#مستقبل #إقليم_غزة و #فلسطين و #الفلسطينيين: #الرؤية_الاسرائيلية والأمريكية

بقلم : د. #لبيب_قمحاوي

إن محاولات أمريكا وحلفائها قد أصبحت واضحة في البحث عن حلول تتجنب الإقرار بهزيمة اسرائيل من خلال فشلها في تحقيق أهدافها المعلنة من العدوان على إقليم غزة، وفي نفس الوقت تمهد لحقبة ما بعد وقف إطلاق النار والتي من شأنها ضمان استمرار الهدوء للكيان الاسرائيلي، الأمر الذي لن يتم حسب الرؤية الأمريكية إلاّ بتلبية مطالب الفلسطينيين ولو جزئياً من خلال منظور حل الدولتين وإن كان بالشكل الذي تراه أمريكا مشروطاً بموافقة اسرائيل سواء أكانت تلك الموافَقَة طوعية أو مفروضة عليها أمريكياً.


تشير التطورات الأخيرة إلى تبلور خطوات إسرائيلية–أمريكية–عربية تهدف إلى تحديد مستقبل إقليم غزة وفلسطين والفلسطينيين في حقبة ما بعد وقف إطلاق النار والعدوان الاسرائيلي على إقليم غزة . وهذه الخطوات تهدف إلى تمهيد الطريق أمام إعادة تشكيل الوضع الفلسطيني من جهة والعلاقات الفلسطينية – الاسرائيلية من جهة أخرى . وفيما يلي أهم معالم هذه الخطوات :-
أولا : يبدو أن خيار توحيد الصف الفلسطيني قد استُبْدِلَ بخيار تعزيز الفرقة والانقسام بين الفلسطينيين و تكريس الانفصال الفعلي والعملي بين إقليم غزة من جهة والضفة الفلسطينية من جهة أخرى . إن المؤشرات الاخيرة على إزدياد حدَّة الهجوم العلني للسلطة الفلسطينية على حركة حماس وكَيْل الاتهامات لها قد أصبح مؤشراً واضحا على هذا التوجه . الهدف الكامن وراء كل ذلك هو تطبيق سياسة الاستبدال من خلال استبدال حماس بالسلطة الفلسطينية التكنوقراطية في إقليم غزة، واستبدال إدارة السلطة الفلسطينية بسلطة المستوطنين الاسرائيليين المتزايدة في الضفة الفلسطينية تمهيداً لحصر مساحة مشروع الدولة الفلسطينية المقترحة في إقليم غزة فقط، وربما قد يضاف اليها اجزاء متناثرة من الضفة الفلسطينية لا تصلح بمفردها لأن تشكل أساساً لأي كيان مهما كان هزيلاً .
ثانياً : المطلب الأمريكي بإصلاح السلطة الفلسطينية يهدف في حقيقته إلى أن تصبح السلطة جهازاً تكنوقراطياً مسؤوليته الأولى والأهم هي إدارة شؤون الحياة اليومية في الضفة الفلسطينية وإقليم غزة وتحسين مستوى الحياة ونوعيتها من خلال المساعدات الانسانية كبديل للمطالب السياسية، مع الابتعاد عن السياسة بشكل كامل تقريباً وحصر الدور السياسي للسلطة بالتنسيق الأمني مع الاحتلال الاسرائيلي . حكومة د.محمد مصطفى الجديدة هي على هذا النَسَقْ، حكومة تكنوقراط حصراً، أما من يرث محمود عباس فإنه سوف يكون عملياً ضابط أمن فلسطيني مهمته الحفاظ على التنسيق الأمني وكبح جماح أي شخص أو فريق فلسطيني معارض للاحتلال . هذه هي السلطة الفلسطينية الجديدة والمعدَّله كما تريدها أمريكا واسرائيل والتي سوف يوكل إليها أمور الفلسطينيين المستقبلية .
ثالثاً : تقطيع أوصال إقليم غزة على نَسَقْ ما جرى ويجري في الضفة الفلسطينية مع فارق عدم وجود مستوطنات اسرائيلية داخل إقليم غزة بل كنتونات أمنية داخل الإقليم نفسه بحيث تَحِدّْ من إمكانية أن يتصرف الإقليم في حال تحوله إلى دويلة كوحدة أمنية واحدة، بل يصبح مقسماً إلى كنتونات عادية مفصولة بكنتونات أمنية قد يتم إخضاعها أمنياً لإشراف قوات عربية أو دولية سوف تكون موجودة في تلك الكنتونات وتساهم بالتالي في عملية تقطيع أوصال إقليم غزة بشكل دائم .
رابعاً : إن المناداة بحل الدولتين من خلال دويلة فلسطينية مقزمة هو أحد نتائج العدوان الاسرائيلي الدموي على إقليم غزة الذي خَلَقَ قناعة لدى أمريكا والغرب بضرورة إيجاد دولة للفلسطينيين كوسيلة لتهدئة المنطقة من خلال تلبية بعض المطالب الفلسطينية ولو شكلياً و الهدف هو ضمان استمرار الهدوء للكيان الاسرائيلي . وهذا يعني ويَتَطَلَّب إخضاع الدولة الفلسطينية الموعودة لنظام حكم صديق لإسرائيل ولا مانع أن يكون شريكاً أمنياً لها، والمرشح لذلك هو السلطة الفلسطينية المعدّلة تكنوقراطياً .
خامساً : إن حصر الدولة الفلسطينية المدعومة أمريكيا ودولياً في إقليم غزة يتطلب توفر منافذ بحرية وجوية لها على العالم الخارجي بدلاً عن المنافذ الأرضية مع دول الجوار و الهدف هو فك أي تواصل أو ارتباط بَرّي بين إقليم غزة والعمق الفلسطيني من جهة، وكذلك الدولة المصرية العربية من جهة أخرى . أما الاشراف الأمني على تلك المنافذ سواء الجوية أو البحرية فمن المتوقع أن يُعْطى لطرف أو أطراف ثالثة توافق عليها اسرائيل وأمريكا وذلك لإخضاع تواصل الدولة الفلسطينية مع العالم الخارجي للمراقبة ومنعها من التواصل بشكل حر ومفتوح، أي أن تكون دولة دون سيادة، مما سوف يجعل الدويلة الفلسطينية الموعودة مستباحة تماماً لإسرائيل وحلفائها وبشكل يضمن اخضاعها الأمني الكامل وبشكل مسبق لإسرائيل بهدف منع بناء أو تطور أو تسليح أي حركة مقاومة وطنية فلسطينية للإحتلال الاسرائيلي في المستقبل .
سادساً : تقوم أمريكا حالياً بالعمل على رد الاعتبار لاسرائيل التي انهارت سمعتها دولياً نتيجة للمجازر التي ارتكبتها بحق الاطفال والنساء والمجتمع المدني في إقليم غزة عموماً وتدمير كافة منشاآتِهِ السكنية و الصحية والتعليمية والدينية والتراثية، مما جعلها تدفع ثمناً فادحاً على المستوى الدولي لتلك المجازر حيث فقدت سمعتها وتحولت في نظر معظم شعوب العالم إلى دولة مارقة تنتهك القانون الدولي و الانساني علناً وبشكل مستمر . إن هذا المسعى من قبل أمريكا وحلفائها يتطلب استمرار الضغوط الأمريكية والغربية وربما العربية على حركة حماس لتقديم المزيد من التنازلات في ظل غياب ضغوط مماثلة على اسرائيل خصوصاً ما يتعلق بالتزويد العسكري والدعم السياسي، والاكتفاء بتقديم المساعدات الانسانية للفلسطينيين . يد تعطي السلاح والذخيرة لقتل وتجويع وتعطيش الفلسطينيين، واليد الأخرى تعطي الفلسطينيين بعض الطعام والماء.
وبالطريقة التي تجري بها الأمور، فإن ما هو قادم لا يبشر بأي خير على المدى المستقبلي، وما قد يَقْبَل به الفلسطينيون مرحلياً ولو على مضض يعتبر بالنسبة للاسرائيليين خارج نطاق المعقول والمقبول . فالحل الاسرائيلي يتلخص بعدم وجود شعب فلسطيني، وبأن فلسطين هي أرض يهودية ودولة اسرائيل هي دولة لليهود حصراً، وأي حل خارج نطاق هذا التفكير غير مقبول اسرائيلياً في أصوله، بل يعتبر كمرحلة نحو تحقيق الهدف الاسرائيلي مما يعني أنه لا يوجد أي حل حقيقي . إن حل الدولتين هو ما تريده أمريكا والغرب و العرب والسلطة الفلسطينية وليس ما يريده الشعب الفلسطيني أو يمكن أن يقبل به كحل دائم ونهائي كونه يجافي المصلحة الوطنية الفلسطينية المُطَاِلبَة بزوال الاحتلال ونظام التمييز العنصري أو الاستمرار في مقاومته إلى أن يتم ذلك .

التاريخ: 23/03/2024
lkamhawi@cessco.com.jo

مقالات ذات صلة نتائج حرب غزة بين ايديلوجيتي “الصراعية لحماس” و “الوظيفية للسلطة الفلسطينية” 2024/03/23

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: مستقبل إقليم غزة فلسطين الفلسطينيين الرؤية الاسرائيلية السلطة الفلسطینیة الدولة الفلسطینیة الضفة الفلسطینیة فی إقلیم غزة إقلیم غزة من خلال من جهة

إقرأ أيضاً:

بيراميدز يحسم الجدل حول مستقبل مصطفى فتحي ويؤكد بقاء يورتشيتش

كشف الإعلامي الرياضي خالد الغندور عن الموقف الرسمي لنادي بيراميدز بشأن مستقبل نجم الفريق مصطفى فتحي، في ظل ما تردد مؤخرًا حول إمكانية انتقاله إلى صفوف نادي الزمالك خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

بيراميدز يحسم الجدل حول مستقبل مصطفى فتحي

وفي تصريحات إعلامية، أوضح الغندور أن إدارة نادي بيراميدز أبدت تمسكها الكامل بخدمات اللاعب مصطفى فتحي، مؤكدة رفضها التام لفكرة التفريط فيه أو السماح برحيله في الوقت الحالي.

وشدد على أن فتحي يُعد من الأعمدة الرئيسية للفريق، وواحدًا من أبرز اللاعبين الذين ساهموا بشكل فعال في نتائج الفريق خلال المواسم الماضية، ما يجعله من الركائز الأساسية التي تبني عليها الإدارة خططها للمستقبل القريب.

5 أندية تودع كأس العالم للأندية 2025 قبل الجولة الثالثة الأهلي يُنهي ملف الراحلين ويبدأ في إعادة ترتيب صفوفه بعد مونديال الأندية

وفي سياق متصل، كشف مصدر مسؤول داخل نادي بيراميدز عن تطورات تتعلق بمستقبل المدير الفني الكرواتي كرونسلاف يورتشيتش، الذي تولى تدريب الفريق الأول مؤخرًا.

وأكد المصدر أن المدرب سيواصل مهمته الفنية مع الفريق في الموسم الكروي الجديد، موضحًا أن الإدارة نجحت في التوصل لاتفاق معه يقضي بتجديد عقده لمدة موسم إضافي، في خطوة تؤكد رغبة النادي في الحفاظ على الاستقرار الفني والبناء على ما تحقق من نتائج إيجابية خلال الفترة الماضية.

ورغم هذا التجديد، فقد تداولت بعض التقارير الصحفية مؤخرًا أنباء عن تلقي المدرب الكرواتي عرضًا مغريًا من أحد أندية دوري روشن السعودي، وهو ما فتح باب التكهنات بشأن إمكانية رحيله عن بيراميدز. إلا أن إدارة النادي تبدو عازمة على الإبقاء عليه، خاصة في ظل الثقة التي يحظى بها من الإدارة واللاعبين على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • منتخب مصر يترقب مستقبل مصطفى محمد بأوروبا قبل معسكر سبتمبر
  • عاجل | الأرصاد تحذر: ضباب كثيف يعيق الرؤية في عجلون
  • “الأحرار الفلسطينية” تحمل العدو الصهيوني المسؤولية عن حياة الأسرى الفلسطينيين
  • رئيس إقليم كوردستان وفرنسا يؤكدان رفض التصعيد في المنطقة
  • الجيش الاسرائيلي يقصف موقع مفاعل فوردو النووي في إيران
  • القومي الإسلامي: العدوان على إيران وفلسطين يؤكد وحدة المشروع الاستعماري
  • خريطة تكشف المواقع التي تعرضت للضربات الإسرائيلية والأمريكية في إيران منذ 13 يونيو
  • عربية النواب: الاستقرار بالمنطقة لن يتم إلا بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
  • بيراميدز يحسم الجدل حول مستقبل مصطفى فتحي ويؤكد بقاء يورتشيتش
  • ايران وفلسطين محور نقاش محادثات عطاف مع نظيره الأردني