يظل الخطأ أمرا واردا بشكل دائم، رغم الحذر؟.. لكن ثمة أخطاءً تسببت في كوارث، فبسبب غلط في الترجمة دمرت قنبلةٌ بلد بأكمله، كما نسي خباز نار الفرن مشتعلة فحرق مدينة.

وقدمت ندى نور، حكايتان عن خطئين قاتلين دفع ثمنهما عدد كبير من البشر، وذلك في بودكاست «مش من هنا»، على تلفزيون الوطن.

كانت الغلطة الأولى لخباز حرق مدينة لندن في حادثة أطلق عليها اسم حريق لندن العظيم، وكان ذلك في 2 سبتمبر 1666م، فقد وقع الحادث في منزل خباز تشارلز الثاني ملك إنجلترا، عندما انتهى من عمله وذهب ليخلد إلى النوم ولكن بعد أن نسي إطفاء النار.

وبعد الثانية عشرة منتصف الليل، اندلع الحريق الكبير غرب مدينة لندن بسبب تعطل إجراءات مكافحة الحرائق وقتها، وتردد عمدة البلد في اتخاذ الموقف المناسب فتسببت الرياح في زيادة شدة الحريق الذي طال المدينة كلها، وتسبب الحريق في حرق 87 كنيسة بالإضافة إلى البيوت.

أما الحكاية الثانية فكانت بسبب ترجمة، حيث جرى إلقاء قنبلة دمرت اليابان، في واحدة من أقسى الأخطاء في التاريخ، حيث إن ترجمة خاطئة لكلمة من اللغة اليابانية إلى اللغة الإنجليزية تسببت في ضرب اليابان بالقنابل الذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية.

ففي عام 1989 نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الترجمة الخاطئة لكلمة تسببت بعد ذلك في استهداف أمريكا هيروشيما ونجازاكي في 1945، وكتبت الصحيفة الأمريكية وقتها أن الترجمة الصحيحة كانت ستمنع قنبلة هيروشيما التي أودت بحياة أكثر من 200 ألف شخص.

فقد بدأت الحكاية مع اقتراب موعد نهاية الحرب، حيث امتلكت اليابان آنذاك مستعمرات عديدة في شرق آسيا وسيطرت على أراضٍ واسعة في الصين وبورما وعقدت أمريكا وحلفاؤها في 26 يوليو 1945 مؤتمرا صحفيا وجهوا فيه تحذيرا شديد اللهجة لليابانيين، وطلبت واشنطن من طوكيو الاستسلام غير المشروط ووعدتها بدمار غير مسبوق في حال رفضها.

وعقد رئيس الوزراء الياباني مؤتمرا صحفيا استخدم خلاله كلمة حملت أكثر من معنى، فتعاملت الصحافة العالمية بترجمة غير دقيقة مع كلمة تُرجمت بأكثر من معنى وهي ما قاله المسؤول الياباني الكبير «تعامل بصمت مع الأمر أو تناقش بصمت»، ولكن روجت الصحف الأجنبية للكلمة بشكل مختلف، وهي عبارة «لا تستحق التعليق» كترجمة لهذه الكلمة، ليأمر هاري ترومان الرئيس الأمريكي آنذاك بقصف المدن اليابانية بالقنابل الذرية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مش من هنا الحرب العالمية الثانية حريق لندن هيروشيما

إقرأ أيضاً:

عن حسابات لندن في العدوان على اليمن

 

 

لم تكن مشاركة بريطانيا في العدوان العسكري الأميركي على اليمن خطوة مفاجئة لمن يراقب تحولات سياستها الخارجية في السنوات الأخيرة. فالدولة التي خرجت من الاتحاد الأوروبي مثقلة بالعزلة، وتواجه تراجعاً في وزنها الجيوسياسي، تجد نفسها اليوم تلهث خلف لحظة استعادة للدور، ولو في مقامرة عسكرية غير محسوبة النتائج.
الدخول البريطاني إلى جبهة البحر الأحمر، وإن تم تحت يافطة “حماية الملاحة الدولية”، لا يمكن فصله عن شبكة المصالح القديمة والجديدة التي تدفع لندن إلى تبني سياسة تدخلية تخدم بالدرجة الأولى واشنطن، وتمنح الطبقة الحاكمة في بريطانيا فرصة للهروب من أزماتها الداخلية المتصاعدة.
منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، تعيش بريطانيا أزمة هوية استراتيجية. لا علاقات مستقرة مع أوروبا، ولا قدرة على اتخاذ قرارات كبرى منفردة. في هذا السياق، باتت “العلاقة الخاصة” مع الولايات المتحدة ليست مجرد شراكة، بل شرط بقاء لنظام سياسي يرى في أميركا حامية لموقعه العالمي. وعليه، فإن المشاركة في أي عمل عسكري تقوده واشنطن، خصوصاً في عهد دونالد ترامب، تتحوّل من قرار سيادي إلى التزام مفروض، رفضه يعني العزلة.
اليمن، هنا، ليس استثناءً. بل هو النموذج الأوضح لتحوّل بريطانيا من دولة كانت تملك هامشاً دبلوماسياً مستقلاً في بعض الملفات، إلى تابع مباشر للقرار الأميركي في قضايا الحرب والسلام.
رغم أن الرواية الرسمية تربط التدخل العسكري بـ”حماية الملاحة الدولية” من ما تمسيه “تهديدات الحوثيين”، إلا أن الحقيقية أكثر تعقيداً. بريطانيا لا تملك القدرات البحرية والعسكرية الكافية للقيام بدور فعّال ومستقل في هذا الملف، كما أن مصالحها المباشرة في البحر الأحمر محدودة. ما تفعله اليوم هو الانضواء تحت المظلة الأميركية، ضمن حملة أوسع تهدف إلى كسر قوة صنعاء المتنامية، وإعادة رسم التوازنات في الإقليم بما يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب بالدرجة الأولى.
لكن هذا الانخراط، ورغم محدوديته، يخدم هدفاً بريطانياً داخلياً: الظهور بمظهر الدولة “الفاعلة عالمياً”، حتى لو كان ذلك عبر خوض حروب بالوكالة.
لا يمكن فصل التحرك البريطاني عن الجغرافيا الاستعمارية القديمة. لعدن ومحيطها رمزية خاصة في العقل الاستراتيجي البريطاني، إذ بقيت لأكثر من قرن مستعمرة مركزية في مشروع السيطرة على المحيط الهندي. وفي السنوات الأخيرة، عملت لندن على استعادة بعض أدوات التأثير في جنوب اليمن عبر دعمها الموارب لقوى انفصالية، وعبر أنشطة استخباراتية في مناطق حساسة.
لذلك، فإن المشاركة في هذا العدوان تمثل أيضاً محاولة للتموضع مجدداً في رقعة نفوذ قديمة، مستفيدة من الفوضى التي خلفتها الحرب الطويلة، ومن غياب قوة دولية قادرة على فرض تسوية سياسية عادلة.
على الصعيد الداخلي، تأتي هذه المغامرة العسكرية في وقت تواجه فيه الحكومة البريطانية ضغوطاً متزايدة: أزمة اقتصادية خانقة، تراجع في الأداء الصحي والتعليمي، نقمة اجتماعية، ونزيف سياسي داخل حزب المحافظين. في مثل هذه الظروف، كثيراً ما تلجأ الحكومات إلى افتعال خصم خارجي أو التورط في ملفات دولية لتحويل انتباه الرأي العام، وتوحيد الداخل خلف خطاب “الأمن القومي”.
وهنا يُطرح السؤال الأهم: هل تتحمّل بريطانيا كلفة هذا التورط؟ جيشها يعاني من نقص في القوى البشرية، ومعداته غير مهيأة لحملات طويلة أو معقدة خارج أوروبا. كما أن أي رد فعل من صنعاء على المصالح البريطانية، سواء في الخليج أو البحر الأحمر، قد يجرّ البلاد إلى مواجهة غير محسوبة.
الخطير في هذا التدخل ليس فقط أنه يتجاوز القدرة والضرورة، بل إنه يطيح بأي وهم بريطاني سابق عن “الوساطة” أو “الحياد”. فقد كانت لندن -ولو شكلياً- تحاول أن تحافظ على لغة دبلوماسية مزدوجة حيال الحرب في اليمن. أما اليوم، فقد وضعت نفسها في موقع المعتدي، إلى جانب واشنطن وتل أبيب، في مواجهة طرف يمني يحظى بدعم شعبي في الداخل، ويتزايد مؤيدوه في المنطقة ككل.
ما تفعله بريطانيا اليوم في اليمن ليس دفاعاً عن “حرية الملاحة”، ولا حماية لـ”النظام الدولي”، بل هو سلوك قوة استعمارية سابقة تحاول جاهدة أن تتذكّر شكل الإمبراطوريات، وهي تنزلق نحو الهامش. إنّها تشارك لأن الولايات المتحدة تريد، ولأن الداخل مضطرب، ولأن اليمن، بالنسبة لها، ساحة يمكن إشعالها بأقل كلفة ممكنة.
لكن ما لم تدركه لندن، أو تتجاهله عمداً، هو أن اليمن الجديد، بعد عقد من الحرب، لم يعد تلك الدولة الهشة التي يسهل ابتلاعها. وأن الانخراط في هذا المستنقع قد يعيد التذكير بأن “القوة” ليست في خوض الحروب، بل في القدرة على تفاديها.

*صحفية لبنانية

مقالات مشابهة

  • أمن القاهرة: الحريق في برج شبكات ناتج عن حرارة الجو وإخماده دون خسائر بشرية
  • فرق الإطفاء في الدفاع المدني تسيطر على العديد من بؤر الحريق بريف اللاذقية الشمالي
  • عن حسابات لندن في العدوان على اليمن
  • إحالة أنوسة كوتة للمحاكمة بسبب واقعة عامل السيرك بطنطا
  • اليونيسف: الحرب دمرت 70% من نظام المياه في غزة والناس تصارع من أجل قطرة ماء
  • أطباء بلا حدود: الحرب في السودان دمرت القطاع الصحي
  • هذا ما تسببت به صور المرشحين في طرابلس
  • «شاحن موبايل» يحرق شقة بعزبة حماد ببنها.. والمعاينة تكشف تفاصيل الحادث
  • اليونيسف: الحرب دمرت 65 إلى 70% من نظام المياه في غزة والناس تصارع من أجل قطرة ماء
  • بنك القاهرة: الحريق لم يمس فرع البنك بأي شكل وتمت السيطرة عليه