نصف عام على عدوان غزة.. ماذا تغير في القدس؟
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
القدس المحتلة- بمناسبة مرور نصف عام على الحرب على غزة سألت الجزيرة نت المقدسيين ماذا تغير في القدس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وماذا غيّرت الحرب فيهم؟
ورغم أن الكثيرين رفضوا الحديث بسبب حالة الرقابة الذاتية التي اضطروا لفرضها على أنفسهم خوفا من الملاحقة، فإن آخرين قالوا إنه لوْ عُكس السؤال فستكون الإجابة عليه أقصر وأسهل، لأن لا شيء في القدس بقي على حاله، كما لم يعد المقدسيون كما كانوا قبل هذا التاريخ.
"المدينة البوليسية" هكذا وصف رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي القدس منذ السابع من أكتوبر بسبب التعامل مع سكانها بسياسة البطش والقبضة الحديدية.
وفي شرحه لهذا الوصف قال الهدمي إن الاحتلال استغل حالة الطوارئ التي أعلنها لإرهاب أهالي الضفة الغربية بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص، فاقتحم المنازل ونكّل بسكانها وعاث فيها فسادا وخرابا، واستهدف الشخصيات العامة في القدس والنشطاء فلاحقهم بالاستيلاء على ممتلكاتهم من مركبات وأموال ومصوغ ذهبي بهدف تكميم الأفواه.
يضيف الهدمي "في بداية الحرب تجنبنا الخروج من المنازل إلا للحالات الاضطرارية لأن الخروج يعني مواجهة الحواجز والتفتيش والتنكيل وخطر المستوطنين، وهذا شكّل حالة رعب عامة بين المقدسيين".
وعجز أيضا العمال المقدسيون عن الوصول إلى أماكن عملهم في غربي القدس وداخل الأراضي المحتلة عام 1948 بسبب حالة الطرد الجماعية والعنصرية التي تعرضوا لها، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في المدينة الذي انعكس على أسواقها وتجارها بشكل مباشر.
ولأن نزعة الانتقام من الفلسطينيين تنامت فور اندلاع الحرب انتقمت أذرع الاحتلال المختلفة من المقدسيين عبر فرض المخالفات التعسفية بشكل عشوائي وجباية الديون المستحقة عليهم للدوائر المختلفة، وفرض الضرائب مما فاقم من حالة الفقر وساهم في تدمير الحالة الاقتصادية لدى العائلات.
وحول كيفية تأثير الحرب عليه بشكل شخصي تطرق الهدمي إلى تجنبه الظهور على وسائل الإعلام كناشط ومحلل سياسي لأن "حالة الرعب التي أنشأتها سلطات الاحتلال جعلتني أفكر ألف مرة قبل أن أتفوه بكلمة رغم أن القانون يسمح لي بذلك ورغم أن هذه حريتي في التعبير عن الرأي.. ومع ذلك تعرضت للاعتقال في بداية الحرب".
ورغم أن مخابرات الاحتلال تفرض على الهدمي الإقامة الجبرية في حي الصوّانة الذي يقطنه وتمنعه من التحرك داخل شرقي القدس، إلا أنه اضطر لتجنب التحرك والخروج من المنزل للحفاظ على نفسه.
"يعيش أطفالي حالة من التوتر والخوف الشديدين عندما يقرع الباب في وقت لا نتوقع فيه زائرا أو عندما يرن هاتفي في وقت متأخر، ويطرحون السؤال ذاته باستمرار: متى ستنتهي الحرب؟".
أما في رمضان فانقلبت أجواء الفرح لاستقبال الشهر الفضيل في القدس إلى حزن بسبب المجاعة التي يواجهها أهالي قطاع غزة، وقال الهدمي إنه وكثيرا من العائلات رفضوا أن يقيموا دعوات على موائد الإفطار لأنه لا بدَّ من إكرام الضيف، "وفي ظل عدم حصول أهلنا في غزة على شربة ماء ولا كسرة خبز فقد كان من الواجب إلغاء كافة الدعوات واقتصار رمضان على صلة الرحم والعبادات".
الشابة المقدسية (ج.ب) قالت للجزيرة نت إن حياتها انقلبت رأسا على عقب منذ اندلاع الحرب على غزة، ولخصت أبرز التغيرات والتحديات التي تواجهها بـ4 أمور.
تعيش هذه الشابة مع زوجها وأطفالها في حي "كفر عقب" الواقع خلف الجدار العازل، ولأن مركز حياتها يقع في قلب المدينة فإنها تضطر لاجتياز حاجز قلنديا العسكري الذي أُغلق لفترات طويلة بداية الحرب.
"حرية الحركة والتنقل كانت مفقودة قبل الحرب لكن هذه الحرية تلاشت بشكل كامل منذ اندلاعها، كنت أنتظر 3 ساعات على الأقل لاجتياز هذا الحاجز وسط أزمة مرورية غير طبيعية، وبمجرد وصولنا إلى الجنود كانوا ينكلون بنا عبر التفتيش الدقيق ووابل من الأسئلة الأشبه بالتحقيق".
وأكثر ما آلمها بداية الحرب هو منعها من الدخول إلى المسجد الأقصى كسائر شابات وشبان القدس مع إحكام السيطرة على أبوابه، إذ "كانت الطريق إليه محفوفة بالمخاطر بسبب عنف الشرطة والقوات الخاصة مع أي مقدسي يناقشهم أو يصر على الدخول للمسجد".
فقدت (ج.ب) أيضا هامش الحرية في التعبير عن الرأي والتي كانت منقوصة قبل الحرب، إذ باتت تهمة "التحريض على الإرهاب" فضفاضة وتشمل كل من يعترض على ما يحدث في غزة أو يتضامن مع أهلها ويؤيد المقاومة.
ودفع ذلك بكثير من المقدسيين لإلغاء حساباتهم على منصات التواصل أو التحفظ على النشر كي لا يُزجّ بهم في السجون.
تحريض المستوطنين
وتصِف هذه الشابة حديثها للجزيرة نت بالبوح عن أكثر ما يرعبها، وهو انتقال ما يحدث في غزة إلى القدس بسبب تحريض المستوطنين المتواصل ووعودهم للضفة الغربية والقدس بأن الدور التالي عليهم وهذا ما صرحوا به مرارا.
وتقول "تعيش عائلتي في حي رأس العامود بالقدس حيث تجاور المنازل مستوطنة "معاليه هزيتيم" التي يعيش فيها العديد من المستوطنين المتطرفين ممن يحرضون بشكل مباشر على المقدسيين في صفحاتهم وقال أحدهم في تغريدة له إن جبل المكبر كجباليا وبيت حنينا كبيت حانون وأن لا فرق بين المقدسيين والغزيين وجميعهم يجب أن يبادوا ويطردوا من القدس".
وبالتالي تقول هذه الشابة إن مجاورة هذه النوعية من المستوطنين الذين يتجولون بأسلحتهم بين المقدسيين تجعلها تشعر بالتهديد والخوف المستمرين، لأن المقدسيين عُزَّل والمستوطنين مسلحون وقد يعدمون أي شخص بمجرد الشكوك.
هكذا أُسدل الستار على الأشهر الـ6 الأولى من الحرب والتي واجه خلالها المقدسيون أبشع السياسات العنصرية والإجراءات التعسفية، إلا أنهم يُقرون بأن ما يتعرضون له لا يُقارن مع حجم ما يتعرض له الغزيُّون ليل نهار، إلا إذا امتدت الحرب لتشمل مدينتهم التي تئن وسكانها تحت وطأة أعتى نظام "أبارتهايد" منذ 57 عاما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات بدایة الحرب فی القدس
إقرأ أيضاً:
35 حالة انتحار بصفوف الجيش الإسرائيلي منذ بدء حرب غزة
القدس المحتلة - الوكالات
كشفت صحيفة هآرتس العبرية، نقلًا عن مصادر عسكرية، أن 35 جنديًا في الجيش الإسرائيلي أقدموا على الانتحار منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في أكتوبر 2023 وحتى نهاية عام 2024، في وقت يتزايد فيه القلق داخل المؤسسة العسكرية من التبعات النفسية الخطيرة للحرب المستمرة.
ورغم خطورة الأرقام، يواصل الجيش الإسرائيلي التعتيم على الأعداد الحقيقية للجنود الذين انتحروا خلال عام 2025، إذ تشير تقارير غير رسمية إلى وقوع سبع حالات انتحار جديدة منذ بداية العام الحالي، وسط امتناع المؤسسة العسكرية عن تأكيد أو نفي تلك المعلومات.
وذكرت الصحيفة أن العديد من الجنود الذين انتحروا دُفنوا دون إجراء جنائز عسكرية أو إصدار بيانات رسمية بشأنهم، ما يشير إلى سياسة ممنهجة لإخفاء حجم الأزمة النفسية التي تعصف بصفوف الجيش.
وبحسب ذات المصادر، تجاوز عدد الجنود الذين يتلقون علاجًا نفسيًا منذ بدء الحرب حاجز الـ9 آلاف، بينهم آلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم للقتال في غزة. ورغم إصابتهم بأمراض واضطرابات نفسية، ما زال الجيش يواصل تجنيدهم بسبب النقص الحاد في عدد القوات، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا داخل الأوساط الطبية والعسكرية في إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن ضابط إسرائيلي قوله: "نحن نتجنب التدقيق في الوضع النفسي للجنود خوفًا من أن نجد أنفسنا بلا قوات تقاتل". وتُبرز هذه الشهادة حجم المأزق الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي في ظل استمرار الحرب واستنزاف موارده البشرية.
وتسلط هذه المعطيات الضوء على الثمن الباهظ الذي تدفعه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية داخليًا نتيجة استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، ليس فقط على مستوى الخسائر المادية والبشرية في الميدان، بل أيضًا على صعيد الصحة النفسية للقوات التي تعاني بصمت، في ظل غياب الدعم والرعاية الكافية.