تاريخ ظهور نجوم هوليود مع ألعاب الفيديو
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
نجح نجوم هوليود خلال العقود الماضية في تحويل شعبيتهم الجارفة إلى علامات تجارية تحقق ملايين الدولارات، وكانت ألعاب الفيديو واحدة من بين وسائلهم لضمان زيادة الثروات وتوسع شعبيتهم حول العالم، خاصة أن نصف سكان الكرة الأرضية يستخدمون ألعاب الفيديو في السنوات الأخيرة.
ومع انتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة بلغ عدد لاعبي ألعاب الحاسوب و"البلاي ستيشن" و"الإكس بوكس" وغيرها مليارين و700 مليون شخص حول العالم بنهاية عام 2021، ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق الألعاب إلى 257 مليار دولار مع بداية العام القادم، لذلك تسعى الشركات الصانعة لتلك الألعاب إلى جذب أكبر كتلة بشرية إليها من خلال إستراتيجيات تسويقية محكمة يكون نجوم هوليود جزءا منها.
كانت البداية مع ظهور مجسمات النجوم في ألعاب الفيديو التي كانت تعتمد على الرسوم المتحركة مثل ظهور شخصية أسطورة البوب الراحل مايكل جاكسون في لعبة "مايكل جاسكون السائر على القمر" التي أطلقت عام 1990، وهي مستوحاة من فيديو كليب أغنيته الشهيرة "مجرم سلس".
وتزامنا مع بداية الثورة التكنولوجية الحديثة وانطلاق النسخ الحية من ألعاب الفيديو كانت الممثلة الأميركية دانا بلاتو أول فنانة تظهر فيها في عام 1992 حين وقع الاختيار عليها من قبل شركة "سيغا" لتشارك في النسخة المتطورة من لعبة "مصيدة الليل" التي كانت تتمحور حول 5 فتيات مراهقات يقعن في مصيدة مصاصي الدماء وعلى اللاعب أن يخلصهن من هذه الورطة.
وعلى الرغم من الجودة المميزة للعبة مقارنة بإمكانيات هذه الحقبة فإنها واجهت انتقادات واسعة آنذاك بسبب اتهامها بالتشجيع على العنف غير المبرر، لتواجه حينها باعتراضات في مجلس الشيوخ الأميركي ويتم سحبها من الأسواق في ديسمبر/كانون الأول 1994، لكنها عادت مرة أخرى ولكن بصورة جديدة في عام 2017، وذلك احتفالا بمرور 25 عاما على انطلاقها، إلا لم تلقَ الرواج المتوقع.
ويبدو أن "بلاتو" فتحت بوابة لنجوم آخرين للظهور في ألعاب الفيديو، فجاءت مشاركة النجم الكندي كوري هيم في لعبة شركة "سيغا" أيضا التي حملت اسم "التبديل المزدوج" في عام 1993، إلى جانب ظهور كل من كريستوفر واكن وبول جياماتي في اللعبة التفاعلية الشهيرة "السفاح" في عام 1996، والتي تعد من أيقونات ألعاب الفيديو وأكثرها نجاحا، حيث تجاوزت مبيعاتها حينها 3 ملايين دولار.
المشاركات الأكثر شهرة شهرة للنجوم في الألعابومع التطور الساحق الذي تشهده صناعة الألعاب توسع نطاق مشاركة النجوم، مثل النجم الكندي كيانو ريفز الذي يعد الوجه الأبرز في عالم الألعاب بعد مشاركته في ألعاب الفيديو الخاصة بفيلميه "ماتركس" و"جون ويك"، لكن آخر مشاركاته كانت مع اللعبة الشهيرة "سايبربانك 2077" عام 2020 التي يظهر فيها بصوته وشخصيته مجسدا دور جوني سيلفرهاند.
ورفض ريفز المشاركة في البداية، لكنه تراجع بعدما عرضت عليه شركة "سي دي بروجكت ريد" 30 مليون دولار، وعلى الرغم من ذلك فإن اللعبة لم تحظَ بالرواج المنتظر، بل واجهتها الكثير من الانتقادات بسبب بعض العيوب التقنية.
بالمقابل، كان ظهور النجمة كريستين بيل في سلسلة ألعاب "قاتل العقيدة" ضمن أسباب نجاحها، حيث تجسد شخصية لوسي ستيلمان التي تساعد ديزموند في الوصول إلى ذكرياته.
ومما لا شك فيه أن لعبة "نداء الواجب" هي اللعبة الأبرز في التاريخ، وشارك في نسخها عدد ضخم من نجوم هوليود، من بينهم الممثل كيفن سبيسي الذي لعب دور الشرير جوناثان أيرونز في نسخة عام 2014، وكذلك النجوم البريطانيون إدريس ألبا وجيثون ستاثام وهيلينا بونهام كارتر الذين أضافوا بصماتهم المختلفة إلى إصدارات اللعبة المختلفة.
من السينما إلى عالم ألعاب الفيديواستغلت بعض الشركات المطورة للألعاب الشعبية الواسعة التي تحققها بعض الأفلام السينمائية في هوليود -خاصة التي تنتمي إلى نوعية "الأكشن" (الحركة)- لتعيد تقديمها في صورة ألعاب تفاعلية بمشاركة بعض الأبطال، ويعد فيلم "غزاة السفينة المفقودة" للمخرج المخضرم ستيفن سبيلبرغ -والذي طرح عام 1981- أول عمل سينمائي يتم تحويله إلى لعبة من قبل شركة "أتاري"، حيث سيخوض اللاعب من خلالها رحلة برفقة شخصية "إنديانا جونز" الشهيرة في شوارع العاصمة المصرية القاهرة.
كما استمد المخرج الأميركي جورج لوكاس من النجاح الكبير الذي حققته سلسلة أفلام "حرب النجوم" الفرصة لتقوم شركته "لوكاس آرت" بتطويره إلى لعبة فيديو يتم طرح إصدارات جديدة منها بصورة دورية كل عام، وهي تعد من أشهر الألعاب، حيث بيعت أكثر من 90 مليون نسخة في عام 2020.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات فی ألعاب الفیدیو نجوم هولیود فی عام
إقرأ أيضاً:
لعبة «ثعبان نوكيا» واستراتيجيات المرونة والتكيف
تُعد شركة «نوكيا» ظاهرة تكنولوجية من حيث مسيرتها المتفردة، والمليئة بالمنعطفات؛ إذ تميزت الشركة بالانتصارات المذهلة في بداية صعودها، ثم تعرضت لعدد من الانتكاسات، وتمكنت بعدها من التكيف مع التغييرات المتسارعة للتكنولوجيا، ولعل أهم اللحظات التاريخية في رحلة نوكيا هو تربعها على قمة ابتكارات الهواتف المحمولة خلال التسعينيات من القرن الماضي، ومن عاصر تلك الفترة سوف يتذكر بلا شك لعبة الأفعى الأسطورية التي استحوذت على قلوب ملايين المستخدمين، ولكنها كانت أكثر من مجرد لعبة.
تعالوا في البدء نلقي الضوء على تاريخ شركة نوكيا العريقة التي تعود إلى عام (1865م)، والتي بدأت كمصنع إنتاج اللب على ضفاف نهر نوكيانفيرتا في فنلندا، ثم توسعت في عدة صناعات حتى أدخلت إلى خط إنتاجها الابتكارات التكنولوجية في الأجهزة الإلكترونية، وهذا القرار المفصلي هو الذي أكسبها الريادة الدولية مع تطور ثورة الهواتف المحمولة التي غيرت عالم الاتصالات. هيمنت شركة نوكيا مدة من الزمن على الحصة السوقية، ولكن سرعان ما تراجعت عندما بدأت في مواجهة صعوبات في التكيف مع صعود شاشات اللمس المتقدمة، وظهور منافسين سيطروا على زمام ابتكارات الهواتف الذكية مثل شركة أبل وسامسونج. وفي عام (2011م)، اتخذت شركة نوكيا قرارها المفصلي الثاني وهو الشراكة مع مايكروسوفت، ولكن هذه الخطوة لم تسعفها لإنعاش مكانتها في خريطة الابتكار، ورفع حصتها السوقية، وهنا قامت الشركة بتحويل تركيزها الاستراتيجي بالكامل إلى الابتكار في الشبكات، والبنية الرقمية الأساسية مستفيدةً من خبراتها الواسعة في مجال تقنية الاتصالات، وقدرتها في اكتساب القيمة من الاستثمار الموجه في البحث والتطوير، وبذلك استعادت شركة نوكيا مكانتها كشركة ابتكار رائدة في عصر التقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية.
إن إعادة تموضع شركة نوكيا في الابتكارات التكنولوجية يُعد مثالًا للمرونة الاستراتيجية، وقد انتشرت عبارة «النهوض من الرماد» للتعبير عن قصة نوكيا التي أعادت اختراع نفسها كشركة تكنولوجيا مبتكرة، وهذا يقودنا إلى جانب غير بارز في قصة الشركة، وهو مدى ترابط فلسفتها ومساراتها مع لعبة الثعبان الأسطورية، حيث ظهرت هذه اللعبة ضمن أوائل ألعاب الفيديو المبرمجة للهواتف المحمولة، وهي في الأصل لعبة بسيطة تعتمد على إجادة التحكم في تحريك الثعبان داخل حدود المساحة المتاحة للعب، وتنتهي اللعبة بالانحراف عن الحيز المحدد، أو الاتجاه بشكل عكسي. وعلى الرغم من أن هذه اللعبة لا ينظر إليها سوى بأنها أحد خيارات الترفيه في بداية عصر الهواتف المحمولة إلا أنها تعكس فلسفة عميقة في التكيف والتحول، ولا نبالغ إذا ربطنا بين هذه اللعبة وبين مبادئ استراتيجيات المرونة والاستجابة الذكية التي أظهرتها شركة نوكيا خلال مسيرتها التي تمتد لقرن ونصف قرن، ويستدعي ذلك وقفة تأمل لاستلهام الدروس المستفادة، والتي يمكنها أن تدعم المبتكرين الناشئين في رحلتهم نحو تحقيق الميزة التنافسية، وكذلك للمبتكرين الذين يواجهون التحديات، ويتطلعون إلى الإبحار الآمن في المياه المضطربة، والحفاظ على بقائهم في عالم الأعمال.
وتأتي في مقدمة هذه الدروس، القدرة على اتخاذ القرارات المطلوبة في الحيز الزمني المناسب، ففي شاشة لعبة الثعبان لا بد من التركيز في كل حركة، ودراسة تأثيرها على المجريات والنتائج، وفي الواقع شهدت رحلة نوكيا منعطفات عديدة، وجاءت عملية صناعة القرار متأنية، ولكن ذات أبعاد استراتيجية بعيدة المدى، ففي خضم التحديات التي رافقت تفوق المنافسين لهواتف نوكيا، سعت الشركة إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع عمالقة التكنولوجيا، ولم تنزوِ عن المشهد بحثا عن حلول سريعة، ولكنها قامت بتعزيز عدة مسارات للاستجابة للمتغيرات، وكان الهدف الأساسي حينها هو البناء على النجاحات السابقة، ولكن في مجالات تكنولوجية يمكنها أن تثبت قدراتها فيها كفاعل رئيسي، وتحقق الريادة بصورة مستدامة تعينها على إعادة التموضع والريادة. وهناك بعد آخر مشترك بين تاريخ نوكيا ولعبة الثعبان وهو الالتزام بالنطاق الاستراتيجي، إذ تمثل حدود اللعبة والاتجاهات عوامل حاسمة، وكذلك في واقع الممارسة، فقد حافظت شركة نوكيا على نطاق الابتكارات التكنولوجية، وقد أسهم ذلك في دعم صناعة القرارات المتعلقة بقيادة التغيير الإيجابي من جهة، بالإضافة إلى تحقيق التقدم التكنولوجي المستدام من جهة أخرى.
وكما تميزت لعبة ثعبان نوكيا بقدرتها على جذب انتباه اللاعبين برغم بساطتها، فقد قامت الشركة باتخاذ تكتيكات بسيطة في استحواذ الاهتمام، وكان لها الأثر الأكبر في تعزيز سمعتها ومكانتها في عالم التكنولوجيا والأعمال، فنجد بأن نوكيا قد حققت إسهامات كبيرة وملموسة في مجال الاستدامة البيئية، وتكاد تكون في طليعة الشركات التكنولوجية التي تلتزم بالإفصاح عن مبادراتها المرتبطة بتقليص بصمتها البيئية، وتعزيز أخلاقيات ممارسات الأعمال المسؤولة في خطوط إنتاجها، وكذلك في وحدات البحث والتطوير، وبنفس القدر من الأهمية، سعت نوكيا إلى إبراز التزامها لمتواصل في دعم المبادرات الاجتماعية المدفوعة بالابتكار، والتي تعنى بالقضايا الكوكبية مثل تغير المناخ، وأطلقت الشركة مؤخرا مبادرتها التي تحمل عنوان «الإنسان والكوكب الإيجابي»، وهي تعد من أوائل المبادرات التي تتناول موضوعات كبرى عن مستقبل حياة الإنسان في ظل تسارع الثورات التكنولوجية.
وفي ظل المشهد المتطور باستمرار لصناعة التكنولوجيا، فإن الحاجة ماسة إلى البحث عن قصص النجاح والتعلم منها، والمتأمل في لعبة ثعبان نوكيا سيجدها بأنها تحمل العديد من الدروس العميقة، فهي تختصر مجموعة من المبادئ الاستراتيجية والتكتيكية للتعامل مع حالات عدم اليقين، ففي العمق تأتي أهمية تأطير التجارب والخطوات السابقة لتحديد الفجوة التي حالت دون تحقيق الأهداف الاستراتيجية، ثم تعريف الحدود الأساسية لنطاق القرارات التي سوف يتم اتخاذها من أجل إعادة الأوضاع لسابق عهدها، أو اتخاذ قرارات التحول إلى أوضاع مختلفة تكون أكثر إيجابية، ويمكنها تحقيق العوائد بشكل أكثر استدامة، وبأقل تكلفة في المدخلات. وهذه الجوانب ليست حكرا على الشركات الابتكارية الناشئة لوحدها، ولكنها أكثر إلحاحا في سياق ريادة الأعمال العلمية التي يكتنفها العديد من التحديات التي تتطلب اتخاذ القرار بشكل استباقي، وتستوجب كذلك وضع الجوانب المتعلقة بالمرونة والتكيف في قائمة الأولويات الاستراتيجية.