قوانين التجديف وازدراء الأديان.. لماذا تسمح السويد بحرق المصحف؟ - عاجل
تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة العراق عن قوانين التجديف وازدراء الأديان لماذا تسمح السويد بحرق المصحف؟ عاجل، بغداد اليوم متابعةأثارت سلسلة من وقائع حرق المصحف الشريف المتكررة من النشطاء المناهضين للإسلام في السويد رد فعل غاضباً في البلدان .،بحسب ما نشر وكالة بغداد اليوم، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات قوانين التجديف وازدراء الأديان.
بغداد اليوم - متابعة
أثارت سلسلة من وقائع حرق المصحف الشريف المتكررة من النشطاء المناهضين للإسلام في السويد رد فعل غاضباً في البلدان الإسلامية وأثارت تساؤلات -في السويد نفسها أيضاً- حول سبب السماح بمثل هذه الأعمال.
في أحدث واقعة من هذا القبيل، تعمَّد عراقي مقيم في السويد يدعى سلوان موميكا، يوم الخميس، 20 يوليو/تموز، أن يدوس على القرآن ويركله أمام السفارة العراقية في ستوكهولم. وأذنت الشرطة السويدية بذلك، فيما أبقت مجموعة من المتظاهرين الغاضبين على مسافةٍ آمنة من مبنى السفارة.
قام الرجل العراقي نفسه أيضاً بحرق المصحف أمام مسجدٍ في ستوكهولم الشهر الماضي في واقعةٍ مماثلة أذنت بها الشرطة. وفي بداية العام، قام ناشط يميني متطرف من الدنمارك بفعلٍ مماثل أمام السفارة التركية في العاصمة السويدية.
إليكم نظرة على كيفية تعامل السلطات السويدية مع هذه الأفعال، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
هل التدنيس مسموح؟
لا يوجد قانون في السويد يحظر على وجه التحديد حرق أو تدنيس القرآن أو النصوص الدينية الأخرى. مثل العديد من الدول الغربية، السويد ليس لديها أي قوانين ازدراء أديان.
لم يكن الأمر كذلك دائماً. في أواخر القرن التاسع عشر، كان ازدراء الأديان، أو التجديف، جريمةً خطيرة في السويد يُعاقَب عليها بالإعدام. لكن قوانين التجديف خُفِّفَت تدريجياً مع تنامي العلمانية في السويد. وأُلغِيَ آخر قانون من هذا القبيل في عام 1970.
إيقاف هذه الأعمال
طالبت العديد من الدول الإسلامية الحكومة السويدية بمنع المتظاهرين من حرق المصحف. لكن في السويد، الأمر متروك للشرطة، وليس للحكومة، لتقرر ما إذا كانت ستسمح بالمظاهرات أو التجمعات العامة.
تقول السويد إن “حرية التعبير” محمية بموجب الدستور وإن الشرطة تحتاج إلى ذكر أسباب محددة لرفض تصريح لمظاهرة أو تجمع عام، مثل المخاطر على السلامة العامة.
هذا بالضبط ما فعلته شرطة ستوكهولم في فبراير/شباط الماضي عندما رفضت طلبين لاحتجاجاتٍ كانت ستحرق القرآن، مستشهدةً بتقييماتٍ من جهاز الأمن السويدي بأن مثل هذه الأعمال يمكن أن تزيد من خطر الهجمات الإرهابية ضد السويد. لكن المحكمة نقضت هذه القرارات في وقت لاحق، قائلة إن الشرطة بحاجةٍ إلى ذكر المزيد من التهديدات الملموسة لحظر التجمعات العامة.
خطاب كراهية
يحظر قانون خطاب الكراهية في السويد التحريض ضد مجموعات من الأشخاص على أساس العرق أو الدين أو التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية.
يقول البعض إن حرق المصحف يشكِّل تحريضاً ضد المسلمين، وبالتالي يجب اعتباره خطاباً يحض على الكراهية. ويقول آخرون إن مثل هذه الأفعال تستهدف الدين الإسلامي وليس أتباعه، وإن انتقاد الدين يجب أن يشمله حرية التعبير، حتى عندما يعتبره البعض مسيئاً.
وسعياً للحصول على إرشاداتٍ من النظام القضائي، وجهت الشرطة السويدية اتهاماتٍ أولية بارتكاب جرائم كراهية ضد الرجل الذي أحرق المصحف أمام مسجدٍ في ستوكهولم في يونيو/حزيران، والذي دنس المصحف مرةً أخرى الخميس. الأمر الآن متروك للمدعين العامين لتقرير ما إذا كان الاتهام سيُوجَّه إليه رسمياً.
تمييز السلطات
تساءل بعض المسلمين في السويد الذين استاءوا بشدة من حرق المصحف مؤخراً عما إذا كانت الشرطة السويدية ستسمح بتدنيس الكتب المقدسة من الديانات الأخرى.
من الواضح أن أحد المسلمين قرر اختبار الأمر وتقدم بطلبٍ للحصول على إذنٍ لتنظيم احتجاج يوم السبت الماضي أمام السفارة الإسرائيلية قال فيه إنه يعتزم حرق التوراة والإنجيل.
ورغم أن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية والجماعات اليهودية أدانوا الاحتجاج المزمع ودعوا السلطات السويدية إلى إيقافه، وافقت الشرطة على طلب الرجل. ومع ذلك، بمجرد وصول الرجل إلى المكان، تراجع عما كان ينويه، قائلاً إنه بصفته مسلماً فهو ضد حرق أيٍّ من الكتب الدينية.
ازدراء الأديان
يُعتَبَر ازدراء الأديان، أو التجديف، جريمةً في العديد من البلدان. وجد تحليلٌ أجراه مركز بيو للأبحاث أن 79 دولة وإقليماً من بين 198 دولة دُرِسَت في التحليل لديها قوانين أو سياسات مسجَّلة تحظر التجديف، الذي يُعرَف بأنه “الكلام أو الأفعال التي تُعتَبَرَ ازدراءً لله أو لأشخاص أو أشياء تعتبر مقدسة”. في سبع دول على الأقل (أفغانستان وبروناي وإيران وموريتانيا ونيجيريا وباكستان والمملكة السعودية) يُحتَمَل أن يُعاقَب على ذلك بالإعدام.
في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان لدى 18 دولة من أصل 20 دولة قوانين تجرم التجديف، رغم أنه لا يُعاقَب عليه بالإعدام في معظم الحالات.
في العراق، تُعَد إهانة رمز أو شخص مقدس من قِبَلِ طائفةٍ دينية جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
وبالمثل في لبنان المتنوع دينياً، حيث ساعدت الانقسامات الطائفية على تأجيج حرب أهلية طاحنة استمرت 15 عاماً من 1975 إلى 1990، فإن أي عمل “يُقصَد منه أو ينتج عنه” إثارة “الفتنة الطائفية” هو جريمة يُعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
وفي الولايات المتحدة، بموجب حماية حرية التعبير في التعديل الأول للدستور، لا يُعَد حرق نسخ من القرآن أو الكتب المقدسة الأخرى أمراً غير قانوني.
على سبيل المثال، أصيبت السلطات بالفزع بعدما هدَّد قسٌّ يُدعَى تيري جونز في عام 2010 بحرق المصحف في ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لكنها لم تتمكن من اتخاذ إجراء قانوني حيال ذلك. لم ينفذ جونز ما كان ينويه، لكنه قاد واقعة حرق المصحف في فلوريدا في العام التالي.
المصدر:عربي بوست
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: عاجل موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس بحرق المصحف حرق المصحف فی السوید
إقرأ أيضاً:
قوانين الخصوصية وحوكمة البيانات.. ساحة صراع بالذكاء الاصطناعي في ظل الحرب الباردة الجديدة
يقف العالم اليوم عند مفترق طرق، فهي ليست حربا باردة بين نمطين أيديولوجيين كما في السابق، بل صراعا لتحديد من يمتلك السيادة الاقتصادية والتكنولوجية. تشكل الصين تهديدا مباشرا لهيمنة الولايات المتحدة التقنية للمرة الأولى منذ عقود. خلافا للمنافسة اليابانية في الثمانينيات التي انتهت مع بزوغ الإنترنت وهيمنة شركات التكنولوجيا الأميركية.
يمتد الصراع إلى الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمّية، والسيارات الكهربائية، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي. وتطمح الصين إلى الهيمنة على الذكاء الاصطناعي بحلول 2030، بينما تعتبره الولايات المتحدة قضية أمن قومي، وتستثمر بقوة عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، ورغم الجهود التي تبذلها دول أخرى كروسيا والهند والاتحاد الأوروبي، فإن المنافسة الفعلية تبقى محصورة بين واشنطن وبكين، إذ إن باقي العالم يلعب دور المستهلك أو المشاهد لتطورات هذا السباق.
الصراع الحالي إذن هو صراعٌ تكنولوجي اقتصادي بامتياز، يشكّل فيه التحدي الصيني تهديدا إستراتيجيا وجيوسياسيا عميقا، معتبرا الذكاء الاصطناعي إحدى ركائز هذا الصراع العالمي. في هذا السياق، أصبحت قوانين الخصوصية وحوكمة البيانات ساحة رئيسية للصراع، بل من الممكن القول إن العالم مقبل على انقسام في نماذج الخصوصية والسيادة الرقمية، بين النموذج الصيني والنموذج الغربي بقيادة الاتحاد الأوروبي، في ظل غياب قانون فدرالي موحد للخصوصية في الولايات المتحدة.
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي، خاصة تلك القائمة على "التعلم الآلي" (Machine Learning)، على البيانات كوقود لتعلم الأنماط واتخاذ القرارات. كلما زادت كمية البيانات وجودتها، زادت دقة النموذج في التنبؤ أو التصنيف أو التفاعل. غير أن جزءا كبيرا من هذه البيانات يتضمن معلومات شخصية وحساسة، مثل البيانات الصحية أو البيومترية أو سلوكيات المستخدمين على الإنترنت، مما يثير مخاوف جدية تتعلق بحماية الخصوصية وحقوق الأفراد والجهات، إلى جانب قضايا حقوق النشر والملكية الفكرية.
تُعدّ قوانين الخصوصية والتشريعات الخاصة بالذكاء الاصطناعي من الركائز الأساسية التي تستند إليها الدول في تطوير بنيتها التكنولوجية وتعزيز أمنها القومي ومكانتها التنافسية عالميا.
ففي ظل تسارع التطورات التقنية، لم تعد المنافسة في الذكاء الاصطناعي مجرد سباق بين الشركات الكبرى، بل أصبحت ساحة لتنافس إستراتيجي شامل بين الدول. هذا التنافس يتقاطع مع أبعاد اقتصادية، وأمنية، وسياسية واجتماعية، حيث تسعى كل دولة إلى ترسيخ نموذجها في كيفية إدارة البيانات والتحكم في التكنولوجيا الحديثة.
إعلانفي هذا السياق، باتت الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تدرك أهمية تطوير تشريعات واضحة تنظم استخدام البيانات وتحمي الخصوصية وأن غياب الأطر القانونية الواضحة يشكّل تهديدا مزدوجا. من جهة، قد يؤدي هذا الغياب إلى انتهاكات جسيمة للخصوصية وحقوق الأفراد، ومن جهة أخرى، قد يهدد أمنها القومي وقدراتها علي التنافسية.
وتتضاعف أهمية هذه القوانين في ظل اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات الشخصية والسلوكية، مما يجعلها من "التقنيات المزدوجة الاستخدام" (Dual-Use Technologies)، التي يمكن استخدامها لتعزيز التنمية والابتكار، أو في المقابل، لتقويض الأمن القومي إذا استُخدمت بطرق عدائية أو دون رقابة، لذلك، فإن تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تشريعيا فقط، بل ضرورة إستراتيجية لحماية الأمن والسيادة الرقمية.
وتزداد أهمية هذه الأطر القانونية في ظل احتدام التنافس بين القوى الكبرى، لا سيما بين الدول الغربية (خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) من جهة، والصين من جهة أخرى، حيث الصدام للتنافس علي إعادة صيغة النظام الدولي من خلال السيادة والتفوق في مجال التكنولوجيا وانعكاسه على التوازنات الاقتصادية والعسكرية، لذلك تسعى كل من هذه الكتل إلى ترسيخ نموذجها الخاص في تنظيم التكنولوجيا والتحكم في البيانات، بما يعكس فلسفتها السياسية والاقتصادية.
1. النموذج الصيني: السيادة الرقمية للدولة
تتخذ الصين منحى مختلفا، حيث تقوم فلسفتها التنظيمية على مركزية الدولة في إدارة الفضاء الرقمي، وهذ أمر ليس بجديد فالصين منذ بداية دخولها للإنترنت في 1998 تبنت نظام الحائط الناري للرقابة على الحديدية علي الإنترنت، من هذا المنطلق تنظر الصين إلى البيانات كأصل إستراتيجي يجب أن يخضع للسيطرة الحكومية.
إعلانوقد أصدرت عدة قوانين خلال الفترة من 2021 إلى 2024، فقد سنت قانون حماية البيانات الشخصية عام 2021، وتبِعته بحزمة من القوانين واللوائح التنظيمية خلال الفترة من 2022 إلى 2024 لتنظيم عمل الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه التشريعات إلى تنظيم استخدام البيانات بشكل يوازن بين حماية الأفراد وتعزيز "أمن الدولة" و"المصلحة العامة". في هذا النموذج، تُغلّب الدولة أولوية الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي على الخصوصية الفردية.
2. النموذج الأميركي: التشريعات اللامركزية والمقاربات القطاعية
في الولايات المتحدة، ورغم كونها مركزا عالميا لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكونها موطنا لأكبر شركات الذكاء الاصطناعي (مثل OpenAI وغوغل وميتا)، فإنها تعتمد نهجا غير مركزي في تنظيم الخصوصية، فلا يوجد حتى الآن قانون فدرالي شامل لحماية الخصوصية أو تنظيم الذكاء الاصطناعي.
عوضا عن ذلك، تتبع الدولة نهجا مجزأ، يعتمد على قوانين قطاعية مثل "هيبا" (HIPAA) في القطاع الصحي، ومشروع "كوبا" (COPPA) لحماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، لكن في ظل غياب قانون فدرالي شامل للخصوصية أو للذكاء الاصطناعي نتيجة للطبيعة القانونية المعقدة للنظام السياسي الأميركي. تشهد الساحة الأميركية تحولات تشريعية سريعة على مستوى الولايات، إذ أخذت 20 ولاية زمام المبادرة واعتمدت قوانين لحماية الخصوصية، منذ أن تبنّت ولاية كاليفورنيا أول قانون في هذا المجال عام 2020.
كما تقود ولايات مثل كاليفورنيا، ويوتا، وكولورادو، جهود إصدار تشريعات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، وفي عام 2023، أصدر الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أمرا تنفيذيا لتأسيس إطار أولي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، لكن مع عودة الرئيس ترامب إلى الحكم في يناير/كانون الثاني 2025، تم إلغاء هذا الأمر، مما أعاد حالة الغموض إلى مستقبل التشريعات الفدرالية.
تتمثل فلسفة قوانين الخصوصية أو الذكاء الاصطناعي علي المستوي الفدرالي أو الولايات في حماية البيانات من منظور تجاري واستهلاكي فقط بدون التعامل معه كحق أساسي من حقوق الإنسان، وعدم وجود قانون فدرالي للخصوصية أو للذكاء الاصطناعي يحدّ من قدرة الولايات المتحدة على لعب دور قيادي في وضع المعايير العالمية للخصوصية، رغم تفوقها التقني ولعبه الدور الأكثر تأثيرا علي مستوي العالم في قيادة وتطوير الذكاء الاصطناعي حتي هذه اللحظة.
إعلان3. النموذج الأوروبي: الخصوصية حق من حقوق الإنسان
يتبنى الاتحاد الأوروبي نموذجا قيميا يُجسّده في "اللائحة العامة لحماية البيانات" (GDPR) التي دخلت حيز التنفيذ عام 2018. ويركّز هذا النموذج على ضمان حقوق الأفراد في التحكم ببياناتهم، ويُلزم الشركات بالشفافية والمساءلة، ويمنح المستخدمين أدوات قانونية للموافقة أو الاعتراض على استخدام بياناتهم. ويوفر آليات مثل الحق في الحذف والموافقة المسبقة على جمع البيانات.
يعكس هذا النموذج فلسفة "الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي"، وهو ما تسعى دول عديدة إلى تبنيه كنموذج معياري عالمي.
كذلك أصدر الاتحاد الأوروبي عام 2024 قانونا جديدا لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، يعتمد على "مقاربة تُصنّف تطبيقات الذكاء الاصطناعي بناء على المخاطر" (Risk-Based Approach)، ويمنع بعض الاستخدامات عالية الخطورة مثل أنظمة المراقبة الجماعية غير المبررة.
لكن الإتحاد الأوربي رغم أهمية تشريعاته وكونه سوقا ضخما ذا أهمية كبيرة، فإنه يلعب دورا أقل أهمية بكثير مقارنة بالولايات المتحدة والصين، وكذلك أهميته التشريعية تنبع من كونه مستهلكا للتكنولوجيا أكثر من كونه أحد مطوريها ومنتجيها، وهذا الأمر يشكل إحدى نقاط الخلاف بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ويقسم المعسكر الغربي الليبرالي، حيث يقوم الاتحاد الأوربي بفرض غرامات علي شركات التكنولوجيا الأميركية، خاصة في ما يتعلق بانتهاك الخصوصية والاحتكار مما يخلق صدعا بين ضفتي الأطلسي.
نظرة علي مستقبل حرب المعايير وقوانين الخصوصية والذكاء الاصطناعيفي ظل تصاعد الحرب الباردة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، يتجه العالم نحو انقسام جديد ستكون أنظمة الخصوصية فيه أحد أبرز مظاهره. فالصين لا تسعى فقط إلى تعزيز سيطرتها الداخلية عبر نموذج الإنترنت المغلق، بل تعمل بنشاط على تصدير هذا النموذج إلى الدول النامية مثل أوغندا، وكمبوديا، وزيمبابوي، مقدمة حزمة متكاملة من البنية التحتية الرقمية والقوانين المصممة لفرض رقابة الدولة على البيانات.
إعلانوفي المقابل، رغم أن الولايات المتحدة لا تملك حتى الآن قانونا فدراليا موحدا للخصوصية أو لتنظيم الذكاء الاصطناعي، فإنها ستجد نفسها مضطرة خلال المرحلة القادمة لتبني تشريعات واضحة وشاملة، للحفاظ على تفوقها التكنولوجي، ومنع الاتحاد الأوروبي من فرض معاييره التنظيمية على الشركات الأميركية عبر الأسواق العالمية، وكذلك لمواجهة محاولات الصين لبسط نفوذها الرقمي. غير أن هذا التحول نحو تشريعات فدرالية موحدة يواجه تحديات داخلية كبيرة، خاصة في ظل عودة ترامب إلى الرئاسة وهيمنة أغلبية جمهورية على الكونغرس، وهي أغلبية تميل إلى تقليل التدخلات الحكومية في الأسواق وتعارض فرض أطر تنظيمية صارمة.
وكل هذا يجعل عملية إصدار قوانين شاملة للخصوصية أو الذكاء الاصطناعي أكثر صعوبة في المستقبل القريب. وهكذا، لن تقتصر المنافسة المستقبلية على الابتكار التقني فحسب، بل ستشمل أيضا معركة شرسة حول من يضع قواعد اللعبة الرقمية ويحدد مستقبل الخصوصية في العالم.