اتهمت منظمة هيومن رايتس وتش، الخميس، جميع الأطراف اليمنية بإرتكاب انتهاكات واعتداءات واسعة لحقوق الإنسان، بينها "جرائم حرب" خلال السنوات الماضية، مؤكدة غياب المحاسبة عن تلك الإنتهاكات المستمرة.

 

وقالت المنظمة في بيان لها بشأن التّوصيات المشتركة في شأن "الاستعراض الدّوري الشّامل" لليمن، إن الأطراف المُتحاربة ارتكبت طوال فترة النّزاع اعتداءاتٍ غير قانونيّة بحقّ المدنيين والأعيان المدنيّة مثل المنازل السّكنيّة، والمستشفيات والمدارس، وأخفَت واحتجزَت تعسّفًا وعذّبت مواطنين كثيرين، واقترفت انتهاكات جسيمة بحقّ الأطفال.

 

وأضافت بأن هذه الاعتداءات قد يصحّ اعتبارها "جرائم حرب فعليّة"، مشيرة إلى غياب المحاسبة على أيّ من الانتهاكات الّتي ارتكبتها الأطراف المنخرطة في النّزاع، في حين أنّ الضّحايا والنّاجين لم يُشملوا اشتمالًا وافيًا في عمليّة إرساء السّلام.

 

وطالبت المنظمة الحكومة الشرعية "التّصديق على نظام روما الأساسيّ للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة"، وتطبيقه في التّشريعات الوطنيّة، بما في ذلك تضمين القوانين أحكامًا تنصّ على التّعاون الفوري والكامل مع المحكمة الجنائيّة الدّوليّة، وفتح التّحقيقات وبدء الملاحقات القضائيّة في شأن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة والإبادة، وذلك في المحاكم الوطنيّة على نحو ينسجم والقانون الدّوليّ.

 

وشدد البيان، على "ضمان أن تُجرَى تحقيقات مجدية ومستقلّة في شأن الاعتداءات على حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنسانيّ وقانون حقوق الإنسان الدّوليَّين، وأن تقدر هيئات التّحقيق، بما فيها اللّجنة الوطنيّة، أن تزاول عملها باستقلاليّة وفعاليّة على امتداد البلد، وأن تؤمّن حماية المدّعين والشّهود، وأن يلاحق المسؤولون عن الانتهاكات والاعتداءات ويخضعوا للمحاسبة، وذلك على نحو مُمتثل لمعايير التّحقيق والمُحاكمة العادلة الدّوليّة".

 

وأوصت المنظمة، بـ "ضمان أن يُمنح ضحايا الاعتداءات غير الشّرعية وعائلاتهم القدرة على الحصول على وسائل الإنصاف، ومنها التّعويض وردّ الاعتبار، وإعادة التّأهيل والتّرضية، وضمانات عدم التّكرار وذلك على امتداد أراضي اليمن".

 

وأكدت على ضرورة أن "تشمل أيّ تسويةٍ أو عمليّة سلام قيد التّفاوض مشاركةَ الضّحايا والنّاجين وأن تؤدّي حقّهم في العدالة أداءً منصفًا وعادلًا، وأن تحدّد الخطوات الرّامية إلى تنفيذ أساسيّات العدالة الانتقاليّة بما فيها تدابير جبر الضّرر".

 

ودعت المنظمة إلى التّعاون مع هيئات المعاهدات ذات الصّلة والمكلّفين بولاياتِ إجراءات الأمم المتّحدة الخاصّة، وذلكَ عبر الموافقة على طلبات الزّيارة، وتزويدهم بمُستجدات حول الاستجابات على طلباتٍ كهذه، وتنفيذ توصياتهم على سبيل الذّكر لا الحصر.

 

وقالت عيومن رايتس وتش: "إنَّ جميع الأطراف المنخرطة في النّزاع قد اعتقلت تعسّفًا وأخفت قسرًا وعذّبت الكثير من الأشخاص على امتداد اليمن، مشيرة إلى أن "رابطة أمّهات المختطفين" وثّقت 2,725 حالة اعتقال تعسّفيّ لمدنيين، و761 حالة إخفاء قسريّ، و974 حالة تعذيب وغير ذلك من ضروب سوء معاملة بحقّ معتقلين مدنيين، وذلك ما بين العاميْن 2019 و2022- علمًا أنّ النّسبة الكبرى من حالات الخطف والإخفاء والتّعذيب يتحمّل مسؤوليّتها الحوثيّون.

 

ولفت إلى أن جماعة الحوثي أخفت في أيّار/ مايو من العام الماضي، 17 فردًا من الطّائفة البهائيّة كانوا مجتمعين في أحد المنازل، فيما اعتقل المجلس الإنتقالي في آب/ أغسطس من العام 2022، الصّحفيّ أحمد ماهر ومارس بحقّه التّعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، في الوقت الذي تواصل الأطراف المتنازعة اعتقال المدنيين وتعذيب المُعتقلين في مراكز الاعتقال والسّجون السّريّة.

 

وأوصت المنظمة بـ "التّصديق على الاتفاقية الدّولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسريّ والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بالإضافة إلى ضمان انسجام التّشريعات الوطنيّة والأحكام الواردة في الاتفاقية والبروتوكول آنفيْ الذّكر".

 

وشددت المنظمة على أهمية "القضاء على ممارسات الاعتقال والاحتجاز التّعسفيَيْن، والإخفاء القسريّ والتّعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسّفًا والكشف عن مصائر المخفيين".

 

وتطرق البيان إلى القيود المفروضة على اليمنيّات بسبب اشتراط سفرهنّ برفقة محرم (أي وصي ذكر)، وهو ما يتنافى وكلّ من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التّمييز ضدّ المرأة و"العهد الدّولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة".

 

وقالت بأن هذا القيد فاقم إعاقة اليمنيّات عن ممارسة العمل، لا سيّما هؤلاء اللّواتي يجب عليهنّ السّفر من أجلِ العمل، مشيرة إلى أن ذلك أحدث تأثيرًا مباشرًا في حصول اليمنيّات، نساءً وفتياتٍ، على الرّعاية الصّحيّة وعلى حقوقهنّ في الصّحة الإنجابيّة. ولا تزال نساء كثيرات، مِمّن أتمَمْن أحكام السّجن المُنزلة عليهنّ، قيد الاحتجاز وذلك بسبب اشتراط أن يكون لهنّ محرمٌ من أجل الإفراج عنهنّ.

 

وتحدث التقرير عن أن جميع الأطراف المُتنازعة ارتكبت انتهاكات خطيرة بحقّ الأطفال طيلة مدّة الحرب، مشيرا إلى أن "الاتّحاد اليمنيّ لرصد انتهاكات حقوق الإنسان" و"رصد لحقوق الإنسان" 309 حدّدا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وأجريا تحقيقات فيها (وهي 99 حالة قتل وتشويه، و70 حالة تجنيد، و55 ضحّية بسببِ اعتداءاتٍ على المدارس والمستشفيات، و56 حالة خطف، و13 حالة حرمان من المساعدة الإنسانيّة، و16 حالة عنف جنسيّ وعنف قائم على النّوع الاجتماعيّ)، وغالبيّة الجناة، أي نسبة 75% منهم، منتمية إلى الحوثيين، في حين أنّ نسبة 25% منهم مرتبطة بالحكومة اليمنيّة والمجلس الجنوبي الانتقالي أو مجهولة الهويّة.

 

وطالبت المنظمة، بالقضاء على تجنيد الأطفال في القوّات المسلّحة، بمن فيهم أولئك الّذين يؤدّون وظائف غير عسكريّة، وإجراء تحقيق ملائم وإنزال العقوبة المناسبة على الضّباط الّذين سمحوا بانتساب الأطفال إلى وحداتهم أو المسؤولين عن ارتكاب جريمة الحرب المتمثّلة بتجنيد الأطفال دون سنّ الخامسة عشرة أو استخدامهم في مهامٍ عسكريّة أو أمنيّة.

 

وأكد التقرير أن كلا من الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي يفرضون قيودًا وشروطًا غير ضروريّة على المنظّمات الإنسانيّة ومشاريع الإغاثة، وهو ما من شأنه أن يسبّب تأخيرًا في توزيع المساعدات وينال من حقوق المدنيين، بما في ذلكَ حصولهم على الطّعام والماء والرّعاية الصّحيّة.

 

وأشارت هيومن رايتس إلى أن الكثير من المنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ اليمنيّة وكذلك فريق خبراء الأمم المتّحدة أبلغوا عن استغلال الحوثيين المساعدات الإنسانيّة من أجلِ تجنيد الأفراد، والأطفال ضمنًا، في قوّاتهم.

 

وأردفت: "أدّى استمرار النّزوح إلى تعاظم مخاطر تعرّض اليمنيين للإعاقة بسبب الأسلحة المتفجّرة، مثل الألغام والأجهزة المتفجّرة يدويّة الصّنع. وعلى الرّغم من أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة الهائلة في اليمن – ومنهم أشخاصٌ ذوو إعاقاتٍ غيرِ ناجمة من النّزاع - أظهرت الجهود الّتي تبذلها الحكومة وغيرها من الجهات الفاعلة المعنيّة، ومن بينها منظّمات دوليّة، مكامن ضعفٍ كُبرى في تلبية حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة والاستجابة لرؤاهم.

 

وقالت بأن الوصول إلى المدارس ومراكز الرّعاية الصّحيّة الأوّليّة، وكذلك وضع النّساء والفتيات ذوات الإعاقة هي بعضٌ من المجالات الأساسيّة التي تلحّ الحاجة فيها إلى إجراءات حكوميّة آيلة إلى تعزيز مساواة الأشخاص ذوي الإعاقة بغيرهم وكذلك دمجهم في المجتمع.

 

ونوه التقرير إلى أن الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن يواجهون مضايقات وتهديدات واعتقالات تعسفية وإخفاء قسري وملاحقات قضائية لمُجرّد ممارستهم حقّهم في حريّة التّعبير بسلميّة، داعيا للإفراج الفوريّ واللّامشروط عن جميع مَن سُجنوا لمُجرّد ممارستهم حقّهم في حريّة التّعبير بسلميّة.

 

وطالبت المنظمة الحقوقية، بإنهاء مضايقة النّاشطين والصّحفيين ومُحاكمتهم، واحترام حقّهم في حريّة التّعبير، ووضع حدّ لاستدعائهم إلى المثول أمام هيئات عسكريّة وأمنيّة من أجل استجوابهم، وذلك على اعتباره وسيلة مُضايقة، والقضاء على إساءة استخدام القوانين المتعلّقة بالتّحقير والأمن الوطنيّ لكمّ الأصوات المعارضة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن هيومن رايتس ووتش مليشيا الحوثي الانتقالي الحكومة حقوق الإنسان الأطراف الم الإنسانی ة ة الد ولی الوطنی ة بما فی إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

رايتس ووتش تحذر من تمرير قانون يحرم ملايين الأميركيين من الحق في الصحة

حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من حرمان ملايين الأميركيين من الحق في التغطية الصحية في حال إقرار مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ، وحثت أعضاء مجلس النواب على اغتنام الفرصة الثانية لرفض القانون.

وسجلت المنظمة الحقوقية الدولية أن مشروع القانون المثير للجدل من شأنه أن يمدد "التخفيضات الضريبية التي تعود بفوائد غير متكافئة على أغنى العائلات في البلاد، بينما يُقلّص الإنفاق على الصحة وغيرها من البرامج العامة الأساسية لحقوق الإنسان".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبراء أمميون يدعون بريطانيا لعدم وصم مجموعة العمل من أجل فلسطين بـ"الإرهاب"list 2 of 2عامان سجنا لمحامية تونسية بارزة منتقدة للرئيسend of list

وأفادت المنظمة بأنه إذا تمت المصادقة على المشروع ليصبح قانونا "سيحرم ملايين الأشخاص من تغطية التأمين الصحي، ويلحق الضرر بحقوق الإنسان بطرق عديدة في الولايات المتحدة".

واعتبرت أن التخفيضات والتعديلات المضمنة في مشروع القانون تهدد صحة ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة، بل وحياة الكثيرين، وأشارت إلى أن باحثين من جامعتي ييل وبنسلفانيا توقعوا في يونيو/حزيران الماضي أن هذه التعديلات "قد تتسبب في نحو 51 ألف حالة وفاة إضافية سنويا".

ويتضمن مشروع القانون بنودا أخرى، قالت هيومن رايتس ووتش إنها تلحق الضرر بحقوق الإنسان مثل تخصيص "عشرات المليارات من الدولارات من الأموال العامة لتوسيع احتجاز المهاجرين بما في ذلك العائلات".

"انتهاكات أخرى"

كما توقعت المنظمة في حال إقرار القانون أن تتفاقم الانتهاكات التي تم توثيقها خلال إنفاذ قوانين الهجرة، بما في ذلك "الاعتقال التعسفي وحرمان المحتجزين من الإجراءات القانونية وظروف الاحتجاز اللاإنسانية".

وقال مات ماكونيل الباحث في العدالة الاقتصادية وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش إن القانون بما يحوي من "تخفيضات قاسية ونقل ضخم للثروات من الصالح العام إلى الجيوب الخاصة، لا يُشكل حلا لعدم المساواة الاقتصادية أو لإدارة الهجرة وإجراءات اللجوء، بل هو مخطط للقسوة".

إعلان

واعتبر ماكونيل أن من "المروع أن الرئيس ترامب خاض حملته الانتخابية على أساس إصلاح الاقتصاد، لكنه يُقدم ميزانية تجعل الناس العاديين يدفعون ثمن التخفيضات الضريبية للمليونيرات من صحتهم".

وأوضح أن الولايات المتحدة تستحق نظام رعاية صحية "يضمن حق الجميع في الصحة ويوفر ميزانية تُتيح ذلك".

وطالبت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة بالعمل على مواءمة سياساتها الضريبية والمالية مع حقوق الإنسان، وشددت على أهمية إعطاء الأولوية لحماية "جميع الحقوق وتحقيقها بما في ذلك الحق في الصحة وتصميم أنظمة ضريبية تتماشى مع هذه الالتزامات".

مقالات مشابهة

  • “هيومن رايتس”: منع دخول الوقود إلى مستشفيات غزة أداة للقتل والتهجير القسري
  • رايتس ووتش: انسحاب دول أوروبية من معاهدة حظر الألغام الأرضية يهدد حياة المدنيين
  • الحكومة: تعديلات مرتقبة على قانون الإيجار القديم ترضي جميع الأطراف
  • هيومن رايتس ووتش: خطة ترامب الضريبية تهدد حياة ملايين الأميركيين
  • رايتس ووتش تحذر من تمرير قانون يحرم ملايين الأميركيين من الحق في الصحة
  • إحصائية رسمية: 400 حالة وفاة وإصابة في حوادث السير بالمناطق اليمنية المحررة خلال يونيو الماضي
  • مؤسسة حقوق الإنسان بليبيا: نحمّل الدبيبة مسؤولية أي انتهاكات لوقف النار في طرابلس
  • ماذا يحمل مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن
  • غروندبرغ يصل إلى عدن لإحياء عملية السلام المتعثرة في اليمن
  • وكيل مجلس النواب: نعمل على تحقيق التوازن بين جميع الأطراف في قانون الإيجار القديم