الجزيرة:
2024-06-02@22:20:54 GMT

الحرب الوجودية لنتنياهو وبايدن وحماس

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

الحرب الوجودية لنتنياهو وبايدن وحماس

دخلت حرب الإبادة الجماعية الصهيو- أميركية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منعطفًا حادًا ومأزِقًا خطيرًا بات يشكل تهديدًا وجوديًا للأطراف الثلاثة الرئيسية في هذه الحرب، وهي: رئيس الوزراء الصهيوني ومن ورائه حزب الليكود والأحزاب الدينية المتطرفة، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ومن ورائها الحزب الديمقراطي، وحركة المقاومة الإسلامية، ومن ورائها كتائب المقاومة المسلحة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

فهل ستتمكن الأطراف الثلاثة من تجاوز هذا المنعطف والخروج من المأزق الخطير الذي يتهدّدها؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟

ليس أمام نتنياهو سوى المحافظة على تحالفه الحاكم بأي ثمن، والاستمرار في الحرب حتى تحقيق الانتصار التام على "حماس"، وتحقيق أهدافه غير المعلنة التي ستصنع منه زعيمًا صهيونيًا تاريخيًا

نتنياهو وبايدن على حافة الانتحار

بعد مرور حوالي 6 أشهر على بطولة كتائب المقاومة الفلسطينية واستبسالها في ميدان المعركة، وتحطيمها هيبةَ الجيش الصهيوني، وعلى الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتفافه حول المقاومة رغم التضحيات الهائلة التي يتكبدها في كافة المجالات، وعلى البنية الفوقية والتحتية لقطاع غزة التي تهاوى أكثر من 75٪ منها تحت آلة الدمار الصهيو-أميركية، بعد كل ذلك يقف كل من رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، والرئيس الأميركي بايدن على حافة الانتحار السياسي، فالتحالف الذي قادهما للقيام بحرب الإبادة الجماعية المجنونة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سيقودهما إلى هاوية الجحيم، مختتمًا حياتَهما السياسية بأسوأ خاتمة، حتى وإن تمكنا من تحقيق أهداف هذه الحرب:

نتنياهو والأحلام الضالّة

يزداد التهديد الوجودي لنتنياهو يومًا بعد يوم؛ فهو لم يستطع حتى الآن تحقيق أهدافه الثلاثة المعلنة، وأما أهدافه غير المعلنة المتمثلة في تفريغ قطاع غزة من سكانه وضمه للكيان الصهيوني؛ فقد باتت هي الأخرى في مهب الريح، وأما ائتلافه الحاكم فهو على وشْك الانهيار تحت ضغط عاملين رئيسيين:

الأول: ضغط الشارع الإسرائيلي الذي قد يتحول في الأسابيع القادمة إلى عصيان مدني يجبر رئيس الوزراء على حلّ الحكومة، وإجراء انتخابات مبكرة. الثاني: قانون إعفاء أبناء الجماعات الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية الذي تصرّ المعارضة على إلغائه، بينما تصرّ الأحزاب الدينية على الانسحاب من الحكومة إذا استجاب نتنياهو لطلب المعارضة، كما أعلنت القيادات الدينية اليهودية في الكيان الصهيوني عزمها على مغادرة الدولة إذا فعل نتنياهو ذلك.

هذا الوضع يجعل نتنياهو مضطرًا للاستجابة للأحزاب الدينية؛ لأن خروجها من الائتلاف الحاكم يعني حل الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهو على يقين بأن خسارته فيها ستكون فادحة في اتجاهين؛ الأول: خسارته السياسية وتبخر أحلامه السياسية التاريخية، والثاني: خسارته الشخصية، حيث ستتم ملاحقته قانونيًا في العديد من القضايا الكبرى، وعلى رأسها مسؤوليته عما حدث في هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي المقابل، فإن هذا الوضع سيزيد من الاضطرابات في الشارع الإسرائيلي، وسيثير المزيد من التذمر والتوتر والاحتجاج في أوساط الجيش، الذي يصرّ قادته على عدم استثناء المتدينين من قانون الخدمة العسكرية.

ومن هنا فإن نتنياهو ليس أمامه سوى المحافظة على تحالفه الحاكم بأي ثمن، والاستمرار في الحرب حتى تحقيق الانتصار التام على "حماس"، وتحقيق أهدافه غير المعلنة التي ستصنع منه زعيمًا صهيونيًا تاريخيًا. وهذا يعني أنه لن يوافق على مطالب حماس التفاوضية، وخاصة الوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب من غزة.

بايدن والبحث عن الانتصار

أما الرئيس بايدن فهو يواجه تهديدًا وجوديًا حقيقيًا يعصف بمستقبله السياسي، ويطيح بأحلامه في الفوز بولاية رئاسية ثانية، وسيترك هذا التهديد آثارًا بالغة على الحزب الديمقراطي الذي بات يواجه أزمة فكرية وأخلاقية حادة، سيحتاج إلى فترة طويلة كي يتمكن من معالجة آثارها.

الرئيس بايدن الذي تربطه بدولة الكيان الصهيوني علاقات تاريخية استثنائية لم تتوفر لدى غيره من الرؤساء السابقين؛ أصبحت حاجته للانتصار في الحرب على "حماس" أكثر من حاجة نتنياهو الذي تنحصر طموحاته في إطار الدولة الصهيونية. أما بايدن فهو بحاجة لهذا الانتصار لتعزيز صدقية الولايات المتحدة مع حلفائها، وقدرتها على تحقيق أهدافهم، وإرسال رسائل واضحة لروسيا والصين وإيران على وجه الخصوص، ولشركائها في المنطقة العربية، تفهمُها كل دولة منها على حسب القضايا العالقة بينها وبين الولايات المتحدة.

ولذا نجد الرئيس بايدن، رغم المطالب الدولية الرسمية والشعبية، يرفض الوقف الدائم لإطلاق النار، ويصرّ على القضاء التام على حركة "حماس"، على أمل أن يتمكن من تحقيق الانتصار الذي يحسّن من موقفه الانتخابي بعدما توشك حرب الإبادة الجماعية في غزة أن تطيح بكافة أحلامه في الفوز بدورة رئاسية ثانية.

وسعيًا وراء الانتصار، وتجنبًا للهزيمة الوجودية المتربصة؛ سيستمر موقف بايدن على ما هو عليه، متبنيًا أهداف نتنياهو، المعلنة وغير المعلنة؛ وسيستمر في ملاحقة مجلس النواب الأميركي للموافقة على الدعم الإضافي لأوكرانيا والكيان الصهيوني الذي وافق عليه مجلس الشيوخ، بينما ستستمر إدارته في جهودها الحثيثة لمساعدة نتنياهو على الانتصار.

كما ستستمر أدوارها الدبلوماسية؛ بهدف كسب المزيد من الوقت لصالح تحقيق أهداف الحرب، مع الظهور بمظهر الدولة المعترضة على استهداف المدنيين وتجويعهم، والمتفهمة لمطالب الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، مع إعطاء الكيان الصهيوني الحرية الكاملة في القيام بما يراه مناسبًا للحفاظ على أمنه؛ بحجة أنه دولة مستقلة لا تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض إرادتها عليه.

تقف "حماس" في هذه المرحلة أمام خيارات وجودية في غاية الصعوبة، فإما القبول بهدنة مؤقتة يواصل الاحتلال حربه ضدها بعد انتهائها، وإما الاستسلام والانسحاب، وإما استمرار المقاومة وتحمّل تكاليفها، فأي هذه الخيارات على حماس أن تختار؟

حماس والخيارات الوجودية الصعبة

منذ اليوم الأول لإعلان الحرب على حماس، وبدء حرب الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أدركت حركة حماس التحديات الوجودية التي تواجهها في هذه الحرب، بأبعادها الفلسطينية والإقليمية والدولية، إلا أن نجاحها في الصمود والمقاومة لحوالي ستة أشهر، وتمكنها من إيقاع خسائر هائلة في صفوف الجيش الصهيوني ومعداته، زاد من إصرار نتنياهو على ملاحقة "حماس"، ورفض الوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب من غزة، وزاد من حدة العمليات العسكرية ضد المدنيين، وقد أدى هذا الموقف إلى فشل المحادثات الساعية إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ليضع "حماس" أمام تحديات في غاية الصعوبة، على رأسها:

رفض الكيان الصهيوني الإيقاف الدائم لإطلاق النار والانسحاب من غزة. استمرار العمليات العسكرية العنيفة ضد المدنيين، وبشكل خاص ضد المستشفيات، وأماكن إيواء النازحين، ومقرات توزيع المساعدات الإنسانية. تحول الجيش الصهيوني إلى استهداف الكوادر التي يشتبه في أن لها صلة بحركة حماس. استمرار تدمير المباني فوق رؤوس المدنيين، وارتفاع أعداد القتلى والجرحى والمفقودين. استمرار المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة بلا مأوى ولا دواء ولا طعام. استمرار العمل على تنفيذ المخططات الدولية والإقليمية (الغامضة) تحت شعار إيصال المساعدات الإنسانية وإطعام المدنيين. استمرار محاولات الالتفاف على التأييد الشعبي لحركة "حماس". استمرار العجز العربي والإسلامي والإقليمي والدولي عن اتخاذ الإجراءات التي تلزم الكيان الصهيوني بالإيقاف الدائم للحرب والانسحاب من غزة.

وأمام هذه التحديات الصعبة، التي تقف "حماس" عاجزة عن التغلب عليها، تجد "حماس" نفسها أما ثلاثة خيارات محددة:

الموافقة على هدنة مؤقتة يواصل الكيان الصهيوني بعدها حربه بصورة أشرس ضد حماس والمدنيين. الاستسلام والانسحاب من قطاع غزة ضمن ترتيبات إقليمية ودولية. مواصلة المقاومة حتى آخر جندي وآخر رصاصة، وتحمل نتائجها على المدنيين.

وكل خيار من هذه الخيارات، يشكل في ذاته تهديدًا وجوديًا لحركة حماس والمقاومة المسلحة في قطاع غزة، فأي هذه الخيارات هو الأنسب لحركة حماس لتتبناه في المرحلة القادمة؟

هذا ما سنتناوله في المقال القادم بإذن الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الشعب الفلسطینی فی قطاع غزة الدائم لإطلاق النار الإبادة الجماعیة والانسحاب من غزة الکیان الصهیونی تحقیق أهدافه

إقرأ أيضاً:

بن غفير وسموتريتش يهددان بحل حكومة نتنياهو حال إنهاء الحرب

سرايا - هدد الوزيران الإسرائيليان المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسالي سموتريتش، السبت، بالانسحاب من الحكومة وحلها إذا وافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على صفقة "تنهي الحرب ولا تدمر حركة حماس".

جاء ذلك ردا على إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة.

والجمعة، ادعى بايدن، الذي تقدم بلاده دعما مطلقا لـ"تل أبيب" في حربها على غزة، تقديم إسرائيل مقترحا من 3 مراحل يشمل وقفا لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين وإعادة إعمار القطاع.

وعلى عكس ما جاء في خطاب بايدن، قال مكتب نتنياهو، إن الأخير "يصر على عدم إنهاء الحرب على قطاع غزة إلا بعد تحقيق جميع أهدافها".

فيما قالت حركة حماس، إنها ستتعامل "بإيجابية مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة وإعادة الإعمار وعودة النازحين وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى".

ويُصر نتنياهو على وقف مؤقت لإطلاق النار، دون إنهاء الحرب أو الانسحاب من قطاع غزة، بينما تطالب حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وعودة النازحين، وتكثيف الإغاثة، وبدء الإعمار، ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.

ويأتي حديث بايدن عن هذا المقترح رغم رفض "إسرائيل" في وقت سابق مقترحا آخر قدمته مصر وقطر، وأعلنت حماس موافقتها والفصائل الفلسطينية عليه في 6 مايو/ أيار الماضي.

وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، في منشور عبر منصة إكس: "الصفقة كما نشرت تفاصيلها (في إشارة لإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن) تعني نهاية الحرب واستسلام (إسرائيل) أمام حماس".

وأضاف بن غفير: "إذا نفذ رئيس الوزراء الصفقة غير شرعية بموجب الشروط المنشورة، والتي تعني نهاية الحرب، فإن عوتسما يهوديت (الحزب الذي يتزعمه) سيحل الحكومة".

وأردف: "هذه صفقة غير شرعية، وهي انتصار للإرهاب وخطر أمني على دولة إسرائيل".

وقال بن غفير، إن الموافقة على مثل هذه الصفقة لا تمثل النصر المطلق، بل الهزيمة المطلقة"، وفق زعمه.

وتابع: "لن نسمح بانتهاء الحرب دون القضاء التام على حماس".

بدوره، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في منشور عبر منصة إكس: "تحدثت الآن مع رئيس الوزراء (نتنياهو) وأوضحت له أنني لن أكون جزءا من حكومة توافق على الخطوط العريضة المقترحة وتنهي الحرب دون تدمير حماس وإعادة جميع المحتجزين".

وأضاف سموتريتش: "لن نوافق على إنهاء الحرب قبل تدمير حماس، ولا إلحاق ضرر جسيم بإنجازات الحرب حتى الآن من خلال انسحاب الجيش الإسرائيلي وعودة سكان غزة إلى شمال قطاع غزة، ولا على إطلاق سراح جماعي للمعتقلين الفلسطينيين الذين سيعودون، لقتل اليهود".

وأنهى حديثه بالقول: "نطالب باستمرار القتال حتى القضاء على حماس وعودة كافة المحتجزين وخلق واقع أمني مختلف تماما في غزة ولبنان وعودة كافة السكان إلى منازلهم في الشمال والجنوب واستثمار ضخم في التنمية المتسارعة لهذه المناطق من البلاد".

وبوساطة مصر وقطر ومشاركة الولايات المتحدة، تجري "إسرائيل" وحماس منذ أشهر مفاوضات غير مباشرة متعثرة، فيما تتواصل الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ومن خلال المفاوضات مع حماس فقط، بادلت "إسرائيل" 105 من هؤلاء الأسرى، وبعضهم عمال أجانب، بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خلال هدنة مؤقتة مع الفصائل استمرت 7 أيام، وانتهت مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2023


مقالات مشابهة

  • بنشر خطته لوقف إطلاق النار في غزة .. بايدن يحشر نتنياهو في زاوية ضيقة
  • محللون: لا هامش لنتنياهو بعد مبادرة بايدن وهذه بدائله للهروب للأمام
  • غالانت: نُعد بديلا سلطويا لحماس في قطاع غزة
  • بنشر خطته لوقف إطلاق النار في غزة.. بايدن يحشر نتنياهو في زاوية ضيقة
  •  قطر ومصر والولايات المتحدة تدعو إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق هدنة في غزة
  • تصريحات نتنياهو لا تستهدف الرد على بايدن بقدر ما تستهدف الداخل الإسرائيلي
  • بن غفير وسموتريتش يهددان بحل حكومة نتنياهو حال إنهاء الحرب
  • أمريكا وقطر ومصر تدعو الإحتلال الإسرائيلي وحماس لإبرام اتفاق هدنة
  • مقابلة لنتنياهو مع قناة فرنسية تثير غضبا في فرنسا
  • حكومة نتنياهو على كف عفريت:مشروع قانون من «شركاء التطرف» الصهيوني بحل «الكنيست» وإجراء انتخابات مبكرة