فوضى واتهامات.. معرض باريس الزراعي يحتضن صداما بين ماكرون ومعارضيه
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
باريس- قبل 3 أشهر من الانتخابات الأوروبية وفي قلب ثورة الفلاحين التي لم تهدأ، تُعد نسخة هذا العام من المعرض الزراعي في "بورت دو فرساي" الاجتماع السنوي الذي لا يمكن أ ن يفوته السياسيون، بدءا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزرائه وصولا إلى قادة الأحزاب.
ومن الواضح أن رقعة عدم الثقة بين السلطة التنفيذية والمزارعين آخذة في الاتساع؛ فبدعوة من نقابة التنسيقية الريفية، تجمع العشرات، أمس الجمعة، في جادة الشانزيليزيه في العاصمة باريس للدعوة إلى "إنقاذ الزراعة الفرنسية" وتكريم زملائهم المنتحرين.
وأعاقت الجرارات وحزم القش حركة المرور بالقرب من قوس النصر قبل أن تعتقل قوات الأمن أكثر من 60 شخصا، وفق شرطة العاصمة.
انقسمت الأجواء داخل المعرض الزراعي الدولي إلى فريقين، ففي حين تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لصيحات استهجان ومطالبات باستقالته خلال يوم الافتتاح، تلقى رئيس حملة التجمع الوطني جوردان بارديلا ترحيبا حارا في اليوم الثاني من المعرض.
وبعد وصف ماكرون "عنف" المزارعين بـ"السخيف"، التقى ممثلي النقابات الزراعية وهاجم الحزب اليميني المتطرف، خاصة مارين لوبان وبارديلا، لأنهما "نسيا أنه لا توجد مزرعة فرنسية دون أوروبا"، وفق قوله.
وبينما يستمر السياسيون في التوافد إلى قاعات المعرض لتسجيل الحضور ولقاء المزارعين، انتقد رئيس حزب "انهضي فرنسا" نيكولا دوبان إينيون طريقة تعامل الحكومة مع ثورة الفلاحين، لأن تصريحاتها مختلفة عما يقال داخل أروقة المفوضية الأوروبية في بروكسل، مما يسهم في إضعاف مصداقية رئيس الجمهورية.
وشدد المرشح الرئاسي السابق إينيون، في حديثه للجزيرة نت، على ضرورة التوقف عن "نهب البلاد من قبل الأقلية الحاكمة"، معتبرا أن المفوضية الأوروبية "لا علاقة لها بالديمقراطية".
من جانبه، وصف الخبير في الاقتصاد الزراعي جان ماري سيروني يوم الافتتاح بـ"الفشل غير المسبوق لاتصالات الإليزيه"، الذي أراد نقاش مستقبل الزراعة الفرنسية مع المزارعين وكبار تجار التجزئة، "بسبب وجود أخطاء في التواصل بين الحكومة والمزارعين منذ البداية".
أزمة ثقة
وفي مشهد يشبه حملات الانتخابات الرئاسية، استغلت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان زيارتها للمعرض للرد على هجوم ماكرون بقولها إن "الملايين من الفرنسيين، من بينهم العديد من المزارعين، لا يثقون بالرئيس عندما يتعلق الأمر بالسياسة الأوروبية، وخاصة السياسة الزراعية".
واعترف ماكرون بوجود "أزمة ثقة ودخل وتقدير"، مؤكدا أن الأزمة الزراعية لا يمكن حلها في يوم واحد أو في أثناء المعرض، ووصف هذا القطاع بـ"المصلحة العامة الرئيسية للجمهورية".
لكن رغم لقائه مجموعة من المزارعين، لم يستطع ماكرون إخماد غضبهم، موجها -بدلا عن ذلك- طاقته لانتقاد حزب اليمين المتطرف الذي يشجع المزارعين على التخلص من القيود الأوروبية أو "فريكست"، على حد تعبيره.
واعتبر سيروني، في تصريح للجزيرة نت، أن الأزمة الحالية تخطت كونها أزمة دخل وتحقيق مطالب، لأنها أصبحت "أزمة ثقة" بين السلطة التنفيذية وممثلي المزارعين في كل أنحاء البلاد، فضلا عن عدم استعداد المستهلك دفع أسعار باهظة لشراء المنتجات، خاصة وأن واحدا من كل 6 فرنسيين يلجؤون إلى المساعدات الغذائية، أي ما يعادل 30% من الشعب الفرنسي.
ويرى الخبير في الاقتصاد الزراعي أن الرئيس الفرنسي لم يدرك عمق الأزمة الحالية وتراكمها منذ سنوات، والتي أدت في نهاية المطاف إلى مشاهد الغضب والاحتجاجات ضد سياساته على المستوى المحلي والأوروبي.
واستذكر سيروني المقولة الشهيرة للجنرال شارل ديغول "كيف تريد أن تحكم بلدا يوجد به 246 نوعا من الجبن؟"، معلقا عليها بتأكيد ضرورة تخصيص مزيد من الأموال للمساعدة وإنشاء جسر من الحوار لإعادة ترميم الثقة.
وفي اليوم التالي للاستقبال الفوضوي الذي حظيت به الزيارة الرئاسية، شدد رئيس الوزراء غابرييل أتال، الأحد الماضي، على أن المعرض الزراعي "ليس سيركا إعلاميا أو سياسيا، وليس ساحة للحملة الانتخابية".
ويأتي ذلك بعد تصريحات عضو البرلمان الأوروبي جوردان بارديلا التي هاجم فيها الرئيس الفرنسي ووصفه بـ"المذعور"، في حين يصر حزب التجمع الوطني المنتخب على أن ماكرون "لم تعد لديه أجهزة استشعار للبلد الذي يرأسه"، وأن البلاد بحاجة إلى تغيير معايير الزراعة الفرنسية، برأيه.
وألقى ماكرون باللوم على اليمين المتطرف لاستغلال غضب المزارعين على خلفية الانتخابات الأوروبية، قائلا "هناك عرض سياسي لإصلاح أوروبا وجعلها أكثر سيادة واتحادا إلى جانب أوكرانيا والدفاع عن السياسة الزراعية المشتركة. وعلى الجانب الآخر، هناك أشخاص كانوا يعتقدون أنهم يؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واليوم يريدون مغادرة منطقة اليورو".
وعند سؤاله عن اتهامات الحكومة بميل النقابات الزراعية لليمين المتطرف، اعتبر ريمي دوما، نائب رئيس نقابة "المزارعون الشباب"، أن النقاش مع الجهات الفاعلة في البلاد أمر مهم، "لكن تأخر اتخاذ إجراءات ملموسة سيؤدي إلى التعبئة مرة أخرى بغض النظر عن الأحزاب السياسية الداعمة لنا".
ولفت نائب رئيس الاتحاد الزراعي الثاني في فرنسا، في حديثه للجزيرة نت، إلى أنه على أوروبا فرض قواعد اللعبة نفسها في جميع الدول، لأن فرنسا اليوم "تواجه المعايير الأكثر قسوة على المستوى البيئي والاجتماعي".
بدوره، أكد إينيون "لسنا في سباق انتخابي، والأمر لا يتعلق فقط بمسألة خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، بل بالمطالبة بوجود حكومة لا تكذب على الفرنسيين، وحق المزارعين بالدفاع عن مصالحهم بأي ثمن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرئیس الفرنسی
إقرأ أيضاً:
بعد إعلان ماكرون.. ضغوط تحاصر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للاعتراف بالدولة الفلسطينية
يواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ضغوطًا من كبار أعضاء حكومته والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف الفوري بفلسطين كدولة ذات سيادة، وذلك بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. اعلان
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ"، فقد أعرب بعض وزراء الحكومة عن استيائهم من رفض ستارمر الوفاء بوعده بدعم الدولة الفلسطينية. وحثّ وزراء الصحة ويس ستريتنغ، والعدل شبانة محمود، وأيرلندا الشمالية هيلاري بن، والثقافة ليزا ناندي، ستارمر ووزير خارجيته ديفيد لامي مؤخرًا على التحرك بسرعة أكبر بشأن هذه القضية.
وأعلن ماكرون، الذي سعى خلال الأشهر الأخيرة لإقناع ستارمر بالاعتراف المشترك بفلسطين، في وقت متأخر من يوم الخميس أن فرنسا ستفعل ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، مما زاد الضغط على ستارمر. وقال رئيس الوزراء البريطاني يوم الخميس إن "إقامة الدولة حق غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني"، وإن وقف إطلاق النار سيضع المملكة المتحدة "على طريق" الاعتراف، لكنه لم يحدد إطارًا زمنيًا.
غضب داخل الحكومة وحزب العمال
حذّرت بعض الشخصيات البارزة في حزب العمال، علنًا وسرًا، من أنه حتى لو اختارت المملكة المتحدة الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول، فقد يأتي ذلك متأخرًا جدًا نظرًا لحجم الدمار.
في مداخلة علنية غير عادية حول قضية ليست جزءًا من إحاطته، قال ستريتنغ لمجلس العموم الثلاثاء إنه يأمل أن يتم الاعتراف "بينما لا تزال هناك دولة فلسطينية لم يُعترف بها". انضم عمدة لندن صادق خان إلى الدعوات المطالبة باعتراف المملكة المتحدة فورًا بالدولة الفلسطينية في اليوم التالي، وحثّ الحكومة على "بذل المزيد من الجهد للضغط على الحكومة الإسرائيلية".
ستُمثل المملكة المتحدة في مؤتمر الأمم المتحدة الذي تُعقده فرنسا والمملكة العربية السعودية في نيويورك الأسبوع المقبل.
ووفقاً لـ "بلومبرغ"، ستُستغل فرنسا القمة لمناقشة الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار وحل الدولتين، لكنها لن تعترف رسميًا بفلسطين حتى اجتماع القادة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول. وأفادت المصادر أن المملكة المتحدة لم تُقرر بعد ما إذا كانت ستحذو حذو فرنسا في القيام بذلك.
وجادل لامي في الأسابيع الأخيرة بأنه على الرغم من اعتراف دول أخرى بفلسطين، فإن تركيزه المُباشر ينصبّ على "محاولة تخفيف المعاناة" في المنطقة.
وقال لامي لمجلس العموم في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن حثّه العديد من نواب حزب العمال على الإسراع في ذلك: "أُدرك النقاش الدائر حول الاعتراف، ويجب أن ننتقل إلى الاعتراف في الوقت المُناسب". لكنه أضاف: "لا أعتقد، بصراحة، أن الاعتراف سيُغير الوضع على أرض الواقع".
وذكرت "بلومبرغ" أن التوترات تأججت داخل الحكومة البريطانية بشأن هذه القضية بسبب تقارير عن انتشار الجوع في غزة بعد أسبوعين فقط من إبرام الاتحاد الأوروبي اتفاقًا مع إسرائيل يهدف إلى زيادة تدفق الغذاء إلى غزة.
Related ماذا حقق كير ستارمر بعد 100 يوم في منصب رئيس الوزراء؟بريطانيا: اعتقال شاب بتهمة إشعال حريق في منزل رئيس الوزراء كير ستارمرماكرون يعلن نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. نتنياهو: إنها مكافأة للإرهابمحادثات عاجلة لستارمر
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه سيعقد محادثات طارئة مع فرنسا وألمانيا حول غزة، معرباً عن إدانته "المعاناة والجوع"، ومؤكدا أنه "لا يمكن وصفهما ولا الدفاع عنهما".
وأضاف ستارمر، الخميس، في بيان، أن الوضع كان "خطيراً" لبعض الوقت، لكنه "وصل إلى مستويات جديدة من التدهور". وقال ستارمر: "إن المعاناة والجوع المستشريين في غزة لا يمكن وصفهما ولا الدفاع عنهما". وأضاف "بينما كان الوضع خطيراً لبعض الوقت، فقد وصل إلى مستويات جديدة من التدهور ويستمر في التفاقم. نحن نشهد كارثة إنسانية".
وتابع "سأجري مكالمة طارئة الجمعة، حيث سنناقش ما يمكننا القيام به بشكل عاجل لوقف القتل وتوفير الطعام الذي يحتاجونه بشدة، بينما تتكاتف جميع الخطوات اللازمة لبناء سلام دائم"، مضيفاً: "نتفق جميعا على الحاجة الملحة لإسرائيل لتغيير مسارها والسماح بدخول المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة دون تأخير".
ومضى قائلاً إنه "من الصعب رؤية مستقبل مشرق في مثل هذه الأوقات المظلمة"، لكنه دعا جميع الأطراف مرة أخرى إلى الانخراط "بحسن نية وبسرعة" في وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع المحتجزين. وأضاف: "نحن ندعم بقوة جهود الولايات المتحدة وقطر ومصر لتأمين ذلك".
محادثات متعثرة في الدوحة وأعلان من ماكرون
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، معربًا عن أمله في أن تُسهم هذه الخطوة في تعزيز فرص تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
انتقدت إسرائيل والولايات المتحدة الإعلان الفرنسي حيث وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "يكافئ الإرهاب" بينما اعتبره وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنه "قرار متهور". ورحبت حماس والسعودية وعدة دول بالإعلان.
وفي الدوحة، توقفت عجلة المحادثات للتوصل إلى حل لوقف إطلاق النار في غزة بعد إعلان المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف سحب فريقه للتفاوض معتبراً أن رد حماس على المقترح الأخير "يُظهر عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار".
عبرت حماس عن استغرابها من تصريحات ويتكوف، وأكدت في بيان "حرصها على استكمال المفاوضات والانخراط فيها بما يُساهم في تذليل العقبات والتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار".
بدورها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن مصدر سياسي قوله إن عودة الوفد الإسرائيلي إلى تل أبيب "لا تعني انهيار المفاوضات أو فشلها"، مضيفا: "سنعود إلى قطر عندما يكون هناك تقدم ملموس".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة