كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على عالم الموضة والأزياء والعاملين فيه؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
شهد الأسبوع الماضي توافد رواد صناعة الأزياء على مدينة نيويورك لحضور أسبوع الموضة. واحتفى الحدث النصف السنوي بأفضل ما في الصناعة، وعرض أهم الاتجاهات لهذا الموسم.
ويعد أسبوع نيويورك للموضة مصدرًا ضخمًا للأموال بالنسبة للمدينة ولصناعة الأزياء بشكل عام، إذ يحقق متوسط عائدات يبلغ 600 مليون دولار سنويًا.
وبهذه المناسبة تناول الكاتب آندي هيرشفيلد في تقرير نشره موقع "الجزيرة" الإنجليزية، أثر استخدام الذكاء الاصطناعي على صناعة الموضة، والتأثير الذي يمكن أن يكون له على فرص العمل لعارضات الأزياء.
ويتعرض هذا المجال لذات التهديد الوجودي الذي يضرب قطاعات مثل الإعلام والتكنولوجيا، وهو الذكاء الاصطناعي الذي يؤدي إلى تآكل الوظائف الحالية والحد من فرص العمل في المستقبل. ووراء هذا البريق تكمن نفس المخاوف التي أدت إلى حد كبير إلى إضرابات نقابة الكتاب ونقابة ممثلي الشاشة في العام الماضي.
تحالف العارضات!وقالت المؤسسة والمديرة التنفيذية لـ"تحالف العارضات" سارة زيف في بيان، "عندما يكون جسدك هو عملك، فإن التلاعب بصورتك أو بيعها دون إذنك يعد انتهاكًا لحقوقك".
أما عارضة الأزياء المقيمة في نيويورك إيف إدموند، فقالت إن العصر الجديد للنمذجة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي فتح مجالا كبيرا للاستغلال، "فبعض الأشخاص في الصناعة تم التقاط وجمع صور أجسادهم على مر السنين، ثم استخدمت هذه الصور في إنشاء صور افتراضية، دون أن تمنح لهم الملكية الفكرية. ليس لديهم الحق في ذلك على الإطلاق".
وأبدت إدموند قلقها من أن هذا قد يؤدي إلى تقويض فرص العمل للعارضات في المستقبل القريب، "كعارضات أزياء، صورتنا، وقياساتنا، ووقفتنا، وشكل أجسادنا هي علاماتنا التجارية. في كثير من الحالات، يأخذ شخص ما ملكية تلك العلامة التجارية دون علمنا ودون تعويضنا. إننا نتنافس حرفيًا ضد أنفسنا في السوق".
وتعد إدموند إحدى العارضات المتحمسات للإصلاح واللاتي يضغطن لسن قانون يخص العاملين بمجال الأزياء في ولاية نيويورك. فبالإضافة إلى تغييرات أخرى أكبر، تطالب العارضات بتوفير ضمانات جديدة من شأنها حمايتهن من العملاء الذين قد يحاولون استخدام صورهن دون إذنهن. وسينص القانون على ضرورة منحهن موافقة كتابية واضحة تسمح باستخدام نسخ رقمية لصورهن.
كما سيُطلب من العملاء تحديد الطريقة التي يعتزمون بها استخدام صور عارضات الأزياء.
قانون لحماية عارضات الأزياءوقالت زيف من تحالف العارضات، "قدمنا قانون العاملين بمجال الأزياء لتوفير الحماية العمالية الأساسية للعارضين ومنشئي المحتوى الذين يعملون في صناعة تعمل دون إشراف. إن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا جديدًا، ولا يمكننا السماح باستخدامه دون تنظيم".
ومن شأن مشروع القانون الذي صاغه السيناتور براد هويلمان سيغال أن يغير طريقة عمل صناعة الأزياء في واحدة من أكثر مدن الموضة شهرة في العالم، والتي لا تنافسها سوى مدن مثل باريس وميلان.
وتقول العارضات إن من شأنه أن يحميهن أيضًا من التوقيع على عقود غير عادلة عندما يكون البديل هو عدم العمل على الإطلاق.
وقالت عارضة الأزياء سينيد بوفيل لموقع "الجزيرة" الإنجليزي، "لا نريد أن ينتهي بنا المطاف في عالم يشعر فيه العارضون وكأنهم مخيرون بين الموافقة (على ما لا يرضيهم) أو عدم الحصول على أجورهم".
وفي حال تم إقرار القانون، فسيطبق على مستوى الولاية، إلا إنه سيمهد الطريق أمام المزيد من الضغط العالمي.
ومع انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي عبر قطاعات تتراوح بين وسائل الإعلام إلى خدمة العملاء، يرى قادة الأعمال أن الأدوات التكنولوجية الجديدة ستساعد في تحسين سير العمل ومساعدة العمال على تسهيل وظائفهم.
لكن ذلك لم ينعكس في البيانات، فوفقًا لاستطلاع أجرته شركة "ريسيم بيلدر" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال ما يقرب من ثلث قادة الأعمال إن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تسريح العمال هذا العام.
وتتصاعد المخاوف عالميا من أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا وجوديًا من خلال تقويضه فرص العمل، خاصة في المجتمعات الملونة، فيما تواصل عارضات -مثل بوفيل- نضالهن من أجل المزيد من المساواة في الموضة وسط حال من الترقب والقلق.
تقول بوفيل، "ستستغل بعض الشركات التضحيات التي قدمتها عارضات الأزياء الحقيقيات، وسيكتفون (باستخدام الذكاء الاصطناعي) لإنشاء هويات متنوعة في الواجهة".
وأضافت بوفيل، "قد تقدم علامات تجارية (على الإيحاء) بالاهتمام بالمجتمعات المهمشة دون أن تضطر إلى الدفع فعليًا".
هذا بالضبط ما حدث مع ليفي شتراوس العام الماضي، حيث عقدت علامة تجارية شراكة مع شركة "لالا لاند. إيه آي" الهولندية والتي تسمح بإنشاء عارضي أزياء افتراضيين باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقالت الشركة في بيان، "يستخدم لالا لاند إيه آي الذكاء الاصطناعي المتقدم لتمكين العلامات التجارية للأزياء وتجار التجزئة من إنشاء نماذج واقعية للغاية لجميع أنواع الجسم والأعمار والحجم ولون البشرة. ومن خلال هذه الصور الرمزية الشاملة للجسم، تهدف الشركة إلى خلق تجربة تسوق أكثر شمولا وشخصية واستدامة لماركات الأزياء وتجار التجزئة والعملاء".
وقوبلت هذه الخطوة برد فعل شعبي عنيف ووصفها النقاد بأنها إشكالية وعنصرية، مما اضطر شركة الملابس لاحقًا إلى تحديث بيانها، فقالت "نحن لا نتراجع عن خططنا لإقامة عروض حية أو الاستعانة بعارضات حقيقيات أو التزامنا بالعمل مع عارضات (ينحدرن من أعراق) متنوعة. لقد كانت العروض الحقيقة دائمًا جزءًا من تواصلنا مع جمهورنا، وعارضات الأزياء والمتعاونون هم جوهر هذه التجربة".
وتقوم بعض الشركات بإخراج عارضات الأزياء من الصورة كليا، ففي العام الماضي، قامت النسختان البرازيلية والسنغافورية من "فوغ" باستخدام عارضات أزياء تم رسمهن بواسطة الذكاء الاصطناعي على أغلفة المجلتين بدلا من الاستعانة بعارضات بشريات.
كما قامت تطبيقات مثل "ديب" بإتاحة رسم عارضات أزياء تم إنشاؤهن بواسطة الذكاء الاصطناعي لعرض الملابس، وقال مبتكر الأداة داني بوستما في منشور على "إكس"، إنها ستساعد المسوقين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويرى نقاد أن النموذج لم يكن أخلاقيا على الإطلاق، وأنه يقوض عمل عارضات الأزياء وغيرهن من المشاركين في العروض، مثل المصورين.
واتهم آخرون الشركة بالجشع ووصفوا خطوتها بـ "البائسة"، فيما رد أحد المعلقين على منشور بوستما قائلا، "أنا متأكد من أن لديك أيضًا مقترحات جيدة لمساعدة كل من سيفقد وظيفته إذا نجحت تكنولوجيا كهذه، أليس كذلك؟ أم أن كل شيء سيبقى على ما يرام طالما تمكنت من كسب المال؟ لا يوجد "حل" جيد يجلب مشاكل أكثر من تلك التي يحاول معالجتها".
ولم تعد "ديب" مفتوحة للاختبار التجريبي، علما بأن بوستما -الذي يؤكد ملفه الشخصي على "لينكد إن" أنه لا يملك أي خبرة في الموضة أو التصوير الفوتوغرافي-، أنشأ مجموعة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: استخدام الذکاء الاصطناعی عارضات الأزیاء فرص العمل
إقرأ أيضاً:
حمدان وسلطان الشحي.. «رحلة توأم في عصر الذكاء الاصطناعي»
خولة علي (أبوظبي)
لم يكن حب المعرفة مجرد فضول عابر في حياة التوأمين الإماراتيين، حمدان وسلطان الشحي، بل أصبح بوابة لاكتشاف عوالم التقنية والذكاء الاصطناعي، ورغم صغر سنهما، فإنهما استطاعا أن يلفتا الأنظار بعطائهما وتميزهما في مجالات غالباً ما تُنسب للكبار، وبخطى واثقة، خاضا عالم البرمجة والتصميم والمحتوى التعليمي، وأسهما بوعي وشغف في نشر مفاهيم الذكاء الاصطناعي، بأسلوب بسيط وملهم يعكس فهماً عميقاً وطموحاً كبيراً.
شغف مبكر
بدأت رحلة التوأمين حمدان وسلطان في تعلم الذكاء الاصطناعي منذ سن مبكرة، حيث استثمرا وقتهما في منصات تعليمية ودورات متخصصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أسهم في بناء قاعدة معرفية قوية في هذا المجال المتسارع، وفي هذا السياق، يقول حمدان: طورنا مهاراتنا من خلال المزج بين الدراسة النظرية والتجريب العملي، وواصلنا هذا الشغف عبر دراسة دبلوم متخصص، والمشاركة في مشاريع ومسابقات تقنية عززت من قدراتنا، وقد كان أكثر ما جذبنا في دراسة الدبلوم هو التطبيقات العملية واكتشاف أدوات وبرامج جديدة، استطعنا توظيفها لاحقاً في تنفيذ أفكارنا ومشاريعنا الخاصة.
وتابع: لا يقتصر استخدامنا للذكاء الاصطناعي على الجانب الأكاديمي فحسب، بل امتد ليكون جزءاً من حياتنا اليومية، حيث استفدنا منه في التصميم، تحرير الفيديو، حل المشكلات، تسهيل المهام، وتنظيم الوقت بشكل أكثر كفاءة.
التعليم الذكي
من جهته، أوضح سلطان، أنه من بين مجالات الذكاء الاصطناعي المتعددة، وجد أن التعليم الذكي هو الأقرب إلى قلبيهما، لما له من أثر في تبسيط الشرح وإيصال المعلومات بأسلوب ممتع وفعّال، خصوصاً للأطفال والناشئة، وقد كان هذا الشغف دافعاً رئيساً لهما لتقديم محتوى توعوي يسعى إلى تبسيط المفاهيم التقنية، مع التركيز على كيفية توظيف البرامج الذكية في البيئة المدرسية.
وقال: نختار أفكار المحتوى من تجاربنا اليومية، واقتراحات تأتي من متابعينا، وقد لاقى هذا المحتوى تفاعلاً واسعاً، ترجم إلى مشاركات كثيرة وأسئلة متنوعة حول مواضيع الذكاء الاصطناعي، ومن خلال أسلوبهما البسيط والقريب من قلوب الأطفال، تمكنا من إيصال مفاهيم الذكاء الاصطناعي لأقرانهما بطريقة ممتعة وسهلة، حيث لمسا من قرب فضول الأطفال وتساؤلاتهم، وتحولا من متعلمين إلى ملهمين، ومن مشاركين في الفعاليات إلى محفزين للصغار على دخول هذا العالم بثقة وحماس.
طموحات
وقّع حمدان وسلطان قصتهما بعنوان «رحلة توأم في عصر الذكاء الاصطناعي»، في الدورة الماضية من «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، وتُعتبر مصدر إلهام للأطفال في مواكبة التطورات التكنولوجية.
وقال حمدان: نتطلع إلى مواصلة تطوير مهاراتنا في هذا المجال المتجدد، ونشر محتوى تعليمي هادف يخدم المجتمع ويثري وعي الأجيال الجديدة، إلى جانب طموحاتنا في تمثيل وطننا في مسابقات عالمية، ومواصلة الإسهام في رسم مستقبل أكثر ذكاءً وإبداعاً.
مشاركات
شارك التوأمان حمدان وسلطان الشحي في عدد من الفعاليات والمعارض البارزة، منها مبادرة «الإمارات تبرمج»، معرض «الابتكار في المدرسة»، وورش عمل ضمن برنامج «سفراء السلامة الرقمية»، كما حققا إنجازات متميزة بالفوز بمسابقات مدرسية.
دور الأسرة
في حياة كل طفل موهوب، تقف خلفه أسرة تؤمن بقدراته وتدعمه بصمت وثقة، وهذا ما وجده حمدان وسلطان الشحي في والديهما، حيث كانا الدافع الأول لاكتشاف عالم التقنية، وخوض مجال الذكاء الاصطناعي، إذ وفرت الأسرة لهما مساحة للبحث والتجربة، وشجعتهما على التعلم الذاتي والمشاركة في الورش والفعاليات.