تعثر متكرر وارتفاع التكاليف.. أين وصل الرهان على الغاز الموريتاني؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
نواكشوط – وقعت موريتانيا والسنغال قبل 6 أعوام على القرار النهائي لاستثمار حقل غاز "السلحفاة/أحميم الكبير" المكتشف على حدودهما البحرية المشتركة، والذي تبلغ احتياطاته نحو 25 تريليون قدم مكعب.
حينها توقعت شركتا "كوسموس" وبريتش بتروليوم "بي بي" الموقعتان على عقد استغلال الحقل أن يبدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي نهاية العام 2021، ورفعت شعوب البلدين المتجاورة والمتعطشة للثراء سقف الآمال عاليا، وترقبت آفاقا وفرصا واعدة.
لكنها اليوم أصيبت بخيبة أمل بعد أن سجل المشروع تأخرا واضحا عن موعد الإنتاج لأكثر من سنتين، وتضاعفت تكاليف تطويره، وأصبح البعض يقلل من قيمته الاقتصادية وفوائده التنموية، خصوصا في موريتانيا التي صرح وزير اقتصادها أكثر من مرة بأن عائدات بلده من حقل السلحفاة/أحميم الكبير "لن تنعكس مبكرا على الاقتصاد الموريتاني".
وكانت شركة "بي بي" البريطانية، المالكة لنسبة 56% من المشروع، قد أعلنت عن تأخير في بدء الإنتاج في الموقع عدة مرات، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف الذي أثار استياء المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين، الذين وجدوا أنفسهم في حرج بعد أن دمجوا بالفعل العائدات المتوقعة من المشروع في مشاريع قوانين المالية لعام 2023.
تراجع العائداتتقدر العائدات التي كانت ستدخل خزينة الدولة الموريتانية وحدها من مشروع السلحفاة/أحميم الكبير بـ100 مليون دولار سنويا في المرحلة الأولى من الإنتاج، في حين كانت ستبلغ في المرحلة الثانية والثالثة مليار دولار سنويا، حيث ستتجاوز قدرة الإنتاج عتبة 10 ملايين طن سنويا.
لكن هذه الأرقام قد تتقلص بنسبة 50% بعد التعثرات المتكررة للمشروع والارتفاع الجنوني لتكاليفه، الذي وصف بأنه انقلاب جرى في الخفاء على المشروع دفع المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين للتوحد للضغط على الشركة المنفذة لمراجعة التكاليف.
الصحفي الموريتاني سيدي محمد بلعمش، رئيس تحرير موقع "مراسلون" الإخباري، يصف للجزيرة نت ما جرى بأنها "خيبة أمل موريتانية سنغالية كبيرة"، مؤكدا أن "تكاليف المشروع ارتفعت من 3.8 إلى 10 مليارات دولار، مما يؤثر على المداخيل السنوية التي يترقبها الشارع، فبدلا من 100 مليون دولار سنويا في المراحل الأولى، سنجني الآن في أحسن الأحوال 60 مليون دولار سنويا، وهو أقل مما نجنيه من اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي".
ويعتبر ولد بلعمش أن "الخلاصة المؤسفة هي أنه لا أفق الآن اقتصاديا للغاز، والآمال من هذا المشروع بالذات قد تبخرت ونحن في غفلة من أمرنا".
تحقيق وتدقيقوبعد التأخر الكبير الذي عرفته الأشغال في هذا الحقل وارتفاع تكاليفه وتراجع التوقعات بخصوص العائدات المادية، كثفت موريتانيا والسنغال الجهود من أجل تدارك الوضع.
وقال وزير البترول والمعادن والطاقة في تصريح سابق "إن استخراج الغاز تأخر لأسباب فنية تتعلق بطبيعة المشروع المعقدة، فضلا عن جائحة كورونا، غير أن هذه الأسباب لا تبرر كل هذا التأخر".
وأكد الوزير أن موريتانيا والسنغال تدرسان أسباب ارتفاع التكلفة التي أعلنت عنها الشركات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول مستشار وزير الطاقة الموريتاني أحمد فال محمدن إن "تصدير الغاز من حقل أحميم تأخر عن الموعد 28 شهرا، وإن مسؤولي البلدين لاحظوا ارتفاعا في تكاليفه، ولجؤوا بالفعل لاكتتاب مكتب دولي للدراسة والتدقيق المالي في التكاليف وتقييم الأثر الإجمالي لهذا التأخر المسجل في تنفيذ المشروع وارتفاع تكلفته".
ونفى المستشار أن يكون هناك نزاع أو خلاف بين شركة "بي بي" والدولة الموريتانية، مضيفا أن الشركة ما زالت عند التزاماتها المتعلقة بتطوير المشروع واستخراج الغاز، والعمل متواصل ووصول المنصة العائمة لتسييل الغاز الطبيعي الخميس الماضي للمنشأة دليل واضح على قرب انتهاء الأشغال التي تخطت نسبتها حاجز 90%.
ولا يخفي الصحفي ولد بلعمش تشاؤمه من المراجعات والمفاوضات الجارية، ولا يتوقع أن تكون لها نتائج ملموسة كإبقاء المداخيل على ما كانت عليه سابقا، مضيفا أن شركة بريتش بتروليوم حينما تعلن أن هناك تكاليف إضافية، فمعناه أنها حضرت جيدا لهذا الملف وأعدت للسؤال جوابا، ولا يمكن أن تؤتى من هذا الجانب وجميع تبريراتها ستكون مقنعة.
وإضافة إلى هذه العوامل لدى الشركتين العاملتين في الحقل، هناك خيار آخر باللجوء لاستعمال الضغوط الدولية، وستميل لصالحهما خاصة أنهما تنتميان للقوتين العالميتين البريطانية والأميركية.
أمل باق رغم التحدياتوفي غضون هذه التحديات، تواصل السلطات الموريتانية والسنغالية مشاوراتهما لضمان الاستدامة والجدوى الاقتصادية للمشروع مع المحافظة على مصالح مواطني البلدين.
وحسب ما قال المستشار ولد محمدن، فإن الدولة الموريتانية رغم التحديات "ما زالت تسعى للاستثمار في هذا المشروع لدعم تنميتها المحلية وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها، وتخطط لتنفيذ مشاريع هامة في مجال الغاز والطاقة واستغلال الكمية المخصصة للاستهلاك المحلي التي تقدر بـ35 مليون متر مكعب والتي ستخصص لإنتاج الكهرباء والطاقة النظيفة".
كما أن موريتانيا -وفق المستشار ذاته- "اعتمدت رؤية إستراتيجية للطاقة من أجل خلق تكامل بين القطاعات الثلاثة الغاز والكهرباء والمعادن، تتمثل في تثمين موارد الغاز واستغلالها من أجل إنتاج كهرباء قوية ذات جودة عالية وبأسعار مخفضة وتوجيهها نحو الأقطاب المعدنية من أجل إتاحة الفرصة للصناعات التحويلية، مما سيحقق الهدف العام المنشود وهو خلق نقلة اقتصادية واجتماعية للبلد".
ويعد حقل أحميم المشترك مع السنغال باكورة المشاريع الغازية المستغلة لموريتانيا التي تملك منفردة حقولا باحتياطات ضخمة تبلغ 100 تريليون قدم مكعبة، من ضمنها احتياطات حقل "السلحفاة" الذي تتقاسمه مع جارتها السنغال.
وسيصل حجم تصدير الغاز من السلحفاة في المرحلة الأولى من الاستغلال إلى نحو 2.5 مليون طن سنويا، خصص نحو 70 مليون قدم مكعب منها يوميا للاستهلاك المحلي داخل للبلدين.
ومع اقتراب اكتمال الأشغال في مشروع السلحفاة وتصدير أول شحنة من الغاز الموريتاني نهاية العام الجاري، يراهن الموريتانيون على الغاز ويمنون النفس بنجاح هذه التجربة من أجل تغيير أوضاعهم المعيشية وتنمية بلدهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ملیون دولار سنویا فی المرحلة من أجل
إقرأ أيضاً:
البترول: إيجاس توقع اتفاقية جديدة للتوسع في عمليات استكشاف الغاز بدلتا النيل
شهد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، توقيع اتفاقية بين الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وشركة (هاربور إنرجي) للتوسع في عمليات الاستكشاف والإنتاج في حقل غاز دسوق الواقع بمنطقة امتياز دلتا النيل، حيث تم الاتفاق على مساحة إضافية من الأراضي ببنود اتفاق تجارية محسّنة.
وبموجب هذه الاتفاقية، تُمنح الشركة المشتركة (دسوكو) الحق في إنتاج الغاز الطبيعي بموجب هذه الشروط الجديدة، مع الالتزام بزيادة أنشطة الحفر ضمن منطقة الامتياز الموسعة، وسيدعم الإطار المحسّن للاتفاقية زيادة أنشطة الحفر ضمن امتياز دسوق القائم والمساحة الجديدة الممنوحة، مما يعزز فرص النمو المستدام وزيادة الإنتاج في المنطقة، وفق بيان لوزارة البترول اليوم الأربعاء.
وقّع الاتفاقية المهندس يس محمد، العضو المنتدب التنفيذي لشركة (إيجاس)، والمهندس سامح صبري، المدير الإقليمي لشركة (هاربور إنرجي) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد وزير البترول أن شركة (هاربور إنرجي) واحدة من أفضل الشركات التي تعمل بصورة جيدة في مصر، ولها استثمارات كبيرة، ونسعى من خلال هذه الاتفاقية إلى المزيد من التعاون لزيادة الإنتاج، لافتاً إلى أن الوزارة مستمرة في دعم هذه الشراكة التي ستحقق مكاسب لكلا الطرفين من خلال تحقيق اكتشافات جديدة ووضعها على الإنتاج.
وأكد المهندس يس محمد، العضو المنتدب التنفيذي لشركة (إيجاس)، أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار استراتيجية عمل وزارة البترول والثروة المعدنية التي تهدف إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي من مناطق الامتياز في مصر من خلال تنفيذ حزمة حوافز للشركاء الأجانب. وأضاف أن هذه الاتفاقية تعكس التعاون المثمر مع (هاربور إنرجي) لزيادة الإنتاج، وأننا نتطلع إلى نتائج استكشافية في المساحة التوسعية الجديدة، وتحقيق احتياطيات جديدة من البترول والغاز، والعمل على تنميتها مستقبلاً.
ومن جانبه، رحّب المهندس سامح صبري، المدير الإقليمي لشركة (هاربور إنرجي) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالاتفاق مع وزارة البترول والثروة المعدنية، مشيراً إلى أنه يُعد خطوة لتوسيع أنشطتنا وزيادة الإنتاج لتلبية احتياجات مصر من الطاقة. ووجّه الشكر للمهندس كريم بدوي على دعم الوزارة للشركة والتعاون مع شركة (إيجاس)، والذي ساهم في زيادة استثمارات الشركة لزيادة الإنتاج.
ويقع مشروع الغاز البري في دسوق في دلتا النيل، وتديره شركة (دسوكو)، وهو مشروع مشترك بين شركة (فنترشال ديا نايل) التابعة لشركة (هاربور إنرجي) والشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس). ومنذ بدء مرحلة الإنتاج الأولى في عام 2013، لعبت الشركة دورًا رئيسيًا في دعم احتياجات مصر المتزايدة من الطاقة، كما حققت الشراكة بعدًا وأداءً بيئيًا قويًا، حيث نجحت (دسوكو) في القضاء على الحرق الروتيني في منطقة دسوق وخفض كثافة انبعاثات الغازات الضارة بشكل كبير.
وفي أواخر عام 2022، حققت شركة (هاربور إنرجي) اكتشافًا للغاز في منطقة استكشاف شرق دمنهور، الواقعة غرب امتياز تطوير دسوق في دلتا النيل البرية. وبفضل قرب الاكتشاف من المحطة المركزية في دسوق، تم ربطه بالإنتاج بسرعة، وبدأ الإنتاج في سبتمبر 2023.
وتقوم شركة (هاربور إنرجي) بتشغيل المشروع بنسبة مشاركة تبلغ 80%، بينما تمتلك شركة (إينا - إندستريا نافتا) نسبة الـ20% المتبقية.
ومن المتوقع أن تسهم مثل هذه الاتفاقيات في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، مع المساهمة في أمن الطاقة الوطني والتنمية الاقتصادية.
اقرأ أيضاًالبترول يخضع لرقابة وفحوصات دورية.. والشعبة لا تعترف بالأزمة من وراء «غش البنزين»؟
متحدث البترول: نعتذر للمواطنين عن أزمة طلمبات البنزين