبر اقتصاديات المحافظات من أهم أدواتها لاستدامة التنمية الشاملة الاستقرار الاجتماعي، ويُعقد من أجل انضاجها المنتديات والندوات والوطنية والإقليمية، مثل منتدى اقتصاديات تنمية المحافظات 2024، ومنتدى الإدارة المحلية نحو اللامركزية وتمكين المحافظات (آفاق تنمية شاملة- 2025)، لكننا نحتاج الآن إلى السرعة الزمنية الذكية والمتاحة على نحو مثالي لاستثمار التحولات الوطنية والإقليمية والدولية، والحفاظ على التماسك الاجتماعي على وجه الخصوص.
صحيحٌ أن اقتصاديات المحافظات قد تتحقق حتى من خارج سياقها الزمني المواتي الآن، لكنها ستفقد قيمتها الاستراتيجية، وكونها من الأدوات السياسية لمواجهة تداعيات التحولات الاقتصادية في البلاد، كمنظومة الضرائب والرسوم وخفض الدعم الحكومي على خدمات أساسية، وبروز قضايا مثل قضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين والرواتب الضعيفة، لذلك، فإن الخيار الزمني لاقتصاديات المحافظات تتوفر له الآن كل سياقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتسليم بها يستوجب إعادة النظر في هيكلية المحافظات، ومنحها صلاحيات جديدة، بحيث يُسمح لها بإقامة مشاريع كبيرة، وليس الاقتصار على مشاريع صغيرة، ويكون لها نسبة من الإيرادات العمومية السنوية داخل كل محافظة أو تُصرف لكل محافظة موازنة استثمارية من خزينة الدولة لإقامة 3 مشاريع كبيرة على الأقل ذات عائد مالي ومُنتِجة لفرص عمل.
وهذا يُحتِّم- بالتالي- تطوير نظام المحافظات الراهن، وقد بحثنا في كيفية إحداث النقلة الزمنية المطلوبة الآن، وتوصلنا الى مقترحات، لا ندَّعي أنها من بنات أفكارنا الحصرية، وإنما من خلال قراءات لتجارب وأفكار منشورة من بينها مقالاتنا، وأبرز هذه المقترحات:
- إقامة مجلس اقتصادي في كل محافظة برئاسة المحافظ، يضم ممثلين عن الوزارات الخدمية وفروع غرف تجارة وصناعة عُمان والقطاع الخاص والمجالس المنتخبة (الشورى والبلدي) وممثلين عن القطاع الخاص، وخبراء في المال والاقتصاد من أبناء كل محافظة، وتكون صلاحياته اعتماد الاستراتيجية الاقتصادية للمحافظة، وتحديد القطاعات ذات الأولوية التي تحقق دخلًا وفرص عمل، حسب المُمكِّنات الاقتصادية لكل محافظة، وكذلك رفع التشريعات المقترحة للحكومة.
- إقامة وحدة للتخطيط الاقتصادي في كل محافظة على غرار مركز التخطيط الإقليمي في محافظة ظفار في الثمانينيات من القرن الماضي (والذي تم حلَّه بسبب عدم تفعليه)، وتكون وظيفته إعداد دراسات الجدوى القطاعية، وإعداد البيانات الاقتصادية المحلية، وإعداد خريطة الموارد والفرص، ومتابعة مؤشرات الأداء.
- إقامة مؤسسات للإطار التنفيذي؛ كالهيئات، وظيفتها تحويل الخطط إلى مشاريع.. إلخ.
- تطوير صلاحيات المجالس البلدية، وتغليب الجانب الرقابي فيها.
- إقامة مركز اجتماعي برعاية المحافظ وبعضوية كل الشركاء في المجتمعات المحلية، وهذه ضرورة للانفتاح على المشاركة ولو محدودة، لكنها مُنظَّمة، وتحتوي المجتمعات، وما يؤسسه معالي السيد محافظ ظفار من مشاركات استشارية وحوارات تجمع كل الشركاء في قضايا محلية كالمخدرات والقات وشجرة المسكيت ومع الشباب نماذج تؤسس لحقبة المشاركة المنظمة ولو في حدودها الدنيا.
وهنا ينبغي القول صراحة إن إقامة اقتصاديات المحافظات لا يمكن أن يتأتى كنموذج مثالي اعتمادًا على التخطيط المركزي، وإنما من خلال مؤسسات محلية تملك القرار والتمويل والقدرة على التنفيذ، لكن وفق مرجعيات الدولة الوطنية، وبحوكمة مركزية قوية، وعندما كُنَّا نُفكِّر في المُمكِّنات الاقتصادية لمحافظة ظفار- زراعية، وسياحية، ولوجستية، وبحرية، ومعادن، وطاقة- تساءلنا كيف يكون فيها ما قد يصل إلى 27 ألف باحث عن عمل (وفق ما ذكره الأخ عماد الشنفري رئيس اللجنة الصحية والبيئية بالمجلس البلدي بظفار) وموقها الاستراتيجي يفتح سوقًا من 40 مليون نسمة في اليمن والقرن الافريقي.
والتساؤل المُلِح هنا: كيف نجمع ذلك ضمن استراتيجية واحدة؟ وكيف نجعل موانئ ظفار الجوية والبحرية والبرية تُنتج الدخل وتُوفِّر فرص عمل وتُعزِّز التنمية الشاملة في بلادنا؟ وظفار نقدمها هنا كنموذج استرشادي لبقية المحافظات.
رابط مختصر