حُرقةُ رغيفٍ: صرخةُ شعبٍ مُقهورٍ في وجهِ طغاةٍ مُستبدّين
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
حُرقةُ #رغيفٍ: صرخةُ #شعبٍ مُقهورٍ في وجهِ #طغاةٍ مُستبدّين
#هبة_طوالبة
في زاويةٍ مُظلمةٍ من أزقّةِ مدينةٍ مُهمّشةٍ، جلسَ رجلٌ مُسنٌّ على قارعةِ الطريقِ، يُحدّقُ في رغيفٍ يابسٍ بيدِهِ. بدا الرغيفُ وكأنّهُ قد مرّ عليهِ زمنٌ طويلٌ، مُتّسخًا بغبارِ الشارعِ، وعلاماتِ العفنِ تُزَيّنُ أطرافَهُ. لم يكنْ هذا الرغيفُ مجرّدَ قطعةِ خبزٍ عاديةٍ، بل كانَ رمزًا لواقعٍ مُعاشٍ، صرخةُ شعبٍ مُقهورٍ في وجهِ طغاةٍ مُستبدّين.
منذُ فجرِ التاريخِ، عاشَ شعبُ هذهِ الأرضِ مُحاصرًا بظلمِ أنظمةٍ فاسدةٍ وجشعِ حكامٍ مُستبدّين. عاشَ فقيرًا مُهمّشًا، يصارعُ من أجلِ لقمةِ العيشِ، بينما تُنهبُ ثرواتُهُ وتُسرقُ حقوقُهُ.
مقالات ذات صلة على قارعة “الرصيف” 2024/03/12كانَ الرغيفُ اليابسُ رمزًا لهذا الشعبِ المُعاني. رمزًا للفقرِ و #الجوعِ، رمزًا للظلمِ والقمعِ، رمزًا لوطنٍ مُسلوبٍ من قبلِ فئةٍ حاكمةٍ مُستبدّةٍ.
ولكنْ، في قلبِ هذا الرغيفِ اليابسِ، كانتْ هناكَ بذرةُ أملٍ تُزهرُ. بذرةُ ثورةٍ ضدّ الظلمِ، بذرةُ تغييرٍ نحوَ مستقبلٍ أفضلَ.
لمْ ييأسْ هذا الشعبُ المُقهورُ، بلْ اتّحدَ في وجهِ الظلمِ، ورفعَ صوتَهُ مُطالبًا بالعدالةِ والحريةِ والكرامةِ.
كانتْ ثورةً شعبيّةً عارمةً، اجتاحتْ شوارعَ المدينةِ، وزلزلتْ عرشَ الطاغيةِ المُستبدّ.
في النهايةِ، انتصرَ الشعبُ، وسقطَ النظامُ الفاسدُ، وُلدَ وطنٌ جديدٌ، وطنٌ يُنعمُ فيهِ الشعبُ بالعدالةِ والحريةِ والكرامةِ.
كانتْ حكايةُ رغيفٍ يابسٍ، صرخةَ شعبٍ مُقهورٍ في وجهِ طغاةٍ مُستبدّين، ولكنْها انتهتْ بنهايةٍ سعيدةٍ، نهايةٍ تُلهمُ الأملَ في قلوبِ الشعوبِ المُقهورةِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ.
في تلكَ اللحظةِ، أدركَ الرجلُ المُسنٌّ أنّ هذا الرغيفَ اليابسَ لم يكنْ مجرّدَ قطعةِ خبزٍ عاديةٍ، بل كانَ رمزًا للنصرِ والأملِ، رمزًا لمستقبلٍ أفضلَ لشعبٍ مُقهورٍ ووطنٍ ..؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: رغيف شعب طغاة الجوع فی وجه
إقرأ أيضاً:
البعثة لا تُلام.. بل من يُطبل لها من أبناء الوطن!
في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الليبي أزمات متلاحقة، ويتخبط في دوامة من الانقسام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تواصل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أداءها الباهت والمجرد من الفاعلية، وكأنها تعمل خارج حدود البلاد، أو بمعزل تام عن معاناة الشعب الليبي. ومع ذلك، فإن اللوم لا يقع فقط على البعثة، بل – وبشكل أدق – على أولئك الليبيين الذين ارتضوا لأنفسهم دور المدافعين الصاخبين عن البعثة ومبعوثتها، وكأنهم وكلاء معتمدون لتسويق أجندة لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.
لسنا في موضع الدفاع عن البعثة أو مهاجمتها، لكنها – في نهاية المطاف – تمثل إرادة المجتمع الدولي لا إرادة الليبيين. أما المأساة الحقيقية، فهي في أولئك السياسيين الليبيين الذين تحولوا إلى ناطقين رسميين باسم المبعوثة الأممية، يهللون لخطواتها، ويمجدون تحركاتها، ويبررون تدخلاتها، في الوقت الذي يغيب فيه صوت المواطن، وتتوارى فيه السيادة خلف ستار “الدعم الدولي”.
لقد بات من المعتاد أن تظهر بعض الشخصيات السياسية الليبية – التي فقدت رصيدها الشعبي ومشروعها الوطني – في وسائل الإعلام مدافعة باستماتة عن البعثة، معتبرة أن خلاص البلاد يكمن في الانصياع التام لما تطرحه المبعوثة ومكتبها، مهما كانت طبيعة هذا الطرح، ومهما كان حجم التجاوز فيه لإرادة الليبيين ومؤسساتهم.
وما يدعو إلى الاستغراب أن هذه الشخصيات لا تكتفي بالدفاع، بل تمارس الإقصاء المعنوي بحق كل من يختلف معها، وتتهم كل من ينتقد البعثة بأنه “ضد الاستقرار”، أو “يريد تقويض العملية السياسية”، وكأن الاستقرار لا يتحقق إلا بالخضوع، وكأن العملية السياسية لا تتنفس إلا في ظل مباركة المجتمع الدولي وحده.
المفارقة المؤلمة أن مواقف هذه الشخصيات لا تقوم على مبادئ، بل على تقلبات رياح البعثة نفسها. فعندما تصدر البعثة بيانًا لا يتماشى مع ما يجري في شرق ليبيا، ينبري المصفقون في الشرق لمهاجمتها، ويتهمونها بالانحياز. وحينما تصدر موقفًا يؤيد جهة شرقية، يعود نفس المصفقين ليمدحوها ويرفعوا من شأنها. والأمر ذاته يتكرر في الغرب: تأييد إذا وافقت البعثة التوجه المحلي، وهجوم عليها إذا خالفته. فهل باتت الوطنية تقاس بمن يصدر البيان؟ وهل اختُزلت السيادة في مزاج المبعوثة؟
لقد آن الأوان أن نقول لهؤلاء جميعًا، في الشرق والغرب والجنوب: استحوا! فكرامتكم، وتاريخكم، وانتماءكم الوطني، أكبر من تيتاه ومن بعثة الأمم المتحدة بأسرها. لماذا تصرون على أن تتحولوا – في يوم من الأيام – إلى مجرد غجر سياسيين في دولتكم؟ لماذا ترضون أن تكونوا أدوات بلا موقف، وأصوات بلا مشروع؟
المشكلة ليست فقط في البعثة التي تلتقي بمن تشاء، وتتجاهل من تشاء، بل في أولئك الذين يقبلون أن يُستدعى لهم دون غيرهم، ثم يخرجون علينا محملين بنصوص جاهزة وشعارات مكررة، ظنًا منهم أن التطبيل للبعثة سيمنحهم شرعية لا يملكونها، أو قوة لا يستحقونها.
إن ليبيا لن تستعيد عافيتها عبر تمجيد الخارج، بل عبر استعادة الإرادة الوطنية، وبناء مشروع سياسي ينبع من الشعب، لا من المقرات الأممية، ولا من تقارير تُكتب في غرف مغلقة.
ولتذهب البعثة والتيته والمجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى الجحيم، دعونا نعود إلى الشعب. دعونا نعود إلى خارطة الطريق الحقيقية: أن نستفتي الشعب على شكل الدولة وهويتها، ثم نكلف نخبة من الليبيين المتخصصين بصياغة دستور وطني جامع، ثم نستفتي الشعب عليه، ثم نبني دولتنا بأيدينا لا بأيدي موظفي البعثات. كفاكم تطبيلاً وتزميراً، فإن بلادكم تضيع أمام أعينكم، وأنتم تتراقصون على أوهام الخارج. عودوا إلى الشعب، يا من لم تعودوا من الشعب!
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.