عن المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية في غزة
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال يواف غالانت رسميا نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي عن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب العدوانية ضد قطاع غزة، واصفا المرحلة الجديدة بأنها تشمل غارات جوية أقل حدة وكثافة، وعمليات برية لقوات خاصة بأشكال مختلفة في الشمال والمعسكرات الوسطى أولا، بينما تستمر الوتيرة الحالية للعدوان في مدينة خان يونس جنوب القطاع، وسيتم الانتقال نهائيا للمرحلة الثالثة حتى منتصف شباط/ فبراير الجاري، عبر إبقاء حاجز وسط القطاع (وادي غزة) لفصله إلى قسمين، وسحب بقية القوات النظامية إلى الحدود حيث المنطقة العازلة بطول القطاع التي شرع جيش الاحتلال بإقامتها، مع مواصلة النقاش حول الوضع في مدينة رفح الحدودية أقصى الجنوب والتي تحتضن قرابة مليون نازح إضافة إلى ربع مليون من سكانها، ما يعني أنها باتت تحتضن أكثر من نصف سكان القطاع تقريبا البالغ عددهم 2.
كانت المرحلة الأولى للحرب قد بدأت بغارات جوية مكثفة شملت قطاع غزة كله، وتحديدا الجزء الشمالي الذي يمثل ثلث المساحة مع نصف السكان، ويضم العاصمة غزة بأحيائها الشهيرة؛ الشجاعية والزيتون والدرج والتفاح وبلدات بيت حانون وبيت لاهيا وبلدة ومخيم جباليا، ومنها انطلقت معظم هجمات طوفان الأقصى ضد المستوطنات والمواقع الإسرائيلية صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
بحثت الغارات الجوية المكثفة والغاشمة عن الضرر لا الدقة، كما قالت صحيفة هآرتس عن حق من أجل الرد على طوفان 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وإرضاء رغبات الشارع الإسرائيلي المتعطش للثأر والانتقام، حيث جرى استخدام 40 إلى 45 في المائة من القنابل الغبية فيها، والتي أوقعت عشرات آلاف الشهداء والجرحى، وأدت إلى تشريد مليون مواطن تقريبا من الشمال إلى الوسط والجنوب (خان يونس) قبل أن يتم إجبارهم على النزوح مرة أخرى إلى جنوب الجنوب، حيث مدينة رفح التي باتت تحتضن جل النازحين أي مليون غزّي تقريبا.
شهدت المرحلة الأولى كذلك استعادة السيطرة، أو للدقة إعادة احتلال المستوطنات في غلاف غزة، وهي العملية التي استمرت لأيام، حيث بقي وقاتل المقاومون فيها لأكثر من أسبوع بمواجهة إغراق المنطقة بوحدات الجيش والقوات الخاصة حسب التعبير الدارج بالإعلام العبري.
بدأت المرحلة الثانية التي تضمنت العملية البرية (نظريا) يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر عبر قطع تام للاتصالات عن غزة، وغارات جوية أكثر كثافة وغباء، والتوغل في المناطق الحدودية المفتوحة في الشمال إثر اتباع سياسة الأرض المحروقة فيها، وبعد عشرة أيام (6 تشرين الثاني/ نوفمبر" بدأت المرحلة الثانية فعليا مع التوغل واجتياح مناطق الكثافة الحضرية والسكانية في مدينة غزة والشمال بشكل عام.
أما الجزء الأخير من المرحلة الثانية فانطلق مع انتهاء الهدنة الإنسانية مطلع كانون الأول/ ديسمبر في المناطق الأكثر كثافة سكانيا في الشمال (جباليا والشجاعية)، والانتقال جنوبا إلى مدينة خان يونس، ومن هناك جرى التوجه مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي مرة أخرى شمالا نحو الوسط ومخيمات البريج والمغازي والنصيرات، بعدما جرى محاصرتها فيما تشبه الكماشة من الشمال والجنوب.
اضطرت إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثالثة بعد مماطلة وشد وجذب لعدة أسباب، وإضافة إلى صمود وعناد المقاومة في الميدان؛ هناك الضغط الأمريكي، والحرج أمام الفظائع والجرائم والخسائر البشرية والأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى والنازحين الفلسطينيين، وحالة الشلل التام للاقتصاد الإسرائيلي
وبينما استمرت المرحلة الأولى الجوية أساسا ثلاثة أسابيع، طالت المرحلة الثانية لأكثر من ثلاثة شهور لعدة أسباب: منها وأهمها المقاومة العنيدة والصلبة والمفاجأة في التكتيكات الدفاعية التي اتبعها المقاومون وتم الإعداد لها طوال سنوات حسب تعبير رئيس أركان الاحتلال "هآرتس هليفي"، ثم جرى تحديثها بشكل مستمر خلال الحرب حسب مستجدات الميدان، حيث قاتلت المقاومة على كل متر في الشمال -غزة وبيت لاهيا وبيت حانون والشجاعية وجباليا- وتقاتل الآن على كل سنتمتر في الجنوب وبمدينة خان يونس تحديدا.
في حصاد المرحلة الثانية يمكن القول إنه وباستثناء تدمير غزة؛ لم يتم تحقيق أي من أهداف الحرب الإسرائيلية المتضمنة القضاء على حماس واستعادة الأسرى، وعليه تم تحديث المصطلح ليصبح تفكيك قدرات حماس العسكرية (خان يونس) والسلطوية (الشمال)، ومنع غزة من تهديد إسرائيل مستقبلا.
في الحقيقة اضطرت إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثالثة بعد مماطلة وشد وجذب لعدة أسباب، وإضافة إلى صمود وعناد المقاومة في الميدان؛ هناك الضغط الأمريكي، والحرج أمام الفظائع والجرائم والخسائر البشرية والأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى والنازحين الفلسطينيين، وحالة الشلل التام للاقتصاد الإسرائيلي، وتوقف عجلة الإنتاج إثر استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط، ما أدى إلى تراجع وخسائر (بمليارات الدولارات) مباشرة لتمويل آلة الحرب؛ وغير مباشرة مع توقف عجلة الإنتاج والاقتصاد بشكل عام وتراجع قطاعاته الحيوية (السياحة والتصدير والإنتاج الحربي)، خاصة في الصناعات العسكرية التي تفرغت لتزويد الجيش بما يحتاجه في حرب الاستنزاف بغزة.
وقبل ذلك وبعده، هناك الخسائر البشرية العالية في عدد الجنود الإسرائيليين القتلى والمصابين، رغم أن هذا لم ينل بعد من الإجماع الداخلي على الحرب أمام سردية اعتبارها دفاعا عن الدولة وهيبتها وردعها ومستقبلها، وقتالا على الوجود وفق معادلة إما نحن أو هم حسب تعبير وزير الدفاع الجنرال يواف غالانت.
يقول كبار المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين إن المرحلة الثالثة ستستمر لشهور طويلة، ربما حتى نهاية العام الجاري 2024، مع استنساخ نموذج الضفة الغربية في قطاع غزة، بحيث يصبح حكم الشجاعية وخان يونس مثل نابلس وجنين حسب التعبير الحرفي لعضو مجلس -كابينيت- الحرب الجنرال بيني غانتس.
هنا لا بد من التذكير بأن الحرب عموما والمرحلة الثانية تحديدا استمرت بدعم أمريكي وتغطية سياسية ودبلوماسية وعسكرية واقتصادية ونفسية، مقابل إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية وتقليص الضرر الواقع على المدنيين في غزة، رغم تأكيد الأمم المتحدة أن الوتيرة الحالية في الجنوب (خان يونس) هي نفسها التي اتُبعت في الشمال، حيث الأرض المحروقة والتهجير وتدمير البنى التحتية للمنطقة المستهدفة وجعلها غير قابلة للحياة والعيش فيها.
يفترض أن تستمر المرحلة الثالثة لشهور طويلة كما يقال في إسرائيل، حسب تصريح غالانت، وعام 2024 الجاري سيكون عام قتال كما قال رئيس الأركان هآرتس هليفي وتقول التقديرات الرسمية لجيش الاحتلال.
من الصعب وحتى المستحيل تغيير توازنات أو رسم مستقبل المنطقة بعيدا عن الفلسطينيين ودون حلّ عادل وشامل ومستدام يرتضونه، حتى بوجود القيادة الحالية المنفصمة والفاقدة للشرعية والثقة والمصداقية في رام الله، والتي أسقطها الطوفان وتجاوزتها الحرب
أما التغطية الأمريكية متعددة المستويات والأبعاد للمرحلة الثالثة؛ فمرتبطة بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية وحماية أكبر للمدنيين الفلسطينيين وعودة النازحين إلى الشمال، والتوصل إلى هدنة إنسانية طويلة لتبادل الأسرى على أعتاب شهر رمضان الكريم، وفتح النقاش حول اليوم التالي للحرب لعدم الغوص في الوحل الغزاوي وتحول جيش الاحتلال إلى أهداف ثابتة وسهلة للمقاومين. ووفق وسائل الاعلام العبرية فقد أعدت حماس 30 ألف مقاتل تقريبا، بينما تزعم إسرائيل أنها قتلت وأصابت النصف تقريبا، ما يعني أن 10 آلاف على الاقل لا يزالون في الميدان ومستعدين للقتال أشهر وربما حتى سنوات قادمة.
عموما، سواء في المرحلة الثانية أو الثالثة والحرب برمتها، لا تريد إسرائيل أن تفهم رسائل ودلالات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتهرب عمدا من استخلاص العبر والاستنتاجات اللازمة والصحيحة بعدما وقعت فعلا في البئر، حسب تعبير المعلق المخضرم ناحوم برنياع في يديعوت أحرونوت (9 كانون الثاني/ يناير)، وحلت بها الهزيمة التاريخية حيث لا إمكانية للتفوق والانتصار بعد ذلك، ناهيك عن الأبعاد والدلالات الاستراتيجية لجهة استحالة هزيمة الفلسطينيين أو تجاهل قضيتهم العادلة وتجاوزها وإزاحتها عن جدول الأعمال الداخلي والإقليمي والدولي، كما حصل في السنوات العشر الأخيرة، أي منذ فشل آخر مساع أمريكية جدية مع إدارة بارك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، بينما كانت صفقة القرن لدونالد ترامب تحايلا وتذاكيا لتصفية القضية لا حلها، وقد أسقطها الفلسطينيون أيضا مع اصطفاف سياسي وإعلامي ضدها حتى مع الاختلافات الحزبية والتنظيمية، والانقسام السياسي الجغرافي بين فتح وحماس ورام الله وغزة.
وعليه، بات من الصعب وحتى المستحيل تغيير توازنات أو رسم مستقبل المنطقة بعيدا عن الفلسطينيين ودون حلّ عادل وشامل ومستدام يرتضونه، حتى بوجود القيادة الحالية المنفصمة والفاقدة للشرعية والثقة والمصداقية في رام الله، والتي أسقطها الطوفان وتجاوزتها الحرب -رغم محاولات التنفس الاصطناعي الخارجية- بخلفياتها وحيثياتها ودلالاتها وتداعياتها المستقبلية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة حماس إسرائيل حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرحلة الثالثة المرحلة الثانیة تشرین الأول فی الشمال خان یونس
إقرأ أيضاً:
ما العائق الأبرز أمام بدء المرحلة الثانية من الاتفاق في غزة؟
رغم الزخم السياسي والإعلامي الذي يرافق حديث إدارة ترامب عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطتها لغزة، تكشف المعطيات الميدانية الواردة أن العائق الحقيقي والوحيد أمام هذه المرحلة هو الواقع على الأرض؛ فحركة حماس ما زالت تفرض سيطرة فعلية على أجزاء واسعة من القطاع، في ظل إحجام الدول عن إرسال قوات، وغياب آلية تنفيذية واقعية.
وجاء في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" للمحلل العسكري، عاموس هرئيل، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كعادته وعد بأنه سيكون "أحد أكثر مجالس السلام شهرة على الإطلاق. ملوك، رؤساء، رؤساء وزراء - جميعهم يرغبون في الانضمام إلى مجلس السلام". للحظة، بدا الأمر وكأن الرئيس يتحدث عن قاعة الرقص التي يبنيها في البيت الأبيض، بتكلفة باهظة.
وجاء في المقال "قد يُعقد مجلس السلام بالفعل. لكن في الوقت الراهن، تختلف الظروف على أرض الواقع في القطاع اختلافًا كبيرًا. تسيطر حماس على غرب غزة بقبضة حديدية - النصف الواقع خلف الخط الأصفر، والذي تسيطر عليه إسرائيل. والدول المرشحة للانضمام إلى قوة الاستقرار الدولية لا تُسارع إلى إرسال قواتها لنزع سلاح الحركة، لأنها تعتبر ذلك في الوقت الراهن مهمة انتحارية - وهذا صحيح.
وأوضح هرئيل "يبدو أن الوضع يصب في مصلحة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فقد تسلمت إسرائيل بالفعل الرهائن العشرين الأحياء وجثث جميع الرهائن القتلى، باستثناء الشرطي ران جفيلي. ومن الواضح أن نتنياهو لا يرغب في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، لأن ذلك سيجدد الضغط الدولي لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وربما منح السلطة الفلسطينية دورًا في الإدارة الجديدة".
وذكر "قد يخدمه (نتنياهو) العودة إلى قتال محدود، مع ضعف حماس عسكرياً وعدم احتجازها رهائن أحياء، لا سيما وأن ذلك سيؤثر أيضاً على الأجندة السياسية الداخلية في عام انتخابي . مع ذلك، يكبح ترامب جماحه. ومن المتوقع أن يجتمع الاثنان في أواخر هذا الشهر في مارالاغو. لا يزال ترامب يسعى لتحقيق نصر دولي. هذا الأسبوع، مُنحت جائزة نوبل للسلام في أوسلو، دون حضوره. وربما لا يزال يشعر بالمرارة إزاء هذه الفرصة الضائعة. فرغم خطابه الحماسي، إلا أنه لا يُجسد صورته الذاتية كصانع سلام لا مثيل له في تاريخ البشرية".
يبدو أن خطة ترامب للسلام في أوكرانيا، المؤيدة لروسيا، قد فشلت في مهدها. فالعلاقات مع الأوروبيين متوترة ومحفوفة بالمخاطر، ويعود ذلك في معظمه إلى نهجه التصالحي تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومن المفارقات، أن غزة المنكوبة تبدو وكأنها ساحة أكثر واعدة لتحقيق التقدم. ولذلك، من غير المرجح أن يسمح ترامب لنتنياهو بإطلاق العنان للجيش في غزة. وسيؤجل هذا الأمر، إن حدث أصلاً، إلى حين زيارته للولايات المتحدة.
وقال كاتب المقال: "في الوقت الراهن، لا يُمثل الوضع العسكري في غزة خطراً جسيماً على إسرائيل. لا تزال هناك منطقة معزولة في رفح، حيث يتمركز بضع عشرات من عناصر حماس المسلحين في أنفاق داخل المنطقة الصفراء. ويُحاصر الجيش هذه المنطقة، وقد تراجع نتنياهو عن السماح للعناصر بالخروج بالتراضي. ويبدو أن التهديد الذي تُشكله حماس على المدنيين الإسرائيليين في مستوطنات غرب النقب محدود. ويُقدر أن حماس لا تمتلك سوى عدد قليل من الأسلحة الهجومية، حوالي 100 صاروخ أو ما يزيد قليلاً".
وأضاف أنه "مع ذلك، لا تزال حماس قادرة على ممارسة سيطرتها الكاملة على المناطق التي انسحبت منها إسرائيل. تمتلك الحركة آلاف العناصر المسلحة بأسلحة خفيفة، ولا تتردد قيادتها في استخدام القوة المفرطة ضد سكان غزة، كما أن تهديد العشائر لحماس منخفض ، لا سيما بعد مقتل قائد الميليشيا ياسر أبو شباب".
من جانبه، يتوق ترامب إلى إعلان الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي من المتوقع أن تتم بين عيد الميلاد ومنتصف كانون الثاني/ يناير وستشمل هذه المرحلة تشكيل هيئات إضافية، مثل حكومة التكنوقراط الفلسطينيين وقوة الاستقرار الدولية. وبدون هذه الهيئات، من غير المرجح أن يطرأ أي تقدم.
واعتبر الكاتب أن "مشكلة حماس ستظل قائمة حتى بعد قيامها. فليس لدى الإندونيسيين ولا الأذربيجانيين ولا الدول العربية رغبة ملحة في إقحام قواتهم في مواجهة مباشرة مع حماس من أجل نزع سلاحها. وكما يقول المثل، فإن النية هي تجاهلها حتى تسقط من تلقاء نفسها".
واضاف "لا تخطط الولايات المتحدة أيضاً لإرسال شباب أمريكيين إلى الجانب الذي تسيطر عليه حماس في غزة، وربما ليس إلى الجانب الإسرائيلي أيضاً. يركز الأمريكيون على عمليات إعادة التأهيل المستقبلية في "غزة الجديدة" - الجانب الشرقي الخاضع حالياً للسيطرة الإسرائيلية. عندما يصر الضباط الإسرائيليون على الحديث عن حماس، يصحح لهم نظراؤهم الأمريكيون قائلين: "نفضل أن نقول 'غزانيون'". هذا مستوى خطير من القمع، قد ينقلب عليهم".
واعتبر أن المناقشات التي تقودها الولايات المتحدة في مركز التنسيق المدني العسكري المشترك في كريات جات تتسم بالجدية والجدوى. وتُعقد الاجتماعات هناك يومياً، وفقاً لجدول زمني مُحدد مسبقاً بين الجيش والجيوش الأجنبية. وقد خصصوا بالفعل منطقة وسط أنقاض رفح لإزالة الأنقاض ثم البدء في أعمال البناء.
وأضاف "يتحدثون عن إنشاء عيادات طبية، ونشر قوة شرطة، وإزالة القنابل الإسرائيلية غير المنفجرة. لكن هذا المشروع التجريبي المزعوم لا يشير إلا إلى حلول سكنية لبضعة آلاف من سكان غزة، في وقت غير محدد في المستقبل. أما الخطة الأوسع فلم تكتسب زخماً بعد".
وذكر أنه "في الوقت نفسه، في الشمال ضغط ترامب بشدة على نتنياهو وأوقفه على الجبهة الشمالية. ففي الشهرين الماضيين، تبنى رئيس الوزراء نهجاً مخالفاً في الجبهتين الثانويتين. ففي سوريا، قوّض فرص التوصل إلى تفاهمات مع نظام الرئيس أحمد الشرع، وقام بزيارة استفزازية إلى مناطق سيطرت عليها إسرائيل قبل عام في مرتفعات الجولان السورية، وتعمد تأجيج التوتر على طول الحدود . (في غضون ذلك، انخرطت قوات الجيش الإسرائيلي في اشتباكين مسلحين في المنطقة، وهو ما يُنذر على الأرجح بمستقبلها طالما بقي الوجود العسكري قائماً)".
وأوضح أنه "في لبنان، شنّ الجيش الإسرائيلي هجمات متواصلة على مواقع حزب الله وعناصره لكبح جهوده لإعادة التسلح. وبلغت هذه الهجمات ذروتها باغتيال هيثم الطبطبائي، القائد العسكري لحزب الله، الشهر الماضي في بيروت. وبعد هذا الاغتيال، هددت إسرائيل بتصعيد الحملة إذا لم يُحرز أي تقدم في نزع سلاح حزب الله".
وفي تقرير لشبكة "سي إن إن"، جرى الحديث أنه من المقرر أن تدخل خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف إطلاق النار في غزة مرحلة جديدة خلال أسابيع، إلا أن بنودًا حاسمة في الاتفاق لا تزال غامضة في ظل تشديد إسرائيل قبضتها العسكرية على القطاع المنكوب.
ومع عودة جميع الأسرى القتلى باستثناء واحد، ممن كانوا لدى المقاومة، وتساؤلات حول قدرة حماس على تحديد مكان الجثث المتبقية، تقترب المرحلة الأولى من الخطة المكونة من 20 بندًا من الاكتمال.
والآن، وسط مخاوف دولية من انهيار وقف إطلاق النار الذي مضى عليه شهران، يعتزم ترامب الانتقال إلى المرحلة الثانية الأكثر تعقيدًا من الاتفاق، والتي تشمل نزع سلاح حماس، وبدء إعادة الإعمار، وإقامة نظام حكم ما بعد الحرب. ويتمحور جوهر الخطة الجديدة لإدارة غزة حول إنشاء "مجلس سلام" برئاسة ترامب وعدد من قادة العالم.
وقال ترامب في البيت الأبيض، الأربعاء: "ستكون واحدة من أكثر اللجان الأسطورية على الإطلاق. الجميع يتمنى الانضمام إليها".
ورغم تأييد نتنياهو، العلني للاتفاق في أيلول/ سبتمبر لا تزال هناك فجوات كبيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. تسعى الولايات المتحدة جاهدةً للانتقال سريعاً إلى المرحلة التالية، لكن إسرائيل تشترط على الخطوات الرئيسية عودة الرهينة الأخير المتوفى، وتقاوم الجهود الأمريكية لحل الأزمة مع مجموعة من مقاتلي حماس المعزولين في المناطق الجنوبية من قطاع غزة المحتلة.
وقال مسؤول إسرائيلي: "لا يزال جزء كبير من المرحلة الثانية مفتوحًا للتأويل، وهو أمرٌ يُعدّ في الشرق الأوسط إيجابيًا وسلبيًا في آنٍ واحد".
وحذر رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى جانب مصر والنرويج، خلال عطلة نهاية الأسبوع، من أن وقف إطلاق النار يمرّ بـ"لحظة حرجة"، مُعرّضًا للانهيار في ظلّ سعي الوسطاء لإحراز تقدّم. وقال آل ثاني في منتدى الدوحة، السبت: "لم نصل إلى الحلّ بعد، لذا فإن ما فعلناه هو مجرد وقف مؤقت".
وقال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل الرئيسية قبل الإعلان المحتمل عن المرحلة الثانية، بما في ذلك تشكيل قوة الأمن الدولية المنصوص عليها في الخطة، ومجلس السلام الذي سيشرف على إدارة غزة.
وبعد شهرين من بدء سريان وقف إطلاق النار، تعرض للاختبار مرارًا وتكرارًا، حيث تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات بانتهاك الاتفاق. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، استشهد نحو 400 فلسطيني على يد جيش الااحتلال منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في أكتوبر/ تشرين الأول.