أسطوات المهنة| «الحَمَّارة» مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة (2)
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
الكتبة والمادحون وشيوخ الطوائف والبناؤون والنحاسون، وغيرهم الكثير من المهن التي اشتهرت في مصر خلال العصرين العثماني والفاطمي والذي سجلت الجدران والمساجد ابداعاتهم التي ظلت راسخة ومنقوشة عبر مئات السنين.
وتأخذكم «البوابة» في رحلة طوال شهر رمضان المبارك؛ للحديث حول تلك المهن وشيوخها وأسطواتها التي اشتهرت في مصر والعالم العربي، والتي لا يزال الكثير منها موجود حتى عصرنا الحالي ومنها من اندثرت وأصبحت تراثا تشهد به جدران المساجد والقصور.
وعلى مدار الشهر الكريم نقدم لكم حرفة من الحرف التي اشتهرت في تلك الفترة واقفين أمام إبداعات فنانيها وقوانيها التي كانت تتوارث جيلا بعد جيل، وحكايات المعلم والصبي والأسطى الذي كان يعتبر رب المهنة.
تعرضنا في الحلقة السابقة كيف كان الركاب في القاهرة بمطلع القرن التاسع عشر، وكيف كان شكل الركاب الخاص السيدات والشيوخ والعلماء وأبناء الطبقة العليا، وكان "العربجية" من أبناء طائفة الحمارين، وكانوا لهم أهمية كبرى.
وتقول بعض المصادر التاريخية إنه كان من بين "العربجية" بعض الأجانب، الذين امتهنوا تلك المهنة، وكانوا يركبون العربة "الكارو" وهي عربة خشبية من عجلتين أو أربع عجلات، ويجرها حمار أو حصان.
وكانت تستخدم في نقل البضائع، وهي لا تزال موجودة حتى وقتنا الراهن وتستخدم في نقل الخضراوات والفاكهة في بعض القرى وبعض المناطق العشوائية وفي الأسواق القديمة، والعجيب أن البعض كانوا يعتقدون أن كلمة كارو هي كلمة إيطالية، ولكنها كلمة عربية.
مصادر تاريخية تقول إن بعض الأجانب كانوا من بين "العربجية"
وكانت العربات الكارو تملأ شوارع المحروسة، فقد ظلت وسائل النقل تعتمد على الحمير والبغال وعربات الكارو وكانت من وسائل النقل حتى ظهور الترام في عام 1896، وكان ظهور الترام يسبب مخاوف كبيرة لطائفة الحمارين والعربجية، وحاربوه فترة طويلة.
وكان بعضهم يطلق عليه "العفريت"، وتشير المصادر التاريخية إلى أن القاهرة في هذا لعام بدأت في الاحتفال بتسيير عربات الترام في القاهرة وكان أجر الركوب ستة مليمات للدرجة الأولى وأربعة مليمات للثانية.
وكثر حول الترام الكثير من الحكايات التي أطلقتها طائفة العربجية والحمارين خوفًا من أن ظهور الترام على مصالحهم، وخشية أن يعطل أعمالهم ويسرق زبائنهم، كما ظهرت الشائعات حول الترام وأنه سيصيب الركاب من النساء بالعقم وعدم القدرة على الإنجاب أو الحمل.
وقد استمر محاربة العربجية والحمارين للترام فترة طويلة، حتى توارت المهنة واندثرت بأحياء القاهرة مع تطور وسائل المواصلات الحديثة، وحل الترام والعربات محل الحمير لنقل الركاب، لكن الحمار ظل صديقًا للفلاحين ومعاونتهم في نقل المحصول نظرًا لتحمله حمل المزيد من الغلة، لقدرته على المرور في الطرق غير الممهدة، وقدرته على معرفة الطريق.
الحمار والطريق
على الرغم من أن بعض الصفات قد التصقت بالحمير وأنها حيوانات غبية لا تعرف شيئًا وربما تحمل كنوزًا لكنها لا تعرف قيمتها ولكن الحقيقة أن هذا التشبيه ظالم للحمير فهي من أذكى المخلوقات بل عرفها الكثير بأنها بـ " بذاكرة الأمكنة".
فالحمير تتذكر الأماكن بشكل جيد ولديها قدرة على الكشف عن الخطر مثل كشفها عن الألغام ويكفي الحمار فخرًا أنه يتمتع بمواهب لا يتمتع بها الإنسان. فهو يحفظ الأمكنة والطرق والدروب والأزقة يحفظها ويصمها عن ظهر قلب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شهر رمضان المبارك حمار الركاب
إقرأ أيضاً:
وهبي يعتذر للمحامين: “أنا منكم وأنتم مني”
قدم عبد اللطيف وهبي، وزير العدل اعتذارا رسميا للمحامين، عن أخطاء قد تكون صدرت منه مسّت بمهنة المحاماة.
وقال وهبي، مخاطبا المئات من المحامين، على هامش كلمة له خلال افتتاح المؤتمر الوطني العام لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، بطنجة، المنظم تحت شعار « المحاماة فاعل محوري وشريك أساسي في منظومة العدالة »: « إذا أخطأت في حقكم في يوم من الأيام، فأنا أعتذر، كل ما وقع وكل المواجهات لم تنل مني لسبب بسيط … وهو أنا منكم وأنتم مني وأنا من عائلتكم ». وأقر وهبي أن السياسة والمناصب مرحلة، والمحامي ديمومة.
وأضاف وهبي « زملائي المحامين، ربما لا تدركون ثقل هذه اللحظة على قلبي، فأنتم مني وأنا منكم، حينما نختلف فلأننا كل منا يرافع عن موكله، هناك الحكومة، وهناك الحريات والحقوق، وتعلمت منكم ومن نقبائي ألا أتنازل، وأن أكون حادا في المرافعة، وما تعلمت منكم من سلوك وأخلاق استمرت وأنا في الوزارة، فعليكم أن تتحملوني، لأنكم أنتم علمتموني أن أصمد في مواجهة النقاش، بكل صراحة كتب إلي خطاب، ولكن أريد أن أتكلم معكم من القلب إلى القلب… أنا أنتظر اللقاء بكم منذ مدة، لأننا لم نتكلم كثيرا… تظاهرتم ضدي وانتقدتكم وناقشتكم، وهذا طبيعي جدا، وإلا فلن تكونوا محامين … ».
وعاد وهبي ليقر، بأن مهنة المحاماة مهنة دستورية، قبلها من قبل أو رفضها، مخاطبا المحامين بعد خلافات وصراعات طويلة حول مشاريع قوانين حارقة، من قبيل مشروع المهنة، والمسطرة المدنية، « أنتم أوكلتم من طرف الدولة لضمان شروط المحاكمة العادلة، ولتقديم الحقوق للمواطنين، وبما أنكم تقومون بهذا الدور، فأنتم جزء من مكونات الدولة، ولستم خارجها »، موضحا أن « استقلالية مهنة المحاماة في الممارسة والمرافعة لا يجعل المحامين خارج الدولة ».
وأشاد وهبي بمؤسسة جمعيات المحامين، لأن لها تاريخ طويل، ومواقف مشرفة في الدفاع عن الحقوق والحريات، وفي مقدمتها الدفاع عن قضية فلسطين، وكذلك الأمر في الدفاع عن جميع القضايا العادلة بالعالم، لذلك تشكلون قوة سياسية ومبدئية أساسية في الفكر الإنساني المغربي، والأخلاق السياسية الوطنية.
وأوضح وزير العدل، أن محامين مقبلين على عالم جديد، حابل بتحديات جديدة، معلنا أن بعض الدول تفكر في محام آلي… قائلا: « الآن أصبح يطرح السؤال… هل نترك العنصر البشري الموجود في المجال القضائي، هل نغيبه ونترك الإنسان تحت وطأة هذا الكائن الآلي ليتحكم في حياته ومصيره! ».
وأضاف وهبي، قانون المهنة ناقشناه طويلا، أكثر من 30 اجتماعا، ولسوء حظي وحسن ظنكم، أتعبوني وأتعبتهم، أنا لا أعطي شيئا بالسهل، والمحامون لا يتنازلون مطلقا، وكلما اتفقنا نأتي في اللقاء المقبل ونختلف، ولكن لي حسابات ومسؤوليات أخرى، لذلك قانونكم ليس موضوع وزير بل موضوع دولة، تعلمت الكثير من هذا النقاش، فالسياسي يتعلم كل يوم، عندما تكون في موقع القرار، تدرك أشياء كنت تظنها سهلة وبسيطة وأنت خارج موقع القرار.
وأشار إلى أن هناك أشياء كثيرة تنتظرنا، ومهنة المحاماة تنتظرها تحديات كبرى، في إشارة من الوزير إلى انشغال المحامين بمشروع قانون المهنة، الذي قال وهبي إنه لا يضعه للمحامين فقط، بل يضعه لنفسه كمحامي، ثم للمحامين.
كلمات دلالية المحامون وهبي