الحوار الوطنى وآمال المواطن واستراتيجية حل الأزمة
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
تأتى أهمية الحوار الوطنى فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والدقيقة الراهنة وتحديات جسيمة تواجهها الدولة المصرية، وقضايا وملفات اقتصادية واجتماعية وسياسية تحتاج إلى رؤى وآليات وإجراءات تشريعية وتنفيذية لحلها، وذلك ينبع من الحوار واستماع الدولة إلى وجهات النظر والرؤى المختلفة، وهو ما يتحقق فى جلسات الحوار الوطنى التى تشمل جميع التيارات والاتجاهات السياسية والوطنية ومختلف فئات المجتمع والمتخصصين والخبراء.
وجاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستكمال جلسات الحوار فى مرحلته الثانية بعد الانتخابات الرئاسية لتعكس الجدية والمصداقية، وتتبقى خطوة تضفى مزيدا من المصداقية للحوار، وهى تنفيذ مخرجات وتوصيات المرحلة الأولى على أرض الواقع.
إن استجابة مجلس أمناء الحوار الوطنى لدعوة الرئيس السيسى لعقد حوار وطنى اقتصادى أكثر عمقا وشمولا، خطوة مهمة لعقد جلسات مكثفة وموسعة بحضور كافة المتخصصين والخبراء والمهتمين ومشاركة الحكومة، للاستماع إلى رؤى وتصورات قابلة للتطبيق لإيجاد حلول للقضايا والأزمات الاقتصادية، ولا بد أن يتم فتح كافة الملفات الاقتصادية من إزالة معوقات الاستثمار وتوطين الصناعة وتعميق التصنيع المحلى وتعزيز الإنتاج الزراعى وقضية عجز الموازنة والدين العام وأزمة نقص العملة الصعبة وارتفاع معدل التضخم وأزمة غلاء وانفلات الأسعار وآليات ضبط الأسواق، ومعوقات التصدير وآليات تنمية الصادرات المصرية، وغيرها من الملفات.
هناك تحديات كبيرة والجميع ينتظر من الحوار الوطنى خاصة الاقتصادى نتائج إيجابية على المستوى قصير المدى تطمئن المواطنين، بجانب وجود مبادرات ورؤى مبنية على استراتيجيات متوسطة وطويلة المدى لحل الأزمة الاقتصادية، وأن يكون هناك تحسن فى مستوى الأداء الحكومي، فالشغل الشاغل لدى المواطن والشارع المصرى حاليًا هو الظروف الاقتصادية الصعبة الناتجة عن تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية، وأن تكون هناك مواجهة حازمة وصارمة لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار التى ترتفع كل ساعة، وتسببت فى معاناة شديدة وإثقال كاهل المواطن بأعباء كبيرة، لذلك يجب أن يضع الحوار الوطنى هذا الملف على رأس الأولويات، وأن تكون هناك حلول واقعية.
ومن المؤكد أن استكمال المرحلة الثانية من الحوار الوطنى وفتح مناقشات موسعة فى الملفات المختلفة يثرى الحياة الحزبية، وفرصة قوية لجميع القوى السياسية أن تشارك فى صناعة القرار والمساهمة فى طرح أفكار تعمل على مواجهة الأزمة الاقتصادية، كما أن دعوة مجلس أمناء الحوار الوطنى، للحكومة للمشاركة فى الحوار الوطنى الاقتصادى خطوة ضرورية من أجل عرض كافة التحديات والمعلومات وتفاصيل تخص الأزمات الاقتصادية وأسبابها للوصول إلى رؤى واقعية، قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
إن الحوار الوطنى يتحمل مسئولية وطنية كبيرة تتمثل فى صياغة رؤى اقتصادية جديدة ومختلفة تناسب الأوضاع الاقتصادية الحالية، وما يحيط بها من أحداث عالمية وإقليمية ذات تأثير مباشر على الاقتصاد المصرى.
كما أن الحرص على استكمال الحوار الوطنى لمناقشة القضايا المتبقية إلى جانب الحوار الاقتصادى، وتحديد جلسات قريبة لمناقشة تشريعات الحبس الاحتياطى والحبس فى قضايا النشر والإبداع، أمر ضرورى لأنها ملفات مهمة جداً، ونأمل بالتوازى فى سرعة إصدار قرارات واتخاذ إجراءات جادة ومناقشة تشريعات، تكون نابعة من مخرجات وتوصيات المرحلة الأولى للحوار الوطنى فى القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ختاماً، أؤكد أن مشاركة جميع فئات المجتمع والمتخصصين والخبراء فى هذه العملية الديمقراطية بمثابة ضمانة أساسية لمستقبل أفضل لمصر، وأثمن ما انتهى مجلس الأمناء إليه من تشكيل لجنة لتنسيق تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى بالتعاون مع الحكومة، ومجلس النواب والجهات المختلفة ذات الصلة، فذلك يؤكد جدية الحوار الوطنى ومصداقيته، ونأمل أن يخرج الحوار الاقتصادى باستراتيجية واضحة ومحددة للتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة.
عضو مجلس الشيوخ
عضو الهيئة العليا لحزب الوفد
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا لحزب الوفد الحوار الوطني المواطن الظروف الاقتصادية الصعبة اقتصادية واجتماعية جلسات الحوار الوطني الحوار الوطنى
إقرأ أيضاً:
حزب الله ... والانفتاح المشروط على الحوار
بات مؤكدًا وفق السياسة الاميركية تجاه لبنان أن صدقية الحكومة تعتمد على قدرتها على فرض احتكار الدولة للسلاح، ولا تكفي التصريحات ما دام حزب الله يحتفظ بسلاحه خارج إطار الدولة، ورغم ذلك يعيد حزب الله طرح موقفه من موقع المقاومة في المعادلة الوطنية، عبر تأكيد مزدوج على التمسك بخيارها كقوة دفاع عن لبنان، والانفتاح المشروط على حوار داخلي بشأن الاستراتيجية الدفاعية.ينطلق حزب الله في مقاربته من اعتبار أن ما يهدد لبنان يتجاوز الانقسامات الداخلية إلى مشروع خارجي واسع يستهدف الكيان والصيغة اللبنانية. فبحسب قراءته، يتعرض لبنان لضغوط دولية تهدف إلى إخضاعه أو إعادة دمجه في صراعات إقليمية، وسط دعوات متكررة إلى نزع سلاحه أو فرض وصايات جديدة عليه. في هذا السياق، يطرح الحزب أن التمسك بالسلاح شمال الليطاني ليس مجرد خيار حزبي أو فئوي، بل ضرورة وطنية ووجودية لحماية لبنان من مشاريع التقسيم والتدويل، مع تشديده أيضا على أن طرح ملف السلاح قد يؤدي إلى ترك الشعب مكشوفا أمام أي عدوان، في ظل غياب ضمانات حقيقية لردع إسرائيل التي لم تلتزم بالاتفاقات.
وفي وجه الأصوات المطالبة بحصرية السلاح بيد الدولة، يقدم حزب الله مقاربة تفصيلية، يميز فيها بين سلاحه الذي كان هدفه الاساس مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وصد الاعتداءات، وبين السلاح المتفلت الذي يشكل تهديداً فعلياً للأمن الداخلي. ووفق هذا المنطق، فإن الدعوة إلى ضبط السلاح يجب أن تستهدف أولاً السلاح غير الشرعي الذي ينتشر بين المجموعات الخارجة عن القانون أو يستخدم في النزاعات المناطقية والطائفية أو سلاح المخيمات. أما المقاومة، فيرى الحزب أنها جزء لا يتجزأ من معادلة الأمن القومي.
في المقابل، لا يغلق حزب الله باب الحوار، بل يعرب عن استعداده للدخول في نقاش وطني حول الاستراتيجية الدفاعية الشاملة، شرط أن يتم هذا الحوار انطلاقا من الاعتراف بدوره في حماية لبنان. بهذا، يسعى الحزب إلى تثبيت موقفه كجزء من منظومة الدفاع الوطني، لا كجسم معزول أو خارجي عنها. وهو يرفض في الوقت نفسه أي محاولة لعملها تحت شعار الحصرية، معتبراً أن مثل هذا الطرح يخدم، بشكل مباشر أو غير مباشر، المشاريع التي تستهدف لبنان من الخارج.
وهنا يبرز التباين مع القوات اللبنانية كواحد من أوضح وجوه الانقسام الوطني حول هذا الملف. فالقوات تتبنى موقفا مبدئيا يدعو إلى حصرية السلاح بيد الدولة فقط، وتعتبر سلاح حزب الله تعديا مباشرا على السيادة وتفريغا لمفهوم الدولة من مضمونها. وفي نظرها، لم يعد لسلاح الحزب أي مبرر منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي عام 2000، بل تحول إلى أداة إقليمية استخدم في سياقات تجاوزت لبنان، وخدمت مصالح إيران أكثر مما خدمت الأمن اللبناني.
وتطالب القوات بأن تكون الاستراتيجية الدفاعية مدخلاً لتوحيد القرار العسكري والأمني تحت سلطة الجيش من دون شراكة أو ازدواجية. من هذا المنظور، فإن كل تسوية تبقي على سلاح الحزب، تعد في نظرها تنازلاً عن السيادة الوطنية ومصدراً دائماً للاختلال الداخلي والتدخلات الخارجية.
في خطابه السياسي، يحمل حزب الله مسؤولية تأزيم الواقع اللبناني إلى من يتبنون خطاب التخوين والكراهية، ويرى أن ضرب الوحدة الوطنية هو أكبر خدمة تقدم لإسرائيل وللمشروع الأميركي في المنطقة. ولذلك يدعو إلى العودة إلى مفهوم الوحدة في وجه الخطر، وهي المعادلة التي لطالما أكد عليها منذ ما بعد عام 2006.
من جهة أخرى، يلاحظ مصدر سياسي وسطي أن الحزب يستخدم خطابا سياديا في الشكل، لكنه يخفي خلفه رغبة في إعادة تثبيت المعادلة الثلاثية كصيغة دفاعية دائمة،علما أن هذه المعادلة بالنسبة للبنان الرسمي أصبحت من الماضي ولا يمكن إعادة تبنيها، ولذلك فإن خطاب الحزب، وإن حمل في طياته دعوة إلى الحوار، يبقى منضبطا ضمن حدود لا تسمح بالتخلي عن جوهر السلاح أو استقلالية قراره، ما يعكس حذرا سياسيا من مواقفه.
من هنا، تبدو الحاجة ملحة إلى رؤية سياسية تقوم على التدرج في بناء الثقة، وإعادة تعريف الأدوار ضمن إطار وطني جامع. وهذا لا يتحقق، بحسب مصدر سياسي بارز، إلا من خلال حوار جدي، مسؤول ومحصن عن الاستغلال الإقليمي والدولي، تشارك فيه القوى السياسية الرئيسية، ويقوم على مبادئ ثلاثة وهي: الاعتراف المتبادل بالمخاوف والحقوق، بدلاً من تخوين الخصم أو تسفيه روايته، ربط السلاح بالشرعية الوطنية تدريجياً ضمن آلية واضحة متفق عليها وترتكز على حماية لبنان بعيدا عن محاور الخارج، تحصين الجيش اللبناني سياسياً وتسليحياً ليكون المرجعية النهائية في الدفاع، مع صيغة تفاهم مرحلية تراعي الواقع ولا تتجاهله.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة بو صعب: موضوع سلاح حزب الله على الطاولة وجزء أساسي من الحوار Lebanon 24 بو صعب: موضوع سلاح حزب الله على الطاولة وجزء أساسي من الحوار