قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن يوم الخميس الماضي لا يجب أن يُمحى من ذاكرتنا، ومن ذاكرة العالم، وسيظل هذا اليوم حاضرًا في ذاكرة الإنسانية حيث استشهد فيه ما يقرب من 120 فلسطينيا وجُرح ما يقرب من 700 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهم يبحثون عن غذاء يسد جوعهم ويبقيهم على قيد الحياة.

وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية، في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية (161) المنعقدة اليوم بالقاهرة، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ في شمال غزة بالقتل والتدمير إلى حد محو المدن وإلغاء مقومات الحياة لسنوات قادمة، وإنما صوب نيرانه نحو البطون الخاوية، لتبقى هذه المذبحة شاهدًا على حالة عجزٍ عالمي غير مسبوقة أمام حالة بلطجة ووحشية غير مسبوقة أيضًا.

وأشار أبو الغيط، إلى أنه لا يُمكن وصف ما يجري في قطاع غزة سوى أنه عارٌ على البشرية جميعًا أن تقف مكتوفة الأيدي بينما الفلسطينيون يُقتلون جوعًا أو قصفًا أو قنصًا.

وتابع: لقد حاول الاحتلال إقناع العالم بأنه يدير حربًا على حماس، وفق خطة لاجتثاثها، ولكن الحقيقة تكشفت بما لا يحتاج إلى بيان، هذه حرب إبادة كاملة ضد شعب بأسره، أدواتها الرصاص والقنابل والتجويع، وما يجري في غزة منذ أسابيع وشهور هو تجويع متعمد لسكانها وفق خطة لإشاعة الفوضى الكاملة في القطاع وضرب كافة مظاهر النظام المدني فيه، وقتل أكبر عدد من الناس، والسعي إلى تهجير من يُمكن تهجيرهم إلى خارج القطاع.

وتساءل أبو الغيط، قائلًا: ماذا ينتظر العالم بعد أن وضحت معالم الخطة على هذا النحو الفاضح والمخزي؟ أوجه هذا السؤال بالتحديد لتلك الدول التي ترى ذاتها من زاوية التفوق الأخلاقي، وتتحدث باسم القانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد.هل يكفي أن تُلقى المساعدات على غزة من الجو حتى تشعر القوة الكبرى في عالم اليوم براحة الضمير؟ كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها تُسلح الاحتلال حتى الأسنان، وتعوضه بالذخيرة والعتاد؟ كيف يستقيم هذا بينما هذه القوة ذاتها هي من في يدها إيقاف الحرب بممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال وقادته؟

الحقيقة الساطعة أن الاحتلال يستخدم التجويع، ومنع المساعدات وتعطيلها والمماطلة في إدخالها، كاستراتيجية لتركيع المجتمع الفلسطيني في غزة، وبالأمس فقط مُنعت قافلة برنامج الغذاء العالمي، المكونة من 14 شاحنة، من الدخول إلى شمال غزة، بل ويسعى الاحتلال لإحكام الخناق من خلال استهداف الوكالة الأساسية التي تعمل في غزة وأربع مناطق أخرى يتواجد بها اللاجئون الفلسطينيون، أقصد الأونروا التي نشأت بقرار أممي في 1949 ويسعى الاحتلال الإسرائيلي اليوم لتفكيكها بادعاء أن 12 موظفاً، من أصل 30 ألف موظف يعملون بها، ضالعون في هجمات السابع من أكتوبر، أي منطق هذا؟ إن الأمر يُشبه إغلاق مستشفى كاملة لأن أحد أطبائها تورط في مخالفة للقانون.

وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية: «للأسف رأينا 16 دولة، من بينها دول تعد من المتبرعين الأساسيين للأونروا، تتماشى مع هذا المنطق المعوج، وتقبل بهذه الحجج العرجاء التي لا غاية لها سوى تصفية قضية اللاجئين، واليوم، فإن العمل الإنساني كله مهددٌ في القطاع بسبب تقويض دور الأونروا التي تُمثل المفصل الأهم في عمليات الاستجابة الإنسانية في غزة.. إننا نطلب من تلك الدول التي علقت مساهماتها المالية للأونروا مراجعة هذا القرار من زاوية إنسانية وأخلاقية فمسئولية غوث اللاجئين الفلسطينيين تبقى مسئولية دولية في الأساس، وليس معقولاً أن يصدر الحكم قبل التحقيق، ولا يُعقل أن يُعاقب أكثر من 2 مليون فلسطيني بشكل جماعي على أساس من اتهامات مرسلة، دوافعها معروفة وغاياتها مكشوفة».

وتابع: «إن الحقائق معروفة لنا جميعاً، وهي حقائق مخجلة لكل ضمير إنساني، أكثر 25 ألف طفل وامرأة ارتقوا شهداءً بعد 150 يوماً من القتل بدم بارد، احتاج البعض لخمسة شهور كاملة، وأكثر من 30 ألف شهيد، لكي ينطق كلمة الوقف الفوري لإطلاق النار، بل لا زال هناك من ينطق الكلمة من طرف اللسان، بينما المواقف الفعلية لا تنطوي على ضغوط حقيقية على الطرف المعتدي.. أقول بعبارةٍ واضحة لكل الراغبين في تخفيض التصعيد في المنطقة ولمن يعون خطورة الانزلاق إلى مواجهة إقليمية كبرى لن تكون في مصلحة أي طرف، أقول لهم إن ثمة وسيلة وحيدة لإطفاء النيران المشتعلة هنا وهناك، أوقفوا هذه الحرب المحرمة، ضعوا حداً لآلة القتل الإسرائيلية، احفظوا ما تبقى من هيبة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، إن كان لهذه المفاهيم معنى أو قيمة بعد هذه المجازر المتواصلة».

وأوضح أبو الغيط: «أقول لدولة الاحتلال وقادتها، إن كل يوم تمارسون فيه الإجرام في غزة يبعدكم سنواتٍ عن التعايش والسلام في هذه المنطقة.. أقول لهم: ستسكت المدافع في يومٍ قريب، ولكن الغضب الذي زرعتموه في الصدور لن يزول، وبذور الكراهية التي نشرتموها في الأرض لن تُنبت سوى الرفض والكراهية في المستقبل.. أقول لهم: أوهامكم لن تتحقق مهما أمعنتم في القتل، فالفلسطينيون باقون على أرضهم، والتهجير القسري مرفوض مرفوض مرفوض فلسطينياً، وعربياً، وعالمياً».

وقال: إننا على أعتاب شهر رمضان الكريم، وهو شهر رحمة وسلام، أحيي كل الجهود التي تبذلها دول هذا المجلس، وغيرها، من أجل تحدي حملة التجويع والتصدي لسلاح المجاعة الذي تشهره إسرائيل في وجه الفلسطينيين، وأدعو لاستمرار هذه الجهود من كافة الدول في العالم لإدخال المساعدات الأساسية، المنقذة للحياة، إلى قطاع غزة، بأي طريق كان، مع تأكيدنا على مسئولية دولة الاحتلال، التي تتحكم في معابر القطاع، عن إيصال هذه المساعدات إلى الناس».

وأقول إن إدخال المساعدات، وفق آلية مستدامة وسريعة وناجزة، سيسهم في إنقاذ الأرواح ولكنه لن يُنهي المأساة التاريخية التي يشهدها قطاع غزة، إن الحل الوحيد اليوم، وقبل الحديث عما سيكون عليه مستقبل القطاع، هو تحقيق وقف فوري مستدام لإطلاق النار، تلك هي نقطة البداية التي يُمكن البناء عليها والانطلاق منها لمعالجة الوضع الكارثي في غزة، ومن ثم استعادة القدرة على العمل السياسي لتنفيذ رؤية حل الدولتين.

اقرأ أيضاًأبو الغيط يشارك في الاجتماع الأول لمجموعة العمل الوزارية العربية المعنية بدعم الصومال

أبو الغيط: الجامعة العربية ترفض مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی أبو الغیط التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

«استشاري الشارقة» يطرح رؤى لتعزيز استقرار الأسرة العربية

الشارقة: «الخليج»
اختتمت لجنة شؤون الأسرة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، مشاركتها الفاعلة في أعمال منتدى السياسات الإقليمي العربي الأول، الذي أُقيم بالعاصمة المصرية القاهرة، بتنظيم من معهد الدوحة الدولي للأسرة، بالتعاون مع إدارة الأسرة والطفولة في جامعة الدول العربية.
جاءت مشاركة اللجنة انطلاقاً من حرص المجلس على الحضور المؤسسي الفاعل في المحافل العربية التي تُعنى بشؤون الأسرة، وتمثّل إمارة الشارقة والإمارات في اللقاءات التي تسهم في مناقشة السياسات الاجتماعية وملفات الأسرة والطفولة من منظور تشاركي وتكاملي.
وضم وفد المجلس من لجنة شؤون الأسرة، سعيد مطر بن حامد الطنيجي، رئيس اللجنة والعضوين راشد غانم الشامسي وحميد عبيد الحمودي.
وشهد المنتدى طرحاً متنوعاً لعدد من القضايا الجوهرية التي تمس الأسرة العربية، من أبرزها التغيرات المجتمعية وأثر التحولات الرقمية وتمكين المرأة والشباب وتعزيز الحماية الاجتماعية للأسر وهي محاور تلاقت مع أولويات لجنة شؤون الأسرة بالمجلس الاستشاري، التي تسعى باستمرار إلى تطوير رؤاها بناءً على التحديات والمستجدات في المحيط الإقليمي.
وعبّر وفد اللجنة عن أهمية المشاركة في المنتدى لما له من دور في تبادل الخبرات واستعراض التجارب الرائدة، مشيداً بما طُرح من مبادرات وسياسات تدعم استقرار الأسرة العربية وتعزز التكافل المجتمعي.
كما ثمّن الوفد جهود المنظمين في جمع الخبرات من مختلف الدول العربية تحت مظلة الحوار البنّاء والتخطيط المشترك والتواصل بين المجلس الاستشاري وإدارة الأسرة والطفولة في جامعة الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • «استشاري الشارقة» يطرح رؤى لتعزيز استقرار الأسرة العربية
  • صحيفة إسرائيلية: ترامب قريب من الإعلان عن اتفاق شامل بشأن غزة (تفاصيل)
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • جامعة الدول العربية: أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي
  • كيف تنظر الدول العربية إلى صراع الجارتين النوويتين؟
  • صنعا تؤكد مواصلة دعم غزة وتتوعد الاحتلال الإسرائيلي بـردٍ “قريب ومزلزل”
  • سفير دولة قطر لدى مصر يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يقوض كيان الأسرة العربية
  • بالصور... هذه هويّة شهداء الغارات الإسرائيليّة التي استهدفت جنوب لبنان اليوم
  • جامعة الدول العربية تثمّن جهود عُمان في تحقيق وقف إطلاق النار باليمن
  • ما هي الدول الأوروبية التي تُقدّم أفضل الامتيازات الضريبية للأثرياء؟