عربي21:
2025-05-09@19:53:21 GMT

المسكّنات السامة لآلام المصريين

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

انتشرت في الأسابيع الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمصريين كثر، نساء ورجال، كبار وصغار، يشكون الفقر والجوع وقلة الحيلة نتيجة تسونامي الغلاء الذي يجتاح مصر إثر أزمة اقتصادية ومالية عنيفة لم يعد يجدي معها مفعول المسكّنات "المستوردة" ولا الإسعافات "الخليجية"، بل وحتى جراحات التجميل عجزت عن إخفاء ملامحها.



قبل 7 سنوات اطلعت على دراسة علمية أجريت في جامعة كولورادو بولدر الأمريكية (نشرها موقع "ساينس ديلي" المعني بالأبحاث العلمية)، اكتشفت أن العلاج ببعض المسكنات التي من المفترض أن تخفف الألم، قد تتسبب في إطالة الشعور بالألم، لأنها تصيب خلايا أخرى بآلام مزمنة يشعر بها الإنسان لفترات طويلة (وقبل هذه الدراسة كان الأطباء ينصحون بتجنب الاستخدام المفرط للمسكنات لأنه يؤذي الكلى والمعدة).

مصر أفرطت، على مدار السنوات العشر الماضية، في استخدام المسكنات لعلاج أزمتها الاقتصادية والمالية، فأدمنت القروض، واستساغت الإسعافات الخليجية، وركنت إلى الحلول السهلة بزيادة الضرائب وبيع الأصول المغرية ورفع الدعم وزيادة أسعار الخدمات، إلى أن دخلت فيما يسميها خبراء الاقتصاد بالدائرة الجهنمية
نتائج هذه الدراسة -وإن كانت في مجال الطب- فإنها ليست ببعيدة عما يحدث في مجال الاقتصاد، فاستخدام بعض الأدوات لمعالجة أزمة في قطاع ما قد يتسبب في حدوث أزمة بقطاعات أخرى، وأبسط مثال على ذلك هو أن زيادة أسعار الفائدة كأداة رئيسية وحيدة لتسكين جموح التضخم يتسبب بطبيعة الحال في آلام أخرى، ومنها على سبيل المثال ارتفاع تكاليف الاقتراض، وتراجع حجم الاستثمارات الجديدة، وهبوط معدلات التوظيف، وارتفاع نسبة البطالة، وفي بعض البلدان يصاحب زيادة الفائدة هبوط قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وعودة معدلات التضخم للارتفاع مجددا على المدى الطويل.

والحقيقة أن مصر أفرطت، على مدار السنوات العشر الماضية، في استخدام المسكنات لعلاج أزمتها الاقتصادية والمالية، فأدمنت القروض، واستساغت الإسعافات الخليجية، وركنت إلى الحلول السهلة بزيادة الضرائب وبيع الأصول المغرية ورفع الدعم وزيادة أسعار الخدمات، إلى أن دخلت فيما يسميها خبراء الاقتصاد بالدائرة الجهنمية، وهي دائرة متصلة الحلقات من الأزمات المتداخلة يتعذر الخلاص منها. وقد يكون مصطلح الدائرة الجهنمية أقرب في التشبيه للمثل الشعبي "يطلع من نُقرة يقع في دُحديرة".

لو نظرنا -على سبيل المثال- إلى حلقة الديون الخارجية داخل هذه الدائرة الجهنمية، سنجد أن مصر اقترضت في العقد الأخير نحو ثلاثة أضعاف ونصف حجم دينها الخارجي في 2014، ومع ذلك لا تزال تعاني من فجوة تمويلية ضخمة، نتيجة لزيادة أقساط وفوائد الديونالاقتصاد المصري الآن يرقد في العناية المركزة بسبب مجموعة من القرارات غير المدروسة طوال عشر سنوات أنهكت جسده واستنفذت مقدراته وضيعت أصوله، ويحتاج بشكل عاجل وسريع إلى علاج فعال وبرامج إصلاح حقيقية لضبط الأوضاع المالية وإعادة التوازن واستعادة الثقة في الاقتصاد قبل أن يزداد الوضع سوءا وتدهورا. والواقع أن العقبة الكبرى التي تحول دون التعافي الاقتصادي هي الاستمرار على نفس السياسيات التي اقترضتها من مؤسسات التمويل الدولية وأسواق الدين العالمية، وتتفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بشروط ربما تكون أكثر قسوة وإجحافا من اتفاقيات القروض السابقة، والتي سيتجرع مرارتها ويتحمل الجزء الأكبر من أعبائها ملايين المصريين من الفقراء ومحدودي ومتوسطي الدخل.

وبحسب البنك المركزي فإن إجمالي الالتزامات الخارجية المطلوب من مصر سدادها خلال العام 2024 يبلغ 42.3 مليار دولار (32.8 مليار دولار ديون متوسطة وطويلة الأجل، و9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل). أي أن حلقة الديون الخارجية وحدها ستبتلع هذا العام أكثر من نصف إيرادات الدولة، وستساهم مع عوامل أخرى في اتساع وتزايد الحلقات المتصلة داخل الدائرة الجهنمية، مثل تفاقم عجز الموازنة العامة، وارتفاع فاتورة النفقات العامة (مصروفات الدولة)، وهبوط قيمة الجنيه، وزيادة الأسعار، وفرض ضرائب جديدة، وهكذا.

إن الاقتصاد المصري الآن يرقد في العناية المركزة بسبب مجموعة من القرارات غير المدروسة طوال عشر سنوات أنهكت جسده واستنفذت مقدراته وضيعت أصوله، ويحتاج بشكل عاجل وسريع إلى علاج فعال وبرامج إصلاح حقيقية لضبط الأوضاع المالية وإعادة التوازن واستعادة الثقة في الاقتصاد قبل أن يزداد الوضع سوءا وتدهورا. والواقع أن العقبة الكبرى التي تحول دون التعافي الاقتصادي هي الاستمرار على نفس السياسيات والاعتماد على علاج صندوق النقد الدولي ومسكناته "السامة" التي قد تؤدي إلى الموت البطيء للاقتصاد المصري.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر اقتصادية القروض الأزمات مصر اقتصاد قروض أزمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الاقتصاد

إقرأ أيضاً:

رئيس العربية للتصنيع: نسعى لتوطين التكنولوجيا وزيادة نسب الإنتاج المحلي

كشف اللواء أ.ح مهندس مختار عبد اللطيف، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، عن تقديره واعتزازه بالتعاون مع وزارة الطيران المدني، ودعمها لكل أوجه التعاون المشترك، مؤكدا اهتمام الهيئة بتوطين التكنولوجيا، وزيادة نسب التصنيع المحلي، وتقليل الواردات، وتعظيم شعار "صنع في مصر".

بروتوكول تعاون بين العربية للتصنيع والطيران المدني لتوفير وسائل تدريب حديثةوزيرة البيئة ورئيس العربية للتصنيع يشهدان توقيع اتفاقيات لتنفيذ مشروعات مشتركةاتفاقيات بين العربية للتصنيع والبيئة لتنفيذ مشروعات لإعادة تدوير المخلفاتالعربية للتصنيع: خطة طموحة لزيادة إنتاج الطلمبات وتلبية احتياجات السوق

وأوضح «عبد اللطيف» خلال توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين مصنع الإلكترونيات التابع للهيئة، وبين الشركة القابضة للأكاديمية المصرية لعلوم الطيران، أن مجالات التعاون المتفق عليها، تتضمن توفير وسائل تدريب حديثة ومتطورة، ومحاكيات علوم الطيران للمراقبة الجوية الشاملة، بما يلبى احتياجات وطموحات الشركة القابضة للأكاديمية المصرية لعلوم الطيران، من خلال حلول متكاملة ذكية في مجالات التصميم والتصنيع، وبأسعار تنافسية. 

وأشار رئيس الهيئة العربية للتصنيع، إلى أن هذا يعد طفرة في مجال صناعة البرمجيات المتقدمة على مستوى العالم؛ من خلال تصنيع المحاكيات بالكامل بالتعاون بين مصنع الإلكترونيات التابع للهيئة، وإحدى شركات القطاع الخاص المصري. 

تجربة محاكاة واقعية

أكد اللواء أ.ح مهندس مختار عبد اللطيف، أن الهيئة نجحت في تقديم نماذج صناعية متميزة تحقق تجربة محاكاة واقعية لكل خدمات المراقبة الجوية.

وشدد على حرص الهيئة أن تكون بيئة العمل داخل المحاكي مطابقة تمامًا لبيئة العمل الفعلية داخل أبراج المراقبة الجوية؛ لضمان إعداد المتدربين وتأهيلهم بكفاءة عالية تُمكنهم من مباشرة مهامهم في الأبراج الحقيقية فور تخرجهم، دون الحاجة إلى فترات تأقلم تدريبية إضافية. 

ولفت إلى أن مصنع الإلكترونيات يقدم نموذجا تدريبيا، يُضاهي الأمثل على مستوى العالم، حيث تم اعتماد معايير جميع مراكز التدريب العالمية، مع الحرص على مواءمتها مع خصوصية بيئة العمل الفعلية.

وأكد أن تلك المنظومة تركز على تحقيق أقصى درجات السلامة والصحة المهنية لتحقيق بيئة تدريب تحاكي المعايير الدولية ومطابقة لأحدث الأكواد المعتمدة.

طباعة شارك العربية للتصنيع الطيران المدني وزارة الطيران المدني توطين التكنولوجيا التصنيع المحلي علوم الطيران

مقالات مشابهة

  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم
  • «بشرى سارة وزيادة كبيرة».. موعد صرف منحة عيد الأضحى 2025 للعمالة غير المنتظمة
  • آخر تحديث لسعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 9-5-2025
  • ساويرس: الجيش المصري يعمل بالبسكويت والجمبري وتركيا تصنع المسيرات (شاهد)
  • أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025
  • محمود بسيوني: الفائض التجاري المصري مع اليونان يعكس قوة الاقتصاد
  • رئيس العربية للتصنيع: نسعى لتوطين التكنولوجيا وزيادة نسب الإنتاج المحلي
  • «بنك التنمية الجديد» بصدد دراسة تمويل مشاريع لدعم الاقتصاد المصري «تفاصيل»
  • موعد صرف مرتبات مايو 2025 وزيادة الحد الأدنى للأجور.. تفاصيل كاملة
  • برلماني: اجتماع الرئيس السيسي مع الحكومة والبنك المركزي يعكس إدراك القيادة لتحديات الاقتصاد المصري