مختصون: على الحكومات مراعاة الاعتبارات الأخلاقية عند تطوير استراتيجيات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
دبي - الخلبج
أكد مشاركون في جلسة «كيف تسخر الحكومات التطور التكنولوجي في خدمة المجتمعات؟» التي نظمت ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات، أن على الحكومات عند التفكير في تطوير استراتيجية واضحة وشاملة تمكنها من الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، مراعاة الاعتبارات الأخلاقية مثل الشمولية وعدم التمييز، مشددين على ضرورة أن تراعي الدول عند الشروع في التحول الرقمي، السياق الثقافي والاجتماعي والفكري للمجتمع.
واستشرفت الجلسة، التي شارك فيها كل من الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجمهورية مصر العربية، والمهندس ماجد سلطان المسمار مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمي في الإمارات، ومصطفى سيسه، أستاذ العلوم في المعهد الأفريقي لعلوم الرياضيات، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Kera Health Platforms؛ التحديات والاعتبارات التي تواجه الحكومات عند اعتماد تقنيات جديدة، حيث تمحورت النقاشات حول إيجاد رؤية تنظر بحكمة إلى سرعة التقدم التكنولوجي، وتأخذ في الاعتبار الإمكانات والمخاطر التي يمكن أن يجلبها اعتماد التكنولوجيا بسرعة للمجتمعات.
قواعد بيانات
وعن التجربة المصرية فيما يتعلق بالتحول الرقمي، استهل الدكتور عمرو طلعت حديثه قائلاً: «في 2018 بدأنا تنفيذ استراتيجية مصر الرقمية، بحيث تكون الخدمات الحكومية متوافرة بشكل سهل وسلس للمواطنين في مختلف محافظات مصر، ولتحقيق ذلك أعددنا قواعد بيانات ضخمة، والآن لدينا أكثر من مئة قاعدة بيانات في المؤسسات الحكومية».
وتابع «كما بدأنا بناء منصة مصر الرقمية التي تشمل أكثر من 170 خدمة حكومية مؤتمتة كلياً، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة أن تصل الخدمات الرقمية إلى جميع السكان، وخصوصاً سكان الأرياف، تفادياً لما يُعرف بالشرخ الرقمي، وللوصول إلى العدالة الرقمية».
استراتيجية واضحة
من جانبه، أكّد ماجد سلطان المسمار، ريادة دولة الإمارات في التحول الرقمي، حيث تمكنت خلال السنوات الماضية من الوصول إلى المرتبة الـ13 عالمياً في هذا الأمر، مشيراً إلى عدد من العوامل التي تقف وراء وصول دولة الإمارات إلى هذه المرتبة قائلاً: «ما وصلنا إليه يعود إلى الجهود الذكية لقيادتنا، ورؤيتها الجريئة، وهذان هما سبب التطور وتحقيق كل ما وصلنا إليه، في هذا المجال وغيرها من المجالات».
وشدد على أن دولة الإمارات تركز على الابتكار في كل شي، حيث تؤمن حكومة دولة الإمارات بالوجود الطبيعي للتكنولوجيا، لكن المهم هو كيف يستطيع الإنسان العادي استخدامها، ولذلك تستثمر الإمارات أولاً في الإنسان، الذي سيتمكن من استخدام هذه التكنولوجيا بما فيه فائدته ونفع المجتمع.
كما تطرق ماجد سلطان المسمار إلى المسائل الأخلاقية المرتبطة بالرقمنة والتحول الرقمي، مع الحرص على الاستفادة القصوى، مما توفره التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في جميع المجالات؛ وقال: «يجب التفكير دائماً في تطوير استراتيجية واضحة وشاملة، من أجل الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة، إلا أنه لا يمكن التغافل عن المسائل الأخلاقية عند التحول الرقمي، ومنها على سبيل المثال مسألة الشمولية، إذ علينا ألا ننسى المجتمعات المهمشة، حيث يتوجب علينا التعرف على احتياجاتها لنقوم بسد الفجوة الرقمية».
وأضاف «كذلك يجب أن نضع خطوطاً توجيهيةً لحماية حقوق الإنسان، وعدم التمييز بين البشر، عبر اعتماد الشفافية والمساءلة، والأهم هو فهم كيف تعمل الخوارزميات، فقبل أن نأخذ منتجاً ما ونطبقه، لابد من فهمه أولاً، وأخيراً علينا إدراك أن التحول الرقمي الكامل سينتج عنه فقدان العديدين وظائفهم، وعلينا أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، لنسأل: ماذا ستفعل الحكومات من أجل هؤلاء الأشخاص الذين يمكن أن يفقدوا وظائفهم؟».
اختلافات جوهرية
من جانبه شدد مصطفى سيسه على أن أهم ما يتعلق بمسألة التحول الرقمي هو إدراك الحكومات للسياق الثقافي والاجتماعي والفكري للمجتمع.
وأشار إلى أن: «هناك اختلافات جوهرية بين سياقات استخدام الأدوات نفسها في عملية التحول الرقمي، فمثلاً الخوارزميات التي تستخدم لصناعة سيارات ذاتية القيادة في أمريكا، هي نفسها التي تستخدم لتشخيص بعض الأمراض في مناطق أخرى في العالم، لكن السياق مختلف، فالسياق مهم للغاية».
وشدد على إيمانه بعدم إمكانية فصل التكنولوجيا عن السياق الذي يتم تبنيها فيه، مشدداً على أن التحول الرقمي لن يؤتي ثماره إلا من خلال بناء المجتمع، والطريقة المثلى للبناء هي التعليم، لتزويد السكان بالمعرفة ليدركوا ما هو التحول الرقمي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات القمة العالمية للحكومات الإمارات التحول الرقمی دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
شهدت الرياضة تحولا جذريا خلال السنوات الأخيرة بفضل التطورات التكنولوجية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعد تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية التي قد تغير نتائج المباريات أحد أكثر المجالات تأثرا.
ومع ظهور تقنيات، مثل "حكم الفيديو المساعد" (VAR)، أصبحت القرارات التحكيمية أكثر دقة، ولكنها أثارت أيضا نقاشات حول مدى موثوقيتها وتأثيرها في روح اللعبة.
وفي هذا الموضوع، نستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التحكيم الرياضي، مع استعراض أمثلة عملية، والتحديات التي تواجه هذه التقنيات في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري.
لطالما كان الحكم الرياضي هو السلطة العليا في الملعب، يتخذ قراراته في أجزاء من الثانية وسط ضغوط اللاعبين والجمهور وسرعة الإيقاع.
ولكن التحكيم الرياضي شهد تطورا جذريا خلال العقود الماضية استجابة للحاجة الملحة لتقليل الأخطاء التحكيمية.
وانتقل التحكيم الرياضي من الاعتماد الكامل على الحكم البشري إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي ساعد في اتخاذ قرارات دقيقة وعادلة.
وأظهرت الدراسات أن الأخطاء التحكيمية تظل حاضرة في بعض الرياضات الجماعية، حتى مع التدريب والخبرة.
ويقدم الذكاء الاصطناعي حلولا مبتكرة من خلال قدرته على المساعدة في اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية موضوعية، بدلا من الاعتماد على التقدير الشخصي وحده، كما يسهم في تحسين أداء الحكام.
وتتبع الأنظمة الذكية قرارات الحكام وتحلل دقتها، مما يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء وتوجيههم نحو التحسين.
وتشمل هذه التحليلات متابعة أنماط القرارات، وتحديد الأخطاء المتكررة، وقياس الاتساق في التحكيم. كما تساعد في إعداد برامج تدريبية مخصصة للحكام بناء على احتياجاتهم الفردية.
إعلانوتشكل أنظمة الذكاء الاصطناعي دعامة رقمية لتحسين جودة التحكيم، إذ ظهر نظام الرؤية الحاسوبية "هوك آي لايف" (Hawk-Eye Live) لأول مرة في رياضة التنس عام 2003 لأغراض البث.
ولكن حصل على الموافقة عام 2005 بعد مباراة في بطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 2004 تعرضت خلالها لاعبة لعدة قرارات خاطئة وخسرت المباراة.
وجرى توسيع نطاق استخدام "هوك آي لايف" خلال جائحة فيروس كورونا، حيث أقيمت بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس لعام 2020 بدون حكام خطوط في جميع الملاعب الرئيسية باستثناء ملعبين.
ومنذ بدء استخدام "هوك آي لايف"، استغنى اتحاد التنس الأميركي عن ما بين 190 و200 حكم، حسب مرحلة البطولة.
وتوضح ورقة بحثية صادرة عام 2024 أن السلوك البشري يتغير عند استخدام التكنولوجيا، إذ تحسنت دقة الحكام، وانخفض معدل الأخطاء الإجمالي بنسبة 8% بعد استخدام "هوك آي لايف".
من التنس إلى كرة القدم والجمبازفي عام 2009، ساعدت لمسة يد غير ملحوظة فرنسا على إقصاء أيرلندا من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، في حين كان هدف فرانك لامبارد الشهير ضد ألمانيا نقطة التحول.
وبالرغم من عبور الكرة خط المرمى، أخطأ الحكم في تقدير الموقف، مما دفع إلى تبني التقنية الجديدة.
وفي عام 2012، أنشأ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم عملية اعتماد لضمان جودة أنظمة تقنية "خط المرمى" (Goal-Line Technology) المستخدمة في المباريات الرسمية.
بينما ظهرت "تقنية التسلل شبه الآلية" (SAOT) لأول مرة في كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر، حيث ترسل الكرة تنبيها إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد" كلما كانت في وضع التسلل.
كما تضمنت الكرة وحدة "قياس بالقصور الذاتي" (IMU) تكتشف المواقف غير القانونية وترسل البيانات بمعدل 500 مرة في الثانية إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد".
كما وصلت "تقنية التسلل شبه الآلية" إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2025، من أجل توفير تحديد سريع وثابت لخط التسلل الافتراضي، استنادا إلى تتبع اللاعبين بصريا.
أما في رياضة الجمباز، فقد طورت "فوجيتسو" (Fujitsu) تقنية "نظام دعم التحكيم" (JSS) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للجمباز، لتحويل الحركات البشرية المعقدة إلى بيانات رقمية، مما قلل من التحيز وساعد في توحيد المعايير.
واستخدم "نظام دعم التحكيم" في مسابقات بطولة العالم للجمباز لعام 2019، كما استخدمت هذه التقنية لأول مرة في بطولة العالم للجمباز الفني في بلجيكا عام 2023، للتحكيم على جميع الأجهزة.
البيانات تتحدث في لعبة الجولف والملاكمةبفضل نظام "شوت لينك" (ShotLink) المعزز بمعلومات لوجستية وبيانات إحصائية وأجهزة الاستشعار المدمجة في أرضية ملعب الجولف، يمكن تتبع موقع كل ضربة قبل أن تلامس الأرض.
كما يتضمن النظام رادارا من المستوى العسكري يوفر بيانات حول كل ضربة، إلى جانب وجود 12 كاميرا ومجموعة من الأشخاص الذي يراقبون الضربات التي تخرج عن حدود الملعب.
وتوفر أجهزة الاستشعار والكاميرات البيانات للتنبؤ بموقع الضربة قبل أن تصطدم بالأرض، ويستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تزويد الحكام بأدوات تساعدهم في أداء عملهم.
إعلانأما في رياضة الملاكمة، فإن نظام "ديب سترايك" (DeepStrike) يجمع بيانات مكثفة عن المباريات في 50 مقياسا رئيسيا لكل لاعب، مما يتيح الكشف عن السلوكيات غير المشروعة، وبالتالي مكافحة الغش في النزالات.
يتمتع الذكاء الاصطناعي بمزايا مقارنة بالحكام البشر، في ما يتعلق ببعض التحيزات المحتملة، كتلك التي قد تستند إلى جنسية الرياضي، كما أن له ميزة على القيود الجسدية للحكم البشري، مثل ضعف البصر، وسرعة الإدراك، والتعب بعد يوم طويل من التحكيم.
ومن المفترض أن أنظمة الذكاء الاصطناعي محايدة، ومع ذلك، فإن قرارات الذكاء الاصطناعي تعتمد على كيفية تدريبه ومن تدرب عليه.
ولا تزال قرارات الذكاء الاصطناعي مبنية على قواعد يبرمجها البشر، باستخدام بيانات تجمعها آلات يمكنها أن تغفل عن بعض التفاصيل أو تفسرها بشكل خطأ.
وقد يصلح الذكاء الاصطناعي بعض المشاكل، لكنه يدخل مشاكل أخرى، كما أنه يثير قضايا المسؤولية، حيث واجهت عملية اتخاذ القرار بمساعدة الذكاء الاصطناعي في الرياضة انتكاسات.
وشهدت مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020 بين شيفيلد يونايتد وأستون فيلا إلغاء هدف واضح بسبب عطل في تقنية "خط المرمى"، وليس بسبب خطأ بشري.
واعترفت الشركة المطورة لتقنية "هوك آي لايف" لاحقا بالخطأ، واصفة إياه بالشذوذ بعد أكثر من 9 آلاف مباراة دون أي حوادث.
ونشأ جدل مماثل في المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم 2022، عندما ألغت "تقنية التسلل شبه الآلية" هدفا للاعب الإكوادور إينر فالنسيا.
وأثار القرار جدلا حول إذا كانت دقة النظام، التي تقدر بمستوى السنتيمتر، صارمة للغاية بالنسبة لطبيعة اللعبة السريعة.
وبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في القرارات الموضوعية، فإنه يعاني في القرارات الذاتية، وهو مجال لا يزال فيه الحكم البشري حاسما.
المستقبل الهجينلا يزال من الصعب تصور ملاعب رياضية بدون حكام بشريين، إذ إن المجتمع الرياضي لم يتهيأ بعد لتقبل حكم روبوت.
كما أن الذكاء الاصطناعي لا يسعى في الوقت الحالي إلى إلغاء العنصر البشري، بل دعمه بمنظومة ذكية تقلل من احتمالات الخطأ، وتعزز الشفافية، وتضمن تكافؤ الفرص.
ونتيجة لذلك، فإن التوجه هو تطوير نموذج هجين، يجمع بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي القرارات الموضوعية، في حين يحتفظ الحكم البشري بالقرارات التقديرية التي تتطلب فهم السياق والنية.
ختاما، في عالم تقاس فيه الانتصارات بأجزاء من الثانية، لم تعد الأخطاء التحكيمية مجرد حوادث عرضية بل أصبحت قضايا رأي عام، تتصدر العناوين وتؤثر في ثقة الجمهور بالبطولات.
في حين أن الذكاء الاصطناعي يؤدي دورا حيويا في تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية، بيد أنه ليس معصوما عن الخطأ، ولا بديلا عن الإنسان في السياقات التي تتطلب تقديرا سياقيا.
نتيجة لذلك، فإن التحكيم الرياضي العادل يحتاج إلى مزيج من الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.