تفرق الدراسات النفسية بين أطفال التوحد وأطفال الحرمان البيئي، فبحسب مدونة الصحة النفسية ورعاية المجتمع الأميركية، فإن التوحد هو اختلاف عصبي يشكل طيفه إدراك الفرد وتفاعله مع العالم المحيط به، في حين أن الحرمان أو الفقر البيئي يشير إلى تأخر النمو الشامل في تحقيق معالم النمو لدى الأطفال، ورغم أن كليهما يؤثر على الأطفال اجتماعيا ومعرفيا، فإنهما مختلفان.

في الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل، من المفترض أن يتم اكتساب مهارات جسدية وسلوكية، وأغلبها يكون مستوحى من تفاعل ذويهم معهم، وإظهار المحبة والمودة والحب واللعب المشترك، فتنمو مع الطفل مهارات الكلام واللغة، والمهارات الحركية الدقيقة، والمهارات المعرفية والتحليلية، ثم المهارات الاجتماعية والعاطفية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4متلازمة “الطفل الزجاجي”.. حينما تؤثر إعاقة أحد الأبناء على أشقائهlist 2 of 4كيف يؤذي مصطلح "عمى العقل" أطفال التوحد؟list 3 of 4الأم الثلاجة.. لماذا اتهمت الأمهات بتوريث التوحد لأطفالهن؟ وكيف أنصفهن العلم؟list 4 of 4هل يؤخر تعرض الرضع للشاشات مهارات التواصل والحركة؟end of list

لذلك، خلال الأعوام الأولى من عمر الطفل، إذا لوحظ تأخره مرحلتين أو أكثر من تلك المهارات فقد يصبح ذلك دلالة على اضطراب النمو والحرمان البيئي.

تأخر مجموعة من المهارات الأساسية في عمر الطفل هي أبرز أعراض الحرمان البيئي (بيكسلز)

وتعد العوامل التالية من أبرز أسباب الحرمان البيئي لدى الأطفال:

البيئة المنعزلة انشغال الأبوين الاعتماد على الهاتف المحمول لتسلية الطفل إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة

وقد تظهر العوامل السابقة في صورة أعراض تشبه التوحد إلى حد كبير، منها التأخر اللغوي، وعدم الاستجابة للنداء، وتشتت الانتباه، والانشغال الدائم بحركات معينة.

لكن الفارق هنا، كما تشير مدونة النمو، أن طفل الحرمان البيئي أسرع في الاستجابة للعلاج، الذي يعتمد على تغيير البيئة المحيطة بالطفل، ودمجه بشكل أكبر مع المجتمع المحيط به، وتركيز الأبوين على اللعب والحديث المستمر وخلق أنشطة مشتركة مع الطفل.

طفل الحرمان البيئي أسرع في الاستجابة للعلاج (شترستوك) أهم خطوات العلاج

تقول نورهان غالي (36 عاما)، التي تعمل صحفية حرة في مصر، "صدمة لم أتوقعها حين أخبرتني روضة الأطفال التي يذهب إليها طفلي ذو الثلاثة أعوام أنه يعاني من التوحد"، خاصة أنها لم تلحظ عليه أيا من علامات التأخر التي قرأتها سابقا عن أطفال التوحد، وأنها لم تنتبه لتأخره عن الاندماج مع أقرانه أو تأخره اللغوي، ولم تعر الأمر انتباها حين كانت تنادي  طفلها الوحيد باسمه ولا يرد عليها، كانت تعتقد أن كل تلك الأمور عادية لأنها وحيدة معه أغلب الوقت، ولا يوجد في محيطهم جيران أو أصدقاء من الممكن أن يندمج معهم.

انطلقت نورهان باحثة عن أكثر من طبيب لتشخيص حالته بشكل دقيق لتتعرف حينها على مصطلح "الحرمان البيئي"، وتضيف "لم أتوقع أن فقر البيئة من الممكن أن يؤثر على طفلي لدرجة تأخر القدرات العقلية".

لأيام طويلة كانت نورهان غالي تلوم نفسها لكونها كانت سببا في معاناة طفلها، وذلك بعد التشخيص الطبي الذي لجأت له في مركز علاج التوحد بمستشفى العباسية بالقاهرة، والذي تقول عنه نورهان إنه "من أهم مراكز التوحد الموجودة في العالم العربي"، مضيفة أنها تعلمت من خلال تجربتها أنه لا يمكن تشخيص وتفرقة حالة الحرمان البيئي عن التوحد إلا من خلال طبيب نفسي، لأن تلك المراكز غير فعالة بالمرة في التشخيص المبدئي للمرض وطرق العلاج.

وتابعت نورهان "كانت البداية هي الابتعاد عن الهاتف المحمول، وتغيير العالم المحيط به، بدأت مع والده في إيجاد مساحة مشتركة لأنشطة يومية بسيطة تلائم عمره، بالإضافة للضغط عليه لنطق ما يريده دون إعطائه إياه مباشرة، فكنت أضغط عليه ليطلب الماء أو الطعام ويسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية، بالإضافة للتوقف عن استخدام لغة ثانية في التعامل معه، فبحسب الأطباء فإن ازدواج اللغة في تلك المرحلة الأولى من عمره أسهم بشكل كبير في تشتيته".

الابتعاد عن الهاتف المحمول أولى خطوات علاج الحرمان البيئي (بيكسلز) أثر كورونا

"أزمة كورونا كانت سببا في انتشار الحرمان البيئي انتشارا أكبر من المعتاد نظرا لفترات العزلة الطويلة التي قضاها الأطفال في المنزل وانشغال الآباء بالعمل عن بعد وغياب فكرة الزيارات العائلية والأصدقاء، وقد أسهم ذلك بصورة ما في زيادة معدلات أطفال الحرمان البيئي في السنوات الأخيرة"، وفق قول استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين الدكتور أسامة يونس.

يقول يونس للجزيرة نت إن السمات المشتركة بين التوحد والحرمان البيئي تجعل التشخيص على الأغلب يتجه نحو التوحد، لكن الفارق واضح بين الاثنين، خاصة إذا كان تغيير الطفل مفاجئا على عكس طبيعته السابقة، فطفل التوحد تظهر عليه علامات التوحد منذ بداية تعرفه على العالم الخارجي لكونه مرضا عصبيا.

وبالمقابل، يحدث الحرمان البيئي -وفق يونس- بعد تفاعل أولي للطفل في الحركة والمهارات الأولى مثل اللمس والمشي وبدايات الكلام والاستجابات الانفعالية للضحك واللعب، لكن فجأة لأسباب محيطة ببيئته تحدث العزلة ويتراجع الاهتمام به، ويتحول الطفل إلى الهاتف المحمول الذي يصبح أنيسه الوحيد، مما يساعد على زيادة تشتيته.

استشاري الطب النفسي للأطفال الدكتور أسامة يونس (الجزيرة)

ويحدد الدكتور أسامة يونس الصفات المشتركة بين التوحد والحرمان البيئي، وهي "عدم التواصل البصري، والتأخر اللغوي، وتوقف التفاعل الاجتماعي"، بالإضافة لإمكانية إصابة الطفل ببعض المتلازمات الحركية، لكن الاختلاف هنا أنها لصيقة بالتوحد منذ بدايته، أما في طفل الحرمان البيئي فغالبا تكون تلك المتلازمات الحركية نابعة مما يتابعه الطفل عبر الهاتف المحمول.

وحول علاج الحرمان البيئي، يوضح استشاري الطب النفسي للأطفال، للجزيرة نت، أن الجزء الأكبر منه تتحمله الأم لأنها هي أكثر شخص من المفترض أن يجلس مع الطفل في تلك المرحلة، ومشاركة الأب والمحيط المقرب ضرورية، وفكرة الانعزال الذي تمارسه بعض الأسر حديثا قد يصبح في بعض الأحيان ضررا أكبر من نفعه، لهذا لابد من عودة فكرة العلاقات الاجتماعية كونها صمام أمان لكثير من المواقف الخطيرة التي قد تمر بها الأسر ولا تعرف لها حلولا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الهاتف المحمول

إقرأ أيضاً:

فريق طبي بمستشفى أطفال بنها ينجح في استخراج بطارية من مريء طفل

نجح فريق جراحة الأطفال بمستشفى أطفال بنها بقيادة الدكتور محمد متولي، وبمشاركة الدكتور عمرو عبد الملك استشاري جراحة الأطفال، في إجراء عملية دقيقة لاستخراج بطارية من مريء طفل يبلغ من العمر عامًا وأربعة أشهر، في تدخل عاجل أنقذ حياته من مضاعفات خطيرة.

وأشارت المستشفى في بيان لها، أن الطفل وصل إلى الطوارئ وهو يعاني من صعوبة شديدة في البلع وآلام مستمرة بالصدر، مشيرًا إلى أن الفحوصات العاجلة كشفت وجود بطارية صغيرة مستقرة في المريء.

وأضاف بيان المستشفى أن الفريق الطبي تدخل فورًا باستخدام المنظار الجراحي، حيث تم استخراج البطارية بنجاح دون أي مضاعفات، مؤكدًة أن التدخل السريع والتقنيات الحديثة كانا عاملين حاسمين في إنقاذ حياة الطفل.

وحذر الأطباء من خطورة ابتلاع الأطفال للبطاريات الصغيرة والأجسام الغريبة، موضحين أنها قد تؤدي إلى حروق كيميائية في الجهاز الهضمي خلال ساعات قليلة، داعين أولياء الأمور إلى مراقبة أطفالهم باستمرار وتوفير بيئة آمنة خالية من المخاطر المنزلية.

مقالات مشابهة

  • بدء التقديم الإلكتروني للمدارس الرسمية والرسمية لغات للعام الدراسي 2026/2025
  • 3 علامات مهمة تشير لتسنين الأطفال
  • “الطفولة والأمومة” يتدخل لإنقاذ الطفلة المعتدى عليها بالمهندسين
  • الطفولة والأمومة يتدخل لإنقاذ طفلة واقعة فيديو المهندسين
  • «الطفولة والأمومة» يتدخل لحماية طفلة المهندسين ضحية عنف والدها
  • فريق طبي بمستشفى أطفال بنها ينجح في استخراج بطارية من مريء طفل
  • استخراج بطارية من مريء طفل رضيع بمستشفى الأطفال التخصصي
  • تعرف على حالات تشغيل الأطفال وفقًا لقانون العمل
  • حماية الطفل في القانون| دعم متكامل من التعليم إلى السلامة في الأزمات
  • أعراض نقص الكالسيوم في جسم الطفل