محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء أمس، أمسية استذكارية للمرحوم الناقد عزت عمر، الذي رحل عن عالمنا منذ أسابيع قليلة، بعد عمر مكثف من العطاء الأدبي والنقدي أثرى فيه الساحة الأدبية الإماراتية والعربية بإصدارات عدة قيمة.
تحدث في الأمسية الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة النادي، ونواف يونس، مدير تحرير مجلة الشارقة الثقافية، وأدارتها ماريا محيي الدين، وشهدت مداخلات من عدد من الأدباء على تاريخه الأدبي.


شهدت الأمسية تقديم عرض تسجيلي عن حياة الفقيد الراحل الذي ولد في مدينة منبج بسوريا وتخرّج في كلية الآداب بجامعة حلب عام 1977، وهو عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومحرر صحفي في مجلة الشارقة الثقافية، وعمل في لجان تحكيم أدبية كثيرة على مدى عقود عدة، حصل على جائزة معرض الشارقة لأفضل كتاب عن الإمارات عام 2019، وقد ألف نيفاً وعشرين كتاباً أغلبها عن السرد الإماراتي.
ذائقة نقدية
قال الدكتور عمر عبد العزيز، في شهادته عن المرحوم، إنه كان يمتلك ذائقة نقدية جمالية راسخة، وعلى معرفة بجملة المفاهيم الحداثية وله فهم عميق للتاريخ، ما أعطاه قدرة على سبر أغوار النصوص واجتراح مفاهيم تخصه، وقد شكل رافداً من روافد النقد ووجهاً من أوجه التلاقي الثقافي العربي على الإمارات.
أما نواف يونس، فقال إن "المثقف الحقيقي هو الذي يؤثر في محيطه ويتأثر به، وتلك هي حال المرحوم عزت عمر. التقيت به في عام 1990 في القسم الثقافي في جريدة الخليج، وقد نشرت له الخليج روايته الأولى «قفص يبحث عن عصافير» على حلقات، واستكملنا التواصل في اتحاد الكتاب، برؤية نقدية تواكب الإبداع الأدبي في الإمارات. أما المرحلة الأخيرة من مراحل حياتنا المشتركة، فكانت في مجلة الشارقة الثقافية، حيث كان محرراً معنا يغني الجانب الثقافي والفكري، بقلمه النقدي الجميل".
مثقف أصيل
تحدث الكاتب محسن سليمان باسم اتحاد كتاب الإمارات، ناقلاً تعزية رئيس الاتحاد الأديب سلطان العميمي، ومشيداً بالخدمات النقدية الجليلة التي قدمها عزت عمر للأدب الإماراتي، حيث أماط اللثام من خلال مؤلفاته ودراساته الكثيرة عن الكثير من ظواهر هذا الأدب، وقدم وشجع الكثير من كتابه في مراحل متعددة من مسيرتهم الأدبية.
أما الكاتب حسين درويش، فقال: "عملنا معاً في مجلة «حياة الناس»، كما كتب في جريدة الحياة أيضاً، لقد كان مثقفاً أصيلاً صاحب موقف أدبي وثقافي يسعى من خلاله إلى خدمة الثقافة والأدب".
وقال الناقد صالح هويدي: إن المرحوم كان وفياً يتفقد أصدقاءه، وكان ناقداً معرفياً، لا يحب المفاهيم العائمة، ولديه أسئلة فكرية يبحث عن أجوبتها.
كما قال الناقد إسلام بوشكير، إن تجربة عزت عمر هي تجربة متكاملة على المستوى الثقافي والنقدي، حيث آمن بحق الكتاب الشباب في أن يأخذوا فرصتهم، وكان يحرص على توجيههم، وكان مؤمناً بفكرته ورؤيته وما يكتب عنه، وصاحب اختيارات حرة جعلته يكتب عن تجارب أدبية أصيلة لم يكتب عنها أحد.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: النادي الثقافي العربي في الشارقة عزت عمر عزت عمر

إقرأ أيضاً:

الانحدار الثقافي في الولايات المتحدة يهدد مستقبل الديمقراطية

ترجمة - بدر بن خميس الظفري -

كمراقب لأنظمة الحكم الديمقراطية ومحامٍ دستوري في بريطانيا، أتابع بقلق متزايد ما تشهده كثير من الدول الغربية من بوادر انهيار ديمقراطي. قد لا تكون هذه البلدان قد وصلت إلى مستوى فنزويلا أو بيرو أو المجر أو تركيا أو روسيا، لكن ما يحدث فيها يوضح كيف تموت الديمقراطية بصمت، لا بضجيج. لا دبابات تجتاح الشوارع ولا حشود غاضبة تملأ الساحات، لكن ما يجعل الديمقراطية حية تتلاشى ببطء، وغالبًا بدعم جماهيري كبير. هذه الدول ما زالت تقيم انتخابات، وتملك برلمانات ومحاكم، لكن الإطار المؤسسي القائم يخلو من الروح؛ لأن الثقافة السياسية التي تغذيه قد انهارت.

الولايات المتحدة، اليوم، مهددة بأن تُدرج في هذه القائمة. مؤسساتها ما زالت تعمل، رغم التوترات المتزايدة بينها، غير أن التدهور في ثقافتها السياسية مثير للقلق. ويشترك هذا الوضع مع كثير من الديمقراطيات الغربية الأخرى التي تعاني تحت وطأة توقعات متزايدة وغير واقعية من الدولة، يفرضها الناخبون.

الديمقراطية آلية دستورية للحكم الذاتي الجماعي، يُناط فيها اتخاذ القرار بأشخاص يقبل بهم غالبية الناس، وتُقيد سلطاتهم ويُسحب تفويضهم متى اقتضى الأمر. لكن الديمقراطية لا تقوم على المؤسسات وحدها، بل على ثقافة متجذرة في سلوك السياسيين والمواطنين. إنها تتطلب استعدادًا لاختيار حلول يستطيع معظم الناس التعايش معها، وتفرض أعرافًا تحد من الاستعمال التعسفي أو الانتقامي أو القمعي للسلطة، حتى عندما يكون قانونيًا. والأهم من ذلك، أنها تتطلب أن يُنظر إلى الخصوم السياسيين كمواطنين شركاء في الوطن، لا كأعداء يجب سحقهم.

ومن هنا تبرز خطورة دونالد ترامب، الذي يُجسد ثلاث سمات كلاسيكية للأنظمة الاستبدادية هي الزعامة الكاريزمية المحاطة بعبادة شخصية، والخلط بين الدولة وذاته، والرفض التام لشرعية المعارضة أو الاختلاف. والنتيجة هي استبدال حكم القانون بحكم قائم على الأهواء، وهو ما كان المؤسسون الأوائل للولايات المتحدة يعتبرونه الخطر الأكبر على الديمقراطية.

ترامب استخدم سلطاته العامة لتصفية حسابات شخصية. استهدف مكاتب محاماة مثلت خصومه، وحرم شخصيات عامة من الحماية الأمنية، وهاجم مؤسسات ثقافية مثل جامعة هارفرد ومركز كينيدي لأنها لا تتماشى مع أجندته الشخصية. حتى المادة الثانية من الدستور، التي تلزم الرئيس بتنفيذ القوانين بأمانة، باتت مرهونة بمزاجه. فقد وجّه وزارة العدل بعدم تطبيق قوانين صادق عليها الكونجرس، مثل قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، وقلّص أو أوقف برامج خُصصت لها أموال اتحادية، وهدد حكام الولايات بقطع الدعم عنهم ما لم ينصاعوا له.

قد نمتلك نحن المراقبين من الخارج رفاهية المتابعة من مسافة، لكن علينا أيضًا التأمل في هشاشة ديمقراطياتنا. ما يحدث في الولايات المتحدة هو أزمة توقعات، شبيهة بما تمر به كثير من الدول المتقدمة. ففي استطلاع رأي أُجري في بريطانيا عام 2019، أعرب أكثر من نصف المشاركين عن تأييدهم لفكرة أن بلادهم «بحاجة إلى قائد قوي مستعد لكسر القواعد».

شهدت أوروبا ارتفاعًا في الدعم الانتخابي لشخصيات سلطوية بشكل علني، كمارين لوبان في فرنسا، ويورغ هايدر في النمسا، وفيكتور أوربان في المجر، وقيادات حزب البديل لأجل ألمانيا. الأسباب معقدة، لكن أبرزها أن الناس باتوا يتوقعون من الدولة أشياء تفوق قدرتها، ويزداد نفورهم من المخاطرة. في بعض الأحيان، تتحقق هذه التوقعات على حساب قيم مهمة أخرى. وتحديدًا، يعلّق الناخبون آمالهم الكبرى على أن تحميهم الدولة من التقلبات الاقتصادية القاسية.

نحن نطلب من الدولة الحماية من كل الأخطار التي تحفل بها الحياة مثل فقدان الوظيفة والفقر والكوارث الطبيعية والمرض والفقر والحوادث. وهذا نابع جزئيًا من التقدم الهائل في القدرات التقنية للإنسانية منذ القرن التاسع عشر. وبات الناس يطالبون الدولة بحلول لكل أزمة، وإذا لم يجدوا هذه الحلول، رموا بفشلهم على الحكومة.

وعندما تخيب هذه التوقعات، يلوم الناس النظام بأسره، أو ما يسمى بـ«الدولة العميقة». في غياب الثقافة الديمقراطية، يتجه الناس تلقائيًا نحو «الزعيم القوي»، ويخدعون أنفسهم بأن هذا الزعيم سينجز ما عجز الآخرون عنه.

الولايات المتحدة تقدم مثالًا فريدًا. لقد نعمت بما يقارب 150 عامًا من الحظ السعيد والاستقرار النسبي، لكن هذا الحظ قد ينتهي الآن، مع صعود قوى اقتصادية مثل الهند والصين. المهارات التقليدية باتت عديمة القيمة في الاقتصادات مرتفعة الأجور، مع انتقال الثروة نحو صناعات التكنولوجيا المتقدمة، ما أضر بدخول من اعتمدوا على التصنيع والزراعة والصناعات الاستخراجية. وحتى في المجالات التكنولوجية التي لا تزال أمريكا تتفوق فيها، فإن الفجوة بدأت تضيق.

هذه المشكلات لا تخص أمريكا وحدها. أوروبا تعاني منها أكثر، وتوقعاتها من الدولة أعلى. لكن فقدان الأمل لحظة خطرة في حياة أي ديمقراطية. خيبة الأمل من وعود التقدم كانت أحد أسباب الأزمة الأوروبية الكبرى التي بدأت في 1914 وانتهت في 1945.

والمفارقة أن التاريخ يعلّمنا أن الزعماء الأقوياء لا يحققون شيئًا في نهاية المطاف.

ربما يرضون غرور بعض الناس لفترة، لكن بثمن باهظ. غالبًا ما يلتصق هؤلاء بحلول مبسّطة لمشكلات معقدة، ويركزون السلطة في أيدي قلة، دون تخطيط أو بحث أو مشورة. ويحيطون أنفسهم بالموالين بدل الحكماء، وبالمتملقين بدل المستشارين، ويضعون مصالحهم فوق المصلحة العامة. وهذه وصفة للفوضى والانهيار السياسي والانقسام المجتمعي.

إذا استمر الأمريكيون في انتخاب شخصيات سلطوية ومن يروّجون لها إلى الكونجرس، فلن تصمد الديمقراطية. لكن هذا ليس قدرًا محتومًا بعد.

كان الآباء المؤسسون للولايات المتحدة يدركون تمامًا أن الديمقراطية تعتمد على الثقافة، وأنها هشة. كتب الرئيس الثاني للبلاد، جون آدامز، وهو في شيخوخته، أن الديمقراطية، مثل غيرها من أنظمة الحكم، معرضة لأهواء الغرور والطمع والطموح، بل إنها أكثر تقلبًا منها. وخلص إلى أن «لا ديمقراطية في التاريخ إلا وانتهت بالانتحار».

ولذا، صمّم المؤسسون «حكمًا يقوم على القوانين لا على الأشخاص». حكمًا يقوم على مبادئ عقلانية مطبقة باستمرار، لا على أهواء رجال يتحكمون بمصير الدولة. فالحكم القائم على الأشخاص دعوة لحكم الاستبداد، تغذّيه نزوات الغرور والجشع والطموح.

عرفت أمريكا ديماغوجيين في تاريخها، لكنها كانت حتى الآن قادرة على إقصائهم. فقد كانت الأحزاب السياسية تحترم النظام الديمقراطي بما يكفي لقطع الطريق عليهم.

ولا يزال الأمل قائمًا في أن يقتنع الناخبون، بعد تجربة الحكم الفردي، بضرورة العودة إلى الإرث الديمقراطي الحقيقي للولايات المتحدة، وإلى السعي الجاد لجعلها - عظيمة حقًا - من جديد.

جوناثان سمبشن قاض سابق في المحكمة العليا البريطانية ومؤلف كتاب «تحديات الديمقراطية وسيادة القانون».

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • رحلة سول بيلو من مونتريال إلى نوبل.. سيرة نجاح مهاجر
  • في مواجهة الأدب العالمي .. جديد المركز القومي للترجمة
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي
  • في ذكرى ميلاد زهرة العلا.. الوجه الهادئ الذي أضاء الشاشة وأسر القلوب رغم العزلة والنهاية الحزينة
  • الانحدار الثقافي في الولايات المتحدة يهدد مستقبل الديمقراطية
  • شَظَفُ الطَّبْع
  • شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (أنا رتبتي فريق مدينة لكن المرحوم حميدتي فريق خلا)
  • غرامات باهظة وإيقاف طويل.. قرار صارم من الاتحاد الإماراتي ضد لاعبين
  • أمطار الخير تزور الإمارات في ثاني أيام عيد الأضحى
  • اللاعبة السورية أفروديت أحمد تتصدر موسم المبارزة الإماراتية