السياسة.. من هو السياسي وكيف يفكر؟ (1)
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
الفصل بين السياسة والعمل في السياسة مهم، ومجرد عمل الفرد -بغض النظر عن كفاءته وثقافته- في السياسة لا يعني أنه سياسي، لأن تصوره أنه أضحى سياسيا سيجعله يتخذ قرارات مضرة بمستقبله وسيؤثر بشكل أو آخر على مجتمعه، لذا سنضع محاور لهذا الموضوع.
(1) من هو السياسي وكيف يفكر؟ (2) السياسة الدولية وعلاقتها بالسياسة الداخلية القرار السياسي، (3) طريق التفكير السياسي.
1- السياسي هو دواء لواقعه وليس قاضيا أو مدعيا عاما على مواطنيه، تطوع للعمل مهما كانت دوافعه؛ فهي مشروعة إلا خيانة الأمانة بكل ما تعنيه من تفاصيل واسعة ودقيقة. وعندما يتحدث السياسي كقاض في لوم الجمهور معزيا فشله لسلوكهم فهو ليس سياسيا، بل هاويا مندفعا لمصلحة لا علاقة للجمهور بها إن لم تك مؤذية، ففشله في إقناع الجمهور يستدعي المراجعة والتخطيط والدراسة وليس اعتبار الصواب عنده والجمهور لا يعرف الصواب. هذه وحدها تدل أن إقصاءه يعني أن الجمهور يعرف الصواب.
الأنا العمياء التي تصور للعاملين في السياسة امتلاك الحقيقة أو أن الجمهور لا بد أن يكون جميعه مؤيدا لهم على الصواب والخطأ وأن لا غيرهم قادر على إدارة البلد؛ هذا النوع لا يجيد الإدارة كما لا يجيد السياسة.
السياسي هو دواء لواقعه وليس قاضيا أو مدعيا عاما على مواطنيه، تطوع للعمل مهما كانت دوافعه؛ فهي مشروعة إلا خيانة الأمانة بكل ما تعنيه من تفاصيل واسعة ودقيقة. وعندما يتحدث السياسي كقاض في لوم الجمهور معزيا فشله لسلوكهم فهو ليس سياسيا، بل هاويا مندفعا لمصلحة لا علاقة للجمهور بها إن لم تك مؤذية، ففشله في إقناع الجمهور يستدعي المراجعة والتخطيط والدراسة وليس اعتبار الصواب عنده والجمهور لا يعرف الصواب
التخطيط مهم والتغيير لا يأتي اعتباطا وإنما بالتخطيط (العزم) والتنفيذ المبرمج (الإرادة). وليس للأمنيات والرغبات تصور عن النتيجة وإن حصلت صدفة أو لخلو الساحة السياسية فلا أمنيات. قد تنجح تكتيكيا في مفاصل عدة لكنك وفي خمرة الإحساس بالتمكين لا ترى غبار العاصفة التي ستقلع ما بنيت لأنك نجحت تكتيكيا لكونك ضمن استراتيجية من يخطط فعلا ليحكم. وليس الوصول هدفه فحسب بل استخدم طاقاتك ومساحة إمكانياتك في مخططه، فلطالما تشجع الدول المحتلة الانقسامات وتوازن مراكز القوى ضمن أهدافها، فلا تحمل وزر الدماء والفساد والتدهور الاقتصادي؛ لا لأنها غافلة أو عاجزة وإنما هي تريد أن يصل هذا البلد إلى درجة من التفكك والهدم بحيث يمكن أن يقبل أي بناء تخطط له. ويفاخر المستخدم الوسيط بقوته وهذا سيبرر دوليا لاستخدام القوة عند الحاجة بل إبادته عند وصوله الخط النهائي لاستخدامه، فيجري تنظيف الساحة للمرحلة الأخرى.
فمن وجد نفسه في هذا الموضع فليحاول إصلاح ما أفسد لأنه لن يجد من يحزن عليه، فالقوى العظمى صفرية أمام عدوها وإن لم تبدُ صفرية، والقوى الضعيفة تبحث عن التنافسية لإيجاد محل فإن ظهر خلاف ذلك فهو خلل لكن يصدقه من استثيرت غرائزه في السيادة والتملك فتوقفت منظومته العقلية عن إدراك الصواب.
حالنا هو هذا التفاخر والتباهي وليس حسابا علميا للخسائر ومدى تقدمنا نحو الغايات والأهداف ودرجاتها، وبذلك نكون ضحايا ونزعم البطولة فلا نتذمر إن وجدنا العالم ضدنا ولا يرى ظلما نحن أول من أنكره بصوتنا العالي.
يأتي هذا من خلل التفكير المؤدلج الذي لا ينظر بواقعية، لأن الجهاز المعرفي يعتمد البطولات بمفهوم ما ليس بالضرورة مناسبا لواقعنا، وإنما يتبع النصوص المرنة التي يزعم أنها تنطبق عليه وهو ليس كذلك، كأن يقول إن الله سينصر المؤمنين وهو لا يرى أنه ليس ضمن مواصفات أولئك المؤمنين في الوعد، لأنه لو كان منهم لتحققت أسباب الانتصار في تخطيطه وسلوكه وتصرفاته وعقليته ونفسيته، وليس بافتراضه الوهمي لتوصيف نفسه وهو يعدم العدالة بسلوكه ويمثل الظلم، أو يتوقع معجزة على فرضية فرضها لنفسه.
السياسي ينبغي أن يتدرب ويدرس الجغرافيا السياسية والاستراتيجية وأن يعلم مواطن الضعف في ذاته والعمل كفريق، فالتدريب مهم ومعرفة سير السياسيين ليس كسرديات وإنما كخلاصات ومادة تفكير في ورشات تفكير سياسي، ويتعلم أن لا تغلبه الأيديولوجيا
أما التفكير العلمي فهو العقل قبل التوكل، وهو الدراسة والتخطيط، والنظرة لواقع الحال والمتاح ووضع الأهداف المتتابعة نحو الغايات، ولا شيء مرتجل أو يعتمد على الأمل بالنجاح، فإن كنت محتلا مهزوما مدمرا لا تملك حقيقة ما يواجه به أعداؤك، فإظهار أنك بطل هو لإرضاء نفسك، وإظهار كأن ما تحدثه من خسائر تبريرا لعدوك بقتلك ومشاهدة الأمم ذلك لأنها ستتصورك المعتدي وهو المظلوم وأنت خطر على نفسك لتتولى أمرها، فأنت تعمل ضمن استراتيجية العدو وأنت لا تدري.
تدريب السياسي:
السياسي ينبغي أن يتدرب ويدرس الجغرافيا السياسية والاستراتيجية وأن يعلم مواطن الضعف في ذاته والعمل كفريق، فالتدريب مهم ومعرفة سير السياسيين ليس كسرديات وإنما كخلاصات ومادة تفكير في ورشات تفكير سياسي، ويتعلم أن لا تغلبه الأيديولوجيا وإنما ينظر إلى الحالات من خلال عوامل ثبات الكرسي (لاحظ الجزء الثاني)، وكذلك إزالة سلبيات الجهاز المعرفي والتربية المعتمدة على المبالغة وإيهام الذات بما لا وجود له حقيقة فيكون تفكيره خارج الواقع وهذا من الكوارث، أو يقدم من لا فكرة له عن بناء الدولة وإنما يسلك الأساليب فوق الدستورية. فهذا ينبغي ترويضه بالتدريب وملء الفراغات بالفكر السياسي بدل الوهم، أو تتمكن غريزة حب السيادة، عندها يصبح الحديث عن القيم والتوجهات من مظاهر الفشل لأن هذا العامل في السياسة قد يسلك ما ينكره ليشبع غريزته في السلطة، وهو لم يتدرب جيدا على أهداف حقيقية وواقعية أو جادة وإلا لجعلها تسير على الأرض. وهذه الحالة بالذات مضرة للمجتمع وتحبط في عملية التطور المدني على مسارات متعددة..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات السياسة التخطيط القوة الضعف السلطة السلطة السياسة القوة التخطيط الضعف مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السیاسة
إقرأ أيضاً:
المركزي يثبت أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية
#سواليف
قررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني، في اجتماعها الثالث لهذا العام، الإبقاء على أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية عند مستوياتها الحالية دون تغيير.
جاء هذا القرار بعد تقييم شامل للتطورات الاقتصادية والنقدية والمالية محليًّا، والمستجدات الاقتصادية إقليميًّا ودوليا.
وتؤكد المؤشرات متانة الاستقرار النقدي في المملكة، مدعوماً بمستوى قياسي من الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، تجاوز 22.8 مليار دولار في نهاية نيسان 2025، وهو ما يكفي لتغطية 8.8 شهراً من مستوردات المملكة من السلع والخدمات. وبقي معدل التضخم منخفضًا ومستقراً عند 2% خلال الربع الأول من العام الحالي، مع التوقعات باستقراره حول 2.2% خلال عام 2025 كاملاً.
وعلى صعيد القطاع المصرفي، أظهرت البيانات قوة هذا القطاع، حيث نمت ودائع العملاء لدى البنوك بنسبة 6.8%، على أساس سنوي، لتصل إلى حوالي 47.4 مليار دينار في نهاية شهر آذار من عام 2025، كما ارتفع رصيد التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بنسبة 3.9%، على أساس سنوي، ليبلغ حوالي 35.2 مليار دينار.
كما واصلت مؤشرات القطاع الخارجي تحقيق أداء إيجابي، حيث ارتفع الدخل السياحي بنسبة 8.9% خلال الربع الأول من عام 2025 ليبلغ حوالي 1.7 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وسجلت حوالات العاملين في الخارج زيادة نسبتها 2.0% خلال الشهرين الأولين من عام 2025 لتبلغ حوالي 606 مليون دولار. وفي السياق ذاته، ارتفعت الصادرات الكلية بنسبة 9.2% خلال الشهرين الأولين من عام 2025، لتصل قيمتها إلى 2.0 مليار دولار.
وتشير التقديرات الأولية للبنك المركزي إلى بلوغ تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى المملكة حوالي 2.1 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين وجاذبية البيئة الاستثمارية في المملكة. هذا وسجل الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.5% خلال عام 2024، مع توقع ارتفاعه إلى 2.7% خلال عام 2025، مدفوعًا بتحسّن الطلب المحلي والخارجي.
ويؤكد البنك المركزي الأردني حرصه المستمر على متابعة التطورات الاقتصادية والنقدية والمالية على الصعيدين المحلي والدولي، كما يلتزم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في المملكة، واحتواء الضغوط التضخمية ضمن مستويات مقبولة.