نظرت الجماعات المتطرفة والإرهابية باهتمام بالغ لنشاط ودور المرأة، لذا عملت على استغلال المرأة لصالح أنشطتها التخريبية، أصرت على تزييف وعيها منذ الصغر وتحويلها عن مسار الإبداع والعطاء لصالح وطنها وأسرتها، إلى تجريفها وسحبها لطريق العنف.

وتزايدت معاناة المرأة وتعرضها للعنف والقتل والاغتصاب في المناطق التي تراجع فيها المستوى الأمني ونشطت فيها الجماعات المتطرفة، حيث جرى استغلالها مع أطفالها لخدمة التنظيمات الإرهابية، كما جرى إخضاعها للمزيد من السلوكيات العدوانية التي مارستها التنظيمات المتطرفة.


في الدول المستقرة، عملت جماعة الإخوان الإرهابية مثلا على غرس مجموعة من الأفكار في العناصر النسائية منذ الصغر، أولها هي أن دور المرأة الأساسي هو إعداد الأجيال التي يمكن أن تحقق مستقبلا حلم إقامة دولة إسلامية خالصة، أي إعداد أجيال من الأطفال جاهزة للانخراط في المشروع التخريبي للتنظيمات الإرهابية.

قطب

في الستينات ومع خروج المرأة للتعليم الجامعي وخروجها للعمل، وسجلت المرأة في ذلك الوقت عدة أسماء لامعة عاملات ومفكرات وسياسيات وقفن جنبا إلى جنب الرجل في مجالات عدة، ولأن هذا الوضع يشق على الجماعة الإرهابية، فضل منظرها الأول آنذاك سيد قطب (الذي أدين في قضية تنظيم 65 الشهيرة) أن يحذر المرأة من الخروج والمشاركة في الإنتاج المادي لأنها بذلك تجري وراء الأفكار الغربية، وأن شعارات التمدن والتحضر المرفوعة ليست إلا وجوه جديدة للجاهلية، وأن التحضر الحقيقي هو المنهج الإسلامي في ترك العمل والتزام البيت من أجل رعاية النشء.
في كتابه "معالم في الطريق" رأى قطب أن الخروج للعمل يجعل من المرأة أداة للغواية والزينة والفتنة، وأنها أداة للإنتاج المادي ومن الواجب أن تنفق طاقتها من أجل الإنتاج الإنساني، وصناعة أجيال متطرفة جديدة، فإن لم تفعل ذلك تكون مشتركة في الجاهلية التي وصم عصره بها، وهو مصطلح تكفيري.

راشد الغنوشي

لم يلبث هذا الموقف إلى أن تغير مع منظرين آخرين للجماعة الإرهابية حسب تغير العصر وحسب حاجة الجماعة في الاستغلال، ففي عصر سيد قطب كانت الحاجة آنذاك تتطلب مواجهة توجهات الثورة وزعيمها جمال عبدالناصر وكسر إنجازاته الإصلاحية في التعليم والعمل وفي الحياة الاجتماعية بأثرها، أما مع راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية الإخوانية (المدان حاليا أمام القضاء التونسي في تهم إهانة الأمن والتآمر على الدولة) رأى أنه من الصواب التجاوب مع دعوات خروج المرأة للعمل لكن هذه المرة ليست من أجل مواجهة توجه إصلاحي قائم، ولكن من أجل السيطرة على المؤسسات التي تتطلب عناصر نسائية في العمل، فإن ظلت المرأة الإخوانية قابعة في البيت فإن المرأة التي تنتمي لتيارات يسارية أو قومية سوف تستحوذ على هذه الأماكن في المدارس والمستشفيات العامة والمؤسسات الاجتماعية، لذا فضل أن تخرج المرأة لتقصي المرأة التي من تيارات أخرى وتنجح في إزاحتها،  ويكون تبدل الموقف هنا من أجل مصلحة جديدة واستغلال جديد للجماعة الإرهابية.
أما في الدول غير المستقرة، فكانت هناك تجارب كثيرة توضح مدى استغلال المرأة من قبل هذه الجماعات، فتنظيم داعش الإرهابي استخدم النساء في تجنيد عناصر جديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاحظ مراقبون انتشار واسع لعدد من الحسابات التي تحمل أسماء وهمية تنشط في سرد الحكايات البطولية لأعضاء التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق وخاصة في الفترة التي سيطر فيها التنظيم على مساحات ومدن كبيرة، ولعبت هذه الحسابات على تزيين الهجرة إلى ما عرفت بدولة الخلافة.

عنصر نسائي من وحدة حماية المرأة 

شجع التنظيم الإرهابي على هجرة النساء إلى مناطقه عقب السيطرة على محافظات واسعة في العراق وسوريا بعد عام 2014، وعقب خسارته جرى احتجاز عوائله من النساء والأطفال في مخيم الهول السوري تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومن المفارقات أن الأخيرة تضم وحدة نسائية قتالية تعرف بوحدة حماية المرأة، قاتلت لدحر التنظيم الإرهابي، وحماية المرأة السورية في مناطق الإدارة الذاتية للأكراد في شمال وشرق سوريا.

تحرير شقيقتين من المكون الإيزيدي، بجانب عنصرين من وحدات حماية المرأة

على الجانب الآخر، في العراق عانت المرأة الإيزيدية من عنف وإرهاب التنظيم الإرهابي، حيث ارتكب التنظيم بحق النساء الإيزيديات جرائم كبرى وصفت بـ "إبادة جماعية"، ولذلك اتجهت الحكومة البريطانية إلى تصنيف الممارسات التي ارتكبها التنظيم الإرهابي بحق الإيزيديين بأنها أعمال تمثل "إبادة جماعية".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الجماعات المتطرفة معاناة المرأة التنظیم الإرهابی من أجل

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»

من أحاجي الحرب ( ٢١٣٠٧ ):
○ كتب: د. Yousif Kamil Amin
لقد قمت بترجمة هذا الحوار إلى العربية، وهو لقاء أجرته قناة BFMTV في برنامج BFM Story مع الكاتب والفيلسوف الفرنسي برنار-هنري ليفي عقب عودته من السودان. وصف ليفي ما يجري بأنه «أشرس وأكثر الحروب نسيانًا في العالم اليوم»، مقدّمًا صورة لبلد ممزق بالانتهاكات والنزوح الجماعي، مشيرًا إلى وجود 12 مليون نازح من أصل 51 مليون نسمة، وهي أرقام قال إنها تكشف حجم المأساة التي تمر «تمامًا تحت رادار الإعلام العالمي».
???? ليفـي حسم الرواية التي يحاول البعض تبسيطها بجهل حينا وخبث أحيانا أخرى:
❌ هذه ليست حربًا بين جنرالين!
⚠️ ليست نزاعًا قبليًا أو عرقيًا كما يُروّج البعض.
✅ بل هي انقسام سياسي حقيقي بين مشروعين متناقضين لمستقبل البلاد.
???? وأوضح أن أحد هذين المشروعين يقوده حميدتي عبر مليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، التي وصفها بأنها «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت» لا تعرف سوى الحرق ، النهب ، القتل ، الاغتصاب
???? وأضاف: «جمعت شهادات نساء تطاردك ليلًا ونهارًا»،
????مشددًا على أن هذه الأفعال تمثل إرهابًا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، على طريقة داعش والقاعدة.
???????? كما ربط ليفي بشكل مباشر بين هذه الجرائم والدعم الخارجي، مؤكدًا أن الإمارات هي الداعم الرئيسي لهذه المليشيا، واصفًا وقوفها إلى جانبها بـ «❌ الخطأ السياسي والأخلاقي الفادح».
وفي هذا السياق، نقل ليفي رسالة واضحة من الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان إلى أبوظبي، حيث اعتبر أن الإماراتيين الذين وقفوا في محطات كثيرة في الجانب الصحيح من التاريخ، يرتكبون اليوم خطأً كبيرًا بدعمهم لهذه المليشيا، لكنه خطأ قابل للإصلاح إذا اختاروا التراجع عنه ووقف هذا المسار الذي يهدد السودان كله.
???? وأوضح ليفي أن البرهان يطالب بإنهاء ما وصفه بـ « حالة الخلط التي تساوي بين الجلاد والضحية في الخطاب الدولي»،
مشددًا على أنه لا يجوز خلق أي معادلة زائفة بين الطرفين. ✅ ليفـي أيّد هذا الموقف بشكل كامل وشرح أن الواقع واضح مهما كانت الظروف:
✔️ لدينا من جهة حكومة سودانية شرعية يقودها مجلس سيادة ورئيس وزراء مدني، مهما كانت لها من عيوب،
❌ وفي الجهة الأخرى مليشيا إرهابية ترتكب جرائم ضد المدنيين وضد الإنسانية.
وأكد أن الاستمرار في مساواة الطرفين هو خيانة للواقع ويمنح المليشيا غطاءً للاستمرار في جرائمها.
????️ ليفي وصف ما يجري بأنه ليس مجرد كارثة إنسانية، بل مشروع سياسي لتدمير السودان وتحويله إلى «دولة تهريب» تبيع نفسها لأعلى المزايدين على حساب حضارة السودان العريقة التي تضاهي حضارة الفراعنة.
وأوضح أن البرهان، الذي كان أحد الموقّعين على اتفاقات أبراهام، «يقدم الكثير» للمجتمع الدولي، معتبرًا أن وقف الدعم الخارجي، خصوصًا من الإمارات، يمكن أن يغيّر مسار الحرب ويمنح السودان فرصة للنجاة.
واختتم ليفي حديثه بينما تُعرض صور الخرطوم وطريق الأبيض والفاشر، قائلاً: «لا أحد يعرف، لا أحد يهتم. وهذه، بالنسبة لي، أكبر مظلمة في العالم».
————————-
برنار-هنري ليفي فيلسوف وكاتب وصانع أفلام فرنسي، وُلد في 5 نوفمبر 1948 في مدينة بني صاف بالجزائر، ويُعد من أبرز الوجوه الفكرية والسياسية في فرنسا منذ السبعينيات. برز كأحد أعضاء مجموعة “الفلاسفة الجدد” التي انتقدت الماركسية والأيديولوجيات الشمولية. عُرف بمشاركته في قضايا حقوق الإنسان ونشاطه في مناطق النزاعات مثل البوسنة وليبيا والسودان. يُعتبر ليفي من المؤيدين البارزين للكيان الصهيوني، حيث يرى في دعمها دفاعًا عن الديمقراطية ورفضًا لمعاداة السامية، لكنه في الوقت نفسه لا يتردد في انتقاد بعض سياساتها، خاصة ما يتعلق بالاحتلال ومعاملة الفلسطينيين، مؤكدًا أن بقاء الكيان يعتمد على التمسك بالقيم الأخلاقية والديمقراطية..
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزارة المالية: قمنا بشكل مؤقت واحترازي بنقل أرصدة الأموال المخصصة لرواتب العاملين في القطاع العام من أبناء محافظة السويداء إلى فروع البنوك في مدينة إزرع، وذلك في سياق حرص الدولة على الوفاء بالتزامات تسديد الرواتب، وفي ضوء الاعتداءات المؤسفة التي تمت من قب
  • التنظيم أم الهيمنة؟ قراءة دستورية ومقارنة دولية في مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بالمغرب
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • المصري الديمقراطي: التظاهر ضد مصر تزييف للحقائق وخدمة مجانية للاحتلال
  • بعد إعلان شركة التنظيم .. ويجز ينفي إحياءه حفلا غنائيا فى دبي
  • مصطفى بكري يكشف خطة التنظيم الدولي للإخوان الإرهابية وإسرائيل لإرباك الدولة المصرية «فيديو»
  • واشنطن تصعّد حربها على القاعدة في اليمن.. مكافآت ضخمة لوقف تمدد التنظيم
  • لاعب سابق بمانشستر يونايتد ينقذ شاباً من الانتحار
  • جماعات استيطانية متطرفة تدعو لتنظيم مسيرة تهودية في القدس
  • مصر تدخل السوق العالمي للقاطرات واليخوت بتأسيس مصانع جديدة في البحر الأحمر