أتيح لي بعد طول انقطاع أن أتحدث إلى الدكتور قمر الدين علي قرنبع في مقامه في القاهرة. ولو سمعت عبد الله الطيب ينطق “قرنبع” هذه لداخلك شك في أن قمر الدين هو المعني. وتذاكرنا في حديث التلفون أياماً بجامعة الخرطوم التي عمل فيها بمعهد الدراسات الإضافية في داره التي وقعت غربي مسجد الجامعة الحالي. وكنا نغشى المعهد لصنوف الفن التي اعتنى بها ولتحية أهل الفضل فيه مثل أحمد عبد الحليم وسعاد إبراهيم أحمد.

وكنت سمعت بقرنبع قبل أن اعرفه بداخلية النيل الأبيض بجامعة الخرطوم: كان مشرفها وكنت آوي إلى غرفة فيها خلال سنتي الأخيرة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم. وشاركني في السكن رفيق الصبا والسياسة الشيخ (حسب الرسول) رحمة الله من سنار التقاطع ومن جذور في الدامر. وكان حكى لنا أن مدرساً لهم في أهلية مدني الوسطى كان يهددهم بشراسة سوطه بقوله: “جلدت قمر الدين على قرنبع عشر جلدات “AND THE RIDDA WENT RED” أي أنه دممه حتى احمر رداؤه.

لا أعرف من يحسن التخلص مما لا يرغب فيه مثل قرنبع. وجاء بخبر من حذاقته في هذا الفن في حديثنا بالأمس وهو موضوعي هنا. ولكن سبق أن كتبت عن مكره هذا. فلا يعدم قرنبع من أن يقول لك “لا” لما لا يتفق له بفكاهة تلطف رفضه وتسوغه، أو تسوقه.

فحكي لي أخي زين العابدين، ممن شاطره السكن في مجمع الجامعة بالسرايا الصفراء بعد وزارة التربية والتعليم وقبل كلية الشرطة، أنه اقترح مرة لقرنبع أن يذهبا للسينما معاً لتغيير روتين الشباب في أيامنا تلك. ولم يرتح قرنبع للفكرة. فقال للزين:
-انت يا الزين لسه السينما بتبدا بالمناظر.
وانفجر الزين ضحكاً وعرف أن قرنبع لا يريد عن روتين شبابهم حولا.

وأخرى. اجتمع عند قرنبع جماعة في أول المساء وتطرق النقاش لموضوع شاغل في الستينات وهو الماركسية وغربتها عن السودان. وسيطر على النقاش خصم صريح للماركسية. يبدي ويعيد. وكانت ساعة روتين الشباب قد دقت. ويسمونها “الكاروشة”. وكاره الماركسية ناهض بحملته ضدها. وطال الأمر. وأمَل. وانتهز قرنبع قول خصيم الماركسية مرة:
-والله البعرفو أنا غايتو أنو الماركسية دي نظرية ناقصة.
فقال له قرنبع بهدوء:
-ناقصة كم صفحة يا فلان.
وضحك الحضور. وقاموا على روتينهم.
أما حسن تخلصه في أنس الأمس فلا يعلى عليه. قال لي إنه دخل يوماً على سعاد إبراهيم أحمد زميلته في معهد الدراسات الإضافية. ووجد عندها أستاذنا عبد الخالق محجوب. فبعد حباب سلام قالت سعاد لأستاذنا:

-يا عبد الخالق قرنبع دا كان معاكم لما كان طالب في الجامعة. كان مندوباً عن الجبهة الديمقراطية في اتحاد الطلبة بينما كنت أنا أمثل المستقلين مع أخي صلاح وعمر محمد سعيد.
فقال له أستاذنا عبد الخالق:
-طيب ما تجينا راجع يا قرنبع.
فقال له قرنبع:
-شرطاً تحصلني دفعتي.
فضحك أستاذنا طويلاً قبل أن يقوله له:
-لجنة مركزية طوالي يا قرنبع.
وكانت سعاد كما هو معروف عضواً بلجنة الحزب المركزية منذ 1967.
قال لي قرنبع أنه صحب يوماً الطيب أبو جديري الذي كان على موعد للقاء أستاذنا في مطعم ألبيوم بالسوق العربي. فلما رأى أستاذنا قرنبع ضحك وقال لابوجديري:
-صاحبك دا قال ما بيدخل الحزب إلا يلحقوه دفعته.
وذكر محمد إبراهيم نقد الطرفة لقرنبع عن أستاذنا ذات يوم.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عبد الخالق قمر الدین

إقرأ أيضاً:

عماد الدين حسين: تصريحات جانتس أول مسمار يدق في نعش حكومة نتنياهو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، إن مشهد المظاهرات في تل أبيب تعتبر مشاهد مكررة تقريبًا كل يوم سبت، خاصة من أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة  الفلسطينية، والغاضبون من حكومة نتنياهو منذ معركة الإصلاحات القضائية التي بدأت قبل فترة طويلة من 7 أكتوبر.

وأضاف عماد الدين حسين، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن المتغير الجديد في هذه المظاهرات هو تصريحات جانتس، لافتًا إلى أنها أول مسمار يدق في نعش حكومة نتنياهو.

وأوضح أن الردود التي أطلقها نتنياهو وسموتريتش ومتطرفي الحكومة تكشف أنها وصلت مع جانتس إلى نقطة اللاعودة.

مقالات مشابهة

  • مينوش شفيق ومحمود محيى الدين
  • وكالة الاستخبارات تطيح بتسعة إرهابيين في صلاح الدين
  • عبد الخالق إبراهيم يعرض التجربة المصرية والنمو العشوائي والعمراني
  • عماد الدين حسين: تصريحات جانتس أول مسمار يدق في نعش حكومة نتنياهو
  • «سعاد» كلمة السر.. قصة غريبة وراء عشق مدحت صالح لقطط الشارع
  • التغيير في الشخصية المصرية على مائدة مكتبة مصر العامة
  • «ثورة الموتى» ملحمة وطنية لفرقة أحمد بهاء الدين ضمن عروض الموسم المسرحي بـ أسيوط
  • مي عز الدين لـ تامر حسني مازحة: عدوا اليومين دول على خير
  • على خطى الكهنوت أحمد حميد الدين.. منحة عبدالملك الحوثي للبرلماني المعارض ”حاشد” تثير سخرية واسعة
  • مخاطر القروض على الدول