أين نحن من #حكمة_الصيام ؟؟
#منى_الغبين
الصيام عبادة روحية سنوية فرضها الله على عباده كدورة إنعاش لتحقيق مفهوم التقوى التي موطنها القلب , حيث قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) , وقال نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : ((لا تحاسدوا , ولا تناجشوا و لا تباغضوا , ولا تدابروا , ولا يبع بعضكم على بيع بعض , وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم , ولا يخذله , ولا يحقره التقوى هاهنا – و أشار إلى صدره – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام : دمه , وماله , وعرضه )) فالتقوى المقصودة هي أمر نفسي داخلي تجعل الإنسان مراقبا لله في أقواله وأفعاله , متحفظا من إلحاق أدنى أذى بالآخرين لأنّ كفّ الأذى هو الحدّ الأدنى من الصدقة المطلوبة من الإنسان يقول أبو ذر الغفاري ((سألت النبي- صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال:”إيمان بالله، وجهاد في سبيله “.
ولننظر الآن أين نقف من هذه العبادة الروحية السامية التي تستوجب على الإنسان دوام المراقبة لأفعاله لئلا يصدر منه خطأ يبطل صومه حيث حذّر النبي من ذلك بقوله (( رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع , ورُبّ قائم ليس له من قيامه إلا السهر )) وقوله عليه الصلاة والسلام : ((من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه )) _ لننظر أين نقف من هذه التوجيهات الإلهية التي تبين الحكمة المقصودة من الصوم ؟؟
الق ببصرك فماذا ترى ؟؟ السمة الأولى حالة من السخط والغضب المكبوت الذي يتناثر في كلّ مكان فتصيب شظاياه الآخرين فينفجر مخزونهم من المادّة ,فالوجوه عابسة مستنفرة , والعيون تتقادح شررا , والنفوس تكاد تنفجر شرورا , لا تسمع إلا التأفف , وعبارات “اللهم إني صائم ” تخرج بوقع حانق يفيض غيظا , سيارات تسير بنزق , وسائقوها أرواحهم في أنوفهم , فالكلّ غاضب من الكلّ والكلّ يريد أن يفترس الكلّ , مؤسسات دائخة متثائبة العاملون فيها مستودعات غضب وسخط قد تنفجر في أي لحظة ………
والسمة الثانية نهم استهلاكي فظيع , وإقبال على المواد الغذائية بشكل جنوني , واليوم يبدأ بين الشراء والإعداد لوجبة الإفطار التي يراد لها أن تعوض حرمان تلك السويعات من المأكول والمشروب , فيظل الهاجس المسيطر متطلبات المعدة , وكان الله في عون النساء فكلّ ليلة مطلوب منهن إعداد ما يفوق حجم وليمة يؤكل ربعها وتلقى ثلاثة أرباعها في الحاويات !!
والسمة الثالثة : النوم نهارا لمن أستطاع إليه سبيلا لقتل الوقت , وكف الأذى قدر المستطاع ويقابله السهر ليلا للأكل والشرب ومتابعة المسلسلات الفارغة التي تمسخ العقول ولا يتخلل ذلك إلا ساعة أو أقلّ في صلاة التراويح ……….
ينتهي الشهر والصائمون مخدرون بمخدر الغضب المطفئ لسراج العقل , ومخدر النوم (الموتة الصغرى ) , ومخدر الأكل والشرب المذهب للفطنة , ومخدر المسلسلات السارق للوعي , وأمام مثل هذه الحال كيف للصائم أن يفكّر بمعاناة الفقراء المحرومين الذين يعانون الجوع على مدار العام , وأنّى له أن يستذكر معاني الصوم وما يرمي إليه من حكم ؟؟ مقالات ذات صلة توجيه الملك نحو التعليم المهني… بين الواقع والمأمول..! 2024/03/26
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
دينا أبو الخير: الرضا بالقضاء سر السعادة.. ومنع الله قد يكون عين العطاء
أكدت الإعلامية دينا أبو الخير أن الرضا أحد أعظم مراتب الإيمان، ويعني القبول القلبي والتسليم التام لما يقضيه الله من أمور، سواء كانت خيرًا أم ابتلاءً.
وأضافت، خلال تقديمها برنامج "وللنساء نصيب"* المذاع على قناة صدى البلد، أن الرضا هو شعور بالطمأنينة الداخلية وسرور القلب، حتى مع مرارة الابتلاء، وهو ما يُعد من أعلى درجات اليقين بالله.
وأوضحت أن للرضا ثلاثة أقسام، هي: الرضا بالله وهو الإيمان الكامل به، والرضا عن الله وهو حسن الظن به، والرضا بقضائه وهو التسليم لما يقدره دون اعتراض، مشيرة إلى أن الإنسان إذا رضي بما قسمه الله له، شعر بالاكتفاء وأصبح في غنى عن الناس.
وأشارت إلى أن القناعة والرضا متلازمان، ولا يتحقق أحدهما دون الآخر، مضيفة أن من يمنعه الله عن أمرٍ ما، قد يكون ذلك في حقيقته عطاءً ورحمة، لأنه يمنع عنه ضررًا قد لا يعلمه العبد.
وشددت على أهمية الصبر في حياة المسلم، مبينة أنه لا يقتصر على الشدائد فقط، بل يشمل أيضًا أوقات السراء والنعمة، موضحة أن الصبر في السراء يُظهر شكر الإنسان لله، ويقيه من الغرور والتكبر.
واختتمت حديثها بالتأكيد أن الصبر والرضا مفتاحا الفرج، وهما من أعظم أسباب راحة القلب ورضا الله.