يؤكد أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بكلية الشريعة في جامعة قطر الدكتور فضل عبد الله مراد أن ما يتعرض له سكان قطاع غزة من حصار وقتل وتشريد ودمار هو نوع من أنواع الفساد في الأرض الذي حذر الله -عز وجل- منه.

وناقش الدكتور مراد -في الحلقة (2024/3/13) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"- موضوع فقه الموازنات وقضايا الأمة، والذي عرفّه على أنه " فقه تخصصي ينظر فيه العالم والفقيه إلى المرجحات بين المصالح والمفاسد، وهو نوع من الميزان الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، وأيضا هو ترجيح أفضل المصالح وأولاها في تقديم ودفع أعظم وأقبح المفاسد".

ويبيّن أن من أدلة فقه الموازنات ما ورد في الآية الكريمة من سورة التوبة "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله.." مبرزا أن الله -عز وجل- وازن بين مصالح عظيمة جدا، عمارة المسجد الحرام وسقاية الحجيج، وبين مصلحة الجهاد في سبيل الله.

ولأن مصلحة الجهاد في سبيل الله -يواصل الدكتور- أعظم من مصلحة عمارة المسجد الحرام، ومن مصلحة سقاية الحجيج، لأن مصالحه متعدية إلى المقاصد الخمسة، لأن الجهاد يحفظ الدين، ويحفظ الأموال، ويحفظ الأعراض والدماء والأنفس.

ومن الأمثلة التي يذكرها الدكتور مراد عن الترجيح بين المفاسد قوله -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به.." فالقتال مفسدة لكن يترتب عليه مصالح.

ويعود أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بكلية الشريعة في جامعة قطر إلى التراث الإسلامي، ويذكر أن "حروب الردة" في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه كانت عبارة عن موازنات مصلحية، واعتبرت تلك الحروب تهديدا لوجود الدولة الإسلامية، لكن الخليفة أبو بكر دفع تلك المفاسد بالقتال، وأصاب في ذلك.

المقاطعة

وبشأن المفسدة والمصلحة في مسألة المقاطعة الاقتصادية للشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، أشار أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بكلية الشريعة أن المفاسد والمصالح لها مراتب، الحاجات وتتعلق بالمعاملات التي فيها تسهيل للناس، والضروريات وتتعلق بحفظ الدماء والأموال والأعراض والأديان، ويرى أن فتاوى المقاطعة خادمة للضروريات وتصب فيها.

ويرى الدكتور مراد أن الشراء من الشركات الداعمة أو الممولة أو المملوكة للاحتلال "يدخل ضمن التعاون على الإثم والعدوان"، مؤكدا أن فتاوى المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة أو الممولة أو المملوكة للاحتلال "صحيحة 100%".

وأوضح أن ما يتعرض له أهل غزة من قصف وقتل وتدمير يدخل ضمن المفاسد الضرورية، وهي مفاسد متعدية، ومفاسد عامة، وتصنف على أنها فساد في الأرض، كما يضيف الدكتور مراد.

وفي السياق نفسه، قال الدكتور مراد إن من واجب المسلمين المجاورين لقطاع غزة والمسلمين كافة أن يقدموا العون والغذاء لأهل غزة، مؤكدا أن المسلمين مشمولون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به".

وأجاز الدكتور إخراج زكاة الفطر لأهل غزة في أول شهر رمضان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الدکتور مراد سبیل الله

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد الحرام: يبقى الدين في الناس ما بقيت فيهم شعائره

قال الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن الله تعالى تكفّل بحفظ دينه، وجعل من أسباب حمايته الشرعية، وحفظ شعائره سواء كانت شعائر زمانية أو مكانية أو تعبدية.

يبقى الدين 

وأوضح “ المعيقلي” خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر ذي الحجة، اليوم، من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه يبقى الدين في الناس، ما بقيت فيهم شعائره وتعظيم شعائر الله، دليل على تقوى القلب وخشيته، موصيًا بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

واستشهد بما قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، منوهًا بأن من شعائر الله، يوم عرفة، وهو يوم الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على بني آدم.

ودلل بما ورد في مسند الإمام أحمد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - فأخرج مِنْ صُلْبِه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذَّر ، ثم كلَّمهم قُبُلًا، قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ).

في يوم عرفة

وأضاف أنه في يوم عرفة ينزل ربنا جل في علاه إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وكبريائه وعظمته فيباهي بأهل الموقف ملائكته، وهو أكثر يوم في العام يُعتق الله فيه خَلْقًا من النار، سواء ممن وقف بعرفة منهم ومَنْ لم يقف بها من الأمصار".

ونبه إلى أن عظيم الأزمنة الفاضلة، من عظيم شعائر الله، ونحن في هذه الأيام، نعيش في خير أيام العام، التي أقسم الله بها، وفضلها على سِوَاهَا، فقال: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرِ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) .

وأفاد بأن عشر ذي الحجة، اجتمع فيها مِنَ العبادات ما لم يجتمع في غيرها، مشيرًا إلى أن من فضائل هذه الأيام المباركات أن فيها يوم النحر، وهو من خير أيام الدنيا، وأحبها إلى الله تعالى وأعظمها حرمةً، وفيه عبادة الأضحية، والأضحية سُنَّة مؤكدة، لا ينبغي تركها لمن قَدَرَ عليها.

من أراد أن يضحي

وأشار إلى أنه ينبغي لمن أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يُمسك عن شعره وأظفاره وبشرته، حتى يذبح أضحيته ؛ لما روى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليُمْسِكُ عن شَعْرِه وأظفاره).

وأوصى قائلاً: فامتثلوا أمر ربكم، وقفوا على مشاعركم، وأتموا نسككم، واقتدوا برسولكم- صلى الله عليه وسلم-، وابتهلوا إلى ربكم رحمته، تفوزوا برضوانه وجنته، مؤكدًا أن المملكة، بذلت كل وسعها، وسخرت أمنها وأجهزتها، وهيأت كل أسباب التسهيل والراحة والأمن والسلامة.

وتابع: وذلك عبر أنظمتها التي تهدف إلى سلامة الحجيج وأمنهم، وتيسير أداء مناسكهم، تحت سلطة شرعية في حفظ النفس والمال، لذا فإن الحج بلا تصريح هو إخلال بالنظام وأذية للمسلمين، مقابل حقوق الآخرين، وجناية لترتيبات وضعت بدقة متناهية.

وأردف: فحري بمن قصد المشاعر المقدسة، تعظيم هذه الشعيرة العظيمة، واستشعار هيبة المشاعر المقدسة بتوحيد الله وطاعته والتحلي بالرفق والسكينة والتزام الأنظمة والتعليمات، وبعد عن الفسوق والجدال والخصام، ومراعات المقاصد الشرعية، التي جُعِلَتْ من السلامة، والمصلحة العامة، حفظ الله حجاج بيته الحرام، وتقبل حجاجهم وسائر أعمالهم ووردهم إلى أهلهم سالمين وبالمثوبة غانمين.

طباعة شارك خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي يبقى الدين خطبة الجمعة من المسجد الحرام

مقالات مشابهة

  • رغم التحديات .. آلاف السودانيين يشدون الرحال إلى بيت الله الحرام
  • السعودية تحذر الحجاج من الخروج من الخيام بسبب الحرارة
  • يحدث كل 26 ثانية.. هل يمتلك كوكب الأرض قلبا ينبض؟
  • وعاظ الأزهر يردون على أسئلة حجاج بيت الله الحرام .. صور
  • عرفة.. خطيب المسجد الحرام: يوم وفاء بالميثاق الذي أخذه الله على بني آدم
  • خطيب المسجد الحرام: يبقى الدين في الناس ما بقيت فيهم شعائره
  • رسمياً.. اختيار الشيخ الدكتور «صالح بن حميد» لإلقاء خطبة عرفة من مسجد نمرة
  • بن آند جيري تصف ما يحدث بغزة بالإبادة والشرطة الأميركية تعتقل أحد مؤسسيها
  • المعونة لمنتفعيه .. هذه الرسالة صحيحة
  • الذبح في عيد الأضحى….دليل للاتباع الصحيح وفق الشريعة