تلغراف: هل يسعى بوتين لإغراق أوروبا بالمهاجرين غير النظاميين؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
قالت صحيفة تلغراف البريطانية إن الكرملين يتمتع بنفوذ على عدد من الطرق الرئيسية المؤدية إلى القارة الأوروبية، مما جعل شرطة الحدود تحذر من أنه مع حلول الربيع، من المرجح أن "تكثف" روسيا جهودها لتيسير وصول المهاجرين إلى أوروبا.
وذكرت الكاتبة هايلي ديكسون أن هناك مخاوف على نطاق واسع من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستخدم هذا التكتيك لزعزعة استقرار أوروبا، وقالت إن صحيفة تلغراف اطلعت على وثائق استخباراتية توضح بالتفصيل خطط عملاء روس لإنشاء "قوة شرطة حدودية قوية قوامها 15 ألف رجل" تضم مليشيات سابقة في ليبيا للسيطرة على تدفق المهاجرين غير النظاميين.
ونقلت عن مصدر أمني قوله: "إذا تمكنت من السيطرة على طرق المهاجرين إلى أوروبا، فيمكنك السيطرة بشكل فعال على الانتخابات، لأنه يمكنك تقييد منطقة معينة أو إغراقها بالمهاجرين من أجل التأثير على الرأي العام في وقت حاسم".
ويأتي ذلك في وقت تعتبر فيه الهجرة قضية رئيسية في الانتخابات العامة في دول أوروبية عدة.
ويُنظر بالفعل إلى الفشل في السيطرة على عدد المهاجرين القادمين إلى المملكة المتحدة مثلا على أنه نقطة ضعف كبيرة لرئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك.
مخاوف أوروبية
وبحسب تلغراف، فقد سُجل دخول 52 ألفا و530 مهاجرًا غير نظامي إلى المملكة المتحدة وذلك حتى يونيو/حزيران 2023، بزيادة 17% عن العام السابق عبر معظمهم القناة في قوارب صغيرة.
ونبّهت ديكسون إلى أن ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا هذا الشتاء "بأمر من بوتين" -على حد تعبيرها- من المحتمل أن يؤدي إلى زيادة في عدد القوارب الصغيرة التي تعبر هذا الصيف حيث يستغل مهربو البشر تحسّن الطقس لإرسال المهاجرين عبر القناة، مما يضع سوناك تحت مزيد من الضغط.
وتقول شرطة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي " فرونتكس" إنها رأت أن روسيا تستخدم الهجرة "كأداة في لعبة أكبر من النفوذ والضغط". وحذرت الوكالة من أن اختيار بوتين بشكل متزايد لنقل المهاجرين إلى أوروبا -سواء على طول الحدود الشرقية لروسيا أو من خلال مناطق أخرى بينها أفريقيا-يشكل تهديدا كبيرا للأمن في عام 2024.
وذكر تقرير تلغراف من يوالون روسيا -بما فيهم مجموعة فاغنر– يرفعون من زخم الهجرة غير النظامية من خلال زيادة عدم الاستقرار والعنف في أجزاء من أفريقيا الخاضعة لسيطرتهم، بل ومن خلال نقل المهاجرين فعليا إلى الحدود ودعم المهرّبين.
ونقلت الكاتبة عن روبرت جينريك، وزير الهجرة السابق، قوله "يستخدم خصوم المملكة المتحدة تدفق الناس في دول أوروبا القريبة كسلاح، كما شهدنا على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا في عام 2021".
تحذيرات
وأكدت الكاتبة أن المسؤولين في جميع أنحاء أوروبا حذروا من هذه العقبات. وقال أنطونيو تاجاني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، إن روما لديها معلومات استخباراتية تفيد بأن المرتزقة "نشطون للغاية وعلى اتصال مع عصابات الاتجار والمليشيات المهتمة بتهريب المهاجرين". وألقت حكومته باللوم في زيادة عدد المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط على مجموعة فاغنر.
وأشارت الكاتبة إلى أن أكبر زيادة في عدد المهاجرين خلال العام الماضي كانت عبر البحر الأبيض المتوسط، وذلك وفقًا لوكالة فرونتكس، التي أشارت إلى أن عدد عمليات عبور الحدود بشكل غير نظامي بلغت 380 ألفا في عام 2023 وكانت في أعلى مستوياتها منذ عام 2016.
ونقلت تلغراف عن الدكتور سيرغي سوكانكين، وهو باحث بارز في مؤسسة جيمستاون ومستشار في شركة "غلف ستيت أناليتيكس" في واشنطن، قوله إن المراقبين يميلون إلى التركيز على دور القوات شبه العسكرية الروسية في دعم أنظمة أفريقية، وليس في التأثير على الهجرة.
لكنه يشدد من جهته على أنه لا يمكن فصل طرق الهجرة غير النظامية عن المناطق والأماكن التي توجد فيها مجموعة فاغنر وغيرها من القوات شبه العسكرية الروسية.
وفي تقريرها الأخير عن المخاطر، حذرت وكالة فرونتكس من أنه بالنظر إلى مدى العداء بين روسيا والغرب وانخفاض الترابط بينهما، فقد زاد احتمال استغلال المهاجرين من قبل روسيا وبيلاروسيا. والأهم من ذلك، أن استغلال المهاجرين قد لا يقتصر على الحدود البرية الشرقية فحسب، "بل يمكن الاستفادة من حلفاء روسيا ووكلائها في الجنوب والجنوب الشرقي"، على حد تعبيرها.
وتابعت بأن البرلمان الأوروبي يعمل على إقرار "إجراء لإدارة الهجرة واللجوء في حالات الطوارئ"، للتعامل مع "الظاهرة المثيرة للقلق للغاية" المتمثلة في "الدور المتزايد للجهات الفاعلة الحكومية في خلق وتسهيل الهجرة غير النظامية بشكل مصطنع، باستخدام تدفقات الهجرة لأغراض سياسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المهاجرین إلى أوروبا
إقرأ أيضاً:
خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول ثالثة
أعادت دعوى قضائية رفعها مهاجر فنزويلي ضد وزارة الأمن الداخلي الأميركية الخميس الماضي قضية ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى الواجهة، والتي أصبحت وسيلة أساسية ضمن إستراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترامب في دعم خطة الترحيل الجماعي التي وعدت بها.
يرفر رينجل -الذي رُحّل مؤخرا من الأراضي الأميركية إلى السلفادور- حمّل إدارة ترامب المسؤولية عن انتهاكات زعم أنه تعرّض لها على يد الحراس في سجن سيكوت، قبل أن يعاد ترحيله لاحقا إلى بلاده، مما أثار من جديد التساؤلات بشأن الأبعاد القانونية والإنسانية المرتبطة بهذه الترحيلات.
الدعوى تزامنت مع إعلان دولة إسواتيني الواقعة في جنوب أفريقيا عن استقبال 5 مهاجرين ضمن اتفاقية مماثلة، ليرتفع بذلك عدد الدول التي دخلت في صفقات مع الإدارة الأميركية بشأن استقبال مرحّلين منذ بداية الولاية الثانية لترامب.
وأعطى هذا الأمر مؤشرا على انخراط متزايد من الدول الصغيرة والنامية في تلبية طلب واشنطن للمساعدة في ملف الهجرة غير النظامية مقابل حوافز مالية ودعم سياسي.
صفقة ثلاثيةوحتى الآن، نجحت الولايات المتحدة في إبرام 6 اتفاقيات مع "دول ثالثة"، أبرزها التفاهم الثلاثي الذي تم بموجبه ترحيل مهاجرين فنزويليين من الأراضي الأميركية مرورا بالسلفادور وصولا إلى فنزويلا.
وتعد هذه الصفقة نموذجا لتقاطع المصالح بين الدول المشاركة فيها، إذ تمكنت كراكاس من استعادة 252 من مواطنيها مقابل إطلاق سراح 10 مواطنين أميركيين كانوا محتجزين في فنزويلا.
أما الدولة الوسيطة السلفادور فقد حصلت على 6 ملايين دولار من واشنطن لتغطية نفقات احتجاز المرحّلين، إلى جانب دعم سياسي مباشر لحكومة الرئيس نجيب أبو كيلة.
وتعود خلفية الصفقة إلى زيارة رسمية قام بها رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة في أبريل/نيسان إلى البيت الأبيض عرض حينها على ترامب استضافة المرحّلين في منشأة سيكوت ذات الحراسة المشددة.
إعلانواقترح أبو كيلة إجراء عملية تبادل يتم من خلالها ترحيل المهاجرين مقابل إطلاق فنزويلا عددا مماثلا من المعتقلين السياسيين، وهو ما رفضته حكومة نيكولاس مادورو من حيث العدد، لكن الإدارة الأميركية رأت في المقترح فرصة لاستعادة مواطنيها ضمن تسوية أقل تعقيدا.
وجرى تصنيف أغلبية المرحّلين الفنزويليين على أنهم عناصر مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إجرامية، وتم التعامل معهم بموجب قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، والذي يمنح الرئيس الأميركي صلاحيات استثنائية لترحيل أو احتجاز مواطني دول تعتبر "معادية"، دون المرور بالإجراءات القضائية المعتادة.
وسبقت فنزويلا عدة دول في أميركا اللاتينية في التعاون مع واشنطن بشأن ملف المرحّلين، أبرزها المكسيك التي استضافت نحو 6 آلاف شخص من غير مواطنيها، في إطار شراكة أمنية لإدارة الحدود الجنوبية.
أما كوستاريكا فكان نصيبها قرابة 200 مهاجر مطلع عام 2025 تم احتجازهم مؤقتا قرب الحدود مع بنما التي بدورها استوعبت نحو 300 مهاجر من جنوب ووسط آسيا في مخيم سان فيسنتي، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط سياسية متصاعدة على خلفية تهديدات ترامب بإعادة السيطرة على قناة بنما.
التوسع في أفريقيالم تقتصر سياسة الترحيل على دول الجوار أو أميركا اللاتينية، بل عبرت المحيط لتصل القارة الأفريقية، ففي يوليو/تموز الجاري أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن نقل 5 مهاجرين إلى مملكة إسواتيني في جنوب القارة.
المهاجرون الذين تعود أصولهم إلى فيتنام وجامايكا وكوبا واليمن ولاوس وصفتهم تريشيا ماكلولين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي بأنهم "مجرمون مدانون وأفراد يتسمون بوحشية استثنائية، إلى حد رفضت معه بلدانهم الأصلية إعادتهم".
ولم تشارك حكومة إسواتيني أي تفاصيل بشأن الظروف التي رافقت عملية الترحيل، بما في ذلك الكشف عن أماكن احتجازهم، لكن السلطات أكدت -وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس- أنها تعمل على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بمساعدة وكالة تابعة للأمم المتحدة، دون أن تحدد أي جدول زمني.
وشهد البيت الأبيض في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري اجتماعا جمع ترامب بـ5 من قادة دول غرب أفريقيا، وهم رؤساء ليبيريا والسنغال وموريتانيا وغينيا بيساو والغابون.
ووفق ما نقلته وسائل إعلام أميركية، كان ملف الهجرة حاضرا بقوة في المحادثات، حيث لم يقتصر النقاش على مسألة إعادة المواطنين الأفارقة إلى أوطانهم، بل شمل أيضا مطالبات باستقبال مهاجرين من دول ثالثة.
ورغم أن بعض القادة المشاركين أقروا بأن ملف الترحيل إلى دولهم طُرح ضمن المحادثات فإنهم نفوا وجود طلبات مباشرة من الجانب الأميركي، وبيّن ذلك الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي بقوله "لم يفرضوا شيئا، لكنهم سألوا كيف يمكننا أن نساعد".
مراقبون أشاروا إلى أن بعض الدول الأفريقية تنظر إلى هذا التعاون المحتمل بوصفه ورقة تفاوض يمكن استخدامها لمطالبة واشنطن بتخفيف القيود الجمركية التي فُرضت مؤخرا على صادراتها، ولرفع القيود على منح التأشيرات التي فرضتها واشنطن على بعض الدول في القارة.
أبدت منظمات حقوقية بارزة -في مقدمتها "هيومن رايتس ووتش"- مخاوفها من أن تؤدي سياسة الترحيل إلى إرسال أفراد إلى بلدان ذات سجل موثق في انتهاكات حقوق الإنسان.
إعلانووصفت هذه الإجراءات بأنها تمثل تطبيعا للترحيل القسري وتشكل خرقا لحقهم في الحماية الدولية.
وفي السياق ذاته، أعرب ناشطون في حقوق الإنسان عن قلق متزايد من الإجراءات السريعة التي تنفذ بها عمليات الترحيل، والتي تعطي المهاجرين مهلة زمنية بسيطة لا تتجاوز اليوم، وقد تصل أحيانا إلى 6 ساعات فقط، مما يعطل حق الطعن أو الاستئناف.
وكانت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية أصدرت مذكرة تنفيذية في 9 يوليو/تموز الجاري تسمح بموجبها بترحيل الأفراد إلى دول ثالثة بإشعار لا يقل عن 6 ساعات، وأن تعطي لهم فرصة الاتصال بمحام، كما اشترطت المذكرة تقديم الدولة المستقبِلة ضمانات بعدم تعرّض المرحّلين للاضطهاد.
وترى الإدارة الأميركية أن هذه الإجراءات تدخل ضمن الصلاحيات المشروعة للدولة في ضبط حدودها، في حين أكد مسؤولون في البيت الأبيض أن التنسيق مع الحكومات الأجنبية يشكل ركيزة أساسية في الردع المسبق للهجرة غير النظامية.
من جهته، تقدم اتحاد الحريات المدنية الأميركي بدعوى قضائية تهدف إلى وقف هذه الترحيلات بشكل عاجل.
واعتبر الاتحاد أن الترحيلات إلى دول ثالثة تنتهك القانون الدولي، خاصة اتفاقية اللاجئين واتفاقية مناهضة التعذيب، لوجود خطر حقيقي يهدد بعض الأفراد إذا أعيدوا إلى بلدانهم الأصلية.
ودافع بعض الخبراء القانونيين عن سياسة الترحيل، معتبرين أنها لا تنفصل عن واقع معقد تواجهه الحكومة الأميركية منذ سنوات، حيث ترفض بعض الدول استقبال رعاياها، خصوصا المدانين بجرائم داخل الأراضي الأميركية.
ضمن خططها في توسيع نطاق الترحيل الجماعي للمهاجرين غير النظاميين ليشمل مناطق جديدة توجهت أنظار واشنطن إلى بالاو الدولة صغيرة المساحة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة لتكون المحطة التالية بعد إسواتيني.
وتقدمت الإدارة الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي بطلب رسمي إلى سلطات بالاو لاستقبال مهاجرين ضمن خطة ما زالت تفاصيلها قيد الدراسة.
ويرى محللون أن بالاو -التي ترتبط باتفاقيات شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة وتتلقى مساعدات تنموية كبيرة- قد تجد صعوبة في رفض هذا العرض، فالموارد الاقتصادية المحدودة للدولة تشكل عامل ضغط يدفعها إلى القبول، بترتيبات لا تعبّر بالضرورة عن رغبة صادقة في المساعدة.
وكشفت "أسوشيتد برس" عن أن الولايات المتحدة لا تزال تُجري ترتيبات مع رواندا بشأن اتفاق قيد الإعداد يتضمن تمويلا أميركيا لبرنامج يهدف إلى دمج المرحّلين في المجتمع المحلي من خلال توفير منح وتسهيلات في فرص العمل.
وتأمل الحكومة الأميركية في إبرام صفقة تمكنها من ترحيل أعداد أكبر من المهاجرين بعد موافقة رواندا على استلام مواطن عراقي مقابل دعم بلغت قيمته 100 ألف دولار.