لجريدة عمان:
2025-07-05@03:08:03 GMT

رؤية عمانية للسلام في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

رؤية عمانية للسلام في الشرق الأوسط

يطرح الحوار الذي أدلى به معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية لمجلة الإيكونوميست رؤية تتجاوز الطرح السياسي والدبلوماسية للقضية الفلسطينية إلى الرؤية الفكرية والفلسفية التي تبحث في عمق التشابكات الحاصلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهذه الرؤية ليست رؤية فريدة للسيد بدر، إنها رؤية سلطنة عمان التي عبّرت عنها في جميع المناسبات المحلية والإقليمية والدولية.

. وتسعى جاهدة من أجل بلورتها ضمن إطار دولي يمكن أن يخرج بمسار حقيقي للسلام في منطقة «الشرق الأوسط» خاصة في هذا المنعطف التاريخي الذي تمر به القضية الفلسطينية والذي يتعرض فيه الفلسطينيون إلى أبشع أنواع الإبادة الجماعية التي عرفها العالم عبر التاريخ.

ويمكن قراءة دعوة سلطنة عمان إلى عقد مؤتمر دولي طارئ بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الصراع في المنطقة تحقيقا للسلام بوصفه الخيار الأمثل وفقا لمعطيات اللحظة خاصة وأن سلطنة عمان تنطلق في دعوتها من رؤية فكرية عميقة للقضية الفلسطينية ذروتها إعلان عالمي بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وطرح المبادرة معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي للمرة الأولى في محاضرة ألقاها في جامعة اكسفورد، ثم في حواره الأخير مع الإيكونوميست. ورغم إيمان البعض في العالم العربي بشكل خاص أن إسرائيل لا يمكن أن تذهب بقناعة نحو أي سلام جماعي مع العرب إلا أن المشهد العام يدعو في هذه اللحظة بالذات إلى الحديث بصوت مسموع أمام العالم أجمع عن السلام وعن الدولة الفلسطينية، ولا بدّ أن يخرج هذا الصوت من العالم العربي بهدف ترسيخ السردية الجديدة التي بدا أن شعوب العالم باتت تؤمن بها وهي أن الشعب الفلسطيني ضحية، ليس للإجرام الإسرائيلي فحسب، ولكن ضحية لمؤامرات الغرب الديمقراطي الباحث عن مصالحه حتى لو على حساب دماء مئات الآلاف من الفلسطينيين. لا بد أن تعي شعوب العالم الغربية أن العرب يؤمنون بالسلام أكثر مما يؤمن به غيرهم، وأن الكثير من الأحداث التي آلمت الشعوب الغربية من العالم العربي كانت نتائج مريرة لممارسات غربية فظيعة طوال عقود طويلة.

تتصور سلطنة عمان أن يكون المؤتمر الطارئ الذي تدعو إليه مماثلا لمؤتمر مدريد الذي دعا له الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عام 1991 وفي أعقاب حرب تحرير الكويت، على أن هذا المؤتمر وفق تصور سلطنة عمان لا بد أن يشمل جميع القوى الفاعلة في المنطقة بما في ذلك حماس وحزب الله وأنصار الله وكذلك إيران، وجميع حركات التحرر الوطني في فلسطين. وتبنى فكرة سلطنة عمان على أن إسرائيل أو غيرها لا يمكن أن تقضي على حركة حماس؛ لأنها حركة تحرر وطني، وحركات التحرر الوطني متجذرة بعمق في المجتمعات العربية وستبقى هذه الحركات حية وفاعلة حتى تحقيق أهدافها حتى لو مات الكثير من أعضائها، وعلى من يؤمن حقا بالسلام أن يفتح حوارا مع هذه الحركات ويستمع للفكر الذي تنطلق منه وتستمد منه قوتها وشعبيتها.

ويحتاج الغرب في هذا التوقيت بالذات لسماع أطروحات مماثلة لأطروحات سلطنة عمان حول القضية الفلسطينية فلا يمكن أن يبقى الغرب معتقدا أنه وحده مجتمع التعددية وأنها لا تصلح إلا للنخبة الغربية، بينما الحقيقة أن التعددية هي جزء حيوي من تاريخ وواقع العالم العربي، صحيح أن العالم العربي له طريقة تفكيره الخاصة لكنهم أيضا لهم أفكارهم السياسية ورؤاهم المنبثقة من ثقافتهم وتاريخهم ولا يمكن فهم ولاءتهم السياسية باعتبارها انتماءات طائفية. ولذلك على العالم الغربي أن يعيد رسم تصوراته للكثير من الحركات السياسية في المنطقة العربية ويتجاوز التصورات المبنية على الانتماء الطائفي.

إن كل يوم إضافي تبقى فيه الحرب على قطاع غزة قائمة تزيد من ابتعاد المنطقة عن السلام وتزيد من فرص ظهور أجيال تحمل حقدا تاريخيا ليس على إسرائيل وإنما على العالم الغربي الذي تعتقد الشعوب العربية إنه هو السبب الأساسي لكل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العالم العربی سلطنة عمان یمکن أن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

وَهْم "الشرق الأوسط الجديد" بدون مقاومة

 

 

 

صالح البلوشي

 

في خِضَم واحدة من أكثر المراحل دموية واضطرابًا في تاريخ المنطقة، يشهد العالم العربي والإسلامي تصعيدًا غير مسبوق تَشُنُّه إسرائيل ضد عدد من الدول، من غزة ولبنان وسوريا إلى اليمن وإيران، وبغطاء عسكري وسياسي مباشر من الولايات المتحدة والدول الغربية.

لم نعد أمام عدوان عسكري فقط أو حرب محدودة؛ بل أمام مشروع استعماري جديد يُعاد تسويقه بواجهة مختلفة، هدفه الأساسي تصفية قوى المقاومة، وتجريد الشعوب من حقّها في الدفاع والرفض، وفرض واقع إقليمي جديد يكون فيه الكيان الصهيوني كيانًا طبيعيًا في الجغرافيا السياسية للمنطقة، ويُمنح فيه التطبيع غطاء الشرعية الكاملة، حتى وإن ادّعت بعض الأنظمة العربية تمسّكها بشروط شكلية، مثل قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.

في هذا السياق، تُصوَّر إيران ومحور المقاومة- بما فيه حركات المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن- كعقبة لا بد من اقتلاعها، لتتحقق رؤية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، في "شرق أوسط جديد مُسالِم" ومُستسلِم، خالٍ من المقاومة، ومن كل ما يعكّر صفو السيطرة الغربية - الإسرائيلية عليه. وإذا كان الموقف الإسرائيلي من حركات المقاومة منطقيًا من زاوية مصلحته التوسعية، فإن ما يثير الاستغراب هو موقف عدد من المثقفين العرب الذين يصطفّون تمامًا مع هذا التوجّه الاستعماري، ويعادون قوى المقاومة تحت شعارات مشوَّشة وذرائع واهية.

لكن الواقع على الأرض يُفنِّد هذه الأوهام؛ ففي غزة، ورغم تفوُّق إسرائيل الاستخباراتي والتقني، فإنها فشلت حتى الآن في استعادة أسراها لدى حركة "حماس" بعد أكثر من سنة ونصف السنة من العدوان على قطاع صغير المساحة، ولا تشير المعطيات الميدانية إلى أي نصر حاسم. أما عمليات اغتيال بعض قادة حماس، فقد تمّت في كثير من الحالات بالمصادفة، لا نتيجة لاختراق استخباراتي محكم.

ولا تزال إسرائيل، حتى اليوم، تفقد جنودًا داخل غزة وتعجز عن الحسم في مواجهة جيب محاصر، فكيف لها أن تعيد رسم خرائط المنطقة؟ كذلك، فشلت في القضاء التام على حزب الله رغم الخسائر التي تكبّدها، ومنها استشهاد عدد من أبرز قادته السياسيين والعسكريين من الصفوف الثلاثة الأولى. أما الحوثيون، فلا تزال صواريخهم تصل إلى تل أبيب وتُجبر الملايين على الاحتماء في الملاجئ. وبالنسبة إلى إيران، فعلى الرغم من الضربات القاسية التي طالت قيادات عسكرية من الصف الأول وعددًا من العلماء النوويين، فإنها نجحت في استعادة زمام المبادرة سريعًا، وألحقت بالعدو خسائر فادحة لا تزال إسرائيل تتكتّم على حجمها الحقيقي.

إنها حرب طويلة غير مسبوقة في تاريخ الكيان الصهيوني، حقّق فيها بعض المكاسب التكتيكية المحدودة، لكنه في المقابل تكبّد خسائر فادحة على المستويات العسكرية والمادية والبشرية والمعنوية. فقد عجز عن تحقيق نصر حاسم، وتَعرّض لصفعات متتالية أظهرت هشاشته رغم ما يمتلكه من ترسانة متطورة ودعم غربي مطلق. وإلى جانب ذلك، ارتكب أفظع الجرائم بحق المدنيين، وخصوصًا في غزة، مستخدمًا أفتك الأسلحة وأكثرها تدميرًا، دون أن ينجح في كسر إرادة المقاومة أو انتزاع روح الصمود من الشعب الفلسطيني.

أما "الشرق الأوسط الجديد" الذي يحلم به نتنياهو وترامب، فليس إلا إعادة إنتاج لوهم قديم بشّر به الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيريز قبل أكثر من 30 عامًا، ثم كوندوليزا رايس خلال العدوان الصهيوني على لبنان سنة 2006، وسيظل هذا المشروع مجرّد حلم طالما بقيت هناك أرض محتلة وشعب يقاتل من أجل كرامته وحقّه؛ فالمقاومة لا تموت أبدًا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تستضيف الاجتماع التحضيري للدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة
  • ورقة بحثية عمانية تستعرض نماذج تدريبية لذوي التوحد في ملتقى بالدوحة
  • قطر تتصدر مؤشر السلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025
  • فعالية ترويجية في أمستردام بمشاركة 150 شركة سياحية
  • سفير سلطنة عمان يهنيء مصر بذكرى ثورة 30 يونيو: «محطة فارقة في تاريخ الدولة»
  • اليونيسف: طفل يُقتل أو يُشوه كل 15 دقيقة في الشرق الأوسط
  • الخارجية الأمريكية: الشرق الأوسط تغير جذريا إلى الأبد قبل أسبوعين
  • وَهْم "الشرق الأوسط الجديد" بدون مقاومة
  • دولة قطر تتصدر دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر السلام العالمي لعام 2025
  • 6 أسباب تجعل من كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 حدثًا استثنائيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا