القوة تصنع السلام.. اليمن أنموذجاً
تاريخ النشر: 21st, May 2025 GMT
منذ فجر التاريخ، كانت القوة سلاحا يفرض الاحترام، ويصنع الهيبة، ويمنح الشعوب مكانتها بين الأمم. لم يكن الضعفاء يوما أصحاب قرار، ولم يُحسب لهم حساب، بينما من يمتلك القوة – خاصة القوة العسكرية – يصبح رقما صعبا في المعادلات الدولية، ومركز اهتمام وتقدير من الأعداء قبل الأصدقاء. ولهذا، لا غرابة في مقولة أنه: “إذا أردت السلام، فاحمل السلاح.
ولعل التجربة اليمنية الحديثة تُعد من أبرز الشواهد الحية على أن القوة عزٌ، ومنعة، وكرامة. فعندما كانت اليمن في مرحلة الضعف والتبعية، كانت السيادة منتهكة، والقرار مرهونًا بالخارج، وكانت السماء مستباحة، والعدو يسرح ويمرح بلا رادع. أما اليوم، وبعد سنوات من الصمود والتضحيات، تحوّلت اليمن إلى قوة عسكرية يحسب لها ألف حساب.
لقد بنت اليمن قوتها العسكرية من العدم، وتطورت قدراتها الصاروخية والجوية في ظل حصار خانق وعدوان شامل، فامتلكت ما لم يكن متوقعا، وأثبتت للعالم أن الإرادة حين تتسلح بالحق، تصنع المعجزات. وما أن بدأت الصواريخ البالستية والمسيّرات اليمنية تستهدف عمق الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، وتقصف مطار بن غورويون، ويافا وحيفا، وتمنع السفن الأمريكية والصهيونية من المرور من باب المندب، والبحر الأحمر والعربي، دعما وإسنادا لأبناء فلسطين، حتى تغيرت لغة العالم تجاه اليمن.
وها هي الولايات المتحدة الأمريكية – أقوى دولة في العالم كما يقولون، ورأس العدوان والهيمنة – تعلن وقف إطلاق النار وتطلب التهدئة، بعدما أعلنت القوات المسلحة اليمنية حظر تصدير النفط الأمريكي ومنع السفن المحملة بالنفط الأمريكي من المرور عبر البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وبعد فشل حاملتي الطائرات الأمريكية «ترومان وفينسون» والتي أصبحت تحت رحمة الصواريخ اليمنية.
فعندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب وقف إطلاق النار والاتفاق مع اليمن، وعندما اعترف بشجاعة اليمنيين وقدرتهم، فهذا لم يكن يصدر منه لولا القوة التي باتت تمتلكها اليمن. والتي لم تعد تلك الدولة الضعيفة التي يمكن تجاهلها، بل أصبحت قوة عسكرية صاعدة لا يمكن القفز عليها.
إنه عصر اليمن القوي، الذي لا يُملى عليه، ولا يُبتز، ولا يُخضع. قوة لا تُبنى على الطغيان، ولا للاعتداء على الآخرين؛ بل قوة قائمة على العدل والسيادة والكرامة. قوة ردعت، فاحترق المعتدون، وبنت، فازدهر الأمل في نفوس الأحرار.
إن القوة عز، ولكن بشرط أن تكون دفاعا عن الدين والأرض والعرض، وحماية المستضعفين ومناصرة لهم، وكسر جبروت الطغاة والمتكبرين، وطرد المحتلين الغاصبين للأرض. لا في خدمة الظلم والظالمين، واليمن اليوم تقدم نموذجًا يُحتذى: قوة عسكرية مستقلة، صلبة، تنطلق من عدالة القضية، وتبني سلاما من موقع القوة، لا من موقع التوسل والانكسار…
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العوامي: مصر انتصرت بقوتها الناعمة وخبرتها الدبلوماسية على القوة العسكرية
قال الشيخ عبد السلام الزارف العوامي، رئيس الهيئة الدولية لاتحاد القبائل العربية بالمجلس الأعلى للاقتصاد العربي الإفريقي، إن إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة من شرم الشيخ مثال قوي على لغة الدبلوماسية العليا التي تسعى لتحويل الألم الطويل إلى أمل مستدام، موضحًا أن هذا الانتصار يُرسخ الدور المحوري لمصر ويُحدد المعايير اللازمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي الحقيقي.
وأضاف "العوامي"، أن تصريح الرئيس السيسي شهادة واضحة على أن إرادة السلام التي تقودها مصر هي القوة الوحيدة القادرة على دحر منطق الحرب الذي استنزف المنطقة، مشيرًا إلى أن هذا الإنجاز هو تتويج لاستراتيجية مصرية ثابتة وقائمة على البراغماتية والمسؤولية الإقليمية.
وأوضح أن حكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي تتجلى في استخدام جغرافية مصر وتاريخها كأدوات سياسية فاعلة، فاختيار شرم الشيخ، أرض السلام كمكان لإعلان الاتفاق ليس صدفة، بل هو قرار سياسي يربط اللحظة الراهنة بأوثق تاريخ سلام في المنطقة، مؤكدًا أن مصر هي الضامن الأول والملاذ الآمن لعمليات التسوية، والقيادة هنا تُحول القرب الجغرافي من غزة إلى مسؤولية أخلاقية وسياسية للتدخل الفوري والحاسم.
ولفت إلى أن الدبلوماسية المصرية تثبت مرة أخرى أنها الوسيط الأكثر ثقة وفاعلية في أصعب معادلات الصراع، حيث نجحت القاهرة في بناء شبكة من قنوات الاتصال المفتوحة مع جميع الأطراف — إسرائيل والفصائل الفلسطينية والدول الكبرى — مما سمح لها بالتحرك بمرونة وفعالية، منوهًا بأن الدور المصري، في هذه الحالة، لم يكن مجرد ناقل للرسائل، بل كان المهندس الحقيقي الذي استطاع أن يوفق بين الضمانات الأمريكية، والمطالب الإقليمية القطرية، والأهداف الأمنية على الأرض، موضحًا أنها دبلوماسية لا تكل ولا تمل، تضع إنهاء إراقة الدماء على رأس أولوياتها.
ونوه بأن الإشادة الأكبر تكمن في الرؤية التي قدمها الرئيس السيسي في ختام تصريحه: "هذا الاتفاق لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار"، وهذه الجملة هي جوهر القيادة الحكيمة التي لا تكتفي بوقف إطلاق النار، بل ترفع سقف الطموح إلى تحقيق سلام عادل ومستدام، وهذا الربط بين العدالة للفلسطينيين والاستقرار للمنطقة بأكملها يؤكد إدراك القيادة المصرية أن الأمن الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال حل جذور الأزمة، وليس فقط إدارة تداعياتها.
وأكد أن هذا الإنجاز يُمثل انتصارًا للدولة المصرية التي تستخدم قوتها الناعمة وخبرتها الاستخباراتية ودبلوماسيتها الماهرة لتحقيق ما عجزت عنه القوة العسكرية، موضحًا أنه تأكيد لمكانة مصر كعمود الاستقرار وصانع السلام الذي لا يمكن تجاوزه في الشرق الأوسط.