خبير فلسطيني للجزيرة نت: نفوذ المستوطنات يطال 60% من مساحة الضفة
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
رام الله- كشف خبير الأراضي والاستيطان خليل التفكجي، أن مناطق نفوذ المستوطنات الإسرائيلية تتجاوز 60% من مساحة الضفة الغربية، مع أن المبني فيها لا تتجاوز 1.6% من مساحتها.
وأضاف الخبير المقدسي في حوار مع الجزيرة نت، أن المساعي حثيثة للاستيلاء على المناطق الفارغة ضمن ما تعرف بالبؤر الاستيطانية والرعوية، وذلك استباقا لأي حديث عن حلول سياسية.
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، أن سلطات الاحتلال تعتزم إقامة 3300 وحدة استيطانية في مستوطناتها بالضفة الغربية، منها نحو 2350 في مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس.
يأتي ذلك في وقت كشف موقع "إحصائيات السكان اليهود في الضفة الغربية"، الداعم للاستيطان أن عدد المستوطنين ارتفع 3% ليبلغ 517 ألفا و407 حتى 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
بينما وثقت هيئة الجدار والاستيطان الحكومية الفلسطينية 2410 اعتداءات نفذها مستوطنون بالضفة، أدت إلى استشهاد 22 فلسطينيا خلال 2023، وتهجير 25 تجمعا بدويا، جميعها بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فضلا عن إقامة 18 بؤرة استيطانية، 8 منها بعد الحرب.
يقول التفكجي إنه لا خلاف بين الأحزاب الإسرائيلية إزاء دعم الاستيطان والاستمرار فيه، مستبعدا إقامة دولة فلسطينية في ظل الوضع الحالي.
وتاليا نص الحوار معه حول هذه القضايا وغيرها:
الجواب لا، لا يوجد تغيير في نمط الاستيطان الذي لا يتوقف أصلا، إنما تستغل الحكومة الإسرائيلية الحالية الفرصة والأحداث المختلفة من أجل تنفيذ كل المشاريع التي هي موجودة أصلا.
بمعنى آخر، الموافقات على هذه المشاريع موجودة وتمت خلال 2023، لكن ضمن برنامج الحكومة الإسرائيلية الحالية يتم تسريع الإجراءات القانونية والموافقات والمصادقات اللازمة عليها.
أحيانا يوقِف المستوى السياسي بعض المشاريع أو يؤجلها نتيجة ضغوط دولية، لكن ما نشهده اليوم هو تسريع في عملية البناء، ليس فقط في الضفة الغربية، إنما في مدينة القدس أيضا، خاصة مع تزايد الحديث إعلاميا عن قضية الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فالجانب الإسرائيلي يبدأ في تسريع هذه العمليات حتى يفرض الأمر الواقع، وحتى لا تقام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
لو قارنا معطيات الاستيطان في ظل حكومة هي الأكثر تطرفا في إسرائيل ويهيمن عليها مستوطنون، مع حكومات سابقة، هل من فروقات في حجم الاستيطان؟لا فرق بين اليسار واليمين الإسرائيلي في قضية الاستيطان، وفي القدس تحديدا، الذي وضع حجر الأساس للاستيطان ووضع خطة إيغال ألون (سياسي إسرائيلي) عام 1967، هو اليسار الإسرائيلي وتحديدا حزب العمل.
بالتالي فإن اليسار الإسرائيلي واليمين متفقون على برنامج واحد إستراتيجي فيما يخص الاستيطان، لكن الفرق أن اليسار يفعل بصمت ولا يتكلم، بينما اليمين يقول علنا ويفعل.
ومشروع "ألون" هو خطة رسمية لحزب العمل، ويستند إلى إقامة مشاريع استيطانية في الأغوار والسفوح الشرقية لمرتفعات الضفة وأغلبها خالية.
وخلال عام 2023، تم الإعلان عن قرابة 13 ألف وحدة استيطانية مرت بـ3 مراحل: الإعلان عن المخطط الاستيطاني، والمصادقة على الخطط، وطرح العطاءات، ويتولى ذلك عادة وزارة الإسكان الإسرائيلية.
تستحوذ المناطق المبنية فعليا من المستوطنات على نحو 1.6% من مساحة الضفة الغربية، بينما تشكل المخططات الهيكلية المعلنة لتلك المستوطنات نحو 6% من مساحة الضفة، بما يعادل مساحة 2967 كيلومترا مربعا من مساحة فلسطين التاريخية البالغة نحو 27 ألف كيلومتر مربع.
أما مناطق نفوذ المستوطنات فتصل إلى نحو 60%، أي مجموعة مساحة المنطقة المصنفة "ج" والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وفق اتفاقية أوسلو التي قسمت الضفة أيضا إلى مناطق "أ" وتشكل نحو 18% وكانت تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة قبل إعادة احتلالها عام 2022، ومناطق "ب" الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والمدنية الفلسطينية.
انتشرت في آخر عامين ما تعرف بالبؤر الاستيطانية الرعوية، فتحول بعض المستوطنين إلى رعاة أغنام ينتشرون على قمم الجبال ويلاحقون الرعاة الفلسطينيين، ما تأثيرها ودورها؟هدف البؤر الرعوية عمليا السيطرة على الأراضي التي هي ضمن البرنامج الإسرائيلي ولكنها غير مستغلة، فخوفا من أن تؤدي أي عملية سياسية إلى عودتها للفلسطينيين؛ بدؤوا في إقامة هذه البؤر الاستيطانية الرعوية للهيمنة على أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان.
انتشرت البؤر الرعوية في عدة مناطق، لكنها تركزت في منطقة الأغوار شمالي الضفة ومسافر يطا جنوبها، وبالتالي السيطرة على الأرض عن طريق فرض الأمر الواقع.
وعندما كان عدد المستوطنين بالضفة 110 آلاف مستوطن، لم يكن بمقدورهم فعل شيء، اليوم تجاوز عددهم نصف مليون، إضافة إلى نحو 230 ألفا في القدس، وبالتالي فإن زيادة عددهم يعني زيادة هجماتهم على القرى الفلسطينية والاعتداء على الفلسطينيين.
لوحظ في آخر عامين تحول الضفة إلى ورشة عمل على صعيد البنية التحتية والشوارع ينفذها الاحتلال، إلى أي مدى تخدم الفلسطينيين؟أعمال البنية التحتية هذه وخاصة الشوارع تأتي ضمن الأمر العسكري رقم "50" لعام 1983، والقاضي بإقامة شبكة من الطرق الطولية والعرضية، تخدم المستوطنات بالدرجة الأولى، وتقطع أوصال الضفة بشكل طولي وبشكل عرضي.
وتهدف الخطة أيضا إلى السيطرة الأمنية على التجمعات الفلسطينية ومحاصرتها بالشوارع والجسور، والحد من توسعها العمراني وبالتالي الهيمنة على مزيد من الأراضي.
وضع القدس مختلف، ولا يمكن الحديث فيها عن مناطق نفوذ للمستوطنات، بل إن 87% من مساحة المدينة باتت تخضع للسيطرة والسياسات الإسرائيلية بشكل مباشر.
والنسبة المتبقية وهي 13%، يواصل الاحتلال غزوها بنشر البؤر الاستيطانية فيها، أي أنهم يهيمون على 87% ويسعون لمشاركة الفلسطينيين في النسبة المتبقية.
وأين ستكون الدولة الفلسطينية ضمن حل الدولتين الذي يطالب به الفلسطينيون؟باعتقادي لا يمكن إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي ضمن الوضع والانتشار الاستيطاني الحالي، وحتى الآن لا توجد خريطة لتلك الدولة ولا حدود واضحة لها، وفيما إذا كانت ستقام وفق قرار مجلس الأمن رقم 242 أو 338 أو 181.
الحديث عن دولة فلسطينية وما يطرح الآن في أوروبا وأميركا كله كلام هلامي، الذي يريد إقامة دولة عليه أن يحدد حدودها ومناطق سيادتها وجدولا زمنيا لإقامتها، في المقابل ما نسمعه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لا دولة فلسطينية، إنما دولة واحدة هي إسرائيل بين البحر المتوسط ونهر الأردن.
هل من مشاريع استيطانية قريبة، غير الوحدات المعلن عنها الجمعة؟الجديد هو ما أعلن عنه الأسبوع الماضي، وهو طرح عطاءات لإقامة محطات وقود في عدد كبير من المستوطنات، من غير المعروف تحديدا الهدف من ذلك، لكنه قد يندرج تحت توفير احتياجات كل مستوطنة على حدة لتكون مستقلة في خدماتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البؤر الاستیطانیة الضفة الغربیة دولة فلسطینیة
إقرأ أيضاً:
خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي
الخرطوم- في ثاني لقاء وسط قواته منذ اندلاع الحرب في السودان، ظهر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أمس الأول، في مكان غير معروف، موجها رسائل إلى الداخل وأخرى للإقليم، في خطوة فسرها مراقبون على أنها محاولة لإعادة تقديم نفسه بوجه جديد وبث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
وبثّت الدعم السريع خطابا لقائدها وسط حشد من المقاتلين، هو الثاني منذ آخر لقاء معها في اليوم الأول لاندلاع القتال، قرب ديوان الحكم الاتحادي في محيط القصر الجمهوري بالخرطوم، وذلك بعد أن اقتصرت إطلالاته السابقة على تسجيلات صوتية ومصورة.
ولم تفصح القوات عن الموقع، غير أن "حميدتي" ألمح إلى وجوده داخل الأراضي السودانية، ويرجح أن يكون في مناطق خاضعة لسيطرة قواته بإقليم دارفور، حيث تنتشر في رقعة جغرافية واسعة بعد التراجع الميداني الذي شهدته خلال الأشهر الماضية بخروجها من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم وأطراف ولايات النيل الأبيض ونهر النيل والنيل الأزرق وجنوب شمال كردفان.
تشكيكغير أن وزير الشباب والرياضة وسفير السودان السابق في طرابلس حاج ماجد سوار كشف أن لقاء قائد الدعم السريع مع قواته، لم يتم في داخل الأراضي السودانية كما رُوّج، بل جرى في مناطق خاضعة لسيطرة قائد الجيش الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر داخل ليبيا.
وقال سوار، في منشور على صفحته على فيسبوك، إن لديه معلومات مؤكدة من مصادر ليبية موثوقة بالاحتفال الذي ظهر فيه "حميدتي"، وإنه تم تصويره في عمق الأراضي الليبية.
في المقابل، شكك الخبير الأمني والإستراتيجي العميد المتقاعد عامر حسن في هذا الحشد العسكري، وأوضح للجزيرة نت أن قوات الدعم السريع ليس لديها هذا العدد الكبير من القوات في موقع واحد كالتي ظهرت في التسجيل المصور، لأنه لو كان في أي منطقة في دارفور أو كردفان يمكن رصده واستهدافه باعتباره مناطق عمليات مفتوحة، ورجح أن تكون الصور مركبة عبر معالجة تقنية.
إعلانوخلال كلمته، اعترف "حميدتي" بخسارته عسكريا وقال إنهم "فقدوا أراضٍ غالية وأرواحا عزيزة"، لكنه تعهد بـ"العودة بعزّة وكرامة". وأشار إلى أن سيطرة قواته على مثلث العوينات الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، يمكن أن تشكل "إضافة إيجابية لجيران السودان" عبر تأمين الحدود، مؤكدا أنه ليس لديه مشكلة مع أي دولة جارة.
ورأى أن الخلافات مع مصر يمكن حلها عبر الحوار المباشر، وتابع "مشاكلنا مع مصر زرعها هؤلاء المجرمون ونحن راجعنا حساباتنا ولازم نحل مشكلتنا معها عبر الحوار وعلى الطاولة وليس عبر المشاحنات".
وجدد "حميدتي" هجومه على الجيش السوداني، قائلا إن قواته "تقلصت إلى حد كبير"، وطمأن سكان شمال السودان بأنه في حال وصول قواته إلى مناطقهم، فلن يكون ضمنها "نهّابون".
تبريرمن جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول ملف السودان السابق بالخارجية المصرية حسام عيسى أن حديث "حميدتي"، حول مراجعة حساباته تجاه القاهرة، "إدراك منه للثقل المصري ومحاولة لتجنب استفزاز الجار القوي".
وقال عيسى، في تصريح بثته مواقع سودانية، إن قائد الدعم السريع يحاول تبرير تحركاته في المثلث الحدودي، وعدّها "وسيلة براغماتية من أجل عدم استثارة جار إقليمي قوي له تأثير في هذه الظروف".
كما أكد أن القاهرة لن تتورط في أي حروب خارج حدودها وموقفها ثابت ولن يتغير من وقوفها مع الدولة السودانية ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة، وأن وجود المليشيات والسلاح خارج سيطرتها هو الذي يؤدي إلى التقسيم وعدم الاستقرار.
تعليقا على دلالات خطاب "حميدتي" وتوقيته، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي عامر حسن أن قائد الدعم السريع يحاول معالجة عدة قضايا من خلال ظهور وسط قواته، أبرزها أنه لا يزال حيا وقادرا على الحركة وإدارة شؤون قواته، في رد ضمني على المعلومات التي راجت بسبب طول اختفائه.
ويوضح أن قوات الدعم السريع تلقت هزائم قاسية خلال المعارك في ولايات كردفان وخسرت عددا كبيرا من قادتها الميدانيين ومقاتليها وعجزت عن تعويضهم، وتنامى السخط من إهمال الجرحى، لذلك يحاول "حميدتي" بث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
خيارات محدودةكما يسعى -برأي الخبير حسن- إلى تقديم نفسه بوجه جديد وفك الحصار الخارجي بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قواته، لكنه وجه رسالة متناقضة للقاهرة بالدعوة الى الحوار معها، غير أن تهديده بالهجوم على الولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية يقلق القاهرة لأنه يؤدي لنشر الفوضى بالحدود وإغلاق طرق التجارة ويوقف انسياب السلع السودانية لمصر.
ووفقا له، فإن تهديد "حميدتي" بالهجوم على شمال السودان للمرة الثانية ليس جديا وإنما محاولة تكتيكية لشد الجيش شمالا، وصرفه عن المعارك الجارية في ولايات كردفان غربا لأنه في حال تجاوزها فإن هذه القوات ستحاصر في دارفور.
ويسعى "حميدتي" أيضا بظهوره إلى معالجة تعثر تشكيل الحكومة الموازية في مواقع سيطرته بعد فشل أخيه ونائبه في القوات عبد الرحيم دقلو الذي يقود المفاوضات مع حلفائهم في كيان تحالف السودان التأسيسي "تأسيس"، وتصاعد الخلافات بينهم، حسب الخبير الأمني حسن.
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم صديق فيقول للجزيرة نت إن عمليات الجيش خلال الفترة السابقة صارت أكثر دقة في "اصطياد" القادة الميدانيين للدعم السريع، مما أثار الاضطراب بين قيادات القوات وزعزع ثقتها، أو أصبحت حركتها بعيدة عن الأنظار في مناطق معزولة.
إعلانوحسب حديث الكاتب، فإن "حميدتي ظهر مختبئا، ومحاطا بقوة عسكرية لافتة، ويبدو وجهه أكثر دعة (راحة)"، مما يرجح أنه ليس في ميدان القتال.
ويعتقد أن القوة التي خاطبها "حميدتي" هدفها مهاجمة ولايتي نهر النيل والشمالية لإرباك المشهد، مع انشغالات القيادة السياسية وقادة الحركات المسلحة باقتسام السلطة. وعدّه "رجلا مغامرا يبحث عند مجد طار من يديه وباتت الخيارات أمامه محدودة، وستكون محاولة عسكرية يائسة".