شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أنه "من غير الممكن" استبدال وكالة "الأونروا" التي قطع العديد من المانحين الرئيسيين التمويل عنها بناء على اتهامات إسرائيلية.

وردا على سؤال عن الفكرة التي طرحها البعض بتحويل الأموال المخصصة للأونروا إلى وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، أعلن غوتيريش رفضه القاطع لهذه الفكرة.

وقال الأمين العام خلال مؤتمر صحافي: "لا يمكن استبدال عمل الأونروا في غزة". موضحا أن "العمود الفقري لتوزيع المساعدات الإنسانية الأممية في غزة يتكون من موظفي الأونروا الـ3000 المكرسين للاستجابات الطارئة".

وشدد غوتيريش على أنه "ليست هناك أي منظمة أخرى موجودة في غزة قادرة على تلبية الاحتياجات".

كما لفت الأمين العام إلى أن الكلفة التشغيلية للأونروا هي أقل بكثير من كلفة تشغيل وكالات أممية أخرى.

وقال إن "التكاليف مع الأونروا أقل بكثير من التكاليف مع الوكالات الأخرى لأسباب تاريخية. الرواتب التي تدفعها الأونروا تمثل ثلث الرواتب التي تدفعها اليونيسف أو برنامج الأغذية العالمي أو منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة".

إقرأ المزيد وزير المالية الإسرائيلي ينوي إلغاء المزايا الضريبية لـ"الأونروا"

وأوضح أن هذا الأمر يعني أنه لتلبية الاحتياجات نفسها بواسطة وكالات أممية أخرى غير الأونروا "يجب مضاعفة الموارد اللازمة".

كما أعلن غوتيريش أنه "تفاجأ" بسرعة المانحين في تعليق تمويلهم للأونروا.

وردا على سؤال عن السرعة التي أنهت بها الأونروا، بناء على طلبه، عقود الموظفين المتهمين بالتورط في هجوم حماس حتى قبل التحقق من صحة هذه الاتهامات، قال غوتيريش أنه اتخذ قرار فصل هؤلاء الموظفين لأنه لم يكن بإمكانه "المجازفة بعدم التحرك على الفور" نظرا لخطورة الاتهامات الموجهة إليهم و"الجديرة بالثقة". لكن الأمين العام أكد إمكان إلغاء قرار صرف هؤلاء الموظفين إذا ما أثبت التحقيق براءتهم.

إقرأ المزيد السعودية تجدد دعمها لـ"الأونروا" من أجل مواصلة مهامها الإنسانية

واتهمت إسرائيل عددا من موظفي الأونروا بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر. وفي ضوء الاتهامات الإسرائيلية، أعلنت نحو 12 دولة، بينها مانحون رئيسيون مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والسويد، تعليق تمويلها للوكالة.

من جهتها، حذرت الأونروا من أن أنشطتها مهددة بالتوقف بحلول نهاية فبراير"إذا ظل التمويل معلقا".

المصدر: RT + "أ ف ب"

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أنطونيو غوتيريش الأمم المتحدة الأونروا الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة القدس القضية الفلسطينية تل أبيب حركة حماس طوفان الأقصى قطاع غزة مساعدات إنسانية هجمات إسرائيلية الأمین العام

إقرأ أيضاً:

إيران .. قراءة في صعود مشروع جيوسياسي بديل

«عمان»: منذ الثورة الإسلامية عام 1979، لم تكفّ إيران عن إثارة الحيرة في أروقة السياسة الدولية. دولة بقيت محاضرة بالعقوبات، لكنّها مع ذلك تمدّ ظلّها من شواطئ المتوسط إلى مضيق باب المندب. في كتابه الجديد، «صعود إيران ومنافستها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط»، يقدم محسن ملاني قراءة دقيقة لما يمكن اعتباره أحد أكثر التحولات الجيوسياسية استعصاء على التفسير في العقود الأربعة الماضية: كيف نجحت إيران، رغم كل القيود، في إعادة رسم خرائط القوة في الشرق الأوسط؟

ينطلق ملاني من افتراض بسيط لكن إشكالي: أن إيران ليست مجرّد دولة، بل مشروع. ويقترح أن فهم هذا المشروع يتطلب تتبّع جذور القطيعة التي نشأت مع الولايات المتحدة، والتي لم تكن نتيجة تصادم لحظي، بل نتاج صراع سرديتين: سردية إمبراطورية عابرة للقارات، وسردية ثورية ترى في الهيمنة الغربية امتدادا للاستعمار. وبذلك، يتحوّل ملاني من تحليل الوقائع إلى تحليل البنية التي تنتجها، من تفسير السلوك إلى تفكيك الأسطورة.

قبل عام 1979، كانت طهران تُعتبر حليفًا نموذجيًا لواشنطن في مواجهة التمدد السوفييتي. لكن الثورة، كما يقول ملاني، لم تكتف بإسقاط النظام، بل أسقطت الرؤية الكونية المصاحبة له. وقد استبدلت إيران الشاهنية بالهوية «المستضعَفة»، وأعادت تعريف الجغرافيا السياسية للمنطقة من خلال بناء شبكات عابرة للدولة، تنظيمات مقاومة، وشبكات دعم أيديولوجي واقتصادي. وهكذا، برز مفهوم «محور المقاومة» ليس بوصفه خطابا تعبويا، ولكن كعقيدة إستراتيجية تتجاوز منطق الدولة التقليدية.

من أبرز ملامح الكتاب أن ملاني لا يسقط في الثنائية الأخلاقية المألوفة: إيران كدولة مارقة، أو كضحية. بل يسرد، بحذر شديد، كيف أن هذا الصعود لم يكن حتميًا، بل جاء نتيجة فراغات صنعتها الولايات المتحدة نفسها. فغزو العراق عام 2003، كما يبيّن المؤلف، لم يفتح المجال فقط لإزاحة نظام معادٍ لطهران، بل مهّد الأرضية لسيطرة إيرانية ناعمة على القرار السياسي الشيعي في بغداد. ومن هناك، بدأت إيران تُمسك بخيوط خارطة إقليمية جديدة، تصل إلى دمشق وبيروت وغزة وصنعاء.

غير أن هذا التمدد لم يكن بلا كلفة. يشير ملاني إلى أن إيران، رغم نجاحها في بناء نفوذ غير متماثل، تواجه تحديات وجودية متزايدة: اقتصاد منهك تحت وطأة العقوبات، احتجاجات اجتماعية متكررة، ومناخ إقليمي معادٍ بشكل متصاعد. وهو يذهب أبعد من ذلك حين يطرح سؤالًا محوريًا: هل تملك إيران القدرة على الاستمرار في هذه اللعبة، أم أن طبيعة استراتيجيتها ـ القائمة على شبكات غير رسمية ـ تحمل بذور انهيارها الذاتي؟

يتميز تحليل ملاني بقدرته على ربط المسارات المتوازية: كيف تتفاعل العقوبات مع الداخل الإيراني؟ كيف تقرأ إسرائيل دعم إيران لحماس وحزب الله؟ لماذا تشكل اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية تهديدا غير مباشر لهذا المشروع؟ وما هي حدود الدور الصيني والروسي في دعم طهران، دون تبنّي مشروعها بالكامل؟

الأهم ربما هو أن الكتاب لا يروّج لفكرة أن إيران تُهدِّد النظام الدولي، بل يطرح احتمالًا مقلقًا أكثر: أن إيران، على عكس ما يُقال، نجحت في صياغة «نظامها الدولي الصغير»، الذي ينافس على الشرعية والامتداد، دون أن يعلن حربًا صريحة. هذا ما يجعل الولايات المتحدة عاجزة عن الحسم، فلا الحرب الشاملة مجدية، ولا التهدئة ممكنة. إنها، بتعبير ملاني، «حرب باردة هجينة»، تخوضها إيران بعقلية الحصار والاختراق، وتردّ عليها واشنطن بالأدوات التقليدية ذاتها التي فشلت في كوبا وكوريا الشمالية.

في الفصل الأخير، يتطرق ملاني إلى البُعد الأخلاقي باعتباره معضلة لصنّاع القرار في الغرب. فالتعامل مع إيران كعدو أبدي يُنتج قصر نظر استراتيجي، لكنه أيضًا يُعمي عن تطورات داخلية في بنية النظام الإيراني: جيل جديد أكثر وعيًا، وصراع صامت بين دوائر الحكم، ومحاولات لتحديث الخطاب من الداخل. هل هذا كافٍ لإحداث تغيير؟ لا يجيب ملاني بوضوح، لكنه يلمّح إلى أن الجمود الحالي يحمل في طياته إمّا الانفجار أو إعادة التموضع.

ختامًا، يقدم «صعود إيران ومنافستها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط» قراءة ضرورية لفهم عالم يُعاد ترتيبه على وقع التوازنات الهجينة واللاعبين غير الرسميين. لا يسعى محسن ملاني إلى تبرئة إيران ولا إلى إدانتها، بل إلى فهمها، وهو ما يجعل كتابه عملًا نادرًا في زمن الاصطفافات الجاهزة. إنه ليس كتابًا عن إيران فحسب، بل عن أمريكا أيضًا، عن كيف ترى ذاتها من خلال مرآة العدو.

ولا ينقص من هذا الكتاب قراءته في وقت شهدت فيه الأحداث الأخيرة من المواجهة بين إيران والغرب، بل على العكس يبدو الكتاب أكثر أهمية الآن لأنه يساعدنا في فهم إيران من الداخل.

مقالات مشابهة

  • غوتيريش: المبادئ المؤسسة للأمم المتحدة تتعرّض لهجمات غير مسبوقة
  • غوتيريش: مبادئ الأمم المتحدة تتعرض لهجمات غير مسبوقة
  • الحكومة تحدث وكالات جهوية للإسكان وتصادق على تحويل المكتب الوطني للهيدروكاربورات إلى شركة
  • ثمانون هذه الأمم
  • إيران .. قراءة في صعود مشروع جيوسياسي بديل
  • جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة الأزمة السودانية والأستماع لإحاطة من ممثل الأمين العام
  • دعوة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة
  • الأمين العام لوزارة الخارجية يلتقي السفيرة الأمريكية بالجزائر …وهذا ما دار بينهما
  • قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني ضد قاعدة العديد الأمريكية
  • قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم على قاعدة العديد الجوية