عربي21:
2025-06-03@15:24:31 GMT

عن الشراكة الاستراتيجية بين قطر وكازاخستان

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

خلال رحلته المرتقبة إلى الدوحة منتصف الشهر الحالي، يجتمع رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، وذلك للمرة الرابعة خلال العامين المنصرمين.

اجتماعات دورية على مستوى القمة بين البلدين، تُعقد بين الحين والآخر، وتُظهر أنّ ما يجمع الدوحة وأستانا لم يعد علاقة عادية بين دولتين، وإنّما بات ما يشبه شراكة استراتيجية في المجالين السياسي والاقتصادي، بين دولة خليجية وأخرى من منطقة ما بعد الاتحاد السوفييتي، وهذا يجعل التعاون بينهما ذا أهمية كبرى.



العلاقات بين قطر وكازاخستان تتسم بالثبات والنماء والاستقرار، كما تمتدّ لثلاثة عقود، وتطوّرت خصوصا مع انتقال عاصمة كازاخستان من مدينة ألماتي إلى أستانا في العام 1997، حيث خصّصت الدوحة في حينه أولى استثماراتها للمساهمة في بناء العاصمة الجديدة، ومولت مشروع بناء مسجد أستانا، الذي يُعد من أهمّ المعالم في العاصمة الجديدة.

وعلى مدى الزيارات الأربع الماضية، وقّعت كازاخستان وقطر العديد من الاتفاقيات، بينها اتفاقية بشأن الحماية المتبادلة للاستثمارات، كما يعمل الطرفان اليوم بجدية منقطعة النظير، من أجل تنفيذ مجموعة إضافية من المشاريع المشتركة والواعدة في قطاعات شتّى، وخصوصا في المجال الاقتصادي، ويفترض أن تُبصر النور على شكل اتفاقيات إضافية خلال زيارة الرئيس الكازاخستاني إلى الدوحة المرتقبة في غضون الأيام المقبلة.

المشاريع التي بدأت الدولتان بتنفيذها، لا تقلّ قيمتها عن 1.3 مليار دولار:

في منطقة أكمولا الكازاخستانية، وضعت أستانا خططا من أجل بناء مصنع لمعالجة الحبوب بمشاركة مستثمرين قطريين، وبتكلفة يقدّرها الطرفان بنحو 200 مليون دولار. وقد أبدت "شركة حصاد" الغذائية القطرية، باعتبارها الذراع الاستثمارية لصندوق قطر السيادي، وأكبر مؤسسة متخصصة في الأمن الغذائي في قطر، اهتماما بالغا بقدرات المجمع الصناعي الزراعي في كازاخستان؛ إذ أكد ذلك رئيسها التنفيذي محمد السادة، يوم أعلن أنّ الشركة التي يرأسها، تعتزم "تعزيز العلاقات التجارية بين الدول لضمان الأمن الغذائي".

وتولي الدوحة منذ مدّة، أهمية كبرى لأمنها الغذائي، وتعد أنّ كازاخستان تملك إمكانات زراعية هائلة، ولهذا ترى أنّ تطوير التعاون مع أستانا في هذا المجال، يمكن أن يساعدها في تنويع مصادر الإنتاج، وفي الوقت نفسه زيادة مصادر الدخل، خصوصا أنّ مستلزمات السلع الزراعية المهمة اليوم، تعتريها حالة "عدم اليقين" وهي في وضع "غير مستقر"، بسبب الاضطرابات الحاصلة في سوق الغذاء العالمي، نتيجة ارتفاع منسوب النزاعات في البحار وبين القارات، التي أدت إلى تعطيل سلاسل التوريد بشكل واضح.

وتعد الدوحة كذلك أنّ كازاخستان تتمتع بحدود استراتيجية كبيرة مع العديد من الدول مثل الصين وروسيا، وهذا ما يجعل لها أهمية استراتيجية، ويساعدها على أداء دور مهم في ربط شرق ووسط القارة الآسيوية بدول مجلس التعاون الخليجي.

في المقابل، تقوم كازاخستان باتخاذ العديد من الإجراءات التي تخدم تعزيز التنوع الاقتصادي وحماية الاستثمارات الأجنبية، حيث تعمل على أن تكون مركزا تجاريا وماليا وتعليميا وصحيا وسياحيا، إلى جانب تميّزها في مجال الإنتاج الغذائي.

وإلى جانب المشروع في أكمولا، عقدت "الشركة القطرية للطاقة الدولية القابضة" اتفاقات مع شركة الصين الدولية لرأس المال الصينية، وشركة "بايتيريك" الكازاخستانية من أجل تطوير المجمّع الصناعي- الزراعي في كازاخستان، حيث من المفترض أن يقوم الطرفان بإنشاء صندوق استثمار مباشر في كازاخستان، بمشاركة الشركات القطرية والصينية على السواء، من أجل تطوير مجمّع الألبان والأجبان تصنيعا وتصديرا.

أمّا الحضور القطري في هذا المشروع، فسيكون عبر شركة "باور إنترناشيونال" القابضة، وستكون بمنزلة "شريك تكنولوجي".

وبذلك أيضا، سيصبح الصندوق الخاص بهذه الشركة الذي أنشأته الدوحة وأستانا، واحدا من أكبر صناديق شركات تصنيع منتجات الألبان والأجبان حول العالم، بل من بين الشركات العشر الأوائل.

وعليه، تطمح الدولتان من خلال هذا المشروع، إلى جذب استثمارات متنوعة وطويلة الأجل، وتراهنان أنّ يعطي ذلك زخما جديدا لتطوير صناعة الألبان والأجبان، وكذلك لتطوير المجمّع الصناعي الزراعي بأكمله في كازاخستان بشكل عام، خصوصا زراعة وتصنيع الحبوب والبقوليات من أجل تعزيز الصادرات خارج البلاد.

كما تعتزم أستانا من خلال هذا كلّه، إلى زيادة التجارة البينية مع الدوحة، من خلال رفع حجم صادرات المنتجات المحلية، عبر 60 سلعة بقيمة 245 مليون دولار تقريبا، مع العلم أنّ أستانا والدوحة قد وقعتا أكثر من اتفاقية في السنتين الماضيتين طالت قطاعات أخرى إضافية، كما يهتم المستثمرون القطريون حاليا بقطاعات السياحة والرعاية الصحية، ولا يستبعد المراقبون أن يشمل ذاك التعاون بين الطرفين مستقبلا المجالات العسكرية أيضا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات كازاخستان قطر العلاقات الاقتصادي الاستثمارية اقتصاد قطر استثمار علاقات كازاخستان مدونات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی کازاخستان من أجل

إقرأ أيضاً:

ثروت إمبابي يكتب: الزراعة دون تربة.. مستقبل الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية

هل تخيلت يومًا أن تنمو نبتة دون أن تلمس حبة تراب؟ أو أن تزهر شجرة في الهواء دون أن تُغرس في أرض؟ قد يبدو الأمر ضربًا من الخيال، لكنه واقعٌ بدأ يفرض نفسه على عالم الزراعة، ذلك العالم الذي كان لقرونٍ أسير التربة والماء والمناخ.
لقد تغيرت قواعد اللعبة. لم تعد الزراعة كما عرفناها، ولم تعد الأرض وحدها هي وعاء الحياة. فمع تصاعد الأزمات البيئية، وازدياد شحّ المياه، واحتضار التربة في كثير من بقاع الأرض، ظهرت تقنيات ثورية تعدنا بثورة خضراء جديدة: الزراعة المائية والهوائية.
إنها ليست مجرد بدائل، بل رؤى جذرية تعيد تعريف علاقتنا بالغذاء وبالطبيعة ذاتها. فكيف وصلت هذه التقنيات إلى الواجهة؟ ولماذا باتت خيارًا استراتيجيًا لمستقبل غذائنا؟
رغم أن الزراعة التقليدية مثّلت ركيزة الحضارات الإنسانية عبر التاريخ، فإنها تواجه اليوم أزمات تهدد استمراريتها. فالموارد المائية تنضب، والتربة تتدهور بسبب الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات، والمناخ يتغير بوتيرة متسارعة، ما يجعل الزراعة أكثر هشاشة وعرضة للفشل. كما أن النمو السكاني المتزايد يفرض ضغطًا هائلًا على سلاسل الإمداد الغذائي، في وقت تتقلص فيه الأراضي الصالحة للزراعة.
في هذا السياق، تبرز الزراعة المائية كأحد الحلول الواعدة. فهي تعتمد على زراعة النباتات دون الحاجة إلى التربة، حيث تُغمر الجذور في محاليل غذائية دقيقة التركيب. هذه الطريقة لا تقتصر على كونها بديلًا تقنيًا، بل تقدم مزايا عملية هائلة: فهي توفر ما يصل إلى 90٪ من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية، وتُنتج محاصيل أكثر كثافة في مساحات أقل، كما أنها تتيح الزراعة داخل المدن، ما يقلل من الاعتماد على نقل الأغذية من الريف إلى الحضر.
أما الزراعة الهوائية، فهي تمثل قفزة أكثر جرأة نحو المستقبل. في هذه التقنية، تُعلّق جذور النباتات في الهواء، وتُرشّ بشكل دوري بضباب يحتوي على جميع المغذيات الضرورية. هذه الطريقة لا توفر المياه فحسب، بل تمنح النباتات بيئة مثالية للنمو السريع والكثيف، وتُستخدم بالفعل في مشاريع زراعة مخصصة للفضاء وأماكن لا يمكن فيها استخدام التربة أو حتى الماء بكفاءة.
عندما نتحدث عن الاستدامة، فإننا لا نقصد مجرد الحفاظ على البيئة، بل ضمان أن نتمكن من إنتاج غذائنا دون تدمير الكوكب. وهنا تُثبت هاتان التقنيتان فعاليتهما، إذ تساهمان في خفض الانبعاثات الكربونية، تقليل استهلاك الموارد، وتقديم حلول زراعية مرنة يمكن تطبيقها في أي مكان تقريبًا.
أما على المستوى الشخصي، فأنا أرى أن هذه الحلول تمثل ضرورة وليست خيارًا. في عالمٍ تزداد فيه الكوارث المناخية وتضيق فيه المساحات القابلة للزراعة، لا يمكننا أن نتمسك بأنماط قديمة وننتظر نتائج جديدة. يجب أن نستثمر في هذه التقنيات، وندعم الأبحاث المحلية لتطويرها وتكييفها مع بيئتنا. إن الزراعة المائية والهوائية ليست مجرد رفاهية تكنولوجية، بل وسيلة لإنقاذ الأمن الغذائي العالمي، وتحقيق توازن بين الإنسان والطبيعة.
لقد دخلنا عصرًا جديدًا من الزراعة، حيث لا تُقاس الخصوبة بعمق التربة، بل بذكاء النظام. وفي زمنٍ أصبح فيه الماء أثمن من النفط، فإن من يتحكم في تقنيات الزراعة الذكية، يتحكم في مستقبل الغذاء.

طباعة شارك الزراعة التقليدية الزراعة المائية الزراعة الهوائية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني: مصر الدولة الوحيدة التي أتيحت لي فرصة لقاء رئيسها
  • إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر.. ما المزايا التي تقدمها للمواطنين؟
  • محافظ جنوب سيناء يعزي سفير كازاخستان في وفاة مواطنة كازاخستانية
  • ثروت إمبابي يكتب: الزراعة دون تربة.. مستقبل الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية
  • شركات صناعية أردنية تشارك لأول مرة بالمعرض الغذائي الأفريقي
  • استعراض الفرص الاستثمارية بين السلطنة وكازاخستان
  • هزة أرضية وألسنة نار وعنف مفاجئ.. أبرز الأحداث العالمية التي تصدرت العناوين اليوم!
  • أمننا الغذائي.. تحديات وحلول
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ودول الخليج