موقع النيلين:
2025-06-27@01:49:26 GMT

العَيْن الثالثة

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT


كالأشجار نَموت واقفين

ونحن صغار، نُمرغ أجسادنا المنتفخة بالأمل في تراب الطفولة التي لا تَرحل عن عيوننا التواقة إلى تسلق أعمدة الكهرباء والعبث بالطين والماء. أما ونحن كبار، فلا نكف عن السخط والتذمر، لأننا بقدر ما نكبر نصبح أقل مقاومة لأدنى تيار كهربائي يصعقنا تحت سماء الحياة، صَدِّق يا صاحبي أنها الحياة التي تتلذذ بكوننا نموت.

نموت مع إخفاقنا في قطف عنب النجاح الذي يخبئه ثعلب ماكر في جيب الصداقة الوهمية، نموت كلما تأخر لبن الحظ الذي لا يحضر إلا متعثرا، نموت تحت غيمة القَدَر الممطِرة بالأمل والألم تباعا، نموت بين تضاريس المناخ النفسي ذاك الذي لا ينصفنا إلا جثثا طريحة اليأس، نموت، كالأشجار نموت واقفين، ولا ننحني لمن زاد عيبُه وقلَّ رُطَبُه.

مع كل تنهيدة نطفئ حرائقَ زمنٍ لم يُنصفنا صُنَّاعُها، مع كل بوحٍ نُفجر أنهارا تتربع على حجرها سدرة القسوة الحالفة ألا يبخل علينا شوكها بعناق، ومع كل صباح نمدِّدُ آية الكرسي على ألسنة كفاها الزهد أن تندفع لتنبس ببنت شفة أخرى لا تليق بمنفى الربيع.

طاحونة الأيام تُهَرِّبُ خبزَ المحبة الصافية لوجه الله بعيدا عن لهفة العين، وغِربان الظلام لا تَترك لاجتهادنا مُتَنَفَّسا إلا لتُعْمِيَ بصائر من يهابهم البصرُ، والبشرُ صَدِّقْ يا صاحبي أن أكثرهم كأعجاز النخل بلا رؤوس، يفكرون بلا منطق يحتكم إلى شريعة العقل، يبيعون الوهم، ويفصلون الحضور على مقاس المزاج.

السنوات تَأكل من الواحد ما يأكله المنشار، والمواقف وطن أكثره منفى لا دفء يسري في العروق ولا رائحة تنبعث مع كل حبة تراب.

السطو! السطو على العقل أبشع أنواع الغزو! غير أننا مازلنا نَدبّ، ندبٌّ دبيب دودة عمياء لا تخونها ثقة بقية الحواس فيها، ونَزحف زَحْفَ بطريق يُجيد اللعب بريشه الأبيض والأسود وهو يجني بطولة شطرنج التمويه على امتداد مساحة الزمن البارد.
لَوْز مُرّ:

وفي قلب الليل أنفاس، تجهش الأنفاس التي قَيَّدَها الحرمان بدموع الأمومة المهرَّبَة مع تين الشتاء بعيدا عن كفّ الممكن.

أما آن لمسطرة قانون حفار القبور أن تُنْصِفَ الموتى بعيدا عن صرخة نفاق جرذان الوقت الحالفة أن تَقضم كَفَنَ الحُلم والحِلم؟!

صرخة واحدة لا تَكفي ليُجِيدَ الفمُ ترتيب شفتيه إذعانا لأمر الروح التي فاتها أن تُغادِرَ معركة النضال الزمني مغادرةً طَوعيةً من باب ترتيب أوراق الجسد الذي نسي أن يَحمل مظلة المقاومة عند سقوط آخِر ورقة من أوراق شجرة التحدي الحالفة أن تُعَرِّيك يا جسدَ الأيام الأمَّارة باستمرار رحلة العته بعيدا عن قطار منتصف الرغيف.

سعاد درير – هسبريس المغربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعیدا عن

إقرأ أيضاً:

الخشمان في قراءة سياسية عميقة: في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟

صراحة نيوز- في مشهد دولي متقلب يتسم بإعادة صياغة غير معلنة لموازين القوة، وانهيار تدريجي للنظام العالمي الذي حكم العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، أطلق النائب الكابتن زهير محمد الخشمان تحذيرًا وطنيًا من الطراز الرفيع، داعيًا إلى مراجعة داخلية شاملة لموقع الأردن في خريطة العالم الجديد، وتقديم مشروع دولة قادر على مراكمة القوة بدل استهلاكها.

في مقاله المعنون “في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟”، لا يكتفي الخشمان بتوصيف التحولات الجارية، بل يضع إصبعه على الجرح السياسي والاقتصادي الداخلي، محذرًا من أن من لا يسارع إلى التغيير بإرادته، سيُجبر على التأقلم مع قواعد لم يصنعها.

العالم يكتب تاريخه من جديد… بصمت

يرى الخشمان أن ما يجري لا يمكن اعتباره اضطرابًا سياسيًا مؤقتًا، بل هو “تفكيك للنظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وإعادة تركيب لنظام جديد يُفرض دون إعلان، ويتشكل خارج جدران الأمم المتحدة أو المؤسسات التقليدية”.

التحول، بحسب المقال، لا يأتي من جبهة واحدة، بل من كل الاتجاهات: من تراجع مركزية القرار في واشنطن، إلى تصاعد دور بكين، مرورًا بحروب بالوكالة وانكشاف هشاشة اقتصادات عظمى، وانتهاءً بتغير جوهري في أدوات النفوذ من الجيوش إلى البيانات، ومن الحدود إلى التشريعات العابرة لها.

الأردن… صوت متزن في زمن الصخب

وفي خضم هذا التغير، يبرز موقع الأردن كاستثناء في منطقة تعاني من التشظي، حيث يؤكد الخشمان أن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لم يكن في موقع الانفعال أو المسايرة، بل انتهج سياسة متزنة، “هادئة حينًا، حازمة حينًا، لكنها دائمًا واعية.”

وفي إشادة واضحة بدور الملك، يقول الخشمان: “جلالة الملك، في كل المحافل الدولية، لم يكن فقط من يتحدث باسم الأردن، بل من يمثّل ضمير الإقليم حين يغيب التوازن، وصوت الاعتدال حين ترتفع الضوضاء.”

التحولات الخارجية تتطلب إعادة ترتيب الداخل

لكن هذا الحضور الخارجي، كما يشير الخشمان، لا يمكن الحفاظ عليه دون قاعدة داخلية صلبة. فالمكانة السياسية لا تصمد دون دعم اقتصادي، والقرار المستقل لا يُحمى إلا ببنية وطنية متماسكة، والوزن الإقليمي لا يُحفظ دون جبهة داخلية موحدة.

ويقولها بوضوح: المطلوب اليوم ليس مشروع حكومة، بل مشروع دولة، تتحول فيه الحكومة إلى أداة تنفيذ حقيقية، ويكون فيه البرلمان شريكًا رقابيًا وتشريعيًا فعالًا، ويتحول فيه المواطن من متلقٍ سلبي إلى عنصر منتج وشريك في القرار.

نهاية مرحلة وبداية أخرى… هل نختار أن نكون؟

وفي لحظة تشبه ما قبل التقسيمات الكبرى في التاريخ، يحذر الخشمان من التباطؤ أو الرضى بإدارة الأزمة. ويتساءل: “هل سنبقى نستهلك طاقتنا في إدارة الملفات القديمة؟ أم سنفتح صفحة جديدة عنوانها: مشروع وطني اقتصادي سيادي عصري، يواكب العالم ويتقدم عليه لا يتخلف عنه؟”

إنها لحظة لا تحتمل المجاملة ولا التسويف. ومن لا يشارك في كتابة قواعد العالم الجديد – كما يشير الخشمان – “سيُكتب عليه أن يتعايش مع نتائجه، دون رأي، ولا مكان.”

رسالة سياسية مغلفة بلغة وطنية جامعة

ما بين سطور المقال، يظهر جليًا أن الخشمان لا يسعى انتقاد تقليدي، بل إلى بناء أرضية سياسية جديدة، عنوانها أن الأردن يستحق أكثر من إدارة الملفات… يستحق مشروعًا وطنيًا نابعًا من ذاته، يلتف حول قيادته، ويستثمر في قدراته، ويتجاوز انقساماته، ليكون في قلب الحدث العالمي، لا على هامشه.

وختمه القوي يضع خلاصة الموقف الوطني:
“وبقيادة جلالة الملك، ووعي الدولة، وتكامل حقيقي بين السلطات، وشعب يعرف قدر وطنه… بإمكاننا أن لا نكون ضحية العالم الجديد، بل أحد عناوينه.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدعم صرخة فلسطين: دعوة عاجلة لإغاثة غزة
  • الكربلائي: الشعب العراقي ليس بعيدا عن تداعيات الصراعات القائمة في المنطقة عاجلا أم اجلا
  • ترتيب مجموعة الهلال السعودي قبل مواجهة باتشوكا في كأس العالم للأندية
  • النشطاء: على أوروبا أن تضمن أمنها بنفسها بعيدا عن الولايات المتحدة
  • ترتيب هدافي كأس العالم للأندية.. وموقف وسام أبو علي
  • ألمانيا صيفا.. 3 وجهات خفية بعيدا عن المسارات التقليدية
  • باحث سياسي: المملكة تتطلع لأمن واستقرار العالم بعيدا عن حل الخلافات بالطرق العسكرية   
  • حمد الدبيخي: يجب إعادة ترتيب البيت النصراوي من الداخل.. فيديو
  • الخشمان في قراءة سياسية عميقة: في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟
  • في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟