موقع النيلين:
2025-05-20@22:01:14 GMT

وهيبة لم تأكل برتقالًا تحت الشجر!

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT


الأغنية الشعبية الأشهر زمان لمحمد رشدى «تحت السَجَر يا وهيبة يا ما كلنا برتقان»، «وهيبة» اسم مستعار لابنة حزينة، حزنها امتد بطول الأرض، محشو بالخوف من الفقد، ومُلْتَحف بدموعِ الأسى، والوحدة، وعمق التفكير فى الحال وفى الدنيا، وفجأة تُوفى الجد، وكان المؤنس والطيب والجميل، وصارت الجدة وحيدة، بعدما تفرقت السبل بالأولاد؛ فهذا هنا وهذه هناك؛ فجلست وحيدة لا تؤنسها سوى قطتها و«وهيبة» وصورة المرحوم، الذى شاركها الحياة لأكثر من 50 عامًا.

. كانت «وهيبة» تبيت عند جدتها لتتدفأ بها، ولتستأنس بالحوائط التى تحفظ الذكريات، وتسمع صوت جدتها العميق، كل صباح، يخاطب صورة جدها تسأله عن حاله وأحواله، وتحكى له عن تغير الدنيا وما عليها، واختلاف طبائع البشر.

تعود «وهيبة» إلى بيتها لتجلس فى غرفتها لتأكل وتنام وتدرِس، وصديقتها الحميمة، التى هى عكسها تمامًا، تدمن الفرح والضحك وكثرة الكلام، كانت سلوى بالنسبة لها، ورغم جموحها وطموحها، فإن «وهيبة» كانت تسابقها، وأيضًا تعيش مع حزنها وتألفه، والذى يظهر فى رقرقة الدموع فى مقلتيها، وفى بحَّةِ صوتها وخطواتها المتأنية وحديثها المقتضب، وابتسامتها التى تشرق من خلال وجهها المدوَّر؛ فيشرق الكون ويختبئ الحزن؛ فتبتسم لها القطة وتأبى أن تتركها.

فجأة، تعبت الأم، وأُجهدت، وعولجت، وسافرت، وعادت، وخرجت، وحزنت، وفرحت، وضحكت، وغضبت، لكن «وهيبة» ظلَّت تخاف من الليل ومن الغدر ومن الآتى، ومن المعلوم والمجهول، وتخاف من المفاجآت القاتلة التى تؤرق ليلها وتبلل وسادتها، وتُظهر حزنها الدفين مع صوت العصافير وهديل اليمام على جانبى شباك غرفتها.

الحزن يا «وهيبة» شعورٌ شفيف نبيل، لكن إدمانه خطير، ومضغُهُ يجعله مستساغًا؛ فتستوحشين وجوده وتشتاق إليه روحك، وفى هذا خطر عظيم لأنه يُلقى بظلاله على السلوك اليومى المعيش، ويدفعك نحو الحائط؛ فتتخيلين أنه لا مخرج هناك.

وهيبة.. غالبًا ما يتم الخلط بين الحزن والاكتئاب عن طريق الخطأ؛ فالحزن مُكَوِّن طبيعى للحياة، ويرتبط عادةً بالألم والفقد، أما الاكتئاب فينشأ دون تفسيرٍ واضح، وقد ينتج عن ردِّ فعلٍ غير صحى لحدثٍ مؤلم؛ فإما أن نصمد برد فعل طبيعى للحدث أو نكبته، وفى هذا خطرٌ كبير.

الحزن عاطفةٌ حيّة تُذكرنا بمَن فقدناهم، وهذا يعطى حياتنا معنى؛ فعندما ندرك عواطفنا ونسمح لها بالتنفيس، سنكون على عتبة الصحة النفسية، ونصبح لأنفسنا أكثر ثباتًا ومرونة، وعلى عكس ذلك، فإن كبت المشاعر يؤدى إلى الاكتئاب.

طوال حياتنا، نواجه أحداثًا، نتيجة العراك مع الحياة ومفرداتها.. كإحباطاتنا والجروح والنُدَب والصدمات، إنها آلام القضايا الوجودية والخسارة، والأمراض والتدهور القيمى والأخلاقى حولنا، كلٌّ منّا لدينا ذكريات ضمنية عن مشاعر صعبة مررنا بها، ولكننا كنا أصغر من أن نفهمها كأطفال، واعتمدنا على الآخرين من أجل البقاء، مما جعل أمورًا كثيرة، مثل الوالد الغاضب أو الغافل، أو الأم القاسية أو الأخ المتكبر.. تُشعرك بالخوف أو حتى تهدد حياتك، فى هذه المرحلة المبكرة، لم نتمكن من التعبير عن ألمنا وخوفنا أو التعبير عنهما، لكن الحقيقة أننا نظلّ نحمل هذا الحزن فى جُعبتنا ونسير به طوال حياتنا.

فى جلسات العلاج النفسى، شاهدت مرارًا وتكرارًا المشاعر العميقة والدفينة والصارخة، التى يستطيع الناس من جميع الأعمار والتجارب الوصول إليها ببساطة عن طريق التداعى الحُر، والسماح لأنفسهم بالحرية، ويبدأ هذا بتنفس بطىء واسترخاء ذهنى وجسدى عام، أو أن تبكى وتئن وتصرخ أو تضحك ودموعك تنحدر على خدّيك.

المشكلة هى أننا لا نستطيع تخدير الألم بشكل انتقائى دون تخدير الفَرَح لأن قدرتنا على الحزن والبهجة جزء من تراثنا الإنسانى.

خليل فاضل – المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حماس تدين المجرة التى حدثت واستشهاد 5 صحفيين وأفراد من عائلاتهم في غزة

دانت حركة "حماس"، "المجزرة الجديدة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الصحفيين في قطاع غزة وأدت إلى مقتل 5 منهم في قصف متزامن على قطاع غزة طال منازلهم وخيامهم فجر اليوم الأحد".

وجاء في بيان "حماس": "يرتكب جيش الاحتلال الفاشي جريمة جديدة بحق الصحفيين الفلسطينيين، ضمن مسلسل الملاحقة وعمليات القتل المتواصلة للصحفيين العاملين في قطاع غزة، ويستهدف في عملية متزامنة ومقصودة خمسةً من الصحفيين".

وأتى بيان الحركة على أسماء الضحايا الصحفيين وهم: "الشهيد الصحفي، عزيز الحجار، الشهيدة الصحفية، نور قنديل، الشهيد الصحفي، عبد الرحمن العبادلة، الشهيد الصحفي، خالد أبو سيف، الشهيد الصحفي، أحمد الزيناتي".

وأكدت "حماس" أن مقتل الصحفيين جاء بعد قصف منازلهم وخيامهم فجر اليوم، ما أدى إلى مقتلهم مع أطفالهم وعائلاتهم، في جريمة مركبة تجسد وحشية هذا الكيان الفاشي، حسب بيان.

وأضاف البيان: "إن استمرار استهداف الصحفيين المحميين بموجب القانون الدولي، يؤكّد رسالة الاستخفاف التي تبعث بها حكومة الاحتلال الفاشي إلى العالم والمنظومة الأممية ومؤسساتها وقوانينها".

وأردف: "من المستهجن أن يقف العالم عاجزا عن وقف جرائم حرب غير مسبوقة ترتكب منذ أشهر على الهواء مباشرة بحق مدنيين أبرياء، ومنها الاستهداف الممنهج للصحفيين، كعقاب لهم على أدائهم رسالتهم المهنية والأخلاقية، حتى استشهد منهم 220 صحفيا".

واختتم البيان: "نطالب المؤسسات الصحفية والإعلامية الدولية، والصحفيين حول العالم، بالتضامن مع الصحفيين العاملين في قطاع غزة، وحمل رسالتهم إلى العالم، والعمل على فضح ممارسات الاحتلال ومحاولته طمس حقيقة ما يرتكبه من انتهاكات، وإفشال أهداف جريمته المستمرة بحق الصحفيين الفلسطينيين".

مقالات مشابهة

  • محافظ القليوبية يتفقد حصاد الفراولة بمزارع طوخ .. صور
  • الحزن يخيم على بلدة حاتم بوفاة طالب الطب محمد عرفات العودات
  • الحزن يخيم على البلاط السلطاني في عُمان.. إيه القصة؟
  • تشييع جثمان طبيب الغلابة الدكتور البرجيني أستاذ الجراحة العامة بمسقط رأسه بالمنيا.. شاهد
  • كريمة أبو العينين تكتب: السيسي والقمة العربية
  • الحزن يخيم على مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان بعد استشهاد المصور والناشط “شيخو” إثر هجوم بمسيرة تابعة لمليشيا الدعم السريع على منطقة جبال الإبياتور بسهل البطانة
  • كشفه 50 جنيها.. وفاة طبيب الغلابة في المنيا
  • ماذا لو أحببنا الوطن.. .؟
  • حماس تدين المجرة التى حدثت واستشهاد 5 صحفيين وأفراد من عائلاتهم في غزة
  • حقائق و بديهيات «للأسف يجب ان تقال»