عاجل : هذا هو اللغم الأكبر الذي سيُفجر المباحثات .. هل نجحت قمة باريس .. أم فشلت؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
سرايا - حالة كبيرة من الغموض تُحيط بنتائج الاجتماعات التي عُقدت مؤخرًا في العاصمة الفرنسية باريس، وركزت على محاولة التوصل لاتفاق على هدنة جديدة في غزة بين "إسرائيل" و حماس، تحت نيران حرب طاحنة على قطاع غزة دخلت يومها الـ 144 يومًا وحرقت الأخضر اليابس وتجاوزت كل القوانين الإنسانية والدولية ببشاعتها وشراستها.
الغريب هذه المرة كان في حالة الإفراط "الإسرائيلية" المُبالغ فيها بنتائج تلك الاجتماعات، وكأنه تم الاتفاق وسيتم الإعلان عنه خلال ساعات فقط، فيما تؤكد حركة حماس الطرف الرئيسي في تلك اللقاءات، عدم وجود أي تقدم بل وأكثر من ذلك حين صرح أحد قياديها بأن الحركة “ليست جزءًا” من اجتماعات باريس.
حالة التخبط "الإسرائيلية" تعكس مدى عمق الخلافات داخل المؤسستين السياسية والعسكرية، بين مؤيد لاستمرار الحرب على غزة حتى تحقيق كافة الأهداف، وبين معارض ومطالب بالاتفاق بأي طريقة أو ثمن على تهدئة مع حماس ومحاولة لملمة الجراح والخيبات التي يحصدها الجيش في قطاع غزة، وباتت موثقة بالصوت الصورة.
وآخر ما نُشر حول نتائج اجتماعات باريس، ما تم الكشف عن “وثيقة المبادئ” التي تم صياغتها في باريس بين "إسرائيل" و حماس، فيما تضغط الولايات المتحدة على جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق حتى قبل حلول شهر رمضان المبارك.
وأكدت مصادر عريية، أن مجلس الوزراء الحربي ناقش الخطوط العريضة للصفقة المحتملة مع “حماس”، وهناك تفاؤل كبير قد يقود لاتفاق رسمي قريب، فيما قال مسؤول سياسي كبير آخر لوسائل إعلام عبرية: “ما زلنا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق، لكن حماس تراجعت عن بعض مطالبها”.
خطوط الاتفاق العريضة
وبحسب القناة 13 العبرية، فإن أبرز النقاط التي تم التوافق حولها في باريس تتعلق بآلية التبادل وقائمة الأسرى، وعدد أيام الهدنة، وقضايا تتعلق بالمساعدات الإنسانية التي سيتم السماح بدخولها إلى القطاع.
أبرز ما تم التفاهم حوله في باريس:
– إطلاق سراح حوالي 40 أسيرا في قطاع غزة، من النساء والمسنين والمرضى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
– موافقة "إسرائيلية" على إطلاق سراح عدد من الأسرى، أكبر مما تم الاتفاق عليه في السابق، مقابل إطلاق سراح أسرى "إسرائيليين" في قطاع غزة من “فئات معينة”.
– هدنة لمدة 6 أسابيع في قطاع غزة.
– استعداد "إسرائيلي" لمناقشة الإفراج عن أسرى محررين في “صفقة شاليط” أعاد الاحتلال اعتقالهم خلال الفترة الماضية، بحسب ما نقلت القناة عن مصدر أجنبي.
– موافقة "إسرائيلية" على إبداء مرونة في القضايا الإنسانية – سواء في ما يتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة أو في ما يتعلق بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة.
– "إسرائيل" لن تلتزم بإنهاء الحرب أو بوقف دائم لإطلاق النار.
وفي ذات السياق، أكد القيادي في حركة حماس، محمود مرداوي، أن الحركة لم تتلقَ أي مقترح جديد نتج عما يجري في باريس، وقال في تصريحات نشرت له، إن “ما يصدر من حالة تفاؤل نأمل أن تكون صادقة وصحيحة حتى نبني عليها، لكن رفع التوقعات قد يضر بالقدرة على الوصول إلى اتفاق إن لم يكن مدعماً ومسنوداً”.
وبحسب مرداوي، فإن المقاومة “حينما تتلقَ أي مقترح تحاكمه على أساس مصالح شعبنا واحتياجاته ومتطلباته المتوافقة مع مواقفنا والمتعلقة بإنهاء التجويع والنزوح والإبادة الجماعية وإنهاء استهداف المؤسسات والمنازل المستمر والانسحاب، ووقف إطلاق النار”.
وأردف: “طالما أن شعبنا يتضور جوعًا وينزح في كل مكان ولا يسمح له بالعودة وتهديد حياته فلا قيمة لأي حديث عن تقدم”.
والجمعة، عقد مؤتمر باريس لبحث صفقة تبادل أسرى، بمشاركة الوفد "الإسرائيلي" برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) وليام بيرنز ورئيس وزراء قطر محمد آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كمال.
وتجري المحادثات في ظل تفاؤل حذر بشأن فرص التوصل إلى اتفاق قبل بداية شهر رمضان.
والأسبوع الماضي، تعثرت اجتماعات استضافتها القاهرة لبحث الصفقة وسط إصرار حركة “حماس” على موقفها بإنهاء الحرب على قطاع غزة، وهو ما لا تقبله "إسرائيل"، حسب هيئة البث "الإسرائيلية" الرسمية.
وسبق أن سادت هدنة بين حماس و"إسرائيل" لأسبوع من 24 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى 1 ديسمبر/ كانون الأول 2023، جرى خلالها وقف إطلاق النار وتبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للغاية إلى غزة، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
وتقدّر “تل أبيب” وجود نحو 134 أسيرا "إسرائيليا" في غزة، بينما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين.
وعن حالة التخبط في التصريحات "الإسرائيلية" حول نتائج اجتماع باريس، ذكرت وسائل إعلام عبرية بأنه لا تزال هناك خلافات كثيرة تعيق الاتفاق مع “حماس”، أبرزها “وقف الأعمال العدائية، مرورا بعودة سكان غزة إلى شمال قطاع غزة، وحتى إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية “الثقيلين”.
وقال مسؤول "إسرائيلي" رفيع المستوى، إن "إسرائيل" لا تزال بعيدة عن التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، لكنه أشار إلى أن حماس تراجعت عن بعض مطالبها”، ونقلت هيئة البث "الإسرائيلية" (“كان 11”)، عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أنه “تم الاتفاق على إطار جديد خلال محادثات باريس، وهناك تقدم ويمكن التوقيع على الاتفاق قريبا، لا ينبغي للمفاوضات أن تستغرق وقتا طويلا”.
وذكر كذلك موقع “واللا” العبري نقلا عن مصدرين مطلعين أن “مفاوضات باريس شهدت تقدّما في ملفات عدد وهوية الأسرى الفلسطينيين”، واضاف الموقع أن “محادثات باريس شهدت تقدّما في ملفات عدد وهوية الأسرى الفلسطينيين” الذين ستشملهم المرحلة الأولى من الاتفاق التي يتكون من ثلاث مراحل.
وفي ذات السياق، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنه وفقا لمصادر مصرية، فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه الوسطاء – مصر وقطر – هو التوصل إلى اتفاق تقتنع “حماس” بموجبه بأنه سيكون من الممكن التوصل في نهاية المطاف إلى وقف دائم لإطلاق النار بعد وقف إطلاق النار الإنساني بينما تمتنع "إسرائيل" عن تقديم أي التزام من هذا القبيل.
لكن اللغم الكبير لا يزال هو وقف الحرب، وبحسب التقارير، فإن “حماس” وافقت على التنازل عن مطلبها بوقف دائم لإطلاق النار، لكنها ما زالت تطالب بعقد محادثات حول هذا الأمر في وقت لاحق من أجل الوصول إلى هذا الهدف، وفي "إسرائيل"، يرفضون تقديم أي التزام بإنهاء الحرب.
ولليوم 142 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر على غزة، إلى ارتقاء 29 ألفا و 514 شهيدا، وإصابة 69 ألفا و 616 شخصا، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.
وأمام هذه التطورات بهذا الملف..
فما سبب هذا الإفراط "الإسرائيلي" بنتائج اجتماعات باريس.. محاولة لتوريط “حماس” أم فخ جديد من نتنياهو؟
إقرأ أيضاً : تعرف على تفاصيل اتفاق "التهدئة" الذي يدور بين حماس و "إسرائيل" إقرأ أيضاً : 19 ألف شرطي صهيوني يؤمّنون الانتخابات المحلية وتوقعات بانخفاض المشاركةإقرأ أيضاً : بايدن: "إسرائيل" تخاطر بفقد دعم الدول
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: غزة غزة غزة باريس حلول شهر رمضان مجلس الوزراء باريس غزة الاحتلال غزة محمود باريس رئيس قطر محمد شهر القاهرة الثاني غزة باريس باريس مصر الاحتلال القطاع مصر رمضان قطر مجلس القاهرة بايدن غزة الاحتلال الثاني حلول محمود محمد رئيس الوزراء باريس القطاع شهر الأسرى الفلسطینیین إطلاق النار فی قطاع غزة التوصل إلى إطلاق سراح إلى اتفاق فی باریس
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: لماذا أبرم ترامب اتفاقًا مع اليمن دون علم إسرائيل؟
صُدم المسئولون الإسرائيليون الأسبوع الماضي بتقارير إخبارية عن اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع “جماعة الحوثيين”، هذا الاتفاق، الذي سينهي القصف الأمريكي على اليمن مقابل توقف أنصار الله عن هجماتهم على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، تم التوصل إليه بوساطة عُمانية دون علم إسرائيل.
كانت هذه رسالة واضحة مفادها أن موقف إسرائيل في واشنطن ليس كما كان يأمل "بنيامين نتنياهو" عندما دعم عودة ترامب ضد جو بايدن في عام 2024، مع أنه يجب علينا الحذر من المبالغة في هذا الأمر، فمن المرجح جدًا أن قلة من المسئولين في الكنيست ومكتب رئيس الوزراء يفتقدون أيام الإبادة الجماعية التي قادها جو بايدن.
ترامب لن يتخلى عن إسرائيل
في وقت سابق من هذا الأسبوع، كرر السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل أورين، شعارًا إسرائيليًا شائعًا، كتب أورين: "في أوقات الأزمات، يُمكننا الحصول على مساعدات مالية خارجية وتعزيز دفاعنا المضاد للصواريخ، لكن هذه الإجراءات لا يُمكن أن تُغني عن دفاع إسرائيل عن نفسها، بنفسها، ضد المخاطر الوجودية".
لطالما كان هذا محور نقاش متكرر بين إسرائيل وداعميها الأمريكيين، وعادةً ما يُستشهد به عند وصفهم لمستوى المساعدات العسكرية الضخمة التي ينبغي للولايات المتحدة، من وجهة نظرهم، تقديمها لإسرائيل.. وترامب يُطبّق هذا المعيار الآن.
بدا السيناتور الجمهوري المُتملق "ليندسي غراهام" من بين الأعضاء القلائل في الكونجرس من كلا الحزبين الذين فهموا هذا الأمر.
وقال غراهام: "أعتقد أن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. أُقدّرها. آمل أن تُدرك إيران أنها والحوثيون سواء في نظرنا، أما بالنسبة لإسرائيل، فليست بحاجة إلى تحمّل المزيد من هذا الهراء من الحوثيين أو إيران".
بينما أدرك الكثيرون أن ترامب قد اتخذ خطوةً في سبيل تحقيق أولويات الولايات المتحدة، على الأقل كما يراها هو، برز "غراهام" في فهمه أن ترامب يُظهر أيضًا لامبالاته المألوفة الآن تجاه ما تفعله الدول الأخرى، سواءً أكانت حليفة أم عدوة، طالما أنها لا تتعارض مع طموحاته.
يدرك "غراهام" أن ترامب لم يكن يقصف اليمن أبدًا لصالح إسرائيل، بل لوقف هجمات أنصار الله في البحر الأحمر التي كانت تُعيق حركة الشحن، ونظرًا لآثار رسومه الجمركية، التي بدأت تظهر للتو.
يشعر ترامب الآن بالقلق أيضًا بشأن تكلفة القصف، ويتجلى ذلك في التكلفة المالية - التي تجاوزت مليار دولار بكثير في الأسابيع الستة الماضية فقط - بقدر ما ينعكس في إمدادات الذخائر، فقد أسقطت القوات الأمريكية أكثر من 2000 قنبلة على اليمن منذ أن صعّد ترامب هجماته المدمرة.
وهذا العدد الكبير من القنابل بحاجة إلى إعادة تعبئة، إن حاملات الطائرات وغيرها من الأصول العسكرية الأمريكية التي حوّلها ترامب إلى المنطقة، سواءً لشن هجمات على اليمن أو لتهديد إيران، لا بد أن تأتي من جهة ما.
يشعر القادة العسكريون الأمريكيون بالقلق من أنه، للحفاظ على هذه الإجراءات، سيضطر الجيش إلى تحويل المزيد من الموارد من منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
بالنسبة للجيش الأمريكي، فإن الاستعداد لما يعتقدون أنه مواجهة قادمة مع الصين أهم بكثير من اليمن أو التهديد الوهمي لإيران النووية.
كل هذا وأكثر دخل في قرار إبرام اتفاق مع الحوثيين، ولكن، بينما ركز الكثيرون على حقيقة أن الاتفاق لا يوفر أي راحة لإسرائيل من الهجمات من اليمن، فإن معظمهم يتجاهل حقيقة أنه لا يمنع إسرائيل بأي شكل من الأشكال من مواصلة هجماتها.
انتقادات الكونجرس أخف من المتوقع
أشار جوناثان شانزر، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية يمينية متطرفة، إلى القلق الحقيقي الذي تشعر به القوى المؤيدة لإسرائيل.
ولفت "شانزر" إلى أن إسرائيل حرة في مهاجمة اليمن، وأنه في حين أنه "من غير الملائم" للطائرات الإسرائيلية أن تتوجه إلى اليمن بينما تتمركز القوات الأمريكية في المنطقة، إلا أنها قادرة تمامًا على القيام بذلك بنفسها!!
ونشير هنا إلى أنه إذا توصل ترامب إلى اتفاق مع طهران بشأن القضية النووية التي تعترض عليها إسرائيل، فإن هذا الاتفاق يُشير إلى أن إسرائيل لن تمتلك حق النقض (الفيتو) عليه، كما كان الحال مع بايدن.
في الواقع، إن قدرة إسرائيل على التأثير في نتائج تلك المحادثات أقل بكثير مما كانت عليه عندما تفاوض باراك أوباما على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".
فعلى عكس أوباما، الذي واجه سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ آنذاك، يُسيطر حزب ترامب على مجلسي الكونجرس، علاوة على ذلك، واجه أوباما معارضة كبيرة من داخل حزبه، وصوّت عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الرئيسيين آنذاك ضد الاتفاق.
ومن غير المرجح أن يُخضع ترامب اتفاقه لمثل هذه العملية، وإذا فعل، فلن "يجرؤ" أي جمهوري على معارضته.
هذا يُقيّد بشدة قدرة إسرائيل على تقويض الاتفاق، كما كادت أن تفعل في عام 2015.
مخاوف إقليمية
ومع ذلك، فإن قرار ترامب بالتوصل إلى هذا الاتفاق مع الحوثيين كان متأثرًا بحليفه: المملكة العربية السعودية، تُعيد المملكة تأكيد هيمنتها على واشنطن، كما فعلت في ولاية ترامب الأولى، لكنها هذه المرة تعمل على ترسيخ مكانتها كأبرز مؤثر سياسي في الشرق الأوسط، مُحلّةً محلّ إسرائيل، ومُبقيةً الإمارات العربية المتحدة في مرتبة ثانوية.
سيزور ترامب الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، وهي رحلةٌ لا تشمل إسرائيل تحديدًا، قبل الزيارة، ربما ضغط السعوديون على ترامب لوقف الهجمات على اليمن، ووفقًا لعدد من المسئولين الأمريكيين، كان الطلب السعودي سببًا رئيسيًا لتعاون ترامب مع عُمان للتوصل إلى هذا الاتفاق مع جماعة الحوثي.
إدارة ترامب فصلت المحادثات حول "برنامج نووي مدني للمملكة العربية السعودية" عن اتفاق التطبيع مع إسرائيل، ويُمثّل هذا خطوةً مهمةً أخرى للمملكة العربية السعودية وانتكاسةً أخرى لإسرائيل.