الاحتلال الصهيونى يجبر 10 آلاف نازح على إخلاء مجمع ناصر الطبى تحت تهديد السلاح
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
إسرائيل تكبل معتقلاً وتعدمه وتفتح نيرانها على المرضى والعالم يكتفى بالإدانة
20 ألف معاق من عناصر الاحتلال والكلاب الضالة تطاردهم بشمال قطاع غزة
اشتعال الجبهة بين حزب الله وتل أبيب وفشل القبة الحديدية فى رد الصواريخ
تصاعدت اليوم مأساة حرب الإبادة الإجرامية الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى، وبلغت أقصى ما يتحمله بشر فى اليوم الـ131 من المحارق المتواصلة على قطاع غزة، وسط قصف مدفعى مستمر وتحليق مكثف لطائرات الاحتلال فى عدة أماكن بالمحافظة الوسطى وإخلاء النازحين من مجمع ناصر الطبى بخان يونس بإمطارهم بآلاف القذائف والدفع بهم الى المجهول فى الوقت الذى تشهد فيه مدينة رفح الحدودية مع مصر اكتظاظاً بمليون ونصف مليون نازح تحت هدير الغارات الوحشية.
وأرسل الاحتلال شخصاً اعتقله فى خان يونس وهو مكبل اليدين إلى مجمع ناصر الطبى... يقول للنازحين اخلوا المستشفى... وعقب خروجه أطلق عليه الجيش النار وقتله. وأكد عدد من الزملاء وشهود العيان داخل المجمّع، أنّ الاحتلال أذاع عبر مكبرات الصوت للنازحين داخل المجمع، بالخروج وهم رافعون أيديهم، فيما عجزت مئات العائلات عن إيجاد مأوى بديل لها، فى ظل انعدام الأماكن الآمنة واستهداف الاحتلال المدارس ومراكز الإيواء.
ويؤوى مجمع ناصر أكثر من 10 آلاف نازح فلسطينى عن مناطق شمال ووسط قطاع غزّة، فى ظل شحّ أماكن النزوح الآمنة، بعد اكتظاظ مدينة رفح جنوبى القطاع بنحو من مليون ونصف المليون نازح، ومنع الاحتلال الأهالى من العودة الى وسط وشمال القطاع.
وقنص الاحتلال عددا من الفلسطينيين فى محيط مجمع ناصر الطبّى وأصاب آخرين، معظمهم من النازحين داخل المجمع الذين حاولوا الخروج. وواصل الاحتلال غاراته على المنازل المدنية فى انحاء متفرقة من القطاع، وارتقى شهداء فى غارة استهدفت منزلاً فى حى الجلاء بمدينة غزّة، بينهم الكاتب المتخصص بالشأن الإسرائيلى أيمن الرفاتى. واستهدف الاحتلال منزلاً فى دير البلح وسط القطاع المكتظّة بالنازحين أدى الى ارتفاع عدد من الشهداء ووقوع جرحى، كما استهدفت طائرات استطلاع منزلاً فى مخيم النصيرات وسط القطاع.
وتشهد مدرسة الحورانى غرب مدينة خان يونس حصارا وفيها مئات النازحين منذ 3 أيام بدون ماء والوضع عندهم صعب ويناشدون الصليب الأحمر والأمم المتحدة من اجل التدخل لإنقاذهم.
وأعلن الدكتور أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة فى غزة عن ارتكاب الاحتلال خلال الساعات الماضية عشرات المحارق راح ضحيتها مئات الشهداء وأصيب آخرون فى غارات على مواقع متفرقة من قطاع غزّة.
وحذّرت حركة حماس من الوضع الإنسانى الكارثى الذى يتعرّض له النازحون والأطقم الطبية والجرحى فى مستشفى ناصر بخان يونس.
وأكدت أن الاحتلال أطبق حصاره على مستشفى ناصر وقطع الإمدادات عنه بشكل كامل وأشارت الى أن الموجودين فى المستشفى يفتقدون لأدنى مقومات الحياة وسط إطلاق النار المباشر على المستشفى ما أدّى إلى استشهاد عدد كبير من النازحين داخله. وأعلنت قناة كان العبرية عن أن وزارة الحرب الإسرائيلية تستعد لاستقبال حوالى 20 ألف معاق جديد من معارك غزة فيما تطارد الكلاب الضالة عناصر الاحتلال بشمال القطاع.
ودعت الأمم المتحدة وكافة الجهات ذات العلاقة لمنع الاحتلال من اقتحام المستشفى تفادياً لمجزرة مروّعة وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية بضرورة التحرك الميدانى العاجل لإدخال ما يلزم من طعام وماء ودواء للمستشفى لإنقاذ من فيه وأعربت منظمة «أطباء بلا حدود»، عن قلقها البالغ إزاء الوضع فى مجمع ناصر الطبى المحاصر فى مدينة خان يونس.
وشهدت الحدود الفلسطينية الشمالية المحتلة مع جنوب لبنان تصعيدا يفتح التكهنات باتساع الحرب فى المنطقة مع إطلاق «حزب الله» للمرة الأولى صواريخ دقيقة على مدينة صفد التى تبعد حوالى 15 كيلومترًا عن الحدود، ما أدى إلى مقتل جندية وإصابات فى صفوف الاحتلال، إضافة إلى وقوع إضرار جسيمة فى المنطقة.
ونفذ «حزب الله» عملية نوعية باتجاه صفد الإسرائيلية، حيث أطلق ثمانية صواريخ على دفعتين، أصاب أحدها مبنى فى المنطقة. وقالت وسائل إعلام عبرية، إن العملية أدت إلى مقتل مجنّدة وإصابة سبعة أشخاص يرجح أنهم مقاتلون بينهم ثلاث إصابات خطرة.
وفشلت القبّة الحديديّة فى اعتراض الصاروخ الأخير، الذى أصاب المبنى بشكل مباشر ونتيجة استخدام «حزب الله» صواريخ دقيقة ووصف إعلام العدو ما حدث فى صفد، لم يكن له مثيل منذ اندلاع الحرب، وهو حدث استثنائى مع إطلاق الصواريخ نحو منطقة بعيدة نسبيًّا عن الحدود.
وأكد رئيس بلدية صفد أن أضرارًا جسيمة لحقت بقواعد الاحتلال الإسرائيلى فى المنطقة. بينما طالب وزير الأمن القومى إيتمان بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعقد اجتماع عاجل قائلًا إن «القصف من لبنان ليس ضربات متقطعة بل هو حرب فعلية».
وأشار رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» وعضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، تعليقًا على هجوم صفد، إلى أنّ «الخط الأحمر أصبح راية بيضاء. حكومة الحرب استسلمت لحزب الله وخسرت الشمال» بدأ الاحتلال سلسلة ضربات على لبنان، واستهدفت إسرائيل مواقع لحزب الله اللبنانى فى إقليم التفاح جنوبى لبنان. وأضافت أن غارة إسرائيلية على بلدة عدشيت استهدفت مبنى من ثلاثة طوابق أدت إلى سقوط شهداء وجرحى. وأكدت مصادر لبنانية استشهاد عائلة سورية من 3 أفراد باستهداف منزل داخل بلدة الصوانة جنوبى لبنان.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
حكايات من مآسي الجوع والنزوح في خان يونس جنوب قطاع غزة
غزة- تُمسك النازحة آمنة الصرفندي بهاتف محمول في يديها، وتشير إلى صورة يعود تاريخها لبضعة أيام سبقت اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتختصر من خلال ملامحها التي تبدلت كليا وجسدها الهزيل، أثر النزوح والجوع عليها.
وعلى كرسي بلاستيكي صغير داخل صف مدرسي تقيم فيه وعائلتها (9 أفراد)، جلست الصرفندي (62 عاما)، وروت للجزيرة نت بقهر شديد كيف بدّلت الحرب أحوالها. وتقول "مات زوجي، ومنذ إجبارنا على مغادرة مدينة رفح، نزحنا 5 مرات. نهرب من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان والطعام، ولا نجدهما".
على إثر العملية العسكرية الواسعة في رفح التي بدأت في 6 مايو/أيار من العام الماضي، نزحت الصرفندي مع أهالي المدينة والنازحين فيها، وقد سوّت قوات الاحتلال منزلها في "مخيم يبنا" المحاذي للحدود مع مصر، بالأرض، كما هو حال أغلبية المنازل في هذه المدينة الصغيرة.
عايشت الصرفندي الكثير من الأحداث خلال 6 عقود مضت من حياتها، غير أنها تحسم بأنه "لم يمر بنا أسوأ من هذه الحرب"، ومن بين شهورها الطويلة تقول إن "الأيام الحالية هي الأكثر قسوة ومرارة، ولا نعرف من أين سيأتينا الموت، بالجوع أو بصاروخ وقذيفة".
حال هذه المرأة ينسحب على زهاء مليونين و200 ألف فلسطيني، يعصف بهم الجوع نتيجة الحصار المشدد وإغلاق الاحتلال المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية منذ 2 مارس/آذار الماضي، وتبع ذلك استئنافه للحرب في 18 من الشهر ذاته، على نحو أشد فتكا وعنفا.
إعلانوأدخل الاحتلال، مساء أمس الأربعاء، نحو 90 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية، هي الأولى منذ أكثر من شهرين، وتقول هيئات محلية ودولية إنها لا تفي باحتياجات السكان الهائلة.
"والله لو كان بيد إسرائيل لقطعت عنا الهواء"، تضيف الصرفندي التي انخفض وزنها من 76 إلى 50 كيلوغراما وباتت لا تقوى على الحركة والمشي إلا بالاتكاء على عكاز.
وهي تعاني من مرض الضغط، وقبل بضعة أيام سقطت على الأرض وخارت قواها وأصيبت بشرخ في قدمها، من قلة الطعام. ولم تكن قد تناولت في ذلك اليوم سوى بضع معالق صغيرة من الأرز، حصلت على صحن صغير منه من تكية خيرية، تناولته مع عائلتها الكبيرة ولم يشبع منه أحد.
وحتى هذه التكية أغلقت أبوابها منذ يومين لعدم توفر المواد الغذائية، وللسبب ذاته اضطرت الكثير من التكايا إلى الإغلاق على مستوى القطاع في الآونة الأخيرة.
أمنيات البسطاء
هذه التكية كانت بالنسبة للصرفندي وعائلتها، وأُسر كثيرة نازحة، الملاذ الوحيد للحصول على وجبة طعام، في ظل توقف الهيئات المحلية والدولية عن توزيع المساعدات الإنسانية، والارتفاع الهائل في أسعار الخضراوات والمواد الغذائية الشحيحة في الأسواق.
لا يتوفر الطحين لدى عائلة الصرفندي منذ أسابيع، واضطرت إلى صناعة الخبز باستخدام العدس والمعكرونة حتى نفدت ولم تعد تعلم كيف تتدبر شؤونها. وتتساءل المرأة الأرملة بحرقة والدموع تحتبس في مقلتيها "من وين نجيب 100 شيكل (نحو 28 دولارا) ثمن كيلو الطحين؟".
ويصنع كيلو الطحين نحو 10 أرغفة من الخبز، بالكاد تكفي وجبة واحدة لأسرتها، وكان سعره قبل تشديد الحصار لا يزيد عن 3 شواكل (أقل من دولار).
ونظرت الصرفندي نحو زاوية الغرفة وأشارت إلى قاعدة حديدية صغيرة وآثار رماد ونار، وإلى جانبها أواني قديمة وبضع أكواب زجاحية، وقالت "حتى كاسة الشاي بطلنا قادرين نعملها ونشربها، ومين بيقدر يشتري كيلو السكر بـ120 شيكل (نحو 33 دولارا)".
إعلانوتراكمت الديون على هذه النازحة التي اضطرت لشراء دواء والقليل من الطعام، وتخشى أن تموت قبل أن تتمكن من سدادها، ووضعت رأسها بين كفيها وهي تتمتم بصوت منخفض "هذه ليست حياة.. والله الموت أرحم لنا من هذه العيشة".
وفي الشارع الملاصق لجدار المدرسة ذاتها، افترشت عائلات نازحة من بلدات شرق خان يونس الأرض والتحفت السماء بعدما أجبرها الاحتلال على النزوح القسري من مناطق بني سهيلا، والقرارة، وعبسان الكبيرة، وعبسان الجديدة، ولم تجد لها مأوى في المدارس المكتظة ومنطقة المواصي التي تعج بآلاف الخيام.
منذ الاثنين الماضي، يعيش باسل البريم وأسرته (5 أفراد) في هذا الشارع، وقد نزحوا من بلدة بني سهيلا بالقليل من الأمتعة حملوها على أكتافهم، وقطعوا مسافة تزيد عن 5 كيلومترات سيرا، لندرة وسائل المواصلات وارتفاع أجرة النقل.
لدى البريم (52 عاما) ابن يعاني من إعاقة ذهنية، ويقول للجزيرة نت "ابني حمزة عمره 10 أعوام ولا يمكنه المشي بشكل طبيعي، واضطررت للتبديل بينه وبين الأمتعة، أضعها جانبا وأسير به لـ200 متر، وأضعه وأعود لجلب الأمتعة، وهكذا طوال الطريق". ويؤكد أن هذه هي تجربة النزوح الأصعب من بين مرات كثيرة لم يعد يحصيها، لأنها تتقاطع مع مجاعة شديدة وعدم توفر الطعام.
وفقد البريم عمله مع اندلاع الحرب وليس له دخل يعتاش وأسرته منه، ويشعر بعجز يعتصر قلبه وهو مكبل اليدين أمام أطفاله الذين يتضورون جوعا، ولا يمتلك ثمن رغيف خبز يشتريه لهم، وقد ارتفع سعره من شيكل إلى 5 شواكل (دولار ونصف الدولار).
ولحمزة حكاية معاناة مختلفة، فهو يحتاج إلى أطعمة خاصة غير متوفرة في الأسواق جراء الحصار، ويضطر والده إلى إطعامه ما يتوفر حتى تدهورت حالته الصحية، وفقد نحو 10 كيلوغرامات من وزنه.
وعلى مقربة منا، كانت النازحة شوقية البريم تستمع إلى حوارنا، وطلبت أن تشارك الجزيرة نت حكايتها، وأصرت وكأنها وجدت من تلقي بثقلها عليه، وتقول "عمري (66 عاما) وأعاني من أمراض مزمنة، فشل كلوي وسكري وضغط، ومنذ ليلتين أنام وعائلتي (10 أفراد) هنا في الشارع، بلا فرشة أو غطاء أو طعام".
إعلانقطعت البريم وعائلتها أكثر من 5 كيلومترات سيرا على الأقدام من بلدة بني سهيلا حتى مجمع ناصر الطبي في غرب خان يونس، وانهارت عدة مرات خلال الطريق وسقطت أرضا.
هذه هي تجربتها العاشرة في النزوح، وتتفق مع غيرها أنها "الأصعب والأشد قسوة"، وتبكي على حال أحفادها الصغار وهم يصرخون من الجوع، ووالدهم العاطل عن العمل يقف عاجزا لا يملك من أمره شيئا.