كاسبرسكي: 22% زيادة بالتهديدات الإلكترونية المستهدفة الهواتف في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
أصدرت كاسبرسكي بيانات جديدة حول طبيعة التهديدات الإلكترونية التي تطال الأجهزة المحمولة في الإمارات العربية المتحدة. وفي ظل اعتماد المستخدمين بشكل متزايد على أجهزتهم المحمولة لمشاركة البيانات الشخصية والاتصال بشبكات الشركات، لوحظ ارتفاع عدد التهديدات التي تم اكتشافها على الأجهزة المحمولة في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا بنسبة 22% في العام الماضي 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه.
وتأتي هذه الإحصاءات من حلول كاسبرسكي المخصصة للأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل "أندرويد" الذي يستحوذ على حصة مهيمنة في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا. وتبين أن الأجهزة التي تعمل بنظام "أبل" ليست محصنة ضد التهديدات السيبرانية، (ومن الأمثلة الدالة على ذلك، نجاح كاسبرسكي بالكشف عن هجوم التثليث)، لذا فإن نظامها التشغيلي يمثّل تحديات للمراقبة بسبب خصائصه المحددة.
وتبدو عوامل الإصابة بالبرامج الضارة متنوعة للغاية. وقد يواجه المستخدمون في الكثير من الأحيان برامج ضارة عند تثبيت برامج من مصادر غير رسمية، وفي أحيان أخرى يمكن العثور على تطبيقات ضارة في أسواق الأجهزة المحمولة أيضاً. ويستخدم المهاجمون أنواعاً متنوعة من الطعوم لإقناع الضحايا بتنزيل تطبيق ضار، حيث يتبعون أسلوب التنكر لإقناعهم بأنه تطبيق مفيد أو معروف. وتمثلت أهم 5 "طعوم" يستخدمها المجرمون السيبرانيون على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في تقديم البرامج الضارة كنسخ معدّلة من تطبيقات "واتس آب" أو "كروم". وهناك الكثير من الحيل الأخرى، ومن أبرزها برامج تنزيل الملفات الموسيقية، وأخرى لحظر الإعلانات، وتطبيقات للأنظمة. وقد يقع المستخدم فريسة لهذه الممارسات الخبيثة لعدم قدرته على التمييز بين هذه التطبيقات ونسخها الأصلية، وبالتالي يتعرض جهازه لإصابة فادحة.
وكانت برامج الإعلانات المتسللة وبرامج التجسس وأحصنة طروادة للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول من بين التهديدات الأكثر انتشاراً التي تم اكتشافها فعلياً على الأجهزة المحمولة في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا. ومع أن برامج الإعلانات المتسللة يمكن أن تتصرف بطريقة تبدو غير ضارة، إلا أنها قد تقوم بإرسال بريد عشوائي بالإعلانات إلى المستخدمين، أو قد تتعرض البطارية لاستنزاف طاقتها، وربما تتمكن من الوصول إلى البيانات الحساسة. يمكن لبرامج التجسس "كينز سباي" CanesSpy على وجه التحديد، وهو أحد أحصنة طروادة النشط في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، سرقة البيانات من الهاتف الذكي المستهدف بالإصابة، والسيطرة على قائمة جهات الاتصال ومعلومات حساب المستخدم والمستندات على الجهاز، وقد يصل الأمر إلى حد التسجيل من ميكروفون الجهاز عند الطلب.
قال ديمتري جالوف، مدير فريق البحث والتحليل العالمي لروسيا ورابطة الدول المستقلة في كاسبرسكي: "لقد لاحظنا وجود أنواع من البرمجيات الخبيثة للهواتف المحمولة التي تم رصدها في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، وتبين لنا أنها تنتمي لفئة أحصنة طروادة، وهي تطبيقات غالباً ما تكون متخفية وتظهر على شكل تطبيقات شرعية. وتختلف وظائف أحصنة طروادة عموماً تبعاً لنوع البرامج الضارة التي تنتمي إليها. ويمكن لهذه الفيروسات أن تقوم بسرقة البيانات من أجهزة الضحايا، وإضافة اشتراكات غير مرغوب فيها، وقد يتعرض الضحية لابتزاز الأموال. ونعتقد أن عدد الهجمات المتقدمة على الأجهزة المحمولة سيزداد في العام الجاري 2024، لأن المهاجمين السيبرانيين يبحثون باستمرار عن طرق جديدة لتوصيل البرامج الضارة، كما أن البرامج ذاتها أصبحت أكثر تعقيداً. ونتيجة لذلك، قد يبحث المهاجمون عن طرق جديدة لاستثمار جهودهم. ويكون من المهم أيضاً ملاحظة وتحليل ديناميكيات تغيّر مشهد التهديدات السيبرانية على الأجهزة المحمولة، لاسيما وأنه أصبح من الممكن تثبيت التطبيقات من متاجر بديلة على نظام التشغيل (iOS)، وتجاوز متجر التطبيقات، من دون الحاجة إلى كسر آليات الحماية".
ولحماية نفسك من التهديدات التي تتعرض لها الأجهزة المحمولة، توصي كاسبرسكي باتباع الإجراءات التالية:
تنزيل التطبيقات من المتاجر الرسمية حصرياً، مثل Apple AppStore أو Google Play أو Amazon Appstore. ومع أن التطبيقات من هذه الأسواق لا تكون آمنة بنسبة 100%، لكنها على الأقل تخضع للفحص من قبل المشرفين، كما تستخدم بعض أنظمة الترشيح، بمعنى أنه لا يمكن لكل تطبيق الوصول إلى هذه المتاجر. وينصح في هذا الصدد الاطلاع على المراجعات التي يقدّمها مستخدمو التطبيقات لمعرفة ما إذا كان هناك أي تعليقات سلبية على وظائفها.
التحقق من أذونات التطبيقات التي تستخدمها، والتفكير جيداً قبل السماح بتحميل أحد التطبيقات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأذونات عالية المخاطر مثل خدمات إمكانية الوصول.
يساعد الحل الأمني الموثوق به للهواتف المحمولة، مثل Kaspersky Premium في اكتشاف التطبيقات الضارة والبرامج الإعلانية قبل أن تبدأ هذه الأدوات بالعبث في جهازك.
تحديث نظام التشغيل والتطبيقات المهمة حال توافر التحديثات. ويمكن حل العديد من مشاكل السلامة عن طريق تثبيت إصدارات محدّثة من البرامج.
تتوجّه كاسبرسكي بالدعوة إلى قطاع الهواتف المحمولة لتعزيز الحماية السيبرانية على جميع المستويات، بما في ذلك أمن المستخدمين، وذلك من خلال توفير خدمات الأمن السيبراني المصممة خصيصاً لهذا الغرض. وهناك تحالف كاسبرسكي لأنشطة المستهلكين Kaspersky Consumer Business Alliance الذي يمكّن الشركات من تقديم محافظ كاملة للأمن السيبراني لعملائها من خلال توفير الدعم والخبرة العالمية من كاسبرسكي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على الأجهزة المحمولة منطقة الشرق الأوسط البرامج الضارة
إقرأ أيضاً:
ماذا يريد نتنياهو من «مشروع تغيير الشرق الأوسط» ؟
منذ أكثر من عام طرح «بنيامين نتنياهو»، وكرر ذلك في مناسبات عديدة، هدف سعى ويسعى إليه بإصرار، وهو ما أسماه تغيير خارطة الشرق الأوسط، وحتى عندما شن الحرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي استمرت ما يقرب من أسبوعين، كرر هذه المقولة في أحد خطاباته أنه استطاع أن يساهم في تغيير الخارطة، ولا يزال يتحرك في تغيير هذه المنطقة وكررها في الأمم المتحدة أثناء خطابه، وكأنه يشير إلى أن هذه الحرب مع إيران، من ضمن أهدافها تغيير الشرق الأوسط، أو ما تبقى من بعض الأهداف لتغيير هذه الخارطة، وربما أن هذه الحرب التي شنت على إيران، قد تكون أحد الأهداف للقضاء على من يقف في طريقه لعرقلة هذا الهدف الصهيوني، ولا شك أن هذه الهدف الإسرائيلي في تغيير الشرق الأوسط هدف قديم، تحت ذرائع كثيرة، لعل أهمها الازدهار الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط والديمقراطية، تكون فيها إسرائيل هي القائدة والموجهة لهذه المنطقة، ويسود السلام من خلال الشرق الأوسط الجديد، لكنه لا يحل القضية الفلسطينية، ويبقى الوضع كما هو في ظل سلطة فلسطينية لا تملك سلطة حقيقية، وهي مجرد إدارة محلية للضفة الغربية وقطاع غزة.
وأول من وضع مخطط الشرق الأوسط، تتزعمه إسرائيل، كان رئيس وزراء إسرائيل الأسبق «شيمون بيريز» وكتب هذا المخطط في كتاب سماه: (الشرق الأوسط الجديد)، وقال ما خلاصته: إن الشرق الأوسط الجديد ـ كما يراه ـ سيؤدي إلى السلام بين إسرائيل وجيرانها، وإلى خلق مناخ لإعادة تنظيم أساسية لمؤسسات الشرق الأوسط وإلى نوع جديد من التعاون ويعتبر النظام الإقليمي مفتاح السلام والأمن وسوف يشجع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والتطوير القومي ورفاهية الأفراد. إن إقامة السلام تتطلب ثورة في المفاهيم وأن هدف إسرائيل النهائي هو خلق مجتمع يربط بين مجموعة من الدول بسوق مشتركة وهيئات مركزية منتخبة على غرار الجامعة الأوروبية.
وعلى الرغم من هذا التناول المبالغ فيه إلا أن هناك أهدافًا أخرى ضمن هذا المشروع كما عبر عنها بيريز: «إن معالم النظام الجديد يجب أن تقوم أولًا وقبل كل شيء على هندسة معمارية ضخمة.. هندسة تاريخية لبناء شرق أوسط جديد متحرر من صراعات الماضي ومستعد لأخذ مكانه في العصر الجديد، العصر الذي لا يطيق المتخلفين ولا يغفر للجهلة! وكان المستشرق «برنارد لويس» أول من طالب برسم خريطة جديدة للشرق الأوسط معتبرًا أن انهيار الاتحاد السوفييتي وفر الأجواء المواتية لتبديل المعالم السياسية والجغرافية في منطقة الشرق الأوسط. وكتب في مجلة «فورين افيرز» (شؤون خارجية 92م) خلاصة تصوراته لعناصر النظام الإقليمي الجديد.
وما قاله إن اختفاء حدود الاتحاد السوفييتي يتجاوز كل التغيرات الأخرى لأنه يرسم شكل المنطقة ومستقبلها لفترة طويلة. ثم تحدث عن الهزائم التي أسقطت فكرة الوحدة العربية والقومية العربية والنظام العربي مستنتجًا من كل ذلك أن دول الشرق الأوسط دخلت في حالة مشابهة لحال دول أمريكا اللاتينية: هناك ـ كما يقول ـ لغة واحدة وثقافة وتاريخ واحد ودين واحد، مقابل سياسات ومصالح مجزأة وغير موحدة أي أنه اتخذ من الانقسامات العربية بعد حرب الخليج الثانية فرصة مواتية لتنفيذ المشروع القديم لا الجديد ليجعل من هذه الأسباب أن النظام العربي القائم انتهى، ولا بد من أن يقام النظام الجديد الذي ينقذ المنطقة من الفقر والبؤس ويحل التناقضات والمشكلات الإقليمية في التنمية وغيرها.
بحيث يجعل إسرائيل «هونج كونج» الشرق والجسر المتحكم بالتجارة والاقتصاد والسياحة وتسويق الذهب الأسود. فقد ساق بيريز في هذا الكتاب من الكلام المعسول والأفكار الفردوسية لهذا المشروع الجديد ما يتجاوز الأحلام.. وذرف دموعًا هائلة على ضياع فرص التنمية التي أهدرت طوال السنوات الماضية في الحروب والصراعات والكراهية والخسائر البشرية والمادية.
وصدق بعض الكتاب والمثقفين العرب هذا الكلام والبعض الآخر اندفع بخلفيات أخرى أيديولوجية تلتقي مع بعض الإسرائيليين تحت مسميات معروفة وتوجهات تلتبس مفاهيم غير صحيحة وذات أبعاد خبيثة مثل (أنصار السلام) وإعلان كوبنهاجن من أجل السلام الخ. ( ولعل حضور ديفيد كيمحي رجل الموساد المعروف إحدى الدلالات البارزة ) دون أن يدرك الجانب العربي في هذا اللقاء مرامي وأهداف إسرائيل من هذه اللقاءات التي تحصد منها الكثير من المصالح والقضايا المعلقة والإشكالات القائمة عالميًا لتلميع صورة الإسرائيلي القبيح في ما اقترفه من آثام ومن خطوات توسعية في الداخل مثل الاستيطان والتوسع والانتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني وغيرها.
في بداية التسعينات وخلال زيارته للقاهرة التقى شيمون بيريز مع عدد من المثقفين المصريين وتحدث بيريز عن فكرة السوق «الشرق أوسطية» وقال في شرح فكرته «إن الحرب والسلام بين الشعوب لا يقررهما ما بينها من حب وكراهية.. فإن الإنجليز يكرهون الفرنسيين.. والفرنسيون يكرهون الألمان.. والألمان يكرهون الفرنسيين.. الخ! ولكن أوروبا مع ذلك كفيلة بأن تبني نفسها، ذلك أن هناك آليات تحكم هذا البناء.. وهي آليات لا تمت إلى الحب والكراهية بصلة»!
وأضاف بيريز في هذا الحديث «لا ينبغي أن يقف ماضي العلاقات العربية ـ الإسرائيلية عقبة في وجه الفرص المتاحة أمامها الآن، بل ينبغي تركيز الاهتمام كله على المستقبل». ويعلق الكاتب الصحفي المصري محمد سيد أحمد في مقالة له وقتئذ على حديث بيريز بعنوان «بيريز والسوق »ـ وسيد أحمد أحد صناع لقاء كوبنهاجن الأول ـ وانسحب في اللقاء الأخير بسبب عبارة «التحالف» التي تضمنها الإعلان، فيقول: «يبدو أن بيريز اعتقد بإرجاعه العلاقات المستقبلية على اتساع المنطقة إلى آليات «السوق» و «الديمقراطية»، أنه يقف على أرضية صلبة لانتسابه إلى قيم أصبحت بعد سقوط الشيوعية قيم العصر.. وأن العرب إزاء هذا المنطق المفحم ليس أمامهم إلا الاستسلام! ذلك أنه يتداعى مما سبق أن المقاطعة الاقتصادية التي طالما مارسها العرب تجاه «إسرائيل» انتهاك لقيم العصر! وأن الأنظمة العربية لم تعرف في أي يوم بغيرتها على الديمقراطية «!. إن «حكومة إسرائيل «بتلهفها لإسقاط كل الحواجز لا تسعى إلى «ورقة مشتركة » بين أطراف متكافئة، بل إلى تعزيز وجودها عن طريق هيمنتها على اتساع منطقة الشرق الأوسط كلها »! ولا يغيب عن الذهن أن الدعوة إلى الشرق أوسطية ليست جديدة على المنطقة كما يبدو للبعض فهذا المشروع قديم قدم الأهداف التوسعية للقوى الدولية في مطلع هذا القرن، وقد مرت الفكرة بعدة مراحل من أجل أن يتم ترتيب المنطقة على قواعدها وأسسها لكنها في صيغتها الجديدة وفق الترتيب الحالي وإيجاد صيغة للتعاون الإقليمي بهدف طمس وتذويب الهوية العربية عبر استيعاب المنطقة العربية في إطار إقليمي يكون الكيان الإسرائيلي أكثر تفوقًا واحتواء سواء في المجالات الاقتصادية أو العسكرية أو الثقافية، وتعد الأخيرة أخطر الأهداف المبتغاة في هذا الترتيب الجديد.
والنقطة المهمة التي أبداها المتحفظون على المشروع «الشرق أوسطي» أن هذا المشروع يستهدف طمس هوية المنطقة وينزع عنها خصوصيتها العربية الإسلامية وتصبح بالتالي محيطًا جغرافيًا لا علاقة له بالإنسان أو التاريخ في صورة ملفقة مشوهة لا تصلح سوى لاستيعاب الحضور الإسرائيلي وطموحاته وأطماعه.
كما أنها لا تخلو من افتعال حتى على الصعيد الجغرافي نفسه حيث تسعى إسرائيل إلى إعادة تركيب المنطقة تبعًا لهواها وأحلامها التوراتية المزيفة. ولذلك عندما أثيرت مسألة انضمام إسرائيل للجامعة العربية ظن البعض أنها دعاية عابرة أو مناورة دعائية.
لكن إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حسم الأمر وكشف عن نوايا إسرائيل الحقيقية عندما أعلن ترحيبه بانضمام إسرائيل للجامعة العربية بشرط تغيير اسمها إلى جامعة الشرق الأوسط!! بما يعني عملياً تخلي الجامعة العربية عن هويتها العربية وكونها رابطة أو خصوصية تجمع هذه الأمة في الوحدة والآمال المشتركة.
وهذه المخاطر ـ كما يقول المعارضون للشرق أوسطية ـ لا تتصل بالاقتصاد أو السياسة فقط لكنها تصيب الهوية والثقافة العربية في مقتل وتهدم كيانها.. لأن الهوية العربية الإسلامية هي العائق الرئيسي لذلك المشروع بما تمثله من مقومات وخيارات توحيدية وثقافة متميزة وذاتية، ولا يعني ذلك العزلة ونفي التفاعلات لكن أن توجد ثقافات بديلة ومفروضة على المنطقة يمثل خطرًا على الهوية الذاتية في قرن بدأ يتحدث عن الإرهاب بصورة عمومية وغير منضبطة. والشيء الغريب أن هذا المشروع الجديد يطالب بمحو الخصوصية التاريخية والجغرافية للمنطقة ليستبدل بها خريطة فارغة من أي مضمون قيمي له اعتباره بدعوى عدم التعلق بالأحلام والمثاليات. لكن نسيان هذه الأحلام (ويا للعجب) مطلوب من العرب وحدهم وليس من إسرائيل التي تبسط احتلالها على فلسطين وأجزاء من بعض الدول العربية بدعاوى دينية «أرض الميعاد» ومفهوم توراتي يتجسد في سياسة الاستيطان الخ.
وفي فبراير 2002 تحدث الرئيس بوش في معهد « أمريكان انترابرايز » في ما سماه بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لتطبيق ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الإصلاحات الأخرى في العالم العربي متجاهلا الكثير من المفاهيم والصيغ التي يجب أن يشرك فيها أهل الاختصاص في العالم العربي، إلا أن الولايات المتحدة جعلت من نفسها الوصي على أفكار وقيم وثقافات هذه الشعوب لتضع لها ما تشاء، ومتى تشاء، وكما يقال في الخطابات المعتادة (بالأصالة عن نفسي ونيابة عن هذه الشعوب وحكوماتها قررنا ما يلي !!) ومما قاله الرئيس بوش في هذه الفترة أن «غياب الديمقراطية في الشرق الأوسط يمثل تحديًا للولايات المتحدة، وأن غياب الحرية والتمثيل الديمقراطي في المنطقة أديا إلى نتائج رهيبة للمنطقة والعالم».
فالرئيس بوش لا يشغله في قضية الإصلاح سوى الإرهاب خاصة ما حدث في 11 سبتمبر 2001 والواقع أن لا أحد يرفض الديمقراطية أو ينكر أهمية الإصلاح السياسي والاقتصادي أو غيرها من خطوات الإصلاح في عالم اليوم، شريطة أن يكون الإصلاح الذي تختاره الشعوب ويتفق مع خياراتها بعيدًا عن المصالح أو الأهداف التي يبتغيها هذا الطرف أو ذاك. لكن الإشكالية تكمن في النزعة الفوقية أو التفكير الأبوي الذي يطرح مع واقع العالم العربي، وهذا ما يجعل كل مقولات الإصلاح في مهب الريح للأسف.. ولا شك أن مشروع نتنياهو الذي يريد منه تغيير الشرق الأوسط، سيسقط كما سقط الكثير من مشاريعه قبله، حتى ولو أن الأمة في فترة ضعفها وتراجعها على مستويات كثيرة، فالشعوب لا تقبل هذه المشروعات التي يحركها ويقودها نتنياهو، وهو مجرم حرب مع بعض قيادات جيشه، ولن تبقى الأمور على حالها، كما تريد إسرائيل، ففي الحياة متغيراتها وتحولاتها السياسية دون أن تكون مدركة للكثير من العقول والأفهام في عصرنا الراهن.